■■■■■■■■
في اليوم التالي في المساء كانت فاطمة نائمة على السرير بعمق خرج جوكتوغ من الحمام و المنشفة على عنقه يبدو أنه أغتسل قبل قليل ثم تحرك بهدوء و جلس على سريره و نضر لفاطمة فأخذته أفكاره للبعيد قبل خمس سنوات لأول يوم تعرفا فيه..
كانت فاطمة نائمة في أحد زوايا الغرفة التي كان جوكتوغ و روتكاي جالسين فيها
جوكتوغ و هو ينضر نحوها : لقد نامت
روتكاي : ماذا ستفعل بشئنها
جوكتوغ بعناد : قلت كلمتي و أنتهى أنا لست حاضنة أطفال.. و لكن في نفس الوقت لا يمكنني رميها في الشارع
روتكاي : لنتركها في دار الأيتام
جوكتوغ : حسنا إذا
في اليوم التالي استيقظت فاطمة فنهضت من مكانها بهدوء و كان جوكتوغ و روتكاي يفطران فسمعتهما و هما يتحدثان فتوقفت أمام الغرفة و لم تدخل
روتكاي : متى ستأخذها إلى دار الأيتام
جوكتوغ و هو يأكل : بعد قليل
توسعت عيناها البندقيتان و شعرت بألم فبطل قصتها و أملها قرر تركها أيضاً فامتلأت عيناها بالدموع
دخلت فاطمة للغرفة و هي تبكي : لماذا!!!
جوكتوغ : ما هو الذي لماذا
فاطمة : أنا أريد البقاء معك
جوكتوغ : و أنا لا أريد!!
فاطمة : أكرهك.. أنت لست جوكتوغ أنت رجل سيئ جدا.. انا لم أعد أريد البقاء معك
خرجت فاطمة من البيت و هي تبكي
نضر جوكتوغ بمكابرة و كان الندم واضحاً على وجهه
جوكتوغ مكابراً : ستعود تلك العلكة بلا شك
روتكاي : كان واضحاً أنها جادة للغاية
مرة ذاك اليوم و في المساء كانت الثلوج تهطل و أصوات الرياح المارة من الأنفاق و الشوارع و كأنها ارواحٌ تائهة كان جوكتوغ يوجه نضرة للباب طوال الوقت لعل فاطمة تعود و لكنها لم تعد
جلس روتكاي يحتسي القهوة كالعادة
!روتكاي : هل تفكر بالفتاة؟
جوكتوغ : لم تأتي بعد.. ستمرض إن ضلت بالخارج هكذا
روتكاي : لا علاقة لنا في النهاية.. ربما عادت إلى أمها
جوكتوغ : أنها ميتة.. ليس لديها أحد حسب ما أعرف.. غير جوكتوغ
روتكاي : و من هذا؟
تنهد جوكتوغ : أنا.. لقد أطلقت علي هذا الاسم
روتكاي : يبدو أنك تشعر بتأنيب الضمير
نهض جوكتوغ و أتردي معطفه الأزرق السميك و خرج من المنزل
لا يدرك أحد النعمة حتى يفقدها أن لا يكون لك مئوى و لا عائلة أمر مؤلم لأعتى الرجال فما بالك بطفلة صغيرة كانت فاطمة تحت الجسر نسيت كل شيئ نسيت أنها جائعة و عطشة كان كل همها أن تشعر بالدفئ حاولت تدفئة يديها بالهواء الساخن المنبعث من أنفاسها و لكن لم ينفع
فاطمة : ماذا سأفعل الآن عدت للشارع.. لماذا تركتيني يا أمي.. كيف يمكن أن أكون سعيدةً هكذا
امتلأت عيون فاطمة بدموع : جوكتوغ غير موجودٍ إلا في القصص
وضع أحد ما يده على كتفها فرفعت رأسها و إذ به جوكتوغ لم تصدق في البداية ففركت عينيها بيديها عله خيال و لكنه لم يختفي
جوكتوغ : لنعد إلى المنزل
وقفت فاطمة أمامه..
فاطمة بعناد : تخدعني لتأخذني إلى الميتم لن أذهب إلى هناك مهما حدث
جوكتوغ : لا داعي لأن تذهبي لدار الأيتام.. يمكنك البقاء معي إن أردتِ
!!فاطمة بدهشة : حقا
هز جوكتوغ رأسه بالإيجاب فعانقته فاطمة بقوة و بدأت تبكي
!!فاطمة : أرجوك لا تتركني مرة ثانية أرجوك
جوكتوغ بإنزعاج : حسنا.. لا داعي للأحضان هلا ابتعدتَ
فاطمة : عدني أن لا تتركني..
عاد ذهن جوكتوغ له فابتسم و قال بشرود : وعد
نهضت فاطمة من السرير فزعة و هي تقول : الامتحان.. سأفوت الامتحان
و سقطت فوراً على الأرض بسبب ساقها المصابة
جوكتوغ و هو ينهض من سريره : ماذا فعلتِ يا بنت الله الله
فاطمة : قدمي!!.. هذا مؤلم
رفع جوكتوغ من ذراعيه و جعلها تتكأ على السرير باستقامة و غطاها
كانت فاطمة نصف نائمة و ضنت أنها تحلم لذلك لم تفوت فرصة أخبار جوكتوغ بما تشعر به في حلمها علها تعرف ما ردت الفعل التي قد يقوم بها في الحقيقة
فاطمة بصوت خفيض : أحبك
جوكتوغ بإستغراب : ماذا قلتي لم أسمع؟
اتكأت فاطمة على جنبها و نامت و هي مبتسمة
جوكتوغ بإبتسامة : يبدو انها تحلم
■■■■■■■■
في اليوم التالي في البيت الصغير فوق التلة كان الثلاثةُ روتكاي و جوكتوغ و فاطمة يفطرون معاً كانت أنضار جوكتوغ مثبتتاً على قدم فاطمة و لاحظت فاطمة ذلك
فاطمة : أنا بخير
جوكتوغ : قلت لك لنضع طعامك على السرير و رفضتي
فاطمة : كلا.. سيمتلأ بالحشرات أريد أن تكون رائحة سريري جميلة
جوكتوغ بسماجة : كالتراب عندما يبلله المطر؟!
نضرت فاطمة بخجل و ندمت على ما قالته له في اليوم الماضي
روتكاي و هو يأكل : ألا يبدو هذا البيت صغيراً عليكما
جوكتوغ : أنه جيد و يكفينا و هذا هو المهم
فاطمة : أجل.. بيت صغير مملوء بالسعادة أجمل من قصر تملأه التعاسة
جوكتوغ : أنت كيف اطلقت يومها ببراعة على رجال ثابت؟
روتكاي بتوتر : لقد أخذت دورةً تدريبية في الإطلاق من أجل حمايتك يا بني
فاطمة بمرح : جوكتوغ قال لي أنه علينا قراءة لغة جسد الشخص لنعرف صدقه من كذبه.. لما أشعر أنك لا تقول الحقيقة
انفعل روتكاي : و لما سأكذب عليكما!!!
نضر جوكتوغ و فاطمة بإستغراب إذا كان واضحاً جداً أن فاطمة كانت تمزح و لكن لسبب ما ضن روتكاي أنها جادة
جوكتوغ بإستغراب : إنها تمزح يا أبي ما بك؟!
روتكاي : أنا متعب في هذه الأيام
فاطمة : لماذا
نضر روتكاي لجوكتوغ
روتكاي : أنا خائفُ عليك يا بني.. جزاير و عائلته كالأفاعي أخاف أن يأذوك
طبطب جوكتوغ على ضهر روتكاي و إبتسم بحنو
جوكتوغ : لا تقلق علي يا أبي أنا قوي بما فيه الكفاية لأحمي نفسي
فاطمة بإنزعاج : لماذا أشعر أنني لست من ضمن هذه العائلة السعيدة
جوكتوغ : بدأنا مرة ثانية مع هذه الغيورة
هزت فاطمة كتفيها و نهضت من الطاولة و بدأت تمشي و هي مستندة على الأشياء فقد كانت قدمها تؤلمها قليلاً و لم يكن من السهل السير عليها
روتكاي : هل ستخرج لمكان ما اليوم
جوكتوغ : سألاحق باكت حتى أكتشف مكانهم أريد أن أعرف معلومات عنهم حتى أتمكن من القضاء عليهم
روتكاي : ربما لا يوجد شيئ أسمه باكت من الأساس يا بني.. ربما زرعت فيروزة في رأسك هذه الفكرة لتترك ملاحقتها
هز جوكتوغ رأسه بالنفي : هناك كثير من الأدلة على وجود باكت.. أنهم حقاً موجودون.. و فيروزة كانت تعمل لصالحهم و تركتهم.. أنا
!قاطعه روتكاي : و لماذا تصدقها؟
جوكتوغ : كان بإمكانها قتلي بكل سهولة و لكنها لم تفعل.. هذا سببٌ كافي
سكت روتكاي و كان الانزعاج يعتلي وجهه الذي يبدو عليه البساطة ، ربما هو يعرف حقيقة أخرى لم يكن لجوكتوغ علمٌ بها
بعد ذلك ببرهه كانت فاطمة جالسة تدرس و كان جوكتوغ يجهز نفسه ليخرج
فاطمة : أبقى قليلاً
إنحنى جوكتوغ منها : لدي بعض الأعمال التي يجب علي إنجازها
فاطمة بإنزعاج : صرت أعرف جيداً ما نوع أعمالك
جوكتوغ : ماذا تريدين مني بالضبط
!فاطمة : أن تبقى
جلس جوكتوغ قبالتها وضم ذراعيه بمحاذاة صدره و نضر لها و كأنه يقول ماذا تريدين مني؟!
فاطمة : أحسنت.. و الآن درسني
جوكتوغ : درس واحد و سأذهب
فاطمة : إتفقنا
كان جوكتوغ يشرح لفاطمة و هو جالس بجانبها و لكن لأول مرة تجد صعوبة في فهم ما يقول فقد كان صوت قلبها يطغى على كل الأصوات في المكان و هو تنضر لوجه جوكتوغ بشرود
جوكتوغ : و الناتج الأخير هو ثمانية.. هل رأيتِ كم أنا ماهر أنها موجودة في الخيارات
نضر جوكتوغ لفاطمة بإنزعاج
جوكتوغ : ماذا يجري لما لا تركزين؟.. من هذا الذي سلب عقلك
قالها جوكتوغ بمزاح و لكن تلك كانت الحقيقة فقد سلب جوكتوغ عقلها و بات كل همها أن تعرف ما يشعر نحوها و هل يبادلها نفس الشعور أم لا
فاطمة : يمكنك الذهاب
نهض جوكتوغ و أخذ مفتاح السيارة : مع السلامة
هزت فاطمة رأسها : مع السلامة
■■■■■■■
في البيت الأشبه بالقصور عادت أخيراً أخت ليلى من السفر كان أسمها سهيلة كانت فتاة شقراء جميلة تحمل في يدها حقيبة السفر فقد كانت مسافرة خارج تركيا سلمت على عائلتها و لكن الضيق و الحزن كان يملأ قلبها و كان منعكساً بشكل واضح على وجهها الجميل مر قليل من الوقت حتى استطاعت ليلى أن تختلي بسهيلة في غرفتها وحدهما لتسألها عن سبب حزنها
ليلى : ما بكِ يا سهيلة؟؟
سهيلة بتوتر : ما بي
ليلى : تبدين متضايقة
جلست سهيلة على السرير : لقد حدث شيئٌ سيئٌ جداً
ليلى بذعر : ماذا حدث؟؟ قولي
سهيلة : لقد.. لقد اغتصبني رجلٌ هناك!
أعترت الصدمة ليلى كان أمراً غير متوقع على الإطلاق
ليلى : كيف.. كيف يحدث شيئٌ كهذا!!!
سهيلة : لقد تخطيت الأمر يا أختي.. المصيبة التي لم أستطع تخطيها لم أقلها لكِ بعد
ليلى : لا.. لا يمكن أن يكون ما أفكر فيه
سهيلة : أنا حامل
ليلى : يا ربي ماذا أصابنا!!!.. ماذا سنفعل الآن!!
سهيلة : لا أعرف
■■■■■■■■
في المساء بينما كان جوكتوغ عائداً إلى بيته اعترض جزاير طريقه بسيارته فنزل جوكتوغ و جزاير و وقفا أمام بعضهما
جوكتوغ : خيراً.. ماذا يجري في هذه الساعة
جزاير : أردت أن أخبرك بشيئ مهم
جوكتوغ : حسنا.. قل
جزاير : أخت زوجتي.. سهيلة
كان جوكتوغ ينتظر كلام جزاير التالي بلا فهم لما يجري و ما كان يزيد الأمر سوءً هو بطئ جزاير و هدوئه المعتاد في الكلام
جزاير : أريدك أن تتزوجها
جوكتوغ بعدم تصديق : ماذا؟؟
جزاير : لقد اغتصبها رجلٌ عندما كانت مسافرة.. أنها الآن حامل..
أراد جوكتوغ الكلام فقاطعه جزاير
جزاير : لا يمكن لغيرك أن يحمل هذا العبء و يحمي شرف عائلتنا.. أنت من دمنا يا أتيش
جوكتوغ : الآن تذكرت أنني من دمكم!!.. أنا لست من دمك او ما شابة عشت حياتي مع أبي روتكاي و مع فاطمة.. لقد نسيتني تماماً بعد أن نفيتني إلى فرنسا.. لم أكن أملك أحداً و أقدمت على الانتحار مرات عديدة!!
تضايق جوكتوغ من الماضي و لكن لا أحد يمكنه إرجاع الوقت فحمل نفسه و ركب سيارته و ذهب عائداً للبيت الصغير فوق التلة و ترك جزاير وحيداً بدون جواب و ترك الرفض يلوح في الأفق و لكن من يدري ربما يوافق إن تمالك نفسه و فكر قليلاً هذا ما فكر جزاير فيه
▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎▪︎
عاد جوكتوغ للبيت الصغير فوق التلة و دخل بهدوء فوجد فاطمة و هي لازلت بنفس الوضعية على الطاولة في نفس المكان نائمة فوق الكتب تقدم جوكتوغ منها و نضر للكتاب كان مملوءً بالقلوب و الحروف الغريبة و لكن ما شد انتباهه كلمةٌ تبدو كرمز Gökfa لم يفهم جوكتوغ معناها و لكنه وجد أسمائه على الكتاب أتيش و جان لوك و جوكتوغ كتبتها و كأنها تقارن بينها و كانت هناك جمل كثيرة : كن أنت البحر و سأكون أول الغارقين ، كن اللوحة و سأكون أول الراسمين ، كن أنت المدينة و سأكون أول الداخلين ، خذ قلبي و لا تفرط فيه فأنت من قلت أنه من الجميل أن تضع الأنثى قلبها في يد رجل و من الأجمل أن يكون ذاك الرجل حنوناً و لا يفرط بقلبها أبداً ، نحن أبطال قصتنا و الأبطال لا يفترقون لنبقى معاً دائماً عدني بذلك
قرأ جوكتوغ تلك الجمل و هو مبتسم لقد كبرت فاطمة و لم تعد تلك الطفلة الصغيرة هذا ما فكر فيه هو موقنٌ الآن أنها واقعة في حب شخص ما و لكن لم يخطر بباله أبداً أن يكون هو مدينتها و بحرها الذي تحدثت عنه لم يفكر جوكتوغ بالحب أبداً كل ما كان يشغل باله هو انتقامه لوالده كان حقاً يعيش لأجل الإنتقام
طبطب جوكتوغ على كتف فاطمة فاستيقظت فاطمة
فاطمة : جئت
جوكتوغ : هذا أذهبي لسريرك
فاطمة بنعاس : هلا ساعدتني قدمي تؤلمني
جوكتوغ : حسنا
إنحنى جوكتوغ و حملها و وضعها على سريرها بهدوء و غطاها
جوكتوغ بإنزعاج : من هذا الذي تحبينه
فاطمة : أحب الشوكولا.. هل جلبت لي الشوكولا
جوكتوغ : جلبت و لكن ستأكلينها في الصباح
فاطمة : شكراً
قالتها و غرقت في نوم عميق
■■■■■■■
في صباح اليوم التالي خرجت فاطمة من البيت و بدأت تسير كان يوماً مثلجاً جميلاً تتساقط الرقاقات الثلجية و قد غطت السهل بالكامل و رائحة التراب عندما يبلله المطر في كل مكان بحيث شعرت فاطمة أن طيف جوكتوغ يعانقها من جميع الاتجاهات كانت الغيوم منتشرة من الواضح أن هناك عاصفة قادمة
فاطمة بصوت عالي : يا ربي!!!!!.. إن كان يحبني أعطيني إشارة
ارتسم خط برق طويل على السماء و كأنه سراج منير كان نورة أجمل من الشمس في هيبتها و دفئها
ضحكت فاطمة بسعادة : و أنا أيضاً أحبك!!!
خرج جوكتوغ من البيت و بدأ يسير في الثلوج إذ أنه لم يجد فاطمة في المنزل
جوكتوغ : مالذي تفعلينه هنا؟
فاطمة بسعادة : يحبني يحبني!!!!
أغلقت فاطمة فمها بسرعة
جوكتوغ : من هوا؟؟
فاطمة بتوتر : ال.. البرق
إقترب جوكتوغ من فاطمة و نضر لها معبراً عن عدم تصديقه لها فابتلعت ريقها بصعوبة و تراجعت خطوة للوراء
أنت تقرأ
كم هو مؤلم
Romanceرواية مقتبسة من مسلسل هذا العالم لا يسعني رواية تحكي قصة تركية عن الإنتقام و الحب المستحيل مكتوبة باللغة العربية الفصحى