الفصل السابع

486 26 2
                                    


بعدما اتخذت قرارها في سؤال نور عما يدور بخلدها تراجعت عنه فلا الوقت ولا المكان مناسبين الآن .
نظرت إلى نور عندما سألتها ثانيةً  : ماذا تريدين حبيبتي؟
تنفست بعمق لتهدأ قليلًا : أريد أن أسألك عن رأيك في شكلي ، هل أبدو جيدة ؟!
ضحكت نور بهدوء : أنتِ تمزحين ، أليس كذلك؟
هزت رأسها نافية فرددت نور بدهشة : جيدة ؟! أنتِ قمر في ليلة اكتماله ، بدر منير يا زوجة أخرى.
احمرت بشدة و ترقرقت الدموع بعيونها فأسرعت نور :لا دموع اليوم ، فدموعك ستفسد زينتك ،ضمتها من كتفيها بحنو وأتبعت - افرحي يا علياء ها هو حلم صباك يتحقق .
دخلت وفاء إلى الغرفة : استعدى فعلي يريدك بالخارج
نهضت من مكانها وهي تشعر بالتوتر يتملكها  ،فارتعشت أطرافها وارتعدت بتوتر سرى بعمودها الفقري ، احتضنتها نور بأخوة:  اسم الله عليك يا حبيبتي ، هدئي من روعك ، ولا تخافي أنه عمر ، عمر يا علياء
سمى الله وتوكلي عليه
رددت نصيحة صديقتها ومسكت يدها لتخرج إليهم

*****
يجلس على الأريكة المتصدرة الصالون - الذي عُد من أجل الاحتفال الليلة – ساقيه تهتزان بتوتر وهو ينتظر خروجها بفارغ الصبر ،لا يشعر بمن معه في المجلس فعلي وأزواج أخواته يتحدثون معه ، ولكن باله مشغول وتوتره يتضاعف ، تناهى إلى مسامعه ضحكاتهم ثم صوت علي الذي أردف: ها قد جاءت عروسنا
رفع نظرة سريعًا ليرى فاتنته تخرج  ، تخفض بصرها أرضًا ، رمش بينيه يحدق فيها ، يتأمل تفاصيها من اخمص قدميها من حذائها المخملي بلون يماثل لون فستانها بلونه البنفسجي الفاتح وقماشه الستاني اللامع يلتف على جسدها فيظهر روعته ورشاقة قوامها الملفوف ،كمين قصيرين من الشيفون الممتد يزين صدر الفستان ثم ينتهي بحزام مزموم من تحت الصدر ، بفتحة صدر ضيقة مطرزة بلآلئ صغيرة بيضاء تزيد من روعته ،رفع نظره إلى وجهها فيتيه في حسنها وجمال عينيها المظللتين ، رموشها السوداء الكثيفة كصفين من الحراس لحماية البندقتين اللامعتين القابعتين بداخلهما حتى جاء إلى شعرها بموجاته التي زادت من فتنة وجهها وأظهرت رقتها.
انتبه إلى يد علي تضربه بخفه على كتفه : أخفض عيونك ، وأظهر لي  بعض الاحترام .
احمر وجهه سريعًا وتمتم باعتذار خافت ، ثم نهض واقفًا يصافحها بهدوء ، بالكاد تلامست أصابعها بكف يده ، أجلستها امها على الأريكة بجانبه وسلمت عليه وهى تدعو لهما بالتوفيق
جلس عمر وبدأ حديثه بأنه يتشرف بمصاهرة عائلة صديقه والأقرب من أخيه فيهلل علي بأنه سعيد بتلك الزيجة ويبدأن في مناقشة تفاصيل الزواج - بعدما أقسم عمر بخلق رفيع - أنه سيبذل كل ما في وسعه ليجعلها سعيدة ،وبعد الاتفاق على أمور الزواج والشبكة والمهر ارتفعت الأيادي لقراءة الفاتحة
انطلقت زغرودة طويلة من وفاء مباركة لهما عندما انتهوا جميعهم 
فأخرج من جيبه العلبة المخملية الحمراء الأنيقة ليفتحها ويظهر الخاتم الأبيض بها لامعًا تحت الأضواء أمسك يدها اليمنى وألبسها إياه ثم قبل أصابعها برقة شديدة : مبارك .
ارتفعت صيحات الإعجاب وتمتمات الدعاء لهما
لتقول الخالة عائشة: لم كلفت نفسك يا ولدى؟
__ لا شيء في الدنيا بغلاة علياء يا خالتي وهذا لا قيمه له أمام قيمة علياء عندي .
احمرت بشدة من كلماته الرقيقة ولم تستطع التنفس فكلماته قتلت الشك بداخلها فهو يغليها
توافد الموجودين ليقدموا لهم التهاني والمباركة إلى أن جاءت زوجة أخيها لتقول ببرود:  مبروك يا عمر ،  أتمه الله عليكما بالخير مبروك يا علياء ، وبنبرة ذات مغزى همست لها - أتمنى لكِ التوفيق في اختيارك .
انحنى علي وقبل رأس أخته : مبروك عزيزتي ،  ثم صافح صديقه - مبارك عليك درتنا عمر ضعها بعينيك
__ بارك الله فيك ، إن شاء الله هي في عيوني دائمًا ، شكرًا على مساعدتك لي
همس: لا تقل ذلك ، سنترككما قليلًا لتتكلما على راحتكما سننتظر بالخارج .
هز رأسه بتفهم ، فصديقة وفر عليه الكثير فهو كان يفكر كيف سيطلب منه هذا الأمر
همس علي لأمه ، لتقوم بهدوء خلفة ثم انصرف الموجودين واحد تلو الآخر وبقيت نور التي همست بأذن صديقتها : اتركي عنكِ الخجل والتوتر وتكلمي معه قليلًا
احتضنت أخاها بحب شديد : مبروك حبيبي ، سأذهب لأجلس مع خالتي.
دارت بعينيها فوجدت الصالون فارغًا إلا منهما ، هو يجلس بجانبها وينظر إليها عينه تتألقان بوميض جذاب أخفضت عينيها ,وأشاحت برأسها بعيدًا عنه 
ابتسم بهدوء واقترب منها اكتنف ذقنها بأصابعه : لم تخفضين بصرك ، ألا تريدين رؤيتي ؟!
أومأت إيجابًا ، فرفع حاجبيه بدهشة  : حقًا لا تريدين رؤيتي !
أجابت سريعًا : لا . ابتسم فتلعثمت وصممت بحياء فضحك بخفة وهو يشعر بخجلها منه  : أنا عمر لم أتغير ولن أتغير فقط أصبحت أقرب إليكِ مما سبق بكثير
تنهد عندما لم تجيبه ليهمس سائلا  :حسنًا ، ما رأيك بالخاتم ؟
نظرت إلى الخاتم الذى يزين بنصرها الأيمن
وردت هامسه : جميل جدًا .
__ حقًا ، أعجبك فعلًا ؟ كنت خائف ألا يعجبك إذا كنت  تريدين شيئًا آخر نذهب لنستبدله بما يرضيك.
ردت بسرعة : لا يكفيني أنك من اشتريته لي
انتبهت لما قالته ووضعت يدها على فمها عند سماعها لضحكته الفرحة
اقترب منها أكثر وهمس بأذنها : وتكفيني هذه الكلمات منك اليوم لتشعرني بالسعادة .
احمرت بشدة على اقترابه منها ، وزادت احمرارها عند التقاطه لكفيها الباردتين واحتضنهما بيديه ، سألها باهتمام :  تشعرين بالبرد؟
هزت رأسها نافيه فكيف تشعر بالبرد والحرارة تسرى بأوصالها لقربه منها
__ أريد رقم هاتفك لأتصل بك
__ لا أعلم ما رأى علي
بترت جملتها عند سماع صوت أخيها : سمعت اسمى .
لتنتفض وتنتزع كفيها منه وتجلس بآخر الأريكة ، ابتسم على وهو ينظر إلى عينين صديقة الذى تتوعداه بالشر
ولكنه لم يهتم وجلس في المنتصف بينهما ليلكزه عمر بكوعه ويهمس: لم أتيت الآن ؟لقد بدأت بالكلام معي للتو
ابتسم على ومزح معه وهو يقلد الرد الإلكتروني للهواتف: انتهى الوقت لمدة أخرى ضع عملة أخرى في الصندوق .
ضحك عمر ساخرًا :مزحة ثقيلة مثلك يا ثقيل الظل .
قامت من مكانها واستأذنت بكلمات قليله مبهمة وهي تخرج  بسرعة من الصالون
__ لم أنت مقهور يا صديقي ، لقد قلت لك قليلًا ، بعد الخطبة اجلس معها براحتك .
ليردف : تصدق نسينا نحدد ميعاد الخطبة ، حسنًا ألديك موعد ؟
__ نعم ، لتكن أول جمعه في الشهر المقبل .
__ حسنًا ، وقت كافي مناسب
قال عمر بجديه : علي أريده عقد قران ، لأكون من محارمها فلابد من أننى سآتي إلى زيارتها كثيرًا وليس من المعقول أن تترك أعمالك وبيتك كل مرة سآتي بها وتأت إلى هنا ، وحتى لا يثرثر الناس فالخطيب غير الزوج
ابتسم علي براحة : عين العقل يا عمر أنا موافق ، ولكن يتبقى رأى عروستنا
ما رأيك أن تتكلم أنت معها فهذا الأمر يخصكما انتما الاثنين فقط ،خذ رقم تليفونها من نور وتحدث معها
__ أنا ممتن لك كثيرًا يا صديقي

أحلامي المزعجة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن