الفصل الثاني والثلاثون

329 20 2
                                    

دخلت إلى جناحه بالصباح لأوقظه وأطمئن عليه فالبارحة كان بحالة من البؤس والألم لم تفتني حتى لو لم يظهرها
شهقت بألم عندما رأته نائمًا على الأرض بجانب دولاب الملابس ومتوسد ذراعه أسرعت إليه لأطمئن ألا يكون أصابه شيء لأجده نائمًا ربتت على خده بلطف
وهمست : ياسين ، قم حبيبي .
تمتم بهمس : اتركيني قليلًا نور ،أريد أن أنام وقتًا أطول.
دمعت عيناي وناديته بصوتٍ أعلى قليلًا : ياسين ، قم بني .
فتح عينيه ليجدني أمامه فينتفض جالسًا نظرت إليه بعتب ليشيح بنظره بعيدًا عني اقتربت منه وربت على فخده :
__ اذهب وراضيها وآتي بها معك ، اعتذر منها على ما فعلته ، وعِدها بأنك لن تفعل ذلك ثانيةً ، ستسامحك ، هي تحبك بقدر ما أنت تحبها ، ستسامحك ياسين .
رمش بعينيه قال بحمود : لا أمي ، مثل ما تركتني وذهبت دون اذني ، ستأتي بمفردها .
اتسعت عيناي غضبًا : هل تعامل بنات العائلات بهذه الطريقة السيئة ، اذهب إلى زوجتك وراضيها ، أريد أن أراها اليوم .
وقف منتفضًا : أمي من فضلك لا تتدخلي بهذا الأمر ، لن أذهب إليها ، حتى لو سأموت من غيرها ، سأموت راضيًا على أن أذهب إليها
صاح بقوة أكبر : وهل بنات العائلات يغادرن بيوتهن بدون إذن أزواجهن ، بنات الشوارع لا يفعلن ذلك .
هدرت بصوت عالي : ياسين ؟
زفر بضيق : حاضر أمي سأذهب إليها ولكني سأعطيها وقت لتهدئ به ، وأنا أيضًا أعالج مشاكل الشركة المتفاقمة .
هززت راسي بعدم رضا : حسنًا ، تعال لتتناول فطورك .
تركتني أمي وانصرفت ليقع نظري على روبها الحريري الواقع على الأرض لأزفر بضيق نظرت إلى هاتفي وأنا أفكر هل اتصل بها لأطمئن عليها أم لا ، سأتصل وأخبرها أني سآتي لها بعد يومين لتبلغني بقرارها ، وأطمئن على حالة عمر أسرعت إلى الهاتف وأنا أرتب الحروف بداخلي وأتحكم بصوتي حتى لا يفضحني شوقي إليها لأجد الرسالة الصوتية بالصوت الأنثوي الممل تخبرني أن هاتفها مغلق أطبقت على الهاتف بقوة و جززت على أسناني غاضبًا :
__ اللعنة عليكِ نور ، لن أسأل عنكِ وستأتين غصبًا عنكِ .
***
نظرت حولي بانبهار لهذه الحديقة الرائعة وأنا أتمتم : سبحان الله ، سمعت صوت صراخ امرأة لأبحث عن مصدر الصوت صوت الصراخ يزداد لأركض بقوة خائفة هروبًا من هذا الصوت المخيف ارتطمت بجسد قوي ، لأشهق بعنف رفعت عيني لأجده أمامي ينظر إلي بقسوة وعيناه تحملان الوعيد وتتألق بنيران دخانية لارتجف بقوة ضمني إلى صدره بقوة ليقبلني بعنف حاولت أن أدفعه بعيدًا عني لأصرخ بقوة : ابتعد .
استيقظت منتفضة على قوة صرختي لتدلف عمتي إلى الغرفة والخوف يقفز من عينيها والقلق يعم وجهها أسرعت إلي عندما وجدت دموعي تنهمر على وجنتي لتحتضني مهدئه : بسم الله عليكِ حبيبتي ماذا حدث ؟ لقد أرعبتني صرختك .
__ مجرد حلم عمتي ، أنه حلم مزعج لا أكثر. رتبت على كتفي : حسنًا استعيذي بالله وتعالي لنتناول الإفطار معًا .
تركتني وانصرفت لأسند رأسي على ظهر الفراش
__ متى ستتركني بحالي ياسين ؟
فكرت في صوت الصراخات التي أستمع إليها من البارحة فلقد استيقظت أكثر من مرة على صوت الصراخ ولكني لا أعلم مصدره استعذت بالله من الشيطان الرجيم ونهضت حتى لا أتأخر على عمتي .
***
نظرت إليه وهو يمثل تناوله للطعام ، أمسكت يده برقة :
__ ما بك عمر؟ من البارحة وأنت واجم ولا تتكلم تأخرت بالمكتب وعندما أتيت لتنام لم ترد علي ، رغم أنك لم تنم إلا بعد الفجر .
__ قلق قليلًا علياء ، أريد أن أطمئن على سير العمل .
__ ألم يطمئنك الأستاذ محمد البارحة وياسين كان يطمئنك كل يوم وأنت بالمشفى .
تنهد : اه ياسين ، لا أعلم كيف أرد له جمائله الكثيرة التي تثقل كاهلي .
__ أتعجب نور لم تأتي البارحة كما وعدتني ، ولا ترد على هاتفها من الصباح !!
نظر إليها بتعجب : الصباح ، نظر إلى ساعته : أنها العاشرة علياء هل اتصلت بها قبل ذلك !
ارتبكت وهمست : نعم من حوالي ساعة .
نظرت إليها معاتبًا : علياء ، ألا يكفي انشغالها معنا الأيام الماضية واهمالها لزوجها لتتصلي بها أنتِ بالصباح الباكر
لا تتصلي بها مرة أخرى واتركيها لتعتني بزوجها ، فهي أهملته الأيام الماضية .
هزت رأسها موافقة لينظر إليها بتفحص : هل كنت تريدين منها شيء ؟
ارتبكت وردت بتلعثم : ها ، لا .
قال بحزم : علياء .
تنحنحت : كان من المفترض أن تأتي لي بأدويتي .
نظر بتعجب : أدويتك ، هل تتناولين الأدوية ؟
__ أنها مسكنات من أجل ذراعي .
__ لا تكثري من المسكنات فهي ضارة ، ثم هل يؤلمك ذراعك لهذا الحد ؟
نظرت إليه لا تريد الكذب أكثر من ذلك فالمسكنات للألم الذي ينتابها بسبب الإجهاض الذي تعرضت له وهي بالمشفى تعرضت لنوبات حادة من الألم ولكن الطبيب طمئنها وكتب لها بعض المسكنات التي تتناولها في حدوث هذه الألم مرة أخرى.
سأل بصرامة : هل تخفين عني شيء ؟
قررت أن تخبره فإن آجلًا أو عاجلًا سيعلم : لقد تعرضت للإجهاض بسبب الحادثة.
لمع الغضب بعينيه : هل كنتِ حامل حينها ؟ لماذا لم تخبريني من قبل ؟
هزت رأسها إيجابًا : نعم ، ولكني لم أكن على علم بهذا الأمر .
زمجر بغضب: ولماذا لم تخبريني ؟
__ لم أريد أن أزيد من تعبك أو أن تحزن بسبب هذا الأمر .
صاح بقوة وهو ينتفض واقفًا : هل ترينني ضعيفًا لهذا الحد حتى تقرري أن لا تخبريني بأني فقدت طفلي الذي لم أفرح به ، أم أن حالة الغيبوبة طمأنتك أني لن أستطيع أن أعلم فقلت دعونا لا نخبره .
قالت بضعف : عمر .
أشار بيده مقاطعا إياها : لا علياء ، لا أريد التحدث معك الآن الصمت أفضل لنا .
ترك المكان وانصرف لتشعر بأنها أخطأت في اختيار التوقيت ، وأنها أغبى خلق الله فنور أخبرتها أن تنتظر وأن لا تخبره الآن حتى يستقر وضع قلبه الصحي
تنهدت ماذا سأفعل الآن ؟ سأنتظر نور إلى أن تظهر لتتكلم معه ، فمن الواضح أنه غاضبًا مني .
...
تركتها وأنا أشعر بالقهر ، لم يكن لها ذنب لأفرغ ضيقي بها ولكن عندما ذكرت أنها كانت حامل وطفلنا فقدته بسبب الحادثة جن جنوني ، واخترعت سببًا لأفرغ به كل ما يضايقني ، لم أراعي أن حزنها على الطفل أكثر مني بمراحل ، ولكني غاضبًا منها لماذا لم تخبرني ، من المؤكد أنها فضلت ان لا تغضبني اهدئ عمر حتى لا تفتعل معها المشاكل ، اتركها قليلًا حتى تهدئ أنت واذهب وراضيها
***
نزل بعد قليل ليجد عائلته الكبيرة مجتمعه كلها أدار عينيه فيما بينهم وابتسم نادين لم تسافر بعد ، ستسافر غدًا أو بعد غدًا ، ونهى وزوجها لا زالا معهم رغم ضيق عمرو ولكنه حافظ على كلمته وجلس بعد أن طلب منه ياسين ، ويوسف وإنجي إلى أن وصلت عينيه لمكان جلوسها الفارغ لتموت البسمة على شفتيه ويعقد حاجبيه ضيقًا وقلبه يرتجف ألمًا جلس على رأس المائدة كعادته وهو يرمي السلام بضيق ليبتسم يوسف بخفة : صباحك مبارك ياسين ، تأخرت في النوم اليوم ، ليس كعادتك ، أنا انتظرك من ساعتين .
نظر إلى أخيه : المعذرة ، نمت بوقت متأخر .
ضحك أحمد هو وعمرو ليقول أحمد : واضح ، وجهك شاحب من قلة النوم والسهر ، التفت إلى نوارة هانم ليقول بمرح : أعدي له غداءً شهيًا أمي ، فهو يحتاجه بشدة .
انفجر عمرو ضاحكًا : كلنا نحتاج إلى غداءً شهيا أمي .
جز على أسنانه غضبًا ليرمقهما بغضب
قال يوسف بابتسامة المعهودة : هاي احترم نفسك أنت وهو ليلتفت إلى اخيه : أين نور ؟
نظر ليوسف بحدة ليكمل الآخر سريعًا : إنجي تريدها أن تذهب معها إلى الطبيبة فموعد متابعتها الشهري اليوم .
زم شفتيه بضيق ليعم الصمت المكان لتنفرج شفتاه بعد قليل ويقول بجمود : نور ذهبت إلى أخيها ولن تأتي اليوم .
نظر احمد وعمرو الي بعضهما ليحمر أذنا الأول ويزحف الاحمرار لوجه الثاني عقد يوسف حاجبيه لتقول إنجي ببساطة :سأتصل بها وألتقيها
لنذهب سويًا .
صاح بقوة : لا ، اذهبي بمفردك أو مع نهى .
وادار عينيه بهم وقال آمرًا : لا يتصل بها أحدًا منكم الكلام للجميع .
وثبت نظره على أمه لثواني لينهض من مكانه
نظر الي يوسف : هل ستأتي ؟
انتبه يوسف من صدمته : طبعًا ، أعد السيارة وأنا سأتبعك حالًا .
خرج من الباب لينظروا إلى بعضهم بوجوم لتتكلم نادين :
__ ماذا حدث أمي ؟ هل نور غضبت وتركت البيت .
هزت الأم رأسها إيجابًا : نعم ، ولكنها مشكلة بسيطة ستحل إن شاء الله .
قال يوسف بهدوء: مظهر ياسين لا يدل على ذلك أمي .
__ لا تشغلوا رؤوسكم بمشاكل أخيكم الخاصة فهو سيحل مشاكله بمفرده .
نظروا لبعضهم لتكمل أمهم بحزم : التزموا بتحذير ياسين وبم أنه طلب أن لا نتصل بها سنلتزم بأمره .
رفع يوسف حاجبيه واعترضت نهى : لا أمي ، أنا أريد أن أفهم ماذا حدث ؟ ثم أنه ليس من حقه أن يلزمني ألا أتصل وأطمئن على صديقتي .
صاحت الأم بحزم : نهى ،التزمي بأمر أخاكِ ولا تعصيه .
تبادلت النظرات مع يوسف ليخبرها بعينيه أنه سيتصرف
دوى بوق السيارة لينهض يوسف : حسنًا ، سأذهب حتى لا يحيل نهاري جحيمًا
نظر إلى زوجته : لا تذهبي بمفردك .
__ لا تقلق يوسف ، سأتدبر أمري .
انصرف يوسف ونهضت نوارة هانم ، لتتكلم نادين
بهمس : أنا غير مقتنعة بما يحدث ، ما الأمر الذي جعل نور تترك البيت وتذهب ؟!
ردت نهى وهي تهمس : منذ فترة والأمور غير مستقرة بينهما ندى ، ألا ترين كيف كان ياسين ضائقًا وهي أيضًا كان الحزن ينبع من عينيها .
همست انجي : وهل سنترك الموضوع هكذا دون أن نساعدهما ؟
لوت نادين شفتيها : ليس بيدنا شيء ، إذا أمر ياسين بك فأمره يطاع ألم تلاحظي انه نظر الي أمي وجمعها معنا بالأمر .
ابتسمت نهى : نعم أنا أيضًا لاحظت ذلك ، كأنه كان ينبهها أنها الأخرى يسري عليها أمره .
صاحت إنجي : هذا استبداد 
نظر لها أحمد بدهشه من صيحتها المفاجئة، ليضحك : أنتِ تتكلمين عن ياسين أليس كذلك ؟
ابتسمت إنجي ليكمل: وما الجديد طوال حياته مستبد .
نظرت له نادين بقوة : هلا تصمت من فضلك ، فأنا ضائقة منك .
نظرت لها نهى بقوة : نادين .
__ نعم أنا ضائقة منه ، حلى المزاح اليوم وياسين لا يطيق نفسه .
انفجر عمرو ضاحكًا ليتشارك معه أحمد : ومن أين لنا أن نعرف أن زوجته غير موجودة ، كنا نمزح معه لا أكثر
أكمل عمرو : ثم أنه لم يعترض .
نهى : نعم ، كان سيحرقكما بعينيه فقط .
ضحكت إنجي بمرح : نعم لقد نظر بقوة تهيأ لي حينها أن لو النظرات تقتل لقتلتكما.
قام أحمد من مكانه وقبل رأس زوجته : المعذرة حبيبتي لم اقصد أن أضايقه .
أكمل عمرو : سنعتذر منه .
صاحت الاختين بنفس اللحظة : لا .
ابتسمتا لتقول نهى : لا تتكلما معه ثانيةً ، واحذرا محادثته في موضوع نور هذا ، فهو عندما يصل لهذه المرحلة من الغضب ، لا يرى أمامه ونحن بغنى عن مشاكل بينكما وبينه وكان الله في عون يوسف ، فهو من سيتحمله اليوم التفت إلى انجي : هل ستذهبين إلى الطبيبة ؟
__ نعم .
ردت نادين : سأذهب معكِ .
نظرت نهى لأختها بتعجب لترفع إنجي رأسها وتسأل : حقًا !!
__ نعم أنا الأخرى أريد أن أذهب إلى الطبيبة لأستشيرها بأمور تخصني .
__ حسنًا لنذهب معًا.
***
ركبت بجواره السيارة ونظرت إليه بطرف عيني وجهه لا ينم عن شيء ، هذا هو حاله عندما يغضب انفعالاته الداخلية لا تظهر على الملأ هممت أن أسألة عما حدث ، ليقول بجمود وتسلط : إذا تكلمت بموضوع نور أو سألتني عما يدور بيننا فمن الأفضل أن تنزل من السيارة وتذهب مع السائق .
رفعت حاجبي بدهشة : ياسين ، أنت تمزح ؟!
نظر إلي وقال بقوة : لا ، احترم رغبتي ولا تتدخل
تنهدت بضيق ليكمل : ثم أنني لدي من المشاكل ما يشاغلني أهم من مشكلة زوجتي المصون
هززت رأسي بتفهم ليسأل : ها لم تخبرني بموقفك ؟
تكلمت من بين أسناني : حسنًا ياسين لن أتدخل بالأمر .
أدار السيارة على الفور وأنا اشعر بالشفقة عليه من الواضح أن مشكلته مع نور كبيرة ، وأنا متأكد أيضًا أنه السبب بها
فالحالة التي بها تنم عن شعور بالضيق من النفس وتأنيب الضمير بحيث أنه لا يريد التحدث من قريب أو من بعيد حتى لا يلوم نفسه أكثر من ذلك ولكني صممت أيضًا أن أصلح الأمور ولو قليلًا ، سأتصل بعمر لأتحمد له على سلامته وخروجه من المشفى وأستشف ما موقفه من غضب أخته وذهابها إلى بيته .
***
جلست مع عمتي نحتشي الشاي: هيا قصي لي عن والدي قليلًا .
ابتسمت : محمد كان رائع ، شخصية فريدة كان حنون ويعاملني بلطف ، وقف بجانبي طوال حياته كان نعم السند والأخ حتى عند زواجي وقف إلى جواري رغم عدم اقتناعه بزوجي وكان يرى أن الزيجة غير متكافئة اجتماعيًا ولكنه لم يشأ أن يكسر قلبي .
نظرت لعمتها بتعجب وقالت بتردد : هل كنتِ متزوجة عمتي؟
تنهدت : نعم ، ولكن عمك سامحه الله أجبرني على أن أتركه .
شهقت نور : لماذا ؟
زمت صفية شفتيها لتقول والألم يلتمع بعينيها :لأنه رأى انه لا يناسبني اجتماعيًا و لا ثقافيًا ولا ماديًا ، و رأى أنه طامع بمالي ليس إلا .
سألتها نور بتعاطف : هل كنتِ تحبينه عمتي ؟
ترقرقت الدموع بعينيها : نعم ، كنت أحبه كان ابن مدرستي ، فكأغلب العائلات الراقية كانت لدي مدرسة لتعليم الموسيقى ، كنت أحبها للغاية فقد كانت رقيقة وعطوفه وفي بعض الأحيان كان يأتي معها ابنها كنت أشعر بالسعادة وأنا اتكلم معه ، وعندما وصلت لسن الرابعة عشر كان هو تخرج من الجامعة وعمل مدرسًا كنت أنا بهذا الوقت كبقية فتيات جيلي أتطوع للعمل بالجمعيات الخيرية والمستشفيات قابلته مرة أو اثنين بإحدى الجمعيات الخيرية كنت أتبرع للجمعية وهو يعمل مدرسًا للأطفال اليتامى الذين ترعاهم الجمعية قوت صداقتنا ، لن أنكر أني أحببته بشدة ولكني لم أتكلم لم أستطع أن أتفوه بما أشعر به بيني وبين نفسي فأنا أعلم أن هذا الحب غير مجدي فنحن لن نتزوج أبدًا ، أبي لن يرضى أن يزوجني ممن هو أقل مني اجتماعيًا ولكني لم أستطع أن أتزوج من أحدًا غيره ، لم أستطع أن أتخيل أن أكون زوجة لأحد غيره ، قابلته بأحد الحفلات الخيرية وكنت بالعشرين وقتها ، وكان يتقدم لخطبتي أولاد كبارات الإسكندرية ، فاجأني أنه اعترف لي بأنه يحبني ويريد أن يتزوجني ، لم أستطع أن أوافق ولم أستطع الرفض أيضًا ، أخبرته بحبي له وأخبرته أن يبتعد عني فأبي إذا علم بالأمر سيحيل حياتي جحيمًا ، أما حافظ لو علم لن يتردد وسيقتله ، امتنعت عن الخروج لفترة طويلة تصادف عدم خروجي مع وفاة والدتي لأحزن بشدة وأتقوقع على نفسي أكثر وأكثر ،مرت الأعوام وأنا أرفض المتقدمون لخطبتي إلى أن كبرت تزوج والديك وأنجبا عمر لألهي نفسي به قليلًا دخلت مرحلة العنوسة تجاوزت الثلاثين وبزماننا كانت الفتاة التي تتجاوز سن العشرين ولم تتزوج تكون عانسًا فما بالك بمن تجاوزت الثلاثون ، قل الخطاب وبدأت أنا الأخرى افقد الأمل ، عدت للتطوع والأعمال الخيرية وبإحدى المرات ذهبت لمدرسة عمر لأطمئن عليه وأسأل عليه معلميه لأقابله هناك ، اكتشفت أنه لم يتزوج هو الآخر قضى سنوات شبابه ينتظرني ، وهذه المرة لم يستمع إلى تحذيراتي بل أصر على مقابلة والدي وتقدم لخطبتي ولكن ما فاجأني أن أبي وافق على الزواج وعرض عليه أن يساعده ولكنه رفض بشدة ، أثث بيت صغير كان كالجنة بالنسبة لي ، محمد امتعض من الفكرة ولكنه عندما رأى السعادة التي أعيشها ، وافق ولم يعترض عشت معه سنتين من أجمل سنين عمري ليتوفى والدي ويعود حافظ لن أستطيع أن أصف لكِ مدى البؤس الذي عيشنا به حافظ لقد دمر حياته لأجل أن يتركني ولكنه رفض وأبى ، أباكِ وقف بجانبنا كثيرًا ولكن مات محمد لأكون كالقشة بمهب الريح زاد حافظ من جبروته وتسلطه و بآخر الأمر هددني حافظ بأنه سيتخلص منه إذا استمريت بهذه الزيجة التي جلبت العار للعائلة ، سقطت دموعها ببطء وهي تكمل : تخيلي نور كنت حاملًا عندما قررت أن أترك صلاح وعندما علمت رجوت حافظ أن يتركني أكمل حياتي مع زوجي وابني قلت له أني سأتنازل له عن جميع الأملاك الذي ورثتها عن والدي ليتركني أستمر بحياتي ،ولكنه رفض بشده وأصر على أن اترك زوجي ، و يا ليته توقف عند هذا الحد بل لعب معي لعبة حقيرة أوهمني أني مريضة لأذهب إلى المشفى واتفق مع أحد الأطباء أن يجهضني استيقظت لأجد أن الطفل الذي عشت أرجوه من الدنيا ذهب بلا عودة انهمرت دموعها بغزارة ، اتسعت عيناي رعبًا من هذا الشيطان الذي تتكلم عنه عمتي ، لم أستوعب أن يكون هناك إنسان بكل هذه الكمية من الشر والقسوة ،رتبت على كتفها وحاولت تهدئتها رفعت رأسها ونظرت لي : هل من يفعل ذلك بأخته ، لا يكون السبب بموت حماكِ حافظ قاسي لا قلب له وأمام رغباته لا يرى شيئًا آخرًا ارجعي لزوجك بنيتي إذا جاء عمك ووجدك هنا لن تري زوجك مرة أخرى أبدًا ، لا زوجك ولا أخاكِ انتفضت بقوة من الجملة : لماذا ؟ لا يستطيع أن يتحكم بحياتي .
نظرت لي بألم : حافظ يستطيع أن يفعل أي شيء نور ، ويستطيع فِعل أشياء لا تخطر على ذهن أحد.
أطرقت رأسي أرضًا : لكني لا أريد الرجوع إلى زوجي ، لقد عاملني معاملة بشعة منذ علمه بأن حافظ المصري عمي .
تنفست بقوة : اذهبي إليه و واجهيه ، لا تتركي الأمر معلقًا هكذا أنه يحبك نور ، من الممكن أن الصدمة شلت تفكيره ولذلك تصرف معك بطريقة خاطئة تنهدت : سأذهب إلى عمر فهو مريض وآخذ وقتي بالتفكير .
شهقت : مريض ، ماذا حدث له ؟
رفعت حاجبي : أنه تعرض لحادث كاد أن يودي بحياته .
اتسعت عيناها رعبًا : حافظ أنه السبب ، أنا متأكدة .
اصفر وجه نور بشدة : لماذا ؟ ماذا فعل له عمر ليقتله ؟
تنهدت العمة لم يفعل شيء ولكن حافظ ينتقم من محمد في شخص عمر ، يكره أخاكِ لأنه شبة والده .
سألت وعيناها تدور بتعجب : ولماذا يكره أبي
هزت رأسها بألم : لا أعلم ، لا أعلم نور .
شعرت نور بصداع غريب يجتاحها من هذا العم العجيب الذي يكره أبيها وأخيها بدون أسباب لتقول : عمتي سأصنع القهوة ، اتيع لكِ بقليل منها ؟
ابتسمت : تعالي نعدها معًا .
ذهبا إلى المطبخ ليبتسم الخدم بسعادة لرؤية نور ويقترب منها رجل عجوز ربت على وجنتها  حمدًا لله على سلامتك بنيتي .
ابتسمت نور : سلمك الله .
اقترب منها الرجل : خذي حذرك من حافظ وأرجو أن ترحلي قبل أن يأتي .
تعجبت من مقولته لألتفت إلى عمتي لأجدها تتكلم مع الطباخ وتأمره بما يصنعه على الغداء سألتني ما أفضله من الطعام فقلت لها أني لا أتناول الأرز فأنا لا اشتهيه نظرت إلي بتعجب لتسألني ما الأنواع التي تفضلينها نطقت بسلاسة :
__ أحب ملوخية الجمبري ، أنها أكلة تنتمي إلى الإسكندرية أليس كذلك ؟
فغرت عمتي فاهًا لترد : ها ، نعم ، أريني كيف تعدين القهوة .
وقفت لأعد القهوة وأنا أشعر بأن عيني عمتي لا تتحركان مثبتتان علي بقوة التفت لها وابتسمت لأصب القهوة بكوبٍ عاديًا وفنجانًا لها نظرت لها لأجد عيناها متسعتين باندهاش شديد فسألتها بتوتر : هل تفضلين القهوة بطريقة اخرى ؟
انهمرت الدموع من عينيها وخرجت سريعًا من المطبخ لأتعجب حقًا من موقفها المريب تمتمت : ماذا فعلت لأجعلها تبكي؟!
ركضت خارجة من المطبخ وأنا بحالة كبيرة من الانهيار لا أفهم ما يحدث أمامي ، كيف تكون عادتها كعادات محمد كيف علمت بطريقة صنعه للقهوة ، ثم أنها تشرب القهوة بنفس طريقته ، كيف يحدث هذا ، كيف ؟ لقد مات وهي صغيرة جدًا فغير المعقول أن تكون تعلمت منه هذه الأشياء ليست هذه العادات فقط طريقة حديثه ولمعت عيناها ، ضحكتها الحزينة التي كان محمد مشهورًا بها إذا كان متضايق ، الطيبة التي تشع من عينيه ، اخفاؤها لمشاعرها وعدم التصريح بها الخجل الذي ارتسم على محياها عندما ذكرت زوجها هل تكون ابنة محمد فعلًا وحافظ كذب كل هذه السنوات ؟ ولكن الشبه الغريب الذي ورثته من حافظ لا يمكن ، لا أفهم ما يحدث ، لن أكذب حدسي وإحساسي بها إنها ابنته ، نظرت إلى صورة أخيها لتحتضنها برفق وتنظر إليها مرة اخرى انهمرت دموعها : حافظ كذب عليك حبيبي ، ليميتك كمدًا ونجح ببراعة كعادته لمع الكره والألم بعينيها : أخذك مني حبيبي ، لن أسامحه ما حييت .
طُرق الباب لتطل نور براسها وترسم ابتسامة متوترة :
__ هل تسمحين لي بالدخول ؟
ابتسمت بسعادة وفتحت ذراعيها لها : تعالي حبيبتي .
ابتسمت نور وذهبت بهدوء لعمتها لتحتضنها الأخرى وتبكي ، انتصب جسد نور وسألتها بتوتر : ماذا حدث عمتي؟
هل فعلت شيء ضايقك ؟
نظرت لها عمتها وحسست على شعرها : لا حبيبتي ، ذكرتني بأباكِ ، لذلك أبكي .
ابتسمت نور : حسنًا هيا عمتي القهوة ستبرد ، لأني سأغادر بعد قليل لأذهب لعمر .
__ لماذا حبيبتي ؟ اقضي معي اليوم أيضًا وسافري غدًا فأنا أجلس بمفردي ، امكثي يومًا آخرًا معي .
ابتسمت : من أجلك عمتي ، سأمكث .
***
ذهبت إلى الطبيبة أنا ونادين التي اختلفت معاملتها على الاتجاه الآخر ، فتبادلت معي الأحاديث واستمتعت برفقتها حقًا بعد انتهاء موعد الطبيبة استأذنتها أني سأذهب لمريم وطلبت منها أن تأتي معي ، رفضت بهدوء وتحججت بمشاغل أولادها أوصلتني إلى هناك وأنا أخبرتها أني سأتصرف لدى عودتي دخلت سريعا إلى مريم وأنا أتمنى أن تكون استطاعت إقناع معتز بالمجيئ اليوم .
....
أوصلت إنجي إلى مريم وأنا اتعجب من هذه الزيارة ولكن لما لا فهما قريبتين ومن حق إنجي أن تزو ابنة عمتها وأنا خارجة فوجئت بسيارة معتز أمامي ،أوقف سيارته بحيث أن لا أستطيع الخروج لأزفر بضيق ، نزل بهدوء ووقف بجوار سيارتي فتحت النافذة ليبتسم : أهلًا ندى انزلي وادخلي قليلًا ، أريد أن أجلس برفقتك قليلًا .
نظرت له بغضب : لا معتز ولن أكرر كلامي ثانيةً أنا مع اخوتى ضدك ، هيا افسح لي مجالًا لأخرج بسيارتي .
نظر بحزن : حسنًا ندى ،كنت أريد أن اتكلم  مع صديقتي ورفيقتي كما كنت دومًا .
ابتسمت بسخرية : ونسيت رفيق عمرك من كان يدافع عنك دائمًا ، من كان تستند عليه وقت الشدائد ،انقلب وجهه بضيق والكره لمع بعيونه لتردف : إذا اعترفت بصديقك هذا ، سأعترف أنا الأخرى بصداقتي معك .
نظر لي بحزن وذهب ليفسح لي مجالًا ، خرجت وأنا اشعر بالقهر من هذا الغبي الذي لا يفهم أني مع اخوتي إلى النهاية ولكن علمت الآن سر زيارة إنجي لمريم فهي أتت لترى أخاها ، هل تعلم يوسف ما يحدث وراء ظهرك ؟ أم أخت معتز أوقعت بك لتستولي هي وأخاها على الشركة ، ولما لا والطفل القادم خير دليل على ذلك .
...
انصرفت ندى من امامي وأنا اشعر بالكره لهذا الياسين الذي استولى على كل شيء أملكه زوجتي وأختي وصديقتي تأففت ودخلت لأرى ما تريد مريم دققت الباب لتفتح لي الخادمة سألتها : هل الدكتورة مريم موجودة جاء لي صوتها من الشرفة : تعال معتز .
دخل والابتسامة تشرق وجهه لتتجمد الابتسامة على شفتيه عند رؤيتها همست : مرحبًا أخي .
دورت على عقبي لأخرج مثل ما جئت لأفاجئ بياسر في وجهي : إلى اين يا صديقي ، اجلس لنتكلم .
جز على أسنانه : لا أريد الجلوس وزوجتك لي كلام آخر معها .
ابتسم ياسر : هل تهدد زوجتي معتز ؟ وبوجهي أيضًا !
نظر لياسر بغضب ليكمل الآخر آمرًا وهو يدفعه إلى الجلوس
__ اجلس معتز ،وعندما ننتهي من الحديث ارحل كما تريد .
***
__مرحبًا عمر ،كيف حالك ؟
بخير الحمد لله ، اعذرني لم أستطع أن آتي لك بالمشفى أنت أعلم بحالي والآن انتظر ياسين لنأتي لك معًا .
نعم هل علمت بما حدث ، حسنًا سنأتي لك ليلًا أن شاء الله .
لا اطمئن فياسين تصرف وستصل بعض من المعدات غدًا وأدوات البناء أيضًا ، إن شاء الله سننهي العمل بموعده .
قهقه ضاحكًا : ياسين حلال العقد ، أتمنى ان لا تكون غاضبًا منه .
عقد حاجبيه : حسنًا أراك ليلًا .
ردد بدهشه : أبلغ سلامك لنور ،تردد إن شاء الله .
أغلق الهاتف وهو يفكر فيما قاله عمر فهو ليس غاضبًا من ياسين ثم يريده أن يبلغ سلامه لنور
هل نور لم تذهب لأخيها ، إلى أين ذهبت إذن ؟
هل ياسين يكذب ، لا أعتقد فهو كان غاضبًا بشده صباحًا !
سأبلغه أن عمر طلب منا زيارته مساءً ليطمئن على أمور العمل تحرك من مكانه ليجد نادين بوجهه ابتسم ، فهو عاد باكرًا من أجل ان يذهب بجيجي إلى الطبيبة ولكن نهى أبلغته أنها ذهبت مع نادين إلى الطبيبة بناءً على اقتراح الأخيرة اقترب من أخته : شكرًا نادين على الذهاب مع إنجي إلى الطبيبة ، أين هي ؟
نظر إلى ما ورائها لتنظر إليه نادين بضيق : ذهبت لترى أخاها .
اتسعت عينا يوسف دهشةً : نعم ، لا أفهم .
__ طلبت مني أن أوصلها إلى مريم وفوجئت بوجود معتز أمامي، من المؤكد أنها اتفقت معه أن يتقابلا عند مريم أو شيئًا من هذا القبيل.
نظر يوسف إليها لتكمل : أو من الممكن أنها تراه دائمًا وضحكت على أخينا الأصغر لتساعد معتز فيما يريده وتستولى على شركة والدك ولما لا ألا تحمل ولي العهد الذي سيرث نصف ممتلكات محود صالح شوكت .
جز على أسنانه بقوة وهو يحاول استيعاب ما تقوله نادين لتنصرف من أمامه ، صعد إلى الأعلى وهو يشعر بصداع قوي برأسه ، لا يصدق ما تقوله نادين ولكن أين هي أين ذهبت ألم يمنعها من الخروج ، ألم يمنعها من مقابلة معتز والتحدث معه أمسك هاتفه واتصل بها لينقطع الرنين دون أن ترد اتصل مرة أخرى ، ومرة أخرى لترد أخيرًا : :أهلًا حبيبي .
سأل بجمود : أين أنتِ إنجي ؟
__ أنا عند الطبيبة حبيبي .
أغلق الهاتف بوجهها وهو يرغي ويزبد تكذبين إنجي ، تكذبين من أجل أخيكِ ، وأنا أفعل كل ما بوسعي حتى لا تفهمي ما يفعله معنا حسنًا سنرى إنجي ، هل تخدعيني أم اشتقت إلى أخاكِ ؟
***

دخل إلى بيته وهو يشعر بذهول وندم كبير هل كل ما فعلة السنوات الماضية ، هل كان كل ذلك من أجل وهم اختلقه هو من العدم عندما أجبره ياسر على الجلوس ، شعر بقهر كبير وأشاح بوجهه بعيدًا عن أخته التي رن هاتفها لتتبادل النظرات مع مريم همست لها مريم : ردي عليه وأخبريه أنكِ هنا .انقطع الرنين ليرن الهاتف مرة أخرى نظر إليها بقوة لتنهض من مكانها وتخرج لترد على هاتفها و تأتي ووجهها
ظاهرًا عليه التوتر طمأنتها مريم : سأتكلم معه جيجي اجلسي الآن لنتفاهم مع هذا الغبي الذي لا يستمع إلى أحد .
صاح بقوة : مريم .
نظرت له بقوة  نعم معتز أنت غبي وما أخبرتني به إنجي يدل على ذلك وبقوة ويدل على أن ياسين إنسان رائع لم ينسى العشرة ولم يقوى على أذيتك .
صاح بقوة متأففًا : هل أتيتي بي لأتكلم عن ياسين ،لا أنه ليس إنسان رائع ونسي العشرة من وقت طويل وخدعكم كلكم ولكنه لن يستطيع أن يخدعني .
تكلم ياسر بهدوء : ما الذي فعله ياسين معتز أخبرك أنه نسي العشرة بينكما ؟
قال بكره ك أنه خائن ياسر خانني ، خطف حنان من بين يدي ، لم يراعي العشرة ولا أي شيء بيننا .
صاح ياسر : اخرس معتز ، اخرس ياسين لم يفعل لك شيء .
قال ودموع القهر بعينيه : بل أنا متأكد ، متأكد .
ياسر : ما الذي تأكدت منه معتز ؟ هل رأيته مع حنان ؟ أم ماذا ؟
نظر إليه وقال بألم : أخبرني كيف تصبح زوجتي حامل وأنا عقيم ؟
نطقت إنجي : أنها كانت حاملًا منك يا مغفل ، لقد كانت تتناول الأدوية وتتعالج مع أشهر طبيب لأنها تريد إنجاب طفل منك لتقر بجانبها وتترك نزواتك كانت تحبك وتريد أن تستقر معك ولم تشأ أن تخبرك بأنها تعلم عن كل شيء ، حتى لا تضطر لترك ، عندما قلت لها أنها من الأفضل لها ان لا تنجب حتى تنفصل عنك بسهولة قالت أنها لن تتركك أبدًا فإن حياتها بدونك لا تساوي شيء .
نظر لها بقوة :كاذبة أنتِ كاذبة ، أنا الذي لا يستطيع الإنجاب وليس هي .
ردت مريم بهدوء : ألم تفكر بالعلاج معتز ؟
__ بل كنت أتعالج طبعًا لأستطيع الإنجاب منها ، فطفلًا منها كان كل أملي بهذه الدنيا .
قال ياسر بقوة : اذن أبشرك معتز لقد قتلت أملك بيديك لأن ياسين لم يلتفت إلى حنان من قبل زواجكم ليلتفت إليها بعد أن أصبحت زوجتك ، ياسين كان يراعي حنان كأخت له وليس أي شيء آخر ، كان يشفق عليها من أجل ظروفها ومن أجل الحالة النفسية التي كانت تنتابها زوجتك يا أستاذ كانت تتعرض لنوبات من التشنجات عندما تغضب وكانت تذهب على إثرها الي المشفى لذلك كان يحنو عليها كثيرًا ولكنه لم يلتفت إليها إطلاقًا .
هوى جالسًا ليكمل ياسر : لم يأتي إلى ذهنك أن رحمة الله واسعة وأن زوجتك من الممكن أن تحمل منك دون علاج إذا أذن الله ، وغاضبًا لأن مريم نتعتك بالغبي ، بل أنت غبي وأحمق أيضًا .
انتفض واقفًا وغادر سريعًا وهو لا يريد تصديق ما سمعه .
***
جالس بمكتبه يرتب أمر الشحنة الجديدة يدعو الله بسره أن تسير الأمور كما ينبغي دق الباب ليرفع نظره عن الأوراق : ادخل .
دخلت والدته ليعقد حاجبيه ويعيد نظره إلى الأوراق ثانيةً
__ ألن تذهب الي نسيبك ياسين ؟
جز على أسنانه غضبًا : لا أمي لن أذهب .
قالت بقوة : لماذا ، ثم عمر من حقه عليك أن تذهب إليه وتطمئن عليه.
قال بضيق : أمي من فضلك ، أغلقي الموضوع
صاحت بقوة : لا ، ثم احترم نفسك وتكلم معي بأدب .
نظر إليها بدهشة وقال بأسف : لم أقصد اغضابك أمي .
جلست على الأريكة وقالت آمرة : تعال ياسين اجلس بجانبي .
قام من مكانه مضطرًا وجلس بجانبها شدته من يده بلطف لتحتضن رأسه صاح بضيق : أمي .
همست : اصمت ، هل كبرت على أن تنام بحضني ؟
ابتسم : نعم أمي ، لقد أتممت السابعة والثلاثون .
__ وإذا أتممت الستين ، أنت طفلي البكر الذي لا أزال أذكره وأنا أطعمه وأحممه وألبسه ملابسه .
احمرت أذناه وتبرم : أمي ، كبرت أنا على هذا الدلال ، آتي بيوسف ودلليه كما تريدي .
ابتسمت ودفنت أصابعها في شعره الكثيف : هل أنت غاضبًا مني ياسين ؟
جلس بهدوء وشبك يديه ببعضهما تنفس بقوة : نعم
ابتسمت : لماذا ؟
قال بقهر : لأنكِ لم تخبريني عن علاقتكِ بوالد ووالدة نور .
شدته بحضنها مرة أخرى وتلاعبت بخصلات شعره: هل تعلم ياسين ؟ عندما رأيت نور لأول مرة كدت أن أبكي ، تذكرت كل شيء خاص بنور ، وعندما رأيت كيف يتعامل معها يوسف حلقت بالسماء كنت أظن أن يوسف يحبها ولذلك قلت لك أني سأخطبها له تململ بين يديها لتضحك بخفة : أنت كأباك ياسين غيور جدًا .
عبس بوجهه لتردف : كنت أتمنى أن تأتي نور الصغيرة إلى هنا وأضمها إلى كنفي لأطمئن عليها وأشعر أني فعلت شيء باتجاه صديقة عمري ولذلك غضبت عندما رفض يوسف الزواج ولا أنكر أني تفاجأت عندما قلت أنك تريد أن تتزوج بها ، كنت أعلم أنك لن تتحمل فكرة قربتها ممن كان له يد في موت أباك ولكن لم يأتي بذهني أن حافظ سيخبرك بكذبته الشهيرة لو كنت أعلم أن هذا سيحدث لكنت أخبرتك بكل شيء .
أغمض عينيه ضيقًا من نفسه لتسأله : ماذا فعلت معها لتتركك بهذا الشكل ياسين ؟
قال بألم : أرعبتها مني أمي ، عاملتها سيئًا وقسوت عليها كنت غبي لا أفهم ما أشعر به ولكن هذا الحقير جعلني أراه كلما نظرت بعينيها .
__ اتعلم ياسين هذا الشبه الذي يستند إليه حافظ لا أساس له من الصحة ، حافظ يشبه عمي عبد الله رحمة الله عليه ولون عينيه وشعره ورثهم منه ، ثم أن عمي عبدالله ووالدة حافظ كانا أولاد عم ومن الطبيعي أن تكون هذه الصفات منتشرة بالعائلة ، نور أتت تشبه والدتها ولكن ورثت أكثر صفات جدها جمالًا ، لتأتي متفردة الجمال .
قال هامسًا : وأنا أشهد أمي أنها جنيتي الحبيبة متفردة الجمال .
ابتسمت : اذهب لعمر واطمئن عليه وتكلم مع زوجتك ياسين .
سمعا صوت جلبه لينتفض ياسين واقفًا وتساله بدهشة : ما هذا؟ هل هذا صوت يوسف ؟
خرج ياسين من المكتب لتتبعه سريعًا : نعم أمي تناهي إلى مسامعهما صوت يوسف وهو يصيح بصوتٍ عالٍ
لتقول أمه : اذهب ياسين وانظر ماذا يحدث .
__ انتظري أمي ، فانا لا أحبذ التدخل بينه وبين زوجته .
سمعا صوت خطوات نازلة لينظر ياسين هاتفًا : انتظري .
***
دخلت إلى جناحهم وهي تشعر بالترقب فإغلاقه الهاتف بوجهها أنبئها بحدوث شيء كبير ابتسمت عند رؤيته ليصيح بقوة : أين كنتِ يا هانم ؟
قالت بتوتر: كنت عند مريم .
__لماذا لم تخبريني ؟ التفت إليها بحدة : ولماذا كذبتِ عندما تكلمت معك؟ ابتلعت ريقها بصعوبة ليصيح بها قويا : تكلمي
__ أردت رؤية معتز وإذا أخبرتك برغبتي كنت سترفض .
اقترب منها وصاح بحدة : فقلت لماذا لا اخدع هذا المغفل ذهبتي لتري أخاكِ ، أليس كذلك اشتقت لهذا الحقير الذي كدت أن أموت بسببه وكاد أن يقتل ياسين مرتين من قبل اشتقتِ لرؤية أخاكِ الذي سرقنا أنا وأخي دون أن يراعي أنه سيصبح خالًا لولدك القادم عصيتني وذهبتِ إليه رغمًا عني ودون علمي إذا اشتقتِ إلى أخاكِ إنجي ، اذهبي إليه فأنا لا أريدك جواري بعد الآن .
نظرت إليه وهي تشعر بان الألم يزداد عليها ، دموعها تنهمر بصمت وحين نطق بجملته الأخيرة شعرت بألم شديد يجتاحها صاح بقوة : اذهبي .
مسكت بطنها بقوة ورفعت رأسها لتخرج من الغرفة وهي مصممة على مغادرة القصر ، إذا لم يستمع إليها الآن ، ليس له الحق في الاستماع لها بعد الآن نزلت السلم ببطء شديد فهي تشعر بثقل شديد في أرجلها وهمت بالخروج من القصر لتسمع ياسين : انتظري .
ذهب إليها سريعًا ومسكها من ذراعها : إنجي ، ما بكِ ؟
هاله مظهرها التعب ودموعها المنهمرة : ماذا حدث إنجي ؟
نظرت إليه وقالت بصوت يكاد يسمع : ياسين أريد أن أذهب إلى مريم ، هلا أخذتني إليها ؟
صاحت نوارة هانم من وراءه : لا طبعًا ، لن تخرجي من هنا .
قالت بهمس : اشعر بألم فظيع أمي .
نظرت نواره هانم إليها لتراها ممسكة ببطنها لتقول آمرة .
__ احملها سريعًا ياسين لغرفتي وأنا سأهاتف الطبيب .
***
بعد خروجها شعرت بالذنب يجتاحني كنت قاسيا معها على الرغم من أنها أخبرتني بسبب زيارتها لمريم ولكنها كذبت عليك يوسف ، كذبت ولكنها لا تستحق أن تطردها من بيتها ، ألا يكفي ما أسمعتها إياه ، ألا يكفي أنك لم تراعي شعورها وأخبرتها بما يفعله معتز ، ألم تطلب من ياسين البارحة بأن لا يتكلم عن أمر الشركة وما يفعله معتز معكما أمامها حتى لا تجرح شعورها ، لتأتي أنت وتألمها بهذا الشكل ، ألم تنصحك الطبيبة أكثر من مرة أنه مع الانفعال ستفقد الطفل بسهولة ،انتفض فجأة وهو يعي ما فعله ليركض خارجًا من الجناح ليذهب ويبحث عنها ليجد ياسين حاملًا إياها أمامه نظر إليه ياسين بقوة ليتحرك من أمام الباب ويفسح له مجال أن يدخل بها وضعها ياسين على الفراش لينظر إليه بوعيد : الطبيب سيأتي حالًا .
انصرف من أمامه ليهرع يوسف ويجلس بجانبها مسح دموعها وأمسك يدها ليقبلها بلطف : آسف حبيبتي لم أقصد ولكني غضبت لأنكِ كذبتي علي آسف ، كدت أن أجن من قلقي وخوفي عليكِ .
نثر قبلاته على يدها لتقع يدها من يده لينتفض بخوف
هزها بلطف : إنجي ، إنجي .
صاح بقوة : إنجي .
انتفض ياسين من صرخته ليهرع إلى الداخل وتتبعه أمه
__ لا ترد أمي ، أنها لا تتكلم معي .
__ اهدأ بني ، الطبيب قادم الآن .
جلست بجوارها الأم : آتي لي بعطرٍ قوي .
ركض لأمه بالعطر لتشممها إياه تمتمت : چوي .
قفز إلى الفراش وجلس بجوارها : عيونه وقلبه وعقله ، تدللي حبيبتي .
نظرت إليه أمه بدهشه ليكتم ياسين ضحكته ويشير إلى أمه برأسه أن تأتي معه خرج وتبعته أمه لتغلق الباب خلفها : هل جن يوسف إلى هذه الدرجة ؟
انفجر ياسين ضاحكًا : ألم تلاحظي جنونه من قبل أمي ؟
__ كان بعقله لوقتٍ قريب ولكن زوجته أزادت عنده الجنون ألم يكن يتشاجر معها منذ قليل ؟!
__ يوسف متقلب أمي دقيقة يضحك ودقيقة يغضب ،لا تشغلي رأسك بهما أمي أنهما مجنونان هما الاثنان .
أمسك يدها وقبلها : ادعي لي أمي .
رتبت على خده : هل ستذهب إلى عمر ؟
ابتسم : سأذهب إلى نور أمي ، وسآتي بها بإذن الله .
__ وفقك الله بني .

***
اقتربت منه بهدوء لتجلس بحضنه نظر إليها بدهشة لتهمس : هل ما زلت غاضبًا ؟
نظر لها بهيام : وهل أستطيع أن أغضب منك ؟
ابتسمت بدلال يعشقه وهمت بأن تنهض ليطبق يده على خصرها : إلى أين ؟
ابتسمت : سأعد لك الطعام حبيبي .
نظر والشوق يلمع بعينيه : لا أريد الطعام ، فاكهتي الحبيبة بين يدي ولن أفرط بها .
ابتسمت بخجل وقالت بدلال : عمر .
ضمها إلى صدره ليقبلها برقه حانية : نعم يا أميرتي .
نظرت إليه لتذوب بلمعة عيناه الخضراء حثه الشوق لوصالها فهم بتقبيل ثغرها الباسم ليدق جرس الباب ويذهب رونق اللحظة
تأفف بضيق : من الغبي الذي يأتي الآن ؟
ضحكت بخفه ليكمل : تضحكين ، حسنًا سأصرف هذا الأحمق الذي أفسد علي لحظتي وآتي لك .
قالت بسعادة : أكيد نور، ستتخلص من نور أيضًا .
ابتسم : لا طبعًا ، ولكنها ستشعر بي وتنصرف من حالها .
ضحكت برقة ليتنهد : لو نور سأنادي عليكِ ، لتنزلي إلى الأسفل .
تركها وهو متأفف من الشخص الذي أتى إليهم الآن فتح الباب ليجد ياسين أمامه ابتسم باتساع ورحب به :
__ تفضل ياسين ، مرحبًا بك .
دخل ياسين لينظر عمر إليه وينظر إلى الخارج : أين نور ؟
امتقع وجه ياسين وشحب ليردد بدهشة : نور ! ألم تأتي إليك ؟
صاح عمر : نعم ، لا لم تأتي ، من يوم خروجي من المشفى لم أراها ، أين هي ياسين ؟
ارتبك ياسين وتصاعدت ضربات قلبه قلقًا : لا أعلم .
ردد عمر صارخًا : لا تعلم ، كيف لا تعلم مكان زوجتك ؟
تزايد ارتباكه : لقد تشاجرنا وتركت لي ورقة تخبرني بأنها ستأتي إليك ،وها أنا جئت لأراها وأتفاهم معها .
صاح عمر بقوة : متى تركت البيت ؟
__ البارحة ،
نظر له بتأنيب ولوم : وماذا فعلت لها يا ابن الأصول لتتركك بهذه الطريقة ؟
زم ياسين شفتيه : ليس هذا وقته عمر ، نريد أن نعلم أين هي؟
__ سأعلم أين هي وآتي بها ولكنك لن تراها مرة أخرى ، فانت لم تصن الأمانة التي ائتمنتك عليها .
أسرع ليتصل بها لينطق ياسين : هاتفها مغلق ، سأتصل بصديق لي بالشرطة ليبحث عنها .
رن هاتف عمر فجأة لينتفضا الاثنان : مرحبًا عمتي .
تناهى لياسين صوت عمة عمر وهي تصرخ : انجدني عمر أنا مع نور ذهبت بها إلى المشفى
تعال سريعًا فأختك بحالة انهيار تامة

أحلامي المزعجة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن