الفصل الرابع

603 24 1
                                    

فتحت عينيها لترى من أنقذها
فصدمت بشدة لقرب وجهه منها ، وهو آخر وجه تريد أن تراه أمامها.
__ عفوًا آنسه لم أقصد أن أصدمك ، المعذرة .
تمتم وهو يساعدها لتقف متزنة أمامه و يعدل هندامه بيده
اتسعت عينيها بدهشة واستنكار
وهو يتابع : هل أنتِ بخير؟!
__ آها نعم شكرًا لك
__ لا شكر على واجب فأنا من اصطدم بكى أرجو أن تعذريني
وقفت مكانها لا تقوى على الحركة جسدها متصلب وأعصابها مشدودة
ابتسم بمجاملة : هلا سمحت لي ، أريد أن أمر.
ارتبكت قليلًا ونظرت من حولها لتنتبه أنها تسد طريقه فتلعثمت :نعم ....نعم تفضل.
تحركت من مكانها وعادت إلى  صديقتها المتابعة لهما عن كثب فيمر سريعًا من جانبها !!

*******************
__ نور ...... نور ما بالك ؟ كفِ عن الجري فأنا لا أستطيع أن ألحق بكِ.
__ الغبي التافه الجلف لا أصدق هذا.
__ من الذى تنعتيه بكل هذه الشتائم ؟!
__ هذا الجلف الذى اصطدم بي الجلف المدير التنفيذي للشركة.
__ حسنًا ، هو لم يكن جلفًا معك بل كان في غاية التهذيب والرقة
__ علياء أرجوكِ اصمتِ ، لا يتذكرني ...... لا يتذكرني تصدقين هذا؟
رفعت علياء حاجبيها بدهشة :أنتِ غاضبة لأنه لم يتذكرك ؟!
مقولة صديقتها أفقدتها التوازن بداخلها فردت بحدة سريعًا: ها لا طبعًا ، بل غاضبة بانة يمثل التهذيب .
نبهتها صديقتها : نور أنتِ ترتجفي من الغضب انه لم يفعل شيء سيئ معك بل كان غاية في التهذيب وأنتِ تنعتيه بأقبح الصفات دون داع.
ربتت على كتفها وهى تقول : أهدئي حتى تستطيعي قيادة السيارة فأنا أخاف علينا إذا قدتها وأنتِ بهذا الشكل ، انتظري عندي فكرة افضل ، فأنا ما زلت جائعة ، تعالى لنأكل ونشرب القهوة من أحد المطاعم ثم نعود إلى البيت .
__ حسنًا لنذهب إلى مطعم قريب من هنا
وافقت على مضض ولكن من أجل علياء ، فهي فقدت شهيتها  لكل شيء ، لا تستطيع أن تتخيل أنه لا يتذكرها !!
فهي تذكرته فور رؤيته وبكل وضوح ، فملامحة لا يمكن أن تنساها ، وجاذبيته تفوح من ملامحة  وتملأ المكان المتواجد به وقربه بهذه الدرجة أرعبها وأربكها أيضًا ، تساءلت هل نسيها فعلًا؟! هل هي تشبه الكثير من الفتيات لذا لم يتذكرها ؟!
نفضت رأسها من تلك الأفكار الغبية لتحاول أن تنتبه إلى الطريق من أمامها
***
ذهب إلى دورة المياه بخطوات واسعة سريعة كأنه يهرب من شيء ما ، فتح الصنبور ليرمي المياه الباردة على وجهه بعنف لعله يهدئ وتنخفض السخونة الناجمة منه ، ويهدئ رأسه الذى يدق بشده ،وأعصابه الذى بذل جهدًا مضاعفًا لكى يضبطها حتى لا يظهر معرفته بها  وهل يستطيع نسيانها ؟  أيستطيع نسيان هذا الوجه الملائكي بتقاسيمه الجميلة ؟! فعيناها لا يستطيع أحدًا أن ينساهما .
وهو خاصةً فهي الأولى من النساء التي وقفت في وجهه واستطاعت أن تتطاول عليه وتسخر منه رغم رقتها وهشاشتها إلا أنها تجرأت عليه فهو من كانت الفتيات تتجنبه ،فلسانه لاذع  و مخيف، ونظراته الجامدة كانت ترعبهن
ابتسم وهو يتذكر تعابير وجهها والدهشة التي طلت عليها عندما تكلم معها بلطف وهدوء هز رأسه بتوتر لا يصدق أنها كانت بين يديه في أحضانه ، استعادة عقله لتلك الذكرى جعلته يرمى الماء بعنف أكبر على وجهه
كلم نفسة بحزم قائلًا : ياسين ، ما بالك ؟! إنها فتاه مثل بقية الفتيات لا أكثر ولا أقل صاح عقله " لا ليست عادية أنها رقيقة جدًا وجميلة جدًا "
تألقت عيناه بحزم " أفق يا رجل من هي حتى تشغل رأسك وتفكيرك  لتشغل تفكيرك "
" أنها مجرد فتاه حدث لك معها موقف سخيف يحدث مع سائر الناس ،
لا تفقد رباطة جأشك من اجل فتاه ليس لك علاقة بها ولا تعرفها سيطر على أعصابك قليلًا "
تأوه وهو يتذكر صديقه المنتظر بالخارج فأسرع بالخروج له .
***
__أين أنت يا رجل ، كنت سأذهب لأتفقدك فأنت منذ ربع ساعة بدورة المياه قلقت عليك.
__ لا شيء - تشاغل بالأكل - ليهرب من عينين صديقه المتسائلتين
سأله بهدوء وابتسامه هادئة على شفتيه : ياسين أتعرف هذه الفتاه التي اصطدمت بها ؟
رفع عيناه بدهشه : ها ، لمَ تقول ذلك ؟
ناده بصوت له معنى ومغزى بينهم الاثنان: ياسين .
نظر إلى عيني صديقه فانفجر الآخر ضاحكًا.
__ ياسر توقف أرجوك نحن بوسط المطعم الناس تنظر إلينا.
__ نعم إنهم ينظرون إلينا مثلما كانوا ينظرون إلينا منذ قليل وهم يتابعون أحد المشاهد التي تعرض فقط في دار السينما
انفجر ضاحكا مرة أخرى بصوت عالي
فأنبه قائلا : ياسر لا تبدأ أرجوك.
__ يا صديقي لم أنت خجول إلى هذا الحد حسنًا سأصمت ولكن اجب عن سؤالي
__ بل جاوبني أنت أولًا ، لم تسأل هذا السؤال المريب ؟!
__ليس مريبًا ، ولكنك صديقي وأعرفك حق المعرفة.
صمت قليلًا ليمط شفتيه بضيق : نعم أعرفها .
__ لم ادعيت إذًا أنك لا تعرفها
زفر بضيق : أتحقق معي يا ياسر ؟!
__ لا ،أنا أسألك فكما تعلم أنا فضولي قليلًا 
خيم الصمت عليهم قليلًا ليتحدث أخيرًا بخفوت عفوي : لا أعلم لم ادعيت ذلك ، نظر إلى صديقه بشرود ليقول أخيرًا -حسنًا سأقص عليك ما حدث اخبر ياسر  عن المقابلة وكيف تطاولت عليه وأحرجته أمام الآخرين ، فانفجر الآخر ضاحكًا : عشت لأرى فتاه تقف بوجهك وتصرخ أيضًا.
__ ياسر الموقف لا يحتمل المزاح فعندما رأيتها لم أستطيع أن أحدد هل أريد أن أصفعها على قلة تهذيبها معي المرة الفائتة أم أنقذها من الوقوع.
__ لقد أنقذتها بالفعل
ابتسم إليه بخبث وعيناه تشع بشقاوة ، وهو يغمز له ويردف :أتساءل انقذاك لها يأخذ المنحنى الإنساني أم أنها أنثى جميلة
ورائعة أي رجل يتمنى أن يلتقطها بين ذراعيه ؟!
انفجر ضاحكًا وهو يرى الاحمرار يزحف على وجه صديقه والغضب يقفز من عينيه ويزمجر غاضبًا : ياسر ألن تغير طبعك هذا ؟!
__ لا طبعًا بل أنا أحقد عليك الآن وأتساءل لم لا تحدث معي تلك المواقف ؟ لماذا  لم أذهب أنا إلى دورة المياه فتسقط هذه الحسناء بين ذراعي؟!
توترت يداه بشده وهو يتخيلها بين ذراعي صديقه ، جز على أسنانه  بقوة التقطها الآخر فتمتم باعتذار صادق: ياسين لا تغضب أرجوك ، فأنا أمزح معك .
حاول السيطرة على أعصابه وهو يزيح هذه الصورة السخيفة عن مخيلته
ويتنحنح سائلًا  : ما أخبار عائلتك؟
ابتسم وهو يعلم أنه يريد إدارة دفة الحوار لجهة أخرى : بخير الحمد لله يسألون عنك بما فيهم زوجتي العزيزة ، فهي من أوحت لي بفكرة الغداء.
ابتسم ياسين : ونعم الصديقة على الأقل ليست مثلك
__ احذر ، فأنت تمدح زوجتي   .
__ أنها بمثابة شقيقتي ، فهي رفقية دراسة وغربه مثلك تمامًا ولا تنسى أنها في الأصل قريبتي ، أتبع سائلًا  - أنت سعيد بالزواج؟
كح ياسر بعنف وتناول كوب الماء ليشرب  ليسأله بتعجب عندما استعاد أنفاسه : لماذا تسأل ، أتريد أن تتزوج؟
__ خيالك خصب يا صديقي  ، لا طبعًا ، لا أريد الزواج ولكن أريد أن أعرف هل هو مثلما يقولون هم و غم ونكد أم سعادة وحب وود بين شخصين يعيشا تحت سقف واحد.
زفر ياسر قويًا : أنه كل تلك الأشياء مجتمعة
__ كيف تجتمع كل الصفات في شيء واحد ؟!
__ سأشرح لك بطريقة تؤمن بها بم أنك مهندس تؤمن بالمشاريع اعتبر الزواج مثل المشروع به إيجابيات وهى الصفات الحسنة وبه سلبيات وهى الصفات السيئة .فلا يوجد شيء سيء خالص أو شيء حسن خالص لابد أن يجتمع الاثنان معًا السيء والحسن ليكون الشيء متزن.
هز رأسه وهو يفكر فيما قال له صديقه لينتبه عليه وهو يردف : أعتقد أننا لابد لنا من الانصراف سأدفع الحساب لنغادر.
__ لا يا دكتور أنا عازمك هذه المرة بدون نقاش لو سمحت .
لم يحاول أن يجادله فهو الأعلم به  ، ليجيب هاتفه الذي صدح عاليًا :حبيبتي كيف حالك ؟ نعم تغديت سأغادر الآن . بخير ، أنه يبعث تحياته  لكِ وللأولاد ، حسنًا سأبلغه .
أغلق الهاتف ليلتفت إلى ياسين : أنت مدعو على الغداء يوم الجمعة القادمة ولا نقاش فهذا أمر رسمي ،من السلطات العليا
ضحك ياسين :وهل أجرؤ على الرفض ؟!
خرجا من المطعم وتصافحا وهما يتفقان على ميعاد يوم الجمعة .

أحلامي المزعجة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن