الفصل الخامس

556 22 3
                                    

تجلس في حديقة البيت أمام حوض الورود ، الجو هادئ والسماء صافيه أشعة الشمس ساقطة على جسدها تدفئه ، والأشجار متناثرة حولها ، تتأمل ورودها التي تعشقها ، استشعرت وقوف أحدهم خلفها ، طوله فارع حجب عنها ضوء الشمس وظله سقط  على ورودها ، التفتت تنظر إليه تريد أن تعرف من هو ، ولكن ضوء الشمس ومض بعينيها  فشوش رؤيتها وجعلها غير قادرة على تميز ملامحه
سألته :من أنت ؟!
ابتسم بوجهها ابتسامه ساحرة ودار على عقبيه مغادرًا المكان بأكمله
سألته مرة أخرى : من أنت ؟ لا تذهب أجبني ، من أنت؟
تنبهت من غياهب أحلامها على  صوت مزعج لا تعلم مصدره ، ليستمر برنين أزعجها ، دارت  برأسها لتحاول أن تصل إلى مصدر الصوت ، ثم حركت جفونها وفتحت عينيها ببطيء الاستياء يعقد ملامحها  من هذا الصوت المزعج ، الذي أحال نومها إلى يقظه ،  استيقظ عقلها وهو يسأل عن مصدر الصوت ، لتفاجئ أنها لازالت بالفراش وهذا الصوت المزعج ما هو إلا المنبه القابع بجوارها ، رفعت يدها  ، و أطفئته ، حركت رأسها بهدوء وهى تفكر بحلمها هذه المرة لم يكن مزعجًا بالعكس كان هادئًا ومحببًا إلى قلبها ، تذكرت الشخص الظاهر لها بأحلامها من هو ابتسامته هذه المرة كانت ساحرة قلبت في رأسها فيمن تعرفهم من الرجال ينطبق عليه أوصافه ،هزت رأسها بحيره وسألت نفسها بصوت مسموع من هو؟
ضربت رأسها وهى تتذكر الوقت وأنها لابد من تحضر الفطور لأخيها وتستعد  إلى المقابلة ، تحركت بسرعة حتى لا يتأخر أخيها على عمله ، لكنها فوجئت به  واقف بمنتصف المطبخ يعد الشاي والفطور
__ ماذا تفعل ؟ لماذا استيقظت باكرًا؟
ابتسم ابتسامه واسعه : صباح الخير يا دلوعتي ،لقد استيقظت باكرًا فقلت لم لا أدللك اليوم فأنتِ كل يوم تقومين بتدليلي، فقررت أن أهتم بك أنا اليوم.
__ شكلك يوحى بالسرور والسعادة واضحةً عليك، فعيناك تلمعان بالفرح .
__ لقد تقابلت مع علي البارحة وأعطاني موافقه مبدئية وسيتصل بي ليحدد موعدًا أتقدم به رسميًا  .
__ آها ،لهذا تحتفل اليوم.
__ أنا سعيد جدًا وأدعى الله أن يتمم بالخير
__ إن شاء الله موفق بإذن الله
جلسا ليتناولا الفطور وهما يتحدثان لينهض عمر ويحيها ليغادر إلى عمله  :نور أرجوكِ لا تنسى أن تكلمي الخالة عائشة اليوم.
__ لا تقلق لن أنسى بعد ما انتهى من المقابلة سأذهب إليهم وأتكلم معها
ابتسم في وجهها بسعادة لتطبع على خده قبلة رقيقة : اطمئن يا  مبارك لك مقدمًا .
تنهد بارتياح وهو يأخذ مفاتيحه وحقيبة اوراقه : أراكِ على خير ، لا تتأخري اريد أن أعود لأجدك بالمنزل.
هزت رأسها بالإيجاب ولوحت له بيدها مودعه
***
يجلس على مكتبه ، يوقع بعض الأوراق ليناولها إلى مديرة مكتبه ويشير إليها بالانصراف رفع رأسه إلى الجالس أمامه: حسنًا يوسف ، سوف تستلم عملك اليوم
اذهب إلى إدارة الشئون القانونية وقابل الأستاذ عبد العزيز وابدأ عملك  ،اعلم جيدًا أن العمل عمل لا علاقة له بأننا إخوة ، أي خطأ ستقترفه ستحاسب عليه مثل سائر الموظفين .
__ أعلم جيدًا أخي فلا داعِ لتكرار الكلام .
__ من الواضح أنك لا تعلم بدليل كلمة أخي أنا هنا الأستاذ ياسين أو المهندس ياسين اختر ما شئت ، ولكن ليس أخاك .
تنهد بضيق : حاضر سأذهب الآن أراك على خير ، سلام.
سحب نفسًا عميقًا وأرخى جسده على كرسيه الوثير لطالما حلم بأن يأتي يوسف إلى الشركة ويثبت أقدامه بها ، يكون إلى جواره ويسانده  فلابد أن يتعاونا على المحافظة على ما بناه والدهما ، وإن لم يفعلا فلن يستطيعا السيطرة على الأمر
انتبه على صوت السيدة عبير تعلن دخول الأستاذ عبد العزيز
__فليتفضل  ، أهلًا بك استاذ عبد العزيز ، كيف حالك ؟
__ بخير كيف حالك أيها المدير الصغير ؟
ابتسم ياسين في وجهه فهو يحبه ويتعامل معه باحترام شديد ، فالأستاذ عبد العزيز عاونه كثيرًا فى بداية عمله ، وكان له خير عون وسند ومعلم بارع أيضًا
__ بخير الحمد لله
__ لقد جئت لتوقع  قرار تعيين الأستاذ يوسف وقرار تعيين عضو آخر بالشئون القانونية اخترته أنا ممن تقدموا بالمقابلة التي كان أعلن عنها مسبقًا.
اخذ الاوراق ليوقعها ، وناولها إليه مرة اخر  : لك ما تريد يا أستاذي ثم أوضاع على يوسف ليعلمه ويقف بجانيه مثلما فعل معه وألا يعامله معاملة مختلفة عن الآخرين : حاضر ، لا توصى حريص ، سأذهب الآن سلام

****

نظرت إلى ساعتها وأسرعت خطواتها فباقي على موعد المقابلة  خمس دقائق  ، اتجهت إلى قسم الاستعلامات ،وسألت الموظفة عن مكان المقابلة ، فأخبرتها الأخيرة أنها بالدور الثالث في قسم الشئون القانونية مع المدير هناك ، ركبت المصعد واتجهت إلى سكرتيرة مدير القسم ، أبلغتها بحضورها ، فأجابتها السكرتيرة أن تنتظر قليلًا ، ذهبت إلى أبعد المقاعد في الغرفة وجلست تنظر من حولها ، وجدت شخصًا آخرًا جالسًا يتصفح إحدى المجلات ، فاستنتجت أنه   ينتظر مثلها ، وأن أحدهما من  من سيشغل الوظيفة ، فاستعدت لاختبار آخر تفوز هي فيه ، نظرت مرة أخرى إلى لشاب الجالس ، واستنكرت هدوءه فقد كان مسترخيًا ، اندهشت منه وفكرت أين رأته من قبل فهو مألوف لديها ، هزت رأسها بيأس فهي لا تتذكره ، فقط لو رأت وجهه بوضوح لتذكرته!!
انتبهت إلى  السكرتيرة التي قالت: تفضل يا أستاذ المدير ينتظرك .
أنزل المجلة من أمام وجهه لينهض متجهًا  إلى مكتب المدير اتسعت عيناها بدهشه وتممت بصوت منخفض : يوسف !!
أنه لآخر شخص توقعت وجوده هنا ، فهو يوسف الولد الشقي الذي يكبرها بعام في مقاعد الدراسة ، وكان يفوز عليها دائمًا في مركز رئيس إتحاد الطلبة وعندما تخرج  ،قال لها مداعبًا " تركت لكِ رئاسة الاتحاد "
عبست فجأة وهى تفكر  " إذا كان هو منافسها فسيحتل الوظيفة ، فهذا اليوسف يسبقها بخطوة دائمًا "
سحبت نفسًا عميقًا وشجعت نفسها وهى تتمنى أن تربح هذه المرة و تتفوق عليه
انتبهت على صوت السكرتيرة ينادى عليها ، لتقابل المدير
هبت واقفه وتنفست بقوة ، وسمت الرحمن لتتوجه إلى المكتب وتطرق الباب بهدوء ، ثم تدلف إلى الداخل: السلام عليكم .
__ وعليكم السلام تفضلي بنيتي ،هذا هو الأستاذ يوسف ، الآنسة نور.
نظرت أمامها لتراه جالسًا على المقعد بجوار مكتب المدير ، رفع عينيه ، لها يتأمل زميلته الجديدة التي أخبره عنها الأستاذ عبد العزيز ، والتي انضمت إلى العمل حديثًا و ستتلقى معه التدريب ، ابتسم بدهشة وهو يتعرف عليها على الفور فيبتسم بمجاملة ويحييها  بود  ، تقدمت هي بدورها لتصافح يده المدودة لها وتبادلا كلمات قليله  ، انتبه إليهما المدير وسأل : أتعرفان بعضكما ؟
ابتسم يوسف :لقد كنا زميلين بالجامعة والآنسة كانت ندًا قويًا لي في انتخابات إتحاد الطلبة .
ابتسم المدير ابتسامه خفيفة : حسنًا لقد وفرتما على الكثير فبعض المتدربين يكون لديهم مشكله تكمن في صعوبة تقبلهم للآخر.
__ اجلسا ، آنسه نور ستنضمين إلينا في قسم الشئون القانونية ستعملين معي فالوظيفة الأخرى التي تقدمتِ إليها شغلها الأستاذ يوسف ، سأدربك أنتِ ويوسف على العمل معًا لمدة اسبوع وبعد التدريب كل منكما سيبدأ في مباشرة عمله وإن احتجتما أي شيء لا تترددان وأخبراني فورًا ، سنبدأ من الغد المواعيد من الثامنة صباحًا الى الخامسة عصرًا أرجو ألا تتأخرا ، نتقابل غدًا بإذن الله.
نهضا سويًا  وشكرا المدير وانصرفا  ،خرجا معًا من المكتب ليسيرا بجانب بعضهما ، يتجاذبان أطراف الحديث
__ أهلًا نور ، كيف حالك ؟ لا أصدق أني أراكِ هنا بعد كل هذه المدة .
ابتسمت بهدوء : بخير الحمد لله أهلًا بك أنت ، كما يقولون الدنيا صغيرة.
__ المضحك أننا سنعمل معًا وليس ضد بعضنا كما اعتدنا .
__يوسف أرجوك لا تبالغ لقد كنا نتنافس على رئاسة الاتحاد وأنت دائمًا كنت تفوز وإلى الآن أنت تفوز ،فأنت شغلت الوظيفة التي كنت متقدمة إليها ولكن من الواضح أن المدير التنفيذي اختارك أنتِ.
__ آها ، أرجو ألا تكوني غاضبة .
__ لا بالعكس فأنا فرحة جدًا لأنى لن أعمل معه ، وأدعو لك فهو لا يطاق وغاضب دائمًا.
ضحك وهو يفكر لو سمعها ياسين الآن ماذا سيفعل لم يشأ اخبارها بأنه أخاه فهو لا يريد أن تتأخذ منه موقفًا إذا علمت أنه من أصحاب الشركة بل يريدها أن تشعر بأنه زميل لها كأيام الدراسة
ابتسم بهدوء: أعتقد أنه خسر آنسه جميله متفوقه تعمل معه.
__أشكرك كنت لبقًا دومًا.
__ماهي أخبار بقية البنات ؟ وباقي المجموعة.
__ لا أعلم عنهم شيئًا من بعد التخرج إلا علياء فهي صديقتي المقربة.
__ نعم أتذكرها كانت مرحة جدًا وشقية على عكسك تمامًا أبلغيها سلامى
وصلا إلى الجراج ليقول لها : تعالى أوصلك بدلًا من الموصلات ، فسيارتي هنا
__ لا شكرًا معي سيارتي .
__ حسنًا أراكِ غدًا سلام.
ركبا كل منهما سيارته وذهبا بطريقهما
****
توقفت أمام منزل صديقتها لتصعد إليها رنت جرس الباب ، فاستمعت إلى صوت الخالة عائشة تعلن عن قدومها : أهلًا بنيتي ، كيف حالك ؟
__ السلام عليكم خالتي ، أنا بخير الحمد لله ، كيف حالكم ؟ اشتقت إليكِ كثيرًا.
احتضنتها الخالة بحب شديد : أنا أيضًا اشتقت إليكِ ، فمكانتك عندي كعلياء لا فرق بينكما كيف حالك اليوم لقد أخبرتني علياء أنكِ تعبتِ البارحة لذا لم تصعدي لتشربي الشاي معنا .
__ لقد تجولنا كثيرًا وأعتقد أن هذا ما أتعبني ، أين علياء ألا زالت نائمة؟
__ لا حبيبتي لقد استيقظت ، من الجيد أنكِ أتيت لتتناولي الفطور معنا .
__ لا لقد فطرت مسبقًا ولكن لا مانع عندي بشرب الشاي .
__ من عيناي يا ابنتي سأجهز لكما الشاي حالًا
__لا خالتي سنحضر نحن كل شيء اجلسِ وارتاحي.
قامت هي وصديقتها ليحضرا الفطور والشاي سألتها علياء : ماذا فعلتِ اليوم بالشركة؟
__ لقد قبُلت بالوظيفة .
__ إذًا ستعملين  مع القمر الذى رأيناه في المطعم .
ردت باستنكار وعيناها تلمع بغيظ  : قمر لا أرى أي قمر ،سأخبر عمر بما تقولينه.
ضحكت علياء من غضب نور : لن تفعلي فأنا أراهنك على أنك أخبرته عن الأمر مسبقًا  .
أكملت وكأنها لا تسمع صديقتها :لا لن أعمل معه لقد عُينت بالشئون القانونية .
__ حسنًا هذا أريح لكِ.
__ نعم أنا مرتاحة جدًا ، أتعلمين من قابلت اليوم أكيد ستتذكرينه
نظرت لها علياء باستفهام  -يوسف رئيس اتحاد الطلبة.
__ آها ، بالطبع أتذكره فهو من الأشخاص المستحيل نسيانهم فقد كان نعم الصديق ، لقد ساعدنا فى دراستنا كثيرًا.
__ لم يكن يساعدنا نحن فقط لقد كان يساعد كل من بالجامعة حتى لو كان من كلية أخرى غير كلية الحقوق .
__ أنه شخص جميل و مرح ، أتصدقين كنت أشعر في بعض الأوقات أنه برئ كالأطفال.
ضحكت نور بشده : طفل لو سمعوك بنات الكلية لكانوا ضربوك بشده ، لقد كان الفتى الأول بالجامعة والفتيات كانوا ينتظرون منه التفاته لهن
__ إنهن بنات ذوات عقول فارغة ، وهو دائمًا كان محترمًا، صحيح أين قابلتيه ؟
__ في الشركة فهو من فاز بالوظيفة الأخرى سيعمل مع المدير التنفيذي ، ويبلغك سلامه.
__  أعانه الله على العمل مع هذا القوى ، أبلغيه سلامى عندما ترينه.
__ يصل إن شاء الله ، غمزتها في كتفها – هل أخبرتِ خالتي عن عمر ؟!
خجلت واحمرت أذنيها بشدة : من البارحة وأنا أحاول أن أبلغها ولكنى لا أستطيع.
ابتسمت :حسنًا سأبلغها أنا ، أتعلمين عمر من البارحة وهو سعيد جدًا ويدعوا الله أن يتمم موضوعكم على خير .
همست بخجل شديد : إن شاء الله
حملت نور صينية الشاي ونقلت علياء الفطور وجلسا مع الخالة 
__ نور بنيتي تناولي أي شيء مع الشاي ، هزت نور رأسها بالموافقة ثم  انتهزت نور فرصة انشغال علياء في المطبخ لتقترب من خالتها : خالتي أريد أن أخبرك بشيء .
__ تفضلي حبيبتي آتى بما عندك
__ أريد أن أخطب علياء منكِ لعمر أخي ، فما رأيك؟
تهلل وجه الخالة بحب وسعادة شديدة : لن أجد أحسن منه لعلياء ولكن لا بد من أخذ رأى علي فهو المسئول عنا الآن.
__ نعم أعلم هذا ، ولكني أريد موافقتك .
__ طبعًا موافقه حبيبتي ، أنتِ وعمر كبرتما أمام عيناي كأولادي بالضبط فهو ولدى وهى ابنتي .
احتضنت خالتها بحب لتستبقيها الخالة وتمسد على شعرها وهى تسألها : وأنتِ بنيتي هل الرجال أصيبوا بالعمى ؟! أتعرفين لطالما أردتك لعلي ، تنهدت بحسرة لتكمل -ولكن النصيب
ابتسمت بهدوء : أرأيت خالتي أنه النصيب  ، ثم علي بالنسبة لى كعمر لا فارق بينهما .
__ نعم أعلم ولكن أريد أن أراكِ بالفستان الأبيض قريبًا
ابتسمت لخالتها بحب : لا أعتقد فأمامي مشوار كبير أريد أن أنهيه .
***
دلف من بوابة القصر فوجد والدته بالبهو كالعادة ولكنها تستعد للخروج ألقى عليها التحية وجلس بتعب: كيف حالك أمي ؟ أين أنتِ ذاهبه ؟
__ الحمد لله ، ذاهبه إلى أختك ، فلقد اشتقت إليها وأريد أن أطمئن عليها وعلى ابنتها وزوجها ،من الجيد أنك اتيت لتوصلني أنا وأم محمود بدلًا من السائق، سآخذها معي لتساعد أختك بأعمال المنزل.
__ حاضر أمي فأنا أيضًا مشتاق إليها وإلى عفريتتها الصغيرة.
__ لماذا أتيت باكرًا ؟
__ سأبدأ العمل من الغد
__ حسنًا بنى كن عند حسن ظني بك ولا تغضب أخاك.
__ لا تقلقي أمي سأفعل ما بوسعي لأرضيك وأرضى ياسين.
__ اتصل به وأبلغه أننا سنكون عند أختك ليلحق بنا .
أخرج هاتفه ليبلغ ياسين أن يلحق بهم إلى هناك .
صعد هو وأمه محملًا بالأشياء الكثيرة  ليرن جرس الباب فتفتح أخته الباب بابتسامه عريضة وتحتضنه بشوق : كيف حالك أخى؟ اشتقت إليك كثيرًا ، ولكنى غاضبه منك .
__ لماذا يا أميرتي ؟
__ لأنك لا تأتى إلينا ، يمنى وعمرو يسألان  عنك كثيرا  ، العجيب في الأمر أن ياسين يزورنا باستمرار على الرغم من أعماله الكثيرة على عكسك أنت .
تنهد: هذا الياسين يجد وقت ليفعل كل شيء ، أنا مندهش من أمره ، أين أضع هذه الأشياء؟
__ أدخلها بالمطبخ.
دخلت من بعده أمه وأم محمود لتسلم عليهما الاثنتان : ما هذا أمي لم كل هذه الاشياء ؟!
وضعت إصبعها على شفتيها لإسكاتها واحتضنتها قائله: اشتقت إليكِ كثيرًا بنيتي .
__ وأنا الأخرى أمي.
__ هيا خذي أم محمود إلى الداخل لتريها ما ستفعله.
ذهبت بالداخل هي وأم محمود ليجلس يوسف هو وأمه ثم تنضم إليهما بعد قليل ويتحدثا
__ أين مفعوصتك الصغيرة ، اشتقت إليها كثيرًا.
رمته بإحدى الوسادات الصغيرة ليلتقطها بسرعه : ستأتي بعد قليل من المدرسة اخبرني ما الجديد بحياتك؟
__ لا شيء سوى أنى استلمت عمل بشركة العائلة.
فرحت بشده : مبارك حبيبي عقبال العروسة بإذن الله
__ عروس ! لا لن أتزوج قبل أخي الكبير .
خفضت صوتها حتى لا تسمعها أمها: إذن أبشرك أنك لن تتزوج ، فأنت تعلم أنه مضرب عن الزواج.
أخفض رأسه لها واستغل انشغال أمه بمشاهدة التلفاز: أتساءل كثيرًا لم لا يتزوج إلى الآن ، لقد أصبح في أواخر الثلاثينات ، ابتسم ابتسامه مشاكسه وهو يردف - أهو معقد أو شيء من هذا القبيل ؟!
ضحكت نهى بشده على جملته و لكزته بكوعها : احترم نفسك فهو أخانا الكبير.
__ كيف أخبار زوجك معك ؟ هل تحتاجين لشيء ؟
__لا أحتاج لشيء الحمد لله وعمرو طيب وحنون جدًا معي وأنت تعرفه جيدًا
ابتسم ليربت على كتفها : كل همى أن أراكِ سعيدة
التفت إلى أمها : أسياتي ياسين أمي؟
__ إن شاء الله
رن جرس الباب لتعلن نهى أن ابنتها جاءت من المدرسة ،و الصغيرة تدخل بعاصفة من السعادة والسرور وصلت إلى ذروتها عند اكتشفها لوجود جدتها  وخالها لتشيع في البيت جو من السرور والمرح.
***
جلس يوسف مع يمنى يلعبان سويًا ، بينما نهى وأم محمود يعدان الغداء والأم جالسة تراقب ابنها وهو يلعب مع حفيدتها كالأطفال ، ليفتح الباب ويدخل منه عمرو صائحًا : نهى معي مفاجأة لك.
اتسعت عيناه من الفرحة عند رؤية حماته ويوسف جالسان بالصالة  ، أسرعت نهى لاستقباله : حمدًا الله على السلامة يا حبيبي .
لترى أخيها واقف خلفة بطوله الفارع وابتسامه هادئة على شفتيه فتهرع إلى احتضانه : أحلى مفاجأة
دلف عمرو بالدخول يحيي حماته ويوسف بود و يسألهما عن أحوالهما ،يحتضن ابنته التى قفزت من حضنه
لتهرع إلى خالها هي الأخرى  :اشتقت إليك خالي.
جلس عمرو بجوار يوسف وغمزه بذراعه : أخاك يجعل ابنتي وزوجتي تتمردان على .
__اعتاد يا صديقي فهو يجذب النساء إليه على الرغم من عدم اهتمامه بهن
ضحك عمرو ضحكه عالية : من الواضح أن هذا الموضوع يضايقك .
هز يوسف رأسه بسخريه: بالطبع لا ، ولكنى مستغرب لم لا يحبهم وهن يحومون حوله بتلك الطريقة المستفزة.
ابتسم بهدوء : ألا يقولون الثقل صنعه يا صديقي.
اقتربت منهما نهى: عن ماذا تتحدثان ؟!
أجاب يوسف سريعًا : لا شيء زوجك يشتكى من اهمالك له .
التفت إليه عمرو بدهشه رافعًا حاجبيه ثم نظر الى زوجته : لا لم أقُل ذلك.
ضحك يوسف عاليًا: يا رجل هل تخاف منها! 
نهره عمرو : يوسف هذه الأمور لا يوجد بها مزاح وأنت تعلم أختك أكثر منى.
__ حسنًا، سأرحمك لم يقُل ذلك لقد كنا نتكلم بأمور عاديه.
سأله ياسين وهو يجلس يمنى بحضنه :ماذا فعلت اليوم يا يوسف؟
__ لا شيء قابلت الأستاذ عبد العزيز وقال لي سأبدأ التدريب غدًا مع الزميلة الجديدة التي انضمت للعمل اليوم .
سأله بدهشه : العضو الجديد في الشئون القانونية فتاه؟!
__ لماذا ياسين هل هناك فارق ؟ سألت نهى
__ لا ، ولكنى مندهش لم يخبرني الأستاذ عبد العزيز أنها فتاه.
صاحت نهى بأن الطعام معدًا لينهضوا جميعًا ويجلسون حول المائدة ، قالت الأم وهم يتناولون الطعام :السيدة خالدة اتصلت اليوم لتؤكد علي ميعاد زفاف حفيدتها وتريدكم جميعا أن تحضروا.
ياسين : لا أعلم امى سأكون مشغولًا أم لا
__لا بنى أنت كبير العائلة الآن ولابد من حضورك.
قال بضيق : سأرتب مواعيدي لأحضر
نظرت للباقين : وأنتم؟
نهى: لا أعلم ماذا أفعل مع يمنى ؟
__ تعالى إلينا واتركيها مع المربية في القصر ولا تقلقي عليها .
__ حسنًا .
__ أنا مفروغ من أمرى سأحضر طبعًا
أكملوا غدائهم في وسط جو من المرح والسعادة والأحاديث التي تتخللها الضحكات
*****
استيقظ من نومه  على وقع قبله رقيقة على خده ، فتح عيناه واحتضنها بين ذراعيه: حبيبة بابا، ماذا تفعلين؟
__ جئت لأوقظك فأنت وعدتني أن تأخذني لجدتي اليوم .
__حسنًا اذهبِ لأمك وبدلي ثيابك.
قفزت لتنفذ أمره على الفور، لينهض  ويذهب إلى دورة المياه ، وعندما انتهى خرج ليجدها أمامه بملابس المنزل : لماذا لم تبدلي ثيابك حتى لا نتأخر ؟
__ لماذا أبدل  ملابسي؟
__سنذهب إلى أمي ألم أخبرك البارحة سأذهب لأتحدث مع علياء .
__ حسنًا اذهب لوحدك فهذا موضوع خاص بكم ولا دخل لي به.
__ ولكنى وعدت جنى أن آخذها معي
__ لا اجد فائدة لذلك .
تنهد ونظر لها مطولًا ثم قال لها آمرًا: استعدي أنتِ وجنى حتى لا نتأخر أكثر من ذلك.
اجابته بحدة: ألا تسمعني؟
قال بصوت حاد ولكن منخفض : سنذهب جميعًا الى والدتي ، وأسرعي من فضلك حتى لا نتأخر.
****
انتبهت على صوت جرس الباب لتنهض بتثاقل لتفتح فتفاجئ بأخيها وزوجته وغاليتها جنى ، قفزت الصغيرة إلى حضن عمتها
فأمطرت  وجنتيها بالقبلات وأخبرتها كم اشتاقت أليها ، وأخبرتها عن مدى سعادتها لزيارتهم 
ابتسم علي : جنى اتركى عمتك حتى نسلم عليها .
أنزلتها علياء من حضنها لتجري الصغيرة تبحث عن جدتها ،فيحتضنها هو ويقبلها بحنو على جبينها ويسألها عن أحوالها وأحوال والدته 
__ تفضل يا أخي نحن بخير والحمد لله .
صافحتها زوجته ببرود شديد وتعجرف فازدردت لعابها ورحبت بهم مرة أخرى ، دخل إلى الصالة وجلس هو وزوجته لتأتي الصغيرة ممسكه بيد جدتها ،وقف مسرعًا يسلم على أمه ويقبلها ويسألها عن أحوالها ووقفت هي على مهل وصافحت  الأم بهدوء شديد وابتسامه خفيفة ترتسم على شفاهها
جلس بجانب أمه وهمس بأذنها أنه يريدها بموضوع هام
__ حسنًا تعال معي
دخل معها إلى غرفتها ليجلس بجانبها على الفراش
__ هيا بنى آتى بما عندك
__ قابلني عمر البارحة وصرح لي أنه يريد أن يخطب علياء .
ابتسمت الأم : نور كانت هنا اليوم وفاتحتني بالموضوع
ضحك بقوة : أنه متعجل بالفعل كلمني البارحة وطلب من نور أن تخبرك اليوم .
__ ما رأيك بنى؟
__ أمي انه صديقي وأكثر من أخًا لي وأنا سأطمئن على علياء معه ولكن المهم رأيها ورأيك بالطبع.
__أنا موافقه عليه فلن نجد من أحسن منه لأختك
__ حسنًا أبلغي علياء.
__ لا سأناديها لك حتى تتكلم معها
****
بعد انصراف زوجها مع والدته  ، انتهزت الفرصة لتجلس بالقرب من علياء وتسألها بسخريه
_كيف حالك علياء ؟ بالطبع سعيدة لأن حلم عمرك  يتحقق؟
ردت بنفاذ صبر : الحمد لله ، أنا بخير عن أي حلم تتحدثين؟
__ عن عمر سمعت أنه تقدم لخطبتك
لتردف بخبث :لا أدرى لم تحرك الآن ؟ فأنتِ أمامه منذ مدة طويله أم أنه مل من كثرة مرحه مع الفتيات وحينما أراد الاستقرار ،  قرر أنكِ أولى من الأخريات وخصوصًا أنه يعرفك عن طريق نور ، أو ربما نور أخبرته أنكِ تحبيه فقال لم لا أتزوجها.
اتسعت عيناها دهشه ، لتغرورق حدقتيها بدموع كثيفة أغشتها شكًا من أن يكون كلام آية صحيح ، انتبهت من أفكارها على صوت أمها تخبرها أن أخاها يريدها بالداخل ،لم تتسنى لها فرصة الرد على زوجة أخيها فأمها وقفت أمامها وهى تقول: علياء ألم تسمعيني على منتظرك بالداخل
***


أحلامي المزعجة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن