الفصل الرابع والثلاثون

335 17 7
                                    

دخلت إلى مكتبها في الصباح لتفاجأ بوجوده أمامها ابتسمت : أهلًا سيدي .
__ هل أتيتِ أخيرًا ؟ هل كنتِ تحضرين أوراقك للسفر ؟
ابتسمت بتوتر ليردف : ستذهبين إليه إذن ؟ ضحك ساخرًا : هل تظني أنه سيلتفت إليكِ وهو يرى الشقراوات حوله من كل جانب ؟
أنتِ مخطئه إذن ، خيانتك لهذه الشركة ذهبت سُدى ومن بعتِ مصدر رزقك من أجله أرخص من أرخص رخيص .
توترت وجلست متمسكة بمكتبها: لا أعلم عما تتحدث، سيدي .
__بلي تعلمين ، ولكن ما لا أفهمه ، كيف استطاع إقناعك بألا تخبريني ، وأن تسلميه مفتاح المخزن .
اصفر وجهها بشده وتكلمت لتخرج الكلمات بصوتٍ مهزوز خائف : لا أعلم عما تتحدث سيدي.
نظر لها بقوة : بلى تعلمين ، فالمخزن فُتح بواسطة المفتاح الأصلي الذي تركته معك وأوصيتك أن تحافظي عليه حتى تعطيه لياسين باليوم التالي لم أشك بكِ للحظة واحدة ، ولكن طارق كان له مفعول السحر .
اجهشت بالبكاء وأخفت وجهها بيديها : لم أستطع أن أرفض ولكني لم أعلم بأنه سيسرق الأدوات لقد أخبرني أن الموقع يحتاج معدات وأدوات للبناء ولا فائدة من الانتظار بم أني أملك المفتاح
نظرت إليه والندم يملأ عينيها : لم يخطر ببالي أنه سيسرق المخزن .
سأل بقوة : هل تعرفين مكانه ؟
هزت رأسها نافية : لا ، صدقني سيدي ، لم أكن أعلم ما يخطط له .
نظر لها باشمئزاز ليأتيه صوت من الخلف : إنها صادقة أستاذي .
جمد وجهه عند رؤيته وتنهد بضيق : مرحبًا معتز .
ابتسم معتز : مرحبًا أستاذي ، هل وصل ياسين ؟
زم السيد عبد العزيز شفتيه : لا لم يأتي بعد، ماذا تريد معتز؟
__أريد أن أتكلم معه .
صاح بضيق : معتز ياسين لديه ما يكفيه ، لا تأتي اليوم وتكمل عليه بسبب غبائك الذي لا تريد الاعتراف به .
خفض معتز بصره : بل أعترف أني كنت غبيًا لوقتٍ طويل والآن جئت لأصحح ما فعلته السنوات الماضية .
التفت إليه السيد عبد العزيز والحذر يطل من عينيه
ليبتسم معتز له مطمئنًا : لا تقلق أستاذي ، أنا صادق .
نظر له مطولًا وزفر بقوة: تعال معتز ، لنتحدث قليلًا
***
وصل إلى القصر عند بزوغ ضوء الشمس ليتنهد بحرقة الغصة تسيطر عليه والهموم تثقل كاهله كان يريد أن يطل عليها ، ينظر لها نظرة واحده تهدئ من نفسه وتسكت دقات قلبه المجنونة دخل إلى الجناح ليشعر بأن قلبه مقبوض وأنه لا يستطيع التنفس ، كأن الهواء انتهى برحيلها عنه استحم وبدل ملابسه وذهب ليدق الباب على يوسف فهو يحتاجه اليوم كثيرًا ،فتح يوسف الباب وآثار النوم تطل من عينيه
__ صباح الخير يوسف.
عقد يوسف حاجبيه : صباح النور ياسين ،ماذا هناك ؟
__ ارتدي ملابسك وهيا أريدك أن تأتي معي .
نظر لساعته : الآن .
تنهد : نعم .
هز يوسف رأسه موافقًا : سأنتظرك بالمكتب
__ حاضر .
نزل إلى الأسفل لينتظر شقيقه ، وبدلًا من أن يدخل إلى المكتب ذهب إلى الحديقة ونظر لمكان جلوسها عندما رآها وهي تضحك مع يوسف ابتسم ووضع يده أعلى ظهر الكرسي وكأنه سيشعر بجسدها موجود تحت كف يده تنهد بألم سيذهب ليراها مهما حدث هب الهواء ليضرب وجنتيه بالنسمات الصباحية الباردة استنشق الهواء وهو يشعر برائحتها محمولة إليه في نسمات الهواء الباردة انتفض عندما وضع يوسف يده على كتفه ليسأله الآخر بقلق :
__ ما بك ياسين ؟ أشعر أنك متعب .
هز رأسه إيجابًا وقال بدون تفكير : بل أكاد أموت من التعب .
اتسعت عينا يوسف ليقترب منه وهو ينظر إليه : بعُد الشر عليك ياسين ، ماذا حدث أخبرني ؟
تردد قليلًا : هل رفضت نور أن تعود معك ؟ ولذلك أنت بهذه الحالة السيئة .
هز رأسه برفض : لا إنها بالمشفى .
صاح يوسف : ماذا ، ماذا أصابها ؟
اغمض عينيه بألم : ليس الآن يوسف فأنا لا أريد أن اتحدث .
تنفس ببطء ليردف : أنا أحتاج وجودك بالشركة هذه الأيام فأنا سأكون بجانب نور الأيام القادمة
واحتمال كبير أن لا آتي إلى الشركة بالأيام ، خذ حذرك وحاول أن يتم بناء المجمع بمواعيده يوسف.
__ إن شاء الله ياسين .
__ اسمع باقي المعدات ستأتي بعد غد وأدوات البناء ستصل اليوم ، بسام فعل معي ما لا يفعله الأشقاء مع بعضهما البعض .
__ نعم ، أن يعطي لك مواد البناء دون أن يحصل على دفعه مقدمة ويقسط باقي حقها على أشهر ، صراحةً لم أتوقع أن يفعل شيئًا كهذا ولكن ياسين أدوات البناء هذه لن تكفي البناء .
__ أعلم يوسف ولكنها ستنهي المرحلة الأولى ، حينها أستطيع أن أطلب دفعة جديدة من مستحقاتنا لآتي بأدوات بناء نكمل بها البقية .
__ هذا المشروع سيقضي على السيولة التي لدينا .
__ تفاءل يوسف ستكون الأمور جيدة ، هيا بنا لنذهب إلى الشركة وبعد ذلك سأذهب إلى المطار
عقد يوسف حاجبيه : المطار ، لماذا ألم تقل أنك ستكون بجانب نور
__ نعم إنها بالإسكندرية وأنا لن أستطيع قيادة السيارة وأنا لم أنم من البارحة .
هم بالسؤال ليشير إليه بيده : لا مزيد من الأسئلة يوسف ، أرجوك .
هز يوسف رأسه موافقًا لينتبه أنهما سيركبان مع السائق ربت على كتف ياسين : لا تبتئس ستكون على ما يرام .
تمتم : أتمنى ذلك ادعو الله أن تمر هذه الأزمة على خير .
***
تنظر إليه وهي تعد الحقائب تشعر بالقلق والخوف يحاوطها
فهو منذ ان أتى في الفجر لم ينم ، والغضب يقفز من عينيه فعيناه الخضراء تحول بياضهما إلى اللون الأحمر ليصبح شكلها مرعبًا ، ثم أنها تشعر بأنه يؤنب نفسه على شيء هي لا تفهمه ولا تعلم ماهيته
تنحنحت : عمر ، لقد جهزت كل شيء ، ولكن هل نحن ننتقل من الفيلا أم ماذا ؟
قال بدون ان ينظر اليها : لا عليا ولكني أريد أن أكون بالقرب من المشروع ولن أستطيع أن أباشره وأنا هنا بالقاهرة .
نظرت إليه وقالت بتردد : هل تخفي عني شيئًا ؟
التفت إليها : تعالي عليا ، أريد أن أتكلم معكِ .
نظرت له بتوجس لتذهب وتجلس بجانبه .
***
تبعه بهدوء ليدخلا إلى مكتب ياسين ، جلس السيد عبد العزيز
وقال بهدوء : تعال معتز اجلس .
نظر إليه بامتنان وجلس بجانبه
__ معنى كلامك بالخارج أنك تأكدت أن الأفكار التي كانت بعقلك مجرد أوهام لا أساس لها من الصحة .
هز رأسه موافقًا ليكمل السيد عبد العزيز بألم وعتب
__ والاتهام السخيف الذي اتهمت به صديقك وزوجتك تأكدت من عدم صحته .
__ أنا آسف أستاذي ، اعذرني كنت غبيًا واخترت ان أحمل ياسين أخطائي كلها ، دون أن أشعر بالذنب .
__اسمع معتز ، أنا لا أحملك ذنب موت حنان ، فالموت بيد الله ثم إنه قدر لا مفر منه ،ثم إن حنان كانت تشعر من قبلها ، عندما أتت لتخبرنا بحملها أوصتني بك خيرًا وبطفلها أيضًا ، لن أنكر قلقي وقلق زوجتي عليها ولكن عندما علمت بخبر موتها ، سلمت أمري لله
هز راسه بألم واكمل : حنان لم تكن نعم الابنة فهي عاشت طوال عمرها تشعر أنها اقل منكم جميعًا لم أكن بغافلٍ عما تفعله ولكني لم أستطع أن أقسو عليها بسبب ظروف موت والديها وعلى الرغم من اعتناء زوجتي بها ومعاملتها لها كابنتها ، إلا أنها كانت تعلم دائمًا أني خالها وأنها زوجتي لم تنادينا قط بابي وأمي ، كانت تشعر بالغيرة من نادين وتصر على أخذ ما بيديها ، اعتناء عائلة ياسين بها كانت تزيدها غيرة وحقدًا عليهم ، إصرار محمود بك أن تنال نفس النمط التعليمي ، أشعرها بأنها أقل منكم فكانت تفرغ هذا الشعور بأن تشعر بانجذابكم لها ، ياسين كان يعلم ظروفها جيدًا فكان يتعامل معها برعاية وحنان فائق الحد
وياسر أيضًا ولكن ياسر لم يكن برقة وحنان ياسين ، اختلاف الشخصية البشرية ومشاعره نحو مريم كانت واضحة وضوح الشمس ،فأخرجته من المنافسة الوهمية التي كانت مشتعلة بعقلها هي فقط ، بقى أنت وأحمد ، أنت تركض وراءها وتلهث أيضًا خائف من أن يفوز بها ياسين الذي لم يلتفت إلى ما يدور بأذهانكم ، وأحمد المرح بطبيعته فهو يتكلم عن كل شيء بمرح وخفه لا يأخذ أمرًا بطريقة جدية فكان يسمعها الكلام المعسول باعتياد ، هذه هي طبيعته مجامل ولبق ليس معها هي فقط بل مع كل البشر ولكنها فهمت جيدًا بأنه يحب نادين فمعاملته لها تختلف عن معاملته مع سائر الفتيات فهي الوحيدة التي لم يسمعها كلامه المعسول بل كانت عيناه من تنطق بحبه وهيامه محمود بك انتبه أيضًا إلى ما يعتمل داخل صدر ابن أخيه ورحب بهذا النسب وقبل موته أوصى ياسين إذا طلب أحمد يد نادين للزواج أن يوافق حتى دون أن يسألها عن رأيها وهذا السبب الرئيسي الذي جعل ياسين يجبر نادين على الزواج من أحمد كنت أراقب كل هذا وأنا لا أريد تصديق أن تربيتي لابنة أختي جعلتها سيئة هكذا ،بل أنها ازدادت سوءً عندما حملت زوجتي وأتى محمد أصبحت أكثر بشاعة وأكثر حقدًا ، عندما كنت أرى نظرة الكره تلمع بعيونها عند رؤيتها لمريم كنت أشعر بالخوف يشلني فمريم من وجهة نظرها تتمتع بكل شيء ، اهتمامك بها أنت وياسين وحب ياسر الذي لم يعيرها اهتمامه وأيضًا إعجاب أحمد بقوة شخصيتها ، ولكنها لم تستطع أذية مريم فقوة شخصية مريم وثقتها بنفسها كانا يقفان لها بالمرصاد فمريم لم تستمع إليها ولم تبتعد عن أحدًا منكم ، كما فعلت نادين ، مع الأسف نادين كانت ضعيفة الشخصية نشأتها مع أخ كياسين وأم قويه كنوارة هانم جعلتها ذات شخصية منطوية ضعيفة وحنان استغلت هذا الأمر مع استغلالها أن نادين كانت ذات جمال عادي فأشعرتها بأنها ليست لها أهمية وأن عائلتها لا تحبها كما يحبونها هي ولكن عند سفر ياسين للدراسة بدأت أن تكون طبيعة قليلًا اقتربت منك أكثر لم أكن أستسيغ فكرة اقترابها منك ولكنها لم تكن تبالي برأي أحدًا آخر غيرها ، إلى أن تزوجتما هدأت كثيرًا وتغيرت بعد فترة إلى الأفضل ، أصبحت تعامل محمد بطريقة جيدة وأصبحت تعدنا عائلتها ، ولكني كنت أشعر أنها غير سعيدة وسألتها أكثر من مرة إلا أنها فضلت أن تكتم عني أمورها إلى أن علمت بأمر خيانتك المتكررة لها تكلمت معها لترجوني ألا اتكلم معك وأنها ستحل مشاكلها الزوجية بمفردها كم أشعر بالندم أني استمعت إليها أشعر أني لو كنت تكلمت معك لكانت الآن بيننا وكنت أستمتع بأحفادي ، يمكن هذا عقاب لي أني لم أحسن تربيتها اغرورقت عينا معتز بالدموع ليردف السيد عبد العزيز :
__ المهم الآن معتز أن تكفر عن أخطائك في حق صديقك ورفيق دربك .
__ هذا هو سبب قدومي اليوم .
التفتا إلى صوت ياسين الغاضب وهو يصيح : نعم أريد أن أعرف سبب قدومك اليوم ، فأنت غير مُرحب بك هنا .
***
__ لا أفهم ما تقوله عمر ، هل نور بالمشفى ؟
هز رأسه إيجابًا لتكمل : لماذا ذهبت إلى الإسكندرية ؟
قال بنفاذ صبر : سمعت ياسين وهو يتحدث مع والدته بأن عمي كان السبب بموت والده ، فذهبت لتفهم الأمر منه ، ليتها لم تذهب .
__ لماذا لم تأتي إلى هنا ؟
__ الذي فهمته من حديث ياسين ، أنهما تشاجرا مشاجرة قوية قررت أن تترك البيت بعدها ،أكمل بغضب مكتوم : ابن الأصول عاملها سيئًا بسبب عمي لم يفهم أن هذا العم لم يستحق أن نتشارك معه في نفس دماء الأسرة الواحدة .
سألت بتوتر : هل هذا السبب الوحيد عمر ؟
تنهد بألم : لا ، عمي اخبره أن نور ابنته ، كما أخبر والدي من قبل. نظرت له لترى الالم والقهر يطل من عينيه أسرعت إلى جواره واحتضنت كفه بيدها ليضغط على أصابعها بامتنان
__ إذن هلا اخبرتني بسبب ذهاب نور إلى المشفى ؟
زم شفتيه ليضغط عليها بأسنانه بقوة ليشعر بطعم الدماء في فمه ربتت على يده بهدوء لينطق من بين أسنانه بصوت يكاد يسمع : عمي حاول أن
لم يستطع أي يكمل حديثه لتتسع عيناها رعبًا لما استنتجته .
__لماذا ؟ ما فهمته من حديثك أنه متأكد من أبوته لها .
__ ما حاول أن يخبرني به ياسين وهو يراعي شعوري أن حافظ اغتصب أمي وهذا ما أصابها بالانهيار العصبي ولكني توقعت شيء كهذا من قبل أن يخبرني به ياسين لم يستطع أن يكبح دموعه أكثر من ذلك لتنهمر بفيضان من عينيه وهو يتمتم : ما رأيته ولم أستطع حمايتها منه كنت أظن أنها خائنة لاكتشف أني ظلمتها كل هذا الوقت كانت بريئة من ظني بها ، كان علي أن أحميها منه لكني غبي أحمق لم أستطع حمايتها ولم أستطع حماية نور أيضًا ، كم أنا ضعيف لا أقوى على شيء .
شعرت بأنه سينهار لتدفن رأسه بحضنها وترتب علي ظهره مهدئة : لا عمر ، لم تكن تفهم ما يحدث من حولك ، اهدأ حبيبي ، نور ستصبح على ما يرام وستكون بخير
اهدأ وحاول أن تنام قليلًا ، فلن تستطيع السفر وأنت منهار هكذا .
مسح دموعه بكفيه : لا أستطيع أريد أن أطمئن عليها .
__ حسنًا ، سأتصل بعلي وأطلب منه ان يوصلنا ، أو لنذهب مع ياسين .
نطق بحده : لا ياسين لا ، لن أذهب مع ياسين إلى أي مكان .
نظرت إليه وقالت بهدوء : إذن كيف سنسافر ؟
__ سأطلب سيارة خاصة ، تذهب بنا وتظل تحت أمرنا هناك ، إلى أن أشتري سيارة جديدة.
__ حسنًا ، نل قسطًا من النوم .
__ لا علياء ، سنذهب حالًا ، سأقوم لأرتب أمر السيارة .
***
ربتت على كتفه بقوة : محمد استيقظ ،أنا أشعر بتعب فظيع .
انتفض جالسًا : ماذا هناك ؟
تلوت من الألم : ما بكِ بسنت ؟
__ أشعر بألم فظيع أسفل بطني .
__ لماذا ، ألم تخبريني البارحة أن دورتك الشهرية انتهت وعلى هذا الأساس أعدنا المحاولة ابتسم بخفة وهو يقول جملته الأخيرة.
نطقت بنفاذ صبر: محمد هل هذا وقته ؟ أنا متعبة وأنت تجري معي تحقيق ولا ضباط المباحث.
قال بتوتر : لا حبيبتي لم أقصد ، أريد أن أفهم ما يحدث معك لا أكثر .
تأوهت مرة أخرى ، لينتفض واقفًا : هيا سنذهب إلى المشفى فيبدو أن الألم شديد .
نطقت بألم : لا أستطيع أن أتحرك .
ابتسم بحب وذهب ليأتي لها بعباءتها السوداء ليلبسها إياها ويحكم حجابها ليحملها بين يديه : لا تقلقي حبيبتي ، أنا معكِ دائمًا .
***
__ هذا هو سبب قدومي اليوم .
التفتا إلى صوت ياسين الغاضب وهو يصيح : نعم أريد أن أعرف سبب قدومك اليوم ، فأنت غير مُرحب بك هنا .
__ اهدأ ياسين قليلًا واستمع إليه .
نظر له بدهشه : أنت من  تقول ذلك أستاذي ، بعد أن سرق الشركة كما فعل المرة الماضية .
صاح معتز : لم أسرق الشركة المرة الماضية ياسين لقد خسرت الشركة أموالها في البورصة ، وهذا أمر وارد .
ضحك ساخرًا : ومن طلب منك أن تزج بأموال الشركة في البورصة معتز ومن أين لك الخبرة لتغامر بالشركة وأصولها في البورصة ها ، ثم باقي الأموال التي أخذتها من الخزانة لتسديد ديونك يا أستاذ ، كانت تحت أي بند .
قال الآخر بضيق : لقد أعطيتك بدلًا منها أسهم وتنازلت عن حق الإدارة صاح ساخرًا : لا والله ، الشركة حينها كانت تحتاج أموالًا يا سيد لا تحتاج حق الإدارة وأسهمك التي تنازلت عنها .
قال يوسف بهدوء : اهدأ ياسين ودعنا نستمع إليه .
التفت إلى أخيه بحدة ونظر له بقوة : أنت يوسف من تقول هذا .
ربت على كتف أخيه : اهدأ واستمع إليه .
نظر إلى معتز بنقمة ليذهب ويجلس على كرسي مكتبه
__ لا أريد أن أستمع إليه
نظر إليه معتز ليلتفت إلى يوسف : المعدات التي أخذها طارق من الموقع وباعها هذا هو حقها .
مد ليوسف بشيك ليردف : وأدوات البناء موجودة بمخزن في طريق سقارة هذا هو مفتاحه ابعث عمالك ليأخذوها ،التفت إلى ياسين المرسوم على وجهه علامات الدهشة
__ المعذرة ياسين على ما فعلته معك الفترة الماضية ، أعلم جيدًا أنه من حقك ألا تسامحني ، ولكني أرجو أن تستمع إلي بأحد الأيام لتفهم ما كنت أعانيه وتسامحني على ما فعلته معك.
صافح السيد عبد العزيز : سأنصرف أستاذي
لف ليوسف : المعذرة يوسف على غضبي الذي امتد إليك أنت الآخر ، أطلب منك وبرجاء شخصي أن تسمح لي بزيارة إنجي لأراها واعتذر منها على ما بدر مني ثم أني أريد أن أرى نوارة هانم أيضًا .
__ تعال بأي وقت معتز ، أنها شقيقتك ولن أمنعك عنها .
هز رأسه ليرمي ياسين بنظرة سريعة لينظر إليه الآخر بغضب، هز رأسه بتفهم وغادرهم سريعًا .
نطق السيد عبد العزيز بهدوء : لماذا ياسين ؟ لم أعهدك قاسي من قبل ؟
نظر إليه بتعجب : أنت الآخر أستاذي ، هل نسيتما ما فعله بنا ؟
__ لقد أتى ليصحح غلطته ياسين ويعتذر عما فعله ،لماذا لم تستمع إليه ؟
__ هل تريديني أن أستمع إليه بعد كل ما فعله يوسف ؟
تنهد يوسف : عندما تستمع إليه ستفهم ما أقوله لك ياسين هيا اذهب لتلحق بطائرتك وأنا هنا مكانك لا تقلق .
نظر له السيد عبد العزيز مستفهمًا ليهمس يوسف : سأخبرك فيما بعد أستاذي
همس السيد عبد العزيز : وماذا سنفعل بعبير ؟
__سأتصرف معها ، ياسين لن يحتمل فكرة أنها خانته .
هز السيد عبد العزيز رأسه بتفهم : حسنًا
قام ياسين من مكتبه وناول السيد عبد العزيز ورقة مكتوبة بخط يده : أنها تفويض مؤقت ليوسف بإدارة الشركة أستاذي لأن الفترة القادمة لن أستطيع أن أباشر عملي جيدًا ولا أريد أن تتعطل أمور الشركة .
عقد السيد عبد العزيز حاجبيه ليهز رأسه بتفهم
ليصافحه وشد على يد يوسف : أنها أمانة برقبتك يوسف إذا احتجت أي شيء ، اتصل بي .
ابتسم يوسف : لا تقلق ، ستلعنني من كثرة الاتصالات .
صافح السيد عبد العزيز : ابق بجانبه أستاذي وعلمه كما علمتني ، وأنا سأمر كل يومين لأرى سير العمل بعد اذنكما .
غادرهم سريعًا وهو يدعو أن لا يمنعوه من رؤيتها هذه المرة .
***
ابتسم باتساع والفرحة تقفز من عينيه واقترب ليجلس بجانبها على فراشهم قبل رأسها واستنشق خصلا شعرها ليرفع رأسها بأصابعه بحنان وينظر إلى عينيها ويقول بنظرة عتب : هل من الممكن أن تخبريني سبب بكاءك ؟
اجهشت بالبكاء فأحتضنها بين ذراعيه : توقفي بسنت أرجوكِ .
وأخبريني لماذا تبكين ؟
المفروض أن تكوني فرحة حبيبتي ، أليس هذا حلمنا الجميل الذي سعينا السنوات الماضية لتحقيقه ؟
هزت رأسها إيجابًا ليمسح دموعها : إذن لماذا تبكين ؟
قالت من بين شهقاتها : لا أعلم ولكن عندما أكدت لي الطبيبة أني حامل شعرت أنى لا أتحكم بدموعي .
احتضنها مطمئنًا : مبروك حبيبتي ، نعم أنا غير قادر على استيعاب أن تكوني حاملًا والأيام الماضية كنتِ .
صاحت مزمجره ووجها أحمر : محمد
ليضحك بصوتٍ عالٍ ويكمل : ولكن لولا أننا كنا بالمشفى لكنت رقصت فرحًا بهذا الخبر.
ضحكت بقوة : على أساس أنك تستطيع الرقص ، لن أنسى يوم زواجنا وأنت واقفًا كالمسمار ولا تستطيع الحركة وضائقًا أنك لا تستطيع الرقص .
ضحك : لا تذكريني ، ضاع الفرح هباء بسبب أني لا أستطيع الحركة حتى ، وكلما تذكرت علي وهو يرقص معك يراودني شعور بأن أتخلص منه لأتخلص من شعور القهر الذي ينتابني.
تعالت ضحكاتها لتصمت فجأة نظرت إليه : هل هذا حقيقًا محمد ، أم أنا أتخيل ؟
ابتسم ابتسامة مطمئنة : لا حبيبتي ، أنه حقيقيًا ، اتركي عنك القلق واتركيني أعد لكِ الطعام لتتمكني من أخذ الحبوب التي كتبتها لك الطبيبة ولن تتحركي اليوم من مكانك إلى أن نذهب لطبيبتك الخاصة في الليل ، وأنا بجانبك اليوم لن أذهب إلى عملي .
ابتسمت : لن تستطيع تدبر أمورك .
__ بلى سأستطيع، ارتاحي بسنت من فضلك.
خرج من أمامها لتبتسم بهدوء وتضع يدها على بطنها وتحسسه ببطء حدثت نفسها هل بالفعل تحمل طفل بأحشائها غمرتها السعادة لهذه الحقيقة لتغرورق عيناها بالدموع فكرت أن تبلغ أخواتها بالأمر فنظرت إلى هاتفها لترى أنها بساعات الصباح الأولى ستنتظر إلى أن تتأكد من طبيبتها في الليل فهي إلى الآن لم تقتنع ان حلمها سيصبح حقيقة أخيرًا
***
وقفت ترتجف أمامه فمن الواضح أن غضبه أعتى من غضب ياسين
قال بقوة : ها سيدة عبير هل ستخبريننا بمكان طارق أم نستدعي البوليس ؟
ارتعدت بشدة : لم أفعل شيء ، ولا أعلم أين هو .
ابتسم بسخرية : ولكنكِ شريكة بجريمة السرقة عبير فأنتِ أعطيته المفتاح ، إذن تعتبري شريكة في الجريمة ومن الطبيعي أن نأخذ حقنا منك فأنتِ خنتِ الأمانة بل وساعدتي في سرقة الشركة .
بكت بنشيج حاد وغطت وجهها بكفيها : لم أستطع الرفض ولم أكن أعلم بأنه سيسرق الشركة .
صاح بقوة : كيف لم تستطيعي الرفض ؟ أخبريني كيف أقنعك أن تخوني ياسين وتخوني الشركة مصدر رزقك ، هل أعطاكِ أموالًا ؟
نظرت إليه : لا بل لم يخبرني أنه سيسرق المخزن ولكن طلب مني المفتاح لأن الموقع محتاج المعدات وأنا صدقته.
ضحك هازئا : صدقتيه ، ما السبب القوي أن تفعلي شيء دون أن تستشيري أحدًا منا ؟!
__ كيف لا أصدق زوجي ؟
اعتلت الدهشة ملامحة لينظر إلى السيد عبدالعزيز الذي أحاط به الوجوم ليسالها : هل أنتِ زوجة طارق ؟كيف ؟ ومتى؟ ولماذا لم تخبرينا ؟
انهمرت دموعها : نعم تزوجنا بعد خطبة ياسين بك ، لا أنكر أن خطبة أخاك هي السبب في موافقتي على عرض طارق الذي عرضه على أكثر من مرة 
جلس على كرسي أباه ونظر إليها : لا أفهم ما علاقة خطبة ياسين بزواجك من طارق ؟
ابتسمت باستهزاء والألم ينطلق من عينيها : بل أخاك هو السبب بكل شيء .
نظر إليها باستهجان لتصيح بألم : لم يلتفت لي ولا مرة لم يشعر بي ولا مرة ، تعامل معي كأني قطعة أثاث كنت أهيم به حبًا ، أعشق جديته وكبرياؤه كنت أعلم جيدًا أنه لا يلتفت إلى أي انثى فكنت صابرة وأحيا على أمل أنه سيلتفت إلي يومًا ما ، أكملت والحقد يقطر من صوتها : إلى أن ظهرت هذه الصغيرة التي لا تليق به سنًا ولا مقامًا لتقلب حاله يصبح ضائقًا عندما لا يراها ويحيل حياتي جحيمًا وعندما يراها أو تبتسم له أرى أنه يخر ساجدًا تحت قدميها لم أتخيل يومًا أني سأرى ياسين العظيم ملهوفًا ومشتاقًا أو منتظرًا ، كنت أراه دائمًا سيد ، ملك متوج من حق التي تحبه أن تهرع إليه دونما أن يتكلم أو يطلب لكن نور قلبت كل شيء أرتني الجانب الذي لم أراه طوال خدمتي معه أرتني ياسين العاشق الملهوف الذي ينتظرها تطل من باب مكتبي لتشق الابتسامة وجهه إلى نصفين لا أنكر أني كرهت هذا الجانب من شخصيته وكرهت أن هذا الجانب طغى علي باقي شخصيته وكرهتها لأنها كانت السبب بتغيره ولأنسى كل شيء وافقت على عرض طارق الذي أتى بوقته كنت أعلم أنها سعادة مؤقته فطارق لا قلب لديه أنه يعشق جميع النساء ، وأنا قلبي مرهون بإشارة من طرف عين ياسين ، وبالفعل طارق تركني وذهب بعد أن أخذ ما كان يسعى إليه وأنا إلى الآن أعشق ياسين واتمنى أن يعود كما كان الرجل القوي الذي يرتعد قلبي عندما أراه .
نظر لها يوسف : إذن كنتِ ستوافقين طارق على الانتقام .
صاحت بقوة : لا طبعًا ، وطارق نفسه كان يعلم ذلك ولذلك لم يخبرني فأنا لن أستطيع خيانة ياسين أبدًا .
زفر بقوة : بم أن معتز أعاد الأشياء المسروقة لن أسلمك للشرطة ولكن عملك هنا انتهى عبير ، تستطيعي أن تمري على قسم الحسابات لتستلمي جميع مستحقاتك ولكن لا تطلبي شيئًا آخر ، تفضلي
أشار لها بيده لتنصرف من أمامه .
...
بعد مغادرتها المكتب نظر إلى السيد عبدالعزيز : ما رأيك أستاذي؟
تنهد عبد العزيز : أنها صادقة ، فأنا كنت ألاحظ أنها تكن لياسين بعض التقدير ولكن لم أتصور أنها تحبه ولن أنكر تعجبي عندما رأيتها ذات مرة تعامل نور بطريقة غير لائقة فهي رحبت بها أول مرة رأتها به ترحيبًا جيدًا وقف وهو يربت على كتف يوسف : ولكنك عالجت الأمر جيدًا يوسف ، هنيئًا لنا بك ابتسم وهو يكمل : كم ذكرتني بأباك عندما جلست على كرسيه .
ضحك يوسف : لا أنه مكتب ياسين سأستعمل مكتبي فأنا لن آخذ مكان أخي أبدًا ، فمكانته لن يستطع أحد الوصول إليها .
__ بارك الله فيك بني ، سأذهب أنا وليكن الله بعونك
***
وصل إلى المشفى وهو يسرع بخطواته فهو يريد رؤيتها والاطمئنان عليها دعي الله كثيرًا أن لا يمنعوه من رؤيتها فإنه يكاد أن يفقد عقله بسبب قلقه عليها و دعي أيضًا ألا يكون عمر هناك حتى لا يقابله و يتشاجر معه ، فمهما حدث هو لا يريد أن يتشاجر مع عمر يتفهم موقفه العدائي ولكنه مستاءً من إصرار عمر على أن يطلق نور ، فهذا لن يحدث أبدًا حتى لو طلبت منه نور ذلك لا بد أن يتكلما أولًا ليتفاهما أسرع خطواته عندما أصبح بالطابق الذي تقع به غرفتها نظر حوله ليجد أن الطابق هادئ وخالي من الناس نظر إلى ساعته ليتنهد وهو يتذكر هذه الليلة الخالدة في ذاكرته نفض رأسه من الذكريات وهو يحمد الله أنه أتى بوقت مبكر ليستطيع رؤيتها دلف إلى غرفتها بهدوء وجدها بمفردها ، عقد حاجبية وهو يتساءل أين السيدة صفية ، أليس من المفترض أن تكون معها وبجوارها نظر إليها وقلبه يقفز من ضلوعه أسرع ليجلس على ركبتيه بجانب فراشها ويملئ عينيه من ملامحها مد يده ببطء ورقة ليلامس خصلات شعرها المتموجة اقترب من وجهها ليستنشق زفير صدرها ليؤكد لنفسه أنه بقربها يتنفس هواها ونظر إليها ليذوب قلبه عشقًا بملامحها طبع قبله رقيقة أعلى جبينها ليمسك يدها ويطبع قبلة عميقة في باطن يدها ويهمس بجانب اذنها : آسف حبيبتي سامحيني ، اغفر لي ، غبائي وغيرتي تحكما بي وأعلم جيدًا أني مهما فعلت لن أستطيع تعويضك عما فعلته بك ، ولكني سأحاول أن أعوضك ، فقط عودي إلي نظر إليها ليزيح جسدها بلطف ويمد جسده بجانبها ويضمها إلى صدره ، شعر أنها ليست بوعيها واستنتج أن المهدئ هو ما جعلها بهذا الخمول تدحرجت رأسها لتستقر على كتفه ابتسم بحب وانحنى ليقبل رأسها ويسند ذقنه على رأسها ويحيط خصرها بذراعه ولم يستطع مقاومة النوم أكثر من ذلك ، غفت عينيه وهو يشعر أنه بالجنة .
***
دلفت إلى حجرة ابنة أخيها بعد وقت قليل لترى ياسين جالس على ركبتيه بجانبها ويهمس لها ، أشفقت عليه وشعرت بمدى حب هذا الرجل لنور ، فضلت ألا تحرجه فابتعدت وخرجت من الغرفة ، بل وبعد قليل منعت الممرضة أن تطرده من الغرفة وخاصةً بعدما رأته نائمًا بجوارها زمت الممرضة شفتيها وقالت لها بحدة : هذا الأمر سيؤذيني سيدتي ، إذا علمت الطبيبة بأنه هنا ستحيل يومي لجحيم فالمريضة ممنوعة من الزيارة ونبهت بشدة أن لا يدخل إليها زوجها .
رفعت حاجبيها استهجانًا : لماذا ؟ خصت زوجها .
هزت الممرضة كتفيها : لا أعلم ولكن الطبيبة أدرى بحالة المريضة .
__ لا أرى فائدة من أن نطرده من الغرفة فنور لا زالت نائمة ، وهو لن يؤذيها.
سخرت الممرضة هازئة وهي تنصرف : إذا كان يحبها هكذا ، ما السبب إذن في دخولها إلى المشفى إثر الانهيار العصبي .
تنهدت السيدة صفية وحدثت نفسها : ليس هو السبب بما هي فيه ولكني لا أعلم لماذا الجميع يصر على أن وجوده بجانب نور مضر أنا أراه محبًا عاشقًا كل ما يتمناه أن تعود حبيبته إليه .
***
شعرت بأنفاس قوية تضرب وجنتيها فحركت رأسها متململة من قوة هذه الأنفاس عادت تشعر بالهواء الساخن يضرب وجنتيها بقوة لتفكر هل عاد ليكمل ما بدأه رأته يقترب منها والابتسامة الساخرة الكريهة على نفسها تلمع على شفتيه : أريدك أن تستكيني بين ذراعي لتتعلمي فنون الحب وأصوله ، لا تجبريني على القوة نور ، فأنا لن أمانع في استخدامها .
صراخ امها يعلو : ابتعد عني ، اتركني .
مزق قميصها بقوة لتنتفض صارخة وهو يهزأ : سأريكِ أن لا محمد ولا حبك له سيمنعانني مما أريد.
رأت نفسها وهي تركض مسرعة تريد أن تختفي مما يحدث أمامها تريد أن تختفي ولا تستمع لهذه الصرخات الملتاعة صرخات قوية تنادي على أباها تنادي بالإنقاذ والحماية ركضت واختبأت بأبعد مكان عما يحدث بالغرفة ووضعت كفوفها الصغيرة على أذنيها لتمنع وصول هذه الأصوات الكريهة إلى مسامعها انتفضت وهي تشعر بأنفاسه ونظراته الكريهة تحاوطها سمعت صوته وهو يهمس : اشتقت إليكِ نور استكيني إلي حبيبتي ، فأنا أريدك بشده .
لتنتفض ويرتفع صوت صراخها حاد يشق الأفق
...
انتفض مستيقظًا على صوت صراختها التي شقت الأفق ومن شدة المفاجأة وقع من الفراش أرضًا هز رأسه بتعجب ونفض النوم من عينيه وهو ينظر إليها ليجدها تصرخ بشده وتشيح بيدها بعنف اقترب منها سريعًا ليهدئها لتنتفض وتزداد صرخاتها اقتحم الغرفة عدد من الممرضات وخلفهم الطبيبة التي صاحت بوجهه : ألم أقل لك أن الزيارة ممنوعة وخاصةً أنت من الأفضل لها أن لا تراك هذه الأيام أمرته بقوة : اخرج من فضلك 
اتسعت عيناه وظهر تصميمة على عدم الخروج بوجهه
لتصيح بأحد الممرضين : اخرجوه من هنا .
جز على أسنانه لينفض ذراعه من الممرض وقال بخشونة : ابتعد عني ، سأخرج بمفردي.
تحرك ليخرج من الغرفة وصرخاتها تدوي بأذنيه ليجد عمر أمامه ينظر إليه والغضب يتطاير من عينيه تجاهل نظرات عمر واتجه إلى زجاج الغرفة لينظر إليها وهو يشعر بقلبه يتمزق عليها إلى أن هدأت بسبب الحقنة المخدرة التي أعطتها إليها الممرضة وقفت الدموع بعينيه وجاهد نفسه المكسورة وقلبه المتمزق على ألا يبكي عليها
خرجت الطبيبة وهي تدق الأرض بقدميها ونظرت إليه وصاحت بوجهه : هل أعجبك ما فعلته بها ؟ هل تريد أن تزيد من تحطمها ، استمع إلي جيدًا من فضلك من الأفضل لها أن لا تراك هذه الأيام وأنت خاصةً رؤيتك ستزيد من الآمها .
انصرفت الطبيبة من أمامه وهو يشعر بالكرة ناحية هذه المخلوقة ليجد عمر يقف أمامه مباشرةً ويقول بجمود :
__ أظن أنك ستستمع لأوامر الطبيبة ولن تأتي إلى هنا مرة أخرى نصيحتي لك أن تعتاد على عدم وجودها بحياتك
من فضلك لا أريد أن أراك أمامي ثانيةً .
جز على أسنانه غضبًا وقبض كفيه ليتحكم بانفعاله ويكتمه بصدره التفت إلى الزجاج مرة أخرى ونظر إليها نظرة أخيرة لتنساب دمعه وحيدة من عينه وتقف برموشه وهي تأبى
أن تسقط وتهدر كرامته معها استنشق الهواء بقوة وهو ينظر إليها كأنه يشتم رائحتها ومسح الدمعة الحزينة المثبتة برموشه بظهر سبابته
ويغادر المكان مسرعًا

***

أحلامي المزعجة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن