انصرف من أمام أخاه وهو يشعر أن الغل يتصاعد بداخله فعندما سمع الطرقات كذب أذنيه وهو يؤكد لنفسه أنها ليست جنيته ، لا لن تأتي لتبارك لآخاه على مولده ولكنها طلت بابتسامتها الأخاذة ليتيه وينسى نفسه بها ،وعندما تكلمت شعر أنه يستمع إلى أحلى سيمفونية بالوجود ، لم يفته ارتباكها وخجلها من وجوده ولكنه شعر بالدم يقفز إلى عقله بجنون عندما باركت ليوسف بسعادة على الطفل وشعر بقلبه يتمزق عندما انحنت تقبل إنجي وتبارك لها بل وتعتذر أيضًا على تأخيرها عليه ، جز على أسنانه وجمد وجهه وهو يفكر ، وهو ألا يستحق الاعتذار عن كل الليالي الماضية التي لم تأت بها ، ألا يستحق الاعتذار عن كل الدقائق التي جلس يفكر بها ويشتاق إليها ، حدث نفسه : انصرف قبل أن تفقد أعصابك وتتشاجر معها أمامهم ، أو تندفع إليها وتأخذها بين أحضانك وتخبرها بشوقك إليها ، لا لن يسمح لنفسه بأن يظهر ضعفه أمام الموجودين ، دعا الله أن لا تتكلم معه وقبل أن تلتفت إليه تكلم ليستأذن منهم وينصرف ويأخذ القليل من حقه منها ثم غادر مسرعًا قبل أن يتشاجر مع أخيه وينفث فيه النيران التي تعتمل بصدره ، وصل إلى سيارته ليجلس أمام المقود وهو يشعر بالغضب يتزايد ويتزايد بداخله ليخرج منها مسرعًا وهو يفكر بأنه لابد أن يتحدث معها ، وجدها خارجة من الغرفة ليتبعها بعينيه شعر بأنها ضائقة فتقدم إليها تعجب أنها لم تنظر ناحيته ووقفت مرة واحدة لتنظر بعينيها يمينا وشمالًا نظر لها ليرى دموعها المتجمعة فمسكها من ذراعها بقوة ودخل بها إلى المصعد الذي لحسن حظه كان فارغًا
شهقت بقوة لترفع رأسها وترى من الذي تجرأ ومسكها هكذا لتراه ينظر إليها بمقلتيه الرماديتين ويهمس : مرحبًا يا زوجتي العزيزة .
تصلبت من قربه منها ليترك ذراعها ويبتعد عنها ويقف بآخر المصعد ، وقفت لثواني بحالة من الذهول لتتنفس بقوة وتجبر دموعها على التراجع وتصيح بوجهه : ماذا تريد ؟
اندهش من صياحها بهذه القوة لتسأل بصوت أعلى ونبرة اقوى : أخبرني ماذا تريد ؟ ومن سمح لك بأن تمسكني هكذا؟
نظر لها وعقد حاجبيه ، ضغط زر التوقف بالمصعد
لتصيح مرة أخرى : أنت أيها الجامد تكلم معي وأخبرني بماذا تريد ، ألم تعاملني منذ دقائق وكأني لم أكون موجودة قط ، عاملتني بإهمال ولا مبالاة ، ليس منذ دقائق بل منذ خروجي من المشفى ، أخبرني ماذا تريد الآن ؟
صرخت : ماذا تريد ؟ أخبرني عن الأشياء التي تكتمها بصدرك ، أخبرني عما يجول بعقلك ، لا تقف كالجماد و تتصنع التسلط ، فبداخلك أشياء حية كثيرة ولكنك تتعمد أن تتجاهلها
صمتت وهي تتنفس بقوة، ليمط شفتيه ويقول بهدوء: انتهيتِ ؟
نظرت إليه بغضب : لا لم أنتهي .
هز رأسه وابتسم بهدوء : توقعت ذلك ولكن بم أننا بمكان لا يصلح لمثل هذه الأحاديث ولا يمكننا تعطيل المصعد أكثر من ذلك ، فسنذهب لمكان آخر لنتكلم فيه بهدوء وتعقل وصوت منخفض .
نظرت إليه بتحدي : سأتكلم مثلما يحلو لي .
ابتسم : تذكرت الآن فتاه رقيقه أول مرة وقع نظري عليها كانت تلمع عيناها بهذا التحدي ، خطفتني من أول نظره
أشاحت بعينيها بعيدًا عنه وأخفت ابتسامتها ليقترب منها بهدوء : أتتذكرين جنيتي الحبيبة آخر مرة لنا بالمصعد ؟
دنا منها أكثر ليضع يديه على خصرها ويشدها إليه ويهمس وهو يجبرها أن تنظر إلى عينيه : هل تذكرين حبيبتي ؟
نظرت إليه مطولًا و فردت كف يدها على قلبه لتحافظ على أن لا تدنو إليه أكثر من ذلك : نعم ياسين أذكر ولكني لا أريد أن أذكر فهذا الياسين مختلف عمن تزوجته ومختلف عمن أغضبني .
ابتسم بألم : لا أنا واحد نور ولكنكِ لا تفهمين
هيا لنذهب ونتناول الغداء معا ونتكلم ولكن بهدوء نور .
حبيبتي ليه تعاتبيني ؟
وقولتي الحب حريه وشيفاني يا نور عيني
في كل دقيقه شخصيه
وبتوتر وانا زعلان وبتنطط وانا فرحان
وطفل جميل بيضحك لك وتاخدي الضحكه بالاحضان
انا حنين وعرفاني .. وبالغيرة واحد تاني
باخد موقف وبتهور .. وبستسلم لاحزاني
بداوي الجرح مش عارف ف نور الصبح مش شايف
لاكن شايفك وانا مغمض ومش خايف اقول أسف
وصلا إلى السيارة ليسألها بهدوء : أين سيارتك ؟
__ أتيت بسيارة اجرة
فتح الباب لها : هيا اركبي .
دخلت إلى السيارة وهي تشعر بأن قوتها كلها ذهبت ، فعطره الرجولي المحبب إلى قلبها يملأ السيارة ، ويدلف الي خلايا جسدها ليشعرها بأنها عادت إلى ملكيته ، نفضت رأسها من هذه الأفكار التي ستسيطر عليها ولن تجعلها تستطيع أن تتفوه معه بحرف واحد ، جلس بجانبها لتبتعد عنه تلقائيًا نظر إليها بطرف عينه وتنهد بحزن فهو لم يفته حركتها ، أمسك المقود وأدار السيارة وقبل أن ينطلق بها
سال بصوت حيادي : هل ما زلتِ خائفةً مني نور ؟
هزت رأسها نافيه : لا ياسين ، لم أعد اشعر بالخوف .
صرخ قلبها: كاذبة ، ليتحدث عقلها : لا لم أكذب هو يسألني عن الخوف ، وأنا لم أعد أشعر بالخوف الذي يقصده ، بل أنا خائفة منك أنت أن تخذلني وتركع عند قدميه بطواعية قبل أن آخذ حقي منه ، أو على الأقل أن أفهم ما يشعر به هذا المتسلط .
تنبهت على صوته بعد قليل : نور لقد وصلنا .
نظرت إلى المكان الذي أتى إليه لتفاجئ بمطعمها الحبيب
ابتسمت بتلقائية ولفت إليه : هذا ليس عدلًا ، انت تغش ياسين .
ابتسم ابتسامة صافية : كل شيء مباح نور ، في الحب والحرب .
نظرت اليه وقالت بسخرية : والذي يدور بيننا أهو حب أم حرب ؟
نظر إليها وهو يحاول أن يدخل إلى راسها ليفهم ماذا تريد من كلماتها لتبتسم بوجهه فأشار لها بالنزول : تفضلي .
دخلا إلى المطعم ليسرع أحد العاملين فيقول ياسين
بهدوء : أريد طاولة هادئة بركن المدخنين .
التفت إليه بحده : ركن المدخنين ، لماذا ؟!
رفعت حاجبها وسألته بقوة : هل أصبحت من المدخنين الآن؟ وأنا من كذبت أنفي عندما شممت رائحتك بالمصعد .
اداره عينيه باستياء ، لتقول بنبره أقوى : إذا أردت أن تدخن فمن الأفضل أن تتناول طعامك لوحدك وسأنصرف أنا .
مسك رسغها بهدوء : لا سأتنازل عن التدخين من أجلك ، فبقائك معي أهم من أي شيءٍ آخر.
نظرت إليه وقالت بغموض : إذن اعتاد على أن تتخلى عن تدخينك بقية العمر .
تركته وهي تتبع النادل ليرشدها إلى طاولة ما تقع ببقعه هادئة من المطعم ليقف هو متجمد للحظات وهو يحاول أن يفهم ما عنته بجملتها الأخيرة سأل نفسه : هل حقًا تعني أنها ستعود إليه ؟
تبعها بصمت وجلس أمامها ليبتسم : ماذا ستشربين ؟
قبل أن تتكلم ، التفت إلى النادل : اثنين من القهوة .
رفعت حاجبها متعجبة والتفت إلى النادل : أريد عصيرًا طازجًا لو سمحت .
انصرف النادل لتنظر إليه ، جز على أسنانه وسحب نفسًا عميًقا وابتسم : المعذرة فأنتِ كنت تطلبين القهوة دائمًا.
__ كلًا منا تغير ياسين ، أنت تدخن الآن وأنا أقلعت عن تناول القهوة
سأل بهدوء : لماذا ؟
ردت بتلقائية : لأستطيع النوم فأنا لم أعد اؤخذ كفايتي من النوم .
ابتسم : وما الشيء الذي يؤرقك نور ؟
نظرت إليه بقوة : هو نفس الشيء الذي جعلك تدخن ياسين .
قهقه ضاحكًا لينظر إليها ويقول بهدوء : لن أنكر نور ، غيابك أثر بشده في شخصيتي وانعكس على طباعي وأفعالي ،فأصبحت لا أعرف من أنا حقًا ، هل أنا المتسلط الجامد كما قلتي لي منذ قليل ، أم أنا الحنون العطوف الغيور الذي تحدثتِ عنه أيضًا .
نظرت إليه قليلًا لتحول نظرها عنه وتنظر من النافذة إلى الخارج : ماذا تريد ياسين ؟
قال بهدوء : ألا تعلمين حقًا نور ؟
صمتت ليكمل : أريدك أن تعودي معي إلى بيتنا ، فأنا تعبت من الانتظار .
عضت شفتها السفلى بتوتر : وأنا الأخرى أريد العودة إلى بيتنا .
تهلل وجهه بالسعادة لتكمل : ولكن لابد لنا من التحدث ياسين ، لابد أن أفهم ماذا حدث لتتبدل بهذا الشكل وتعاملني سيئًا .
تنحنح وعندما هم بالتحدث اقترب النادل ليضع القهوة والعصير شكره بلطف وعند انصرافه قال بهدوء وهو يدور بسبابته على كوب القهوة : أولًا اريد أن أعتذر عن الليلة السخيفة التي أدت الي كل ما أتى بعدها لم أكن اقصد بالفعل أن اقسو عليكِ نور ، نظر إلى عينيها : أنا آسف سامحيني .
شعرت بأن الهواء سحب من رئتيها عند رؤية الأسف الحقيقي في لمعة عينية الرمادية ، بث بعينيه كلام آخر غير الأسف لتخفض بصرها بعيدًا عنه فيبتسم على تورد وجنتيها
كح بهدوء ليكمل : ثانيًا سأقص لكِ ما حدث لتفهمي ما كنت أشعر به فعلًا قص عليها بهدوء ما فعله حافظ معه وكيف كان نادمًا عما فعله معها وأنب نفسه كثيرًا وأنه توصل من قبل أن تتركه بأنه لا يستطيع الاستغناء عنها .
نظرت إليه بحزن : ثم ماذا حدث ياسين لماذا عاملتني بهذا الشكل ، شككت بأخلاقي لأنك رأيتني أتحدث مع يوسف وأضحك معه ولم ترى إنجي وهي برفقتنا ، فتشاجرت معي وعاملتني كما تعامل الجواري .
ظهر الامتعاض على وجهه من التشبيه وقال باستياء : لا طبعًا ، لم أقصد هذا المعنى قط من تصرفي ،ثم أني لم أشك بأخلاقك لحظة .
رفعت حاجبها : إذًا ، ما تفسير الموقف لديك ياسين ؟
بلل شفتيه وزفر ما بصدرة من هواء : كانت تنهشني الغيرة .
اتسعت عيناها دهشتا : نعم ، الغيرة ؟!
ابتسم وأذناه تحمر بشده : نعم أنا غيور نور ، ألم تلاحظي ذلك ؟ كنت أنتفض من غيرتي كلما رأيت أحدًا يقترب منك
أو تتكلمين مع أحد ، وأشعر أن الغضب يتصاعد إلى رأسي عندما تبتسمين وألمح أن شخصًا آخر يرى ابتسامتك الجميلة .
نظرت إليه بدهشه لتسأله بتعجب : وإذا كنت غيور هكذا ، لماذا لم تطلب مني ارتداء الحجاب مثلًا ؟
عقد حاجبية بتفكير وقال مرددًا : ارتداء الحجاب ، هذه الفكرة لم تأتي إلى ذهني إطلاقًا ، فأنا أعجبت باحتشامك وأخلاقك ولم أفكر أن أطلب منكِ ذلك ، من الممكن لأني نشأت بعائلة نساءها لا ترتدي الحجاب ، فأمي من وقت قريب ارتدته ، لم تكن ترتديه من قبل ، ثم أنا لا أرى علاقة بين ذاك وتلك ، هل تخيلتِ أنك إذا ارتديت الحجاب سأتوقف أنا عن الغيرة . ضحك : لا طبعًا ، الغيرة لا ترتبط بنوع ملابسك نور ، غيرتي ترتبط باقترابك من الآخرين، أنا لا أريد أن أفرض عليكِ شيء معينا ولكني طبعًا أرحب بالفكرة ترحيبًا جامًا ، وإذا كنتِ تريدين ارتداء الحجاب سآخذك الان ونشتري ملابس جديدة تليق بالحجاب الملتزم .
ابتسمت : من الواضح أني أوحيت إليك بشيء لم يأتي على ذهنك وأنت تنتهز الفرص .
__لا نور ، ليس الأمر هكذا ، لم أكن أريد أن أضغط عليكِ حتى لا تنفري مني وتشعري أني جئت لأفرض عليكِ أرائي وأوامري فتبتعدي عني بدلًا من الاقتراب ، ولكنه أمر سماوي ولابد أن تلتزمين به .
ابتسمت : هل هذا أحد أوامرك ؟
ابتسم ابتسامته الجانبية لتشعر باضطراب في قلبها : لا أنه طلب وبرجاء شخصي مني .
لم تستطع إخفاء ابتسامتها ، شعر بقلبه يقفز كطفل صغير بُشر بقدوم العيد فأمسك يدها الموضوعة على الطاولة أمامه وفرك أصابعها بحميمية : اشتقت إليكِ نور ، بل ذبت شوقًا هل تعلمين قضيت شهر رمضان كله بالصلاة والدعاء أن تصبحي بخير وتعودي إلي ، كنت آتي كل يومين لأطمئن عليكِ وأراكِ فأصلي التراويح بالمسجد القريب من المشفى وبعد ذلك أقف لأرى خيالك من النافذة وأنتِ تنظري إلي ولا أراكِ ثم أصعد بعد نومك لأنظر إليكِ من وراء الزجاج لأمتع عينياي برؤيتك إلى أن يؤذن الفجر ، اذهب لأصلي الفجر وأعود إلى القاهرة ، ابتسم وهو يكمل : إمام المسجد سألني لماذا لا آتي كل يوم ، فهو يجدني كل يومين أمامه ، كان رجلًا ظريف وبشوش الوجه أحببته ودخل إلى قلبي وأصر علي ذات مرة أن أتسحر معه .
سألت بهدوء : لماذا لم تأتي ولا مرة بعد خروجي ياسين ؟
نفخ بضيق : ولماذا هربتِ أنتِ عند خروجك نور ؟
كنت أنتظر أن أراكِ أمامي وكنت متأكدًا من عودتك معي ، كنت أريدك أن تثبتي لي و لآخاكِ أنكِ تريدين العودة إلي عمر كان يعاملني بطريقة سيئة نور ، نعم هو معه حق ولكني كنت أنتظر مؤازرتك لي ولكن رجفتك التي رأيتها ودخولك إلى سيارته سريعًا لتحتمي به مني ، قهرتني .
نطقت سريعًا : بعد الشر عليك من القهر .
ابتسم وضغط على أناملها بحب : ثم ألم يخبرك أخاكِ العزيز أني كنت أتصل مرتين اسبوعيًا لأطلب مقابلتك وهو يقول لي أنك لستِ مستعدة بعد ؟
رددت : مرتين اسبوعيًا ، بل أبلغني بعد عودتنا من الاسكندرية أنك تريد مقابلتي وأنا أبلغته أني سأتصل بك عندما أريد ذلك ، حتى لا أجعل بيننا وسيط ، وكنت بالفعل سأتصل بك اليوم أو باكر لأتكلم معك .
__ ما الذي أخركم هكذا في الاسكندرية ؟
__ أولًا عمر كان يتابع مشروع الشاليهات ، ثانيًا كنا ننجز أمور التركة التي تركها ، أغمضت عينيها وقالت بألم: عمي .
شد على يدها مطمئنًا لتكمل : لقد كتب كل أملاكه باسمي
رفع حاجبية تعجبًا لتكمل بحزن : وأنا لا أريدها ، فكنت أنقل حق الإدارة لعمر .
__ أتعلمين لي صديق بالشرطة أبلغني انهم قبضوا على أحد القناصين المأجورين ووجدوا معه معلومات عن عمر وعنكِ وعن علياء وأنه كان هدفه القادم وعندما ضغطوا عليه أبلغهم أن حافظ هو من استأجره لقتل عمر ، صديقي تعرف على عمر حينما رآه وتأكد أنه نسيبي فاتصل يبلغني
اتسعت عيناها رعبًا : حمدًا لله أنهم قبضوا عليه
لا أفهم إلى الآن لما كان يكرهه بهذه الطريقة ؟!
رد بهدوء : كان يريد استعادتك وكان يعلم جيدًا أنه حتى لو أبلغك بكذبته لن تتركي عمر مهما حدث ، وهو لا يطيق أن يخسر أمام عمر .
قالت بصدق : الله يغفر له ويرحمه ، فذنوبه كثيرة لا أعلم كيف سيتحمل حساب الآخرة .
رد بهدوء : الله كريم
ها نور ، ماذا ستفعلين الآن ؟
اعتدلت وأسندت ظهرها إلى الخلف وقالت بقوة : لدي عدة شروط لأعود ياسين .
رفع حاجبه وقال وهو يضع عينه بعينيها : حقًا ؟
ابتسمت : اشم رائحة السخرية في كلمتك يا باشمهندس .
ضحك وأشار بيديه : لا إطلاقًا ، تفضلي أريد سماع شروطك .
ابتسمت بتلاعب : أولًا أن تتوقف عن التدخين وتعدني أنك لن تدخن مهما حدث ، فأنا لا أريد رؤيتك هكذا ياسين فأنت قوي دائمًا ، ابتسمت لتكمل : جامد ومتسلط .
كح بإحراج وهز برأسه موافقًا: من الأساس لم أقضي فترة طويلة في التدخين ولم يصل إلى مرحلة أني لا أستطيع الاستغناء عنه ، ثم من أجلك أفعل أي شيء.
أخرج علبه السجائر من جيبه ومزقها إلي قطع صغيره بقوة
وهو يقول لها : حتى وأنا أدخن لم أشعر بالراحة ، لم أكن أستطيع النوم إلا بعد أذان الفجر ، أصلي لأنام قليلا وأستيقظ بعد ساعتين ليبدأ يومي الطويل والممل بدونك.
ابتسمت وشدت على يده ، لتكمل : ثانيًا لا أحبذ فكرة أنك تخبئ أفكارك وهمومك عني ياسين ،أريدك أن تتحدث معي وتخبرني عما يوجد بداخلك سواء حسنًا أو سيئًا ، فنحن شركاء ياسين ومن الأفضل أن نتشارك في أفكارنا لا أن يبني كل منا جدارًا عازلًا حول نفسه ،ولذلك أطلب منك أن تتكلم معي باستمرار عما يشغل عقلك وفكرك .
ابتسم : هذا أمر صعب نور ، ولكني سأحاول ، ها وثالثًا
__لا تلجأ إلى الصراخ أو السخرية الباردة كرد فعل لغيرتك التي تتكلم عنها ، بل أبلغني بهدوء أن تصرفي لم يعجبك أو ضايقك وأنا سآخذ حذري أيضًا ، صمتت ونظرت إليه لتتكلم بعد قليل : إذن معاملتك السيئة كلها قبل أن تعترف بحبك لي كانت من أجل أمر الغيرة هذا .
ابتسم باتساع وهز رأسه إيجابًا لتضحك بخفه : رابعًا وهذه نقطة مهمة جدًا أن تطلب لنا طعامًا شهيًا لأني أشعر بالجوع ولتسترد أنت قليلًا من صحتك ، فوجهك الجميل أصبح شاحبًا وهذا يشعرني بالذنب .
ابتسم باتساع : وأنا أوافق على كل شروطك نور وخاصة هذا الأخير ، فأنا أيضًا شعرت بالجوع .
نادى النادل ليطلب منه أنواع الطعام المختلفة ، التفت إليها ونظر يتأمل ملامحها وهي تنظر إلى قائمة الطعام و ذهب معها إلى عالم وردي اللون بلون شفاها ، رفعت عيناها لتجده ينظر إليها ، تخضب وجهها بحمرة الخجل وابتلعت لعابها فنظرته لن تخطئ فهمها أبدًا ، أدارت عيناها بعيدًا عنه لترى النادل ينظر إليهم وظاهر على وجهه الاستمتاع ، تنحنحت بقوة
ليقل بهدوء وابتسامة : ماذا ؟ ألا يحق لي أن أروي ظمأي قليلًا نور ؟
بعد جملته ، تحول وجهها إلى الأحمر القاتم وأشارت إليه بعينيها إلى وجود أحدًا آخر يستمع إليهم ، ليبتسم على احراجها ، نظر إليه وطلب الطعام لينصرف النادل من أمامه
نهض واقفًا من مكانه ليذهب ويجلس بجوارها : ابتعدت قليلًا لتفسح له مجالًا يجلس إلى جوارها ، أشاحت بوجهها بعيدًا عنه ليشدها من يدها برفق : انظري إلي .
نظرت إليه وقالت بقوة : نعم ، ماذا تريد ؟
__ أريد أن أرى عيني حبيبتي الجميلة .
__ حبيبتك غاضبة بسبب أنك أحرجتها هكذا أمام الناس .
أزاح خصلة شعرها المتمردة من على عينيها : لم أستطع أن اتحكم بقلبي نور ، ستأتين معي الآن ، أليس كذلك ؟
شحب وجهها : لا طبعًا ، سأعود غدًا .
ظهر الغضب على وجهه جليًا وابتعد عنها : لماذا ؟
تنهدت ومررت يدها بشعرها بتوتر : لابد أن أتكلم مع عمر وأخبره ياسين .
انقلب وجهه لتكمل : إذا تريد ألا تأتي أو لا تريد مقابلته فسآتي أنا إليك ولا تكلف خاطرك بالمجيئ .
نظر إليها بقوة : لا طبعًا سآتي لآخذك من هناك حتى لو لم يعجب هذا الباشمهندس عمر .
__ أنه يريد صالحي ياسين ، لا أكثر .
نظر إليها مرة أخرى : ولماذا ليس اليوم نور ؟
عضت شفتها السفلى بتوتر : انتظرت كل هذا الوقت ياسين ، ألا تستطيع الانتظار يومًا آخرًا ؟
هز رأسه بهدوء : سأنتظر نور ، سأنتظر.
نظر إليها بحب لتحمر وجنتيها وهمست بغضب : ياسين .
ضحك بقوة على خجلها وهمس بأذنها : اشتقت إليكِ نور .
نظرت إليه ولم تستطع النطق ليكمل هامسًا : عيناكِ أبلغتني نور ، هذا الآن يكفيني فلا أضمن رد فعلي إذا نطقتِ بأي حرف مما تخبرني به عيناكِ
أنا بدايتك وانا نهايتك وروحي بشوفها ف مرايتك
أنا مجنون لاكن عاشق وبعشق حتي تكشيرتك
لمستي مشاعري م جوه انا هو ومش هو
و حتغير عشان خاطرك وحبك يديني القوة
انا حنين وعرفاني .. وبالغيرة واحد تاني
باخد موقف وبتهور .. وبستسلم لاحزاني
بداوي الجرح مش عارف ف نور الصبح مش شايف
لاكن شايفك وانا مغمض ومش خايف اقول أسف
كلمات د . نبيل خلف
***
صاح بضيق من اعلى السلم : أين نور ؟
نظرت الي زوجها بابتسامة هادئة : خرجت .
نزل سريعًا ليقف من خارج طاولة المطبخ : نعم أرى هذا ، إلى أين ؟
ردت بهدوء : إلى إنجي ، لتبارك لها على مولودها الجديد لماذا لم تخبرها عمر ؟
جز على أسنانه غضبًا : وطبعًا أنتِ من وراء هذا الاقتراح العبقري ؟
هزت كتفيها ببساطة : أخبرتها أن تذهب لتبارك لهم فيوسف وإنجي أصدقائها
نظر لها بغضب لتسأله بهدوء : لماذا أنت غاضبًا عمر ؟ هل لأنها ذهبت إليهم ،أم لأنك خائفًا من عودتها إلى زوجها ؟
نظر إليها مطولًا لتعطي إليه ظهرها وتكمل عملها في المطبخ : أعتقد أنك لا تريد عودتها إلى ياسين ، وأعتقد أيضًا أنك ترى أنه أصبح لا فائدة لوجوده ، فمن كنت تريد أن تحمي شقيقتك منه مات ، إذن
لفت تنظر إليه وهي تعقد حاجبيها : لماذا يظل ياسين محتفظًا بشقيقتك ؟ لا فائدة من وجوده ولا فائدة من وجود نور معه فأنت تريد شقيقتك إلى جوارك ، والآن أصبح لا يوجد عمل لياسين فلنتخلص منه ،وتعود الأمور إلى طبيعتها ، أليس كذلك عمر ؟
فغر فاه وهز رأسه نافيًا : لا طبعًا .
رفعت حاجبيها بعدم تصديق : حقًا ، إذن لماذا تبين لنور امتعاضك عندما تأتي سيرة ياسين من بعيد أو قريب ؟
أم أنك تشعر بالغيرة ممن امتلك قلب أختك ومن قبلها والدتك ؟!
ضرب طاولة المطبخ بقوة جعلتها تنتفض ليسأل بصوتٍ غاضب منخفض : من أين أتيتِ بهذا الكلام علياء ؟
انتفضت من نظرة عينيه الغاضبة : لقد قرأته في مذكرات والدتك .
اقترب منها لتبتعد عنه وهو يهمس بفحيح : ومن أين لكِ بها؟
__ نور أعطتني إياها فقرأتها .
زم شفتيه بغضب واضح وانصرف من أمامها ليصعد إلى الأعلى
لتتمتم من بين شفتيها : ما هذا الغباء علياء، ألم تستطيعي أن تتحكمي بلسانك ولو قليلًا ؟
خلعت مريلة المطبخ من عليها وقررت أن تصعد خلفه لتراضيه فالغضب ظهر على وجهه جليًا
دخلت لتجده جالسًا أمام التلفاز ولا ينظر إليه تعلم جيدًا أنه ليس منتبهًا إلى ما يعرض على الشاشة الصغيرة ، تقدمت منه ببطء وجلست إلى جواره ليشيح بوجهه غاضبًا منها مسكت يده بهدوء : لا تغضب عمر ، ولكني مستاءة من موقفك الذي اتخذته ضد ياسين .
جز على أسنانه لتكمل : ألم ترى كيف كان مقيمًا بالمشفى من أجلها كان ينصرف عندما يراك فقط ، ولكني علمت من الطبيبة أنه كان يجلس إلى أذان الفجر ثم ينصرف ، كان يسافر إلى الاسكندرية كل يومين من أجل أن يرى نور ، وهو يعلم أنها سترفض مقابلته ، أليس هذا كافيًا لتتأكد من حبه لشقيقتك؟
ثم هل يعجبك وضع نور هذا ، فهي تموت شوقًا إليه كل يوم ، وكل يوم تنتظر مكالمته لها أو يأتي ليراها وأنت لا تريد أن تخبره حينما يتصل أنها تريد رؤيته .
قال بغضب : لم تخبرني علياء بأنها تريد رؤيته ،
قالت بضيق : وأنت أعمى عمر ، ألم ترى كيف لا تستطيع النوم لأنها بعيدة عنه ، ألم ترى كمية المجهود الذي تبذله لتشعر بالتعب وتتوقف عن التفكير ؟
هز رأسه بضيق : لم أقتنع أن كل هذا بسبب ياسين .
ضحكت بخفة : بل شعرت بالغيرة منه عمر ، فأجبرت عقلك على عدم الاقتناع بأن كل التغييرات التي طرأت عليها بسببه ثم أنت غاضبًا لأني قرأت مذكرات والدتك ،أم غاضبًا أني نبهتك أنك شعرت بالغيرة من الطفل الجميل الذي احتل قلب والدتك قبل مجيئك ؟
نظر لها بغضب ، لتكرر: أفهمت جملتي عمر ، احتل قلب والدتك قبل مجيئك ، فأنت طفلها عمر وتحبك أكثر من باقي الأطفال التي رأتهم من قبلك ، ولكن ياسين كان مميزًا بالنسبة إليها فهو ابن صديقتها التي كانت بمرتبة أختها ،
زفر بضيق لتقول بهدوء : لا تغضب مني عمر ، ولكن بصراحة شعرت بالفضول لأعرف والدة زوجي الحبيب .
ابتسم بألم : ما رأيك بها ؟
__ أعجبت بشخصيتها المرحة المنطلقة ، أعتقد أنك تشبهها أكثر من نور.
ابتسم وشرد ليقول بحزن : ظلمتها كثيرًا عليا ، لم أفهم ما حدث لها ، لأعيش عمري كله غاضبًا منها وناقمًا عليها .
ربتت على كتفه : اقرأ لها الفاتحة واطلب لها الرحمة وادعو لها ، فهذا ما تحتاجه منك الآن .
هز راسه إيجابًا لتسأل بصوت منخفض : ماذا ستفعل مع نور ؟
ابتسم وهو ينظر إليها : ما الشيء المطلوب مني عليا ؟ فأنتِ تريدين مني أن أفعل شيئًا محددًا .
ضحكت بمرح : إذا لم تطلب منك نور اليوم أن تعود إلى زوجها ، فلتتصل أنت بياسين وتخبره أنك تنتظره ليأتي ليشرب كوبًا من القهوة معنا ويتفاهم مع زوجته.
__ حاضر يا سيدتي ، أي خدمة أخرى .
ابتسمت بدلال : الآن لا ، دعني أفكر قليلًا .
نظر لها يتأمل ملامحها الجميلة والتي تزداد جمالًا يومًا بعد يوم ليقول بخبث : لدي أنا طلب هام اقترب منها أكثر لتبتعد عنه وقالت بضيق : عمر أنت تعلم بأمر الوحم .
زفر بضيق ونهض واقفًا لتضحك : الم تخبرك وفاء أن هذا دليل على حبي لك ؟
نظر لها وقال بغيظ : من فضلك اكرهيني .
دوت ضحكتها مجلجلة ليشاركها الضحك لتقول بمرح : لا أستطيع حبيبي ، ثم هانت باقي أربعة أيام وادخل إلى شهري الرابع ووفاء أبلغتني أن الوحم سينتهي حينها .
نظر إلى النافذة وهو يراقب شيء ما وقال بتلقائية : انتهى الوحم أم لم ينتهي لن أستطيع الصبر أكثر من ذلك .
همت بالرد لتشعر بتركيزه فسألت باهتمام : ماذا هناك عمر؟
نطق باقتضاب : ياسين
__ أين ؟
نظر إليها : بالأسفل مع نور ، أتت معه بسيارته
ارتدي شيئًا ساترًا وتعالي إذا أردتِ .
غادر الغرفة مسرعًا لتبتسم بسعادة : فمن الواضح أن خطتها نجحت ونور قابلت ياسين ،أسرعت في ارتداء حجابها وتعديل ملابسها لتنزل إلى الأسفل حتى لا يفسد عمر ما حدث ويسمع ياسين كلام غير لائق ومن أعلى السلم شاهدت نور تدخل بمفردها ولكن عينيها لم تخطئ السعادة التي ظهرت على ملامح صديقتها
دخلت إلى الفيلا وهي تشعر بأنها تقفز من السعادة كالأطفال فهي لا تصدق إلى الآن أنها اتفقت مع ياسين أن يأتي إليها غدًا مساءً لتعود إلى بيتها تجمدت عندما وجدت عمر بوجهها وابتسمت بتوتر : مرحبًا
نظر لها مطولًا وهو يفكر هل زوجته محقه فملامح نور هادئة ومطمئنه لونها عاد كما كان ليس شاحبًا كالأيام الماضية ، ثم عيناها تلمعان ببريق عجيب استنتج هو أنه بريق الحب والسعادة
نطق بهدوء : تأخرتِ نور ، هل جلستِ إلى ما بعد موعد الزيارة ؟
بللت شفتيها : لا ، لقد قابلت ياسين ودعاني على الغداء .
__ آها ، وكيف حاله ؟
__ بخير الحمد لله ، أتمنى أن لا تكون غاضبًا مني .
__ لا أبدًا ، لماذا لم يدخل معك إذن ؟
ابتسمت براحة : سيأتي غدا لأعود معه .
اقترب منها وهو يبتسم : إذن تفاهمت معه وتوصلتما إلى اتفاق ما بينكما .
هزت رأسها بسعادة لتتسع ابتسامته وشدها إلى حضنه وربت على رأسها بحنان : كل ما يهمني أن تكوني سعيدة نور .
قبلته على خده : شكرًا عمر على ما تفعله وما فعلته من أجلي .
ظهر العتب على وجهه : هل تريدين اغضابي نور ؟
__ لا طبعًا
__ إذن لا تشكريني مرة أخرى .
ابتسمت وتحركت سريعا : بعد إذنك .
وقفت مكانها لتشاهد ما يحدث بينهما وهي سعيدة بزوجها العاقل الحنون الذي يبحث عن مصلحة شقيقته دائمًا
انتظرت نور إلى أن صعدت ونظرت لها بخبث لتبتسم الأخرى وتسحبها من ذراعها : تعالي معي ، أنا أريد أن أتكلم معك
***
وصل إلى القصر ليصعد بخفة إلى الدور العلوي فهو يريد أن يرى الجناح وإذا كان يحتاج لترتيب أو تنظيف لتأتي أميرته غدًا ويكون كل شيء معدًا لاستقبالها ، انتبه إلى صوت مشغل موسيقى عالٍ وصوت يوسف وهو يغني معه بصوتٍ أعلى منه ، ومن الواضح أن أخاه العزيز اندمج مع الموسيقى ويصرخ بدلًا من أن يغني
ابتسم لقد أعجبته الأغنية حتى وهو يستمع إلى صريخ يوسف الذي شوه معالمها
طرق الباب بقوة قليلة حتى يسمعه يوسف من الداخل
صاح يوسف بقوة : تفضل .
ضحك على أخيه المجنون ليدلف ويغلق المشغل : أيها المجنون هل تسمع ولدك الموسيقى وهو لم يكمل يومه الثالث؟
ابتسم : لا ، ولي عهدي لم يأتي بعد ياسين .
نظر له بتعجب وهو يتقدم ليجلس إلى الأريكة الممتلئة بأغراض الطفل الصغير : أين هو ؟ الم تخرج إنجي بعد ؟
هز رأسه نافيًا : لقد تركتها برفقة معتز وأتيت لأجلب لها بعض الأغراض التي احتاجتها
ثم لماذا اطفئت المشغل ؟ أديره من فضلك .
أنا لا أحب هذا المغني ولكنه مغني إنجي المفضل وأنا استمع إليه حتى أحفظ بعضًا من أغانيه وأرددها على مسامعها وهي غاضبة، فهذا الأمر يروق لها .
اتسعت عينا ياسين بتعجب وانفجر ضاحكًا على أخاه : إنجي ستذهب بعقلك يوسف .
ابتسم باتساع : اه نعم ، وأنا أتنازل عنه لها بكل طواعية
غمز بعينه وهو يكمل : أرى أنك هنا ، لم تعتصم بغرفتك العزيزة .
رد بهدوء وهو ينظر إلى ملابس الصغير ويتلاعب بها بين يديه : سمعت صوت الموسيقى وتعجبت فصعدت لأرى ماذا يحدث ، كنت أظن أنك بالمشفى .
نظر له يوسف والخبث يلمع بعينيه : حقًا ؟
نظر له ليقول بقوة : نعم
ضحك ساخرًا : هذا على أساس أني لا أعلم أن القصر الكبير هذا لا ينقل صوت مشغل الموسيقى !
__ نعم لا ينقل صوت المشغل بينما صوتك النشاز يسري بأرجائه
ردد بسخرية : صوتي النشاز ألم تقل من دقيقة واحدة أنك صعدت لأنك كنت تظنني لست موجودًا ؟
جز ياسين على أسنانه ليقول يوسف بتلقائية : أخبرني ياسين هل المصعد في المشفى مريحًا من الداخل ؟
عقد حاجبيه بتفكير ونظر إليه باستفهام لينفجر يوسف ضاحكًا
ورقص له حاجبيه : لقد رأيتك يا أخي العزيز .
زحف الاحمرار إلى أذنيه لينفجر الآخر ضاحكًا ويقلد صوته
__ لقد طلبت منك ألا تتدخل ، من فضلك لا تتدخل .
زمجر بحده : يوسف .
ضحك بخفة ونظر إلى أخيه : ألم تستطع أن تخبرني بأنك لك طرقك الخاصة لمعالجة الموقف ؟
ابتسم ياسين ليصيح الآخر بفرح : يا الهي ، أخيرًا رأيت ابتسامتك، التي لم أراها منذ خمسة أشهر .
قفز ليجلس بجانبه وقال بفرحة حقيقة : أرجوك أخبرني ان المشكلة بينكما انتهت .
ابتسم وهو يقول بهدوء : نعم ، وستأتي غدًا .
أطلق صوتًا مفرحًا ليضحك ياسين : يوسف تعقل ، كيف ستصبح قدوة لولدك بطريقتك هذه ؟
رفع له حاجبه : لا أريد أن أصبح قدوة له يكفيه عمه سيصبح قدوة له كما كان لي .
ابتسم ليربت على ظهره : حسنًا يا أخي الصغير اذهب لزوجتك فمن المؤكد أنها تنتظرك .
نظر إلى الأشياء : نعم ، سأذهب حالًا ، وأنت حاول أن تفعل شيئًا مميزًا من أجل عودة نور .
غادر جناح أخاه وهو يفكر فيما قاله يوسف ، ما المفترض أن يفعل من أجلها .
***
نظرت إليها وهي تضييق عينيها بعد أن قصت عليها ما حدث بينها وبين ياسين : أشعر أنكِ كنت على علم بوجوده ولذلك دفعتنني للذهاب إلى هناك اليوم .
ابتسمت علياء بغموض لتكمل الأخرى : ما رأيك فيما أخبرتك به؟
ردت بسعادة : ممتاز ، تجاوزتِ حاجز الخوف وتكلمت معه بوضوح ، وهو الآخر أجاب عليكِ بوضوح ، أنا أرى الآن أنكِ تحتاجين للذهاب لصالون التجميل لتستعدي لزوجك .
ابتسمت : نعم ، أعلم ذلك ولذا أجلت عودتي إلى الغد ، ولأني أريد شراء بعضًا من الملابس الشتوية.
أضافت علياء : وقمصان حريرية جديدة .
نظرت لها نور بصدمة وقالت بدون تفكير : لماذا ؟ لم أستعمل أي من القمصان التي اشتريتها على زفافي .
نهضت علياء واقفة ووضعت يدها بخصرها : نعم !
ارتبكت نور من ردة فعلها لتكمل : وينتظرك بعد كل هذا .
هزت رأسها بتعجب : لا أحد يلومه إذا تزوج بأخرى .
هتفت بغضب : علياء .
لتنظر إليها الأخرى نظرة قوية وتجلس بجانبها : جلستي شهر عنده نور لم تحني عليه ولو ليوم واحد .
احمر وجهها بشده : ، كلما كنت اقترب من هذا القسم من الدولاب أشعر بالخجل ولا أتخيل أني سأرتدي شيئًا عاريًا هكذا أمامه .
ابتسمت وضربتها على رأسها بخفة : أيتها الحمقاء أنه زوجك ، ولكن لا بأس سنبدأ بداية جديدة ، أنتِ الآن قوية نور ، لا تخيم عليكِ أشباح الماضي ، تذكري ذلك جيدًا ، ياسين يعشقك ويريدك بجواره دائمًا وما فعله الشهور الماضية أثبت ذلك وبجداره ، الآن انهضي واذهبي لشراء ما تحتاجينه واذهبي إلى صالون التجميل أيضًا والغد ترتاحين وتأخذي كفايتك من النوم لتكوني مستعدة للعودة إلى منزلك .
ابتسمت بسعادة وشعرت بالقوة تجري بخلاياها من كلمات علياء البسيطة وهزت لها رأسها موافقةً : نعم سأنفذ وصاياك بالحرف
***
دخلت إلى الجناح لتجده جالس على الفراش وضوء الشمس يغمر الجناح كله ، يستنشق الهواء بسعادة لم تخطئها عيناها ولا إحساسها بولدها
__ لم أصدق يوسف عندما أخبرني أنك هنا .
التفت إلى أمه وابتسم باتساع : مرحبًا أمي ، تفضلي .
ابتسمت : آها ، أنت تبتسم بشرة خير ، هل تصالحت مع زوجتك؟
هز رأسه إيجابًا لتقترب منه ووضعت رأسه بحضنها لتربت عليه : أشعر أنك سعيد ، ومرتاح البال .
تنفس بقوة : نعم أمي ، تخلصت من شعور الألم والحزن الذي كان يسيطر على قلبي .
لعبت بخصلات شعره السوداء : متى ستأتي ؟
أبعد رأسه من حضنها : غدًا ، سأذهب لآتي بها .
نظرت له بحب : هذا هو بكري الذي تعبت بتربيته ، نعم لابد أن تذهب وتأتي بها ، وتنهي الخلاف البسيط الناشئ بينك وبين عمر ،لا تخسر نسيبك من أجل مشكلة بسيطة .
هز رأسه موافقًا يسألها بهدوء : أخبريني أمي ، من أبلغك أن نور بالمشفى ؟
ابتسمت السيدة نواره : صفيه هانم ، اتصلت بها بعد أن قرأت خبر موت حافظ لتخبرني بما حدث ، غضبت منك كثيرًا وقتها ، فنور كانت تحتاج وجودي بجانبها .
هز رأسه بألم : لم تكن تقابل أحد أمي ، أنها عنيدة حتى وهي مريضه .
ابتسمت بحب خالص : أنها فريده ياسين ، حافظ عليها وارعاها ، ولا تغضبها مرة أخرى حتى لا أغضب منك .
قبل يدها باحترام : لا تخافي أمي ، ادعي لي بالتوفيق .
ربتت على خده بحنان : الله معك ويوفقك دائمًا بني .
***
__ نور ، ياسين وصل
ارتجف جسدها غصبًا عنها لتأتي علياء وتحتضن كتفيها وتهمس لها : ماذا قلنا ؟
ابتسمت نور ورددت الكلمات التي ترددها علياء على مسامعها من البارحة : سنبدأ بداية جديدة .
ضحكت بمرح : ممتاز ، أكملي زينتك وأنا سأصنع لهما القهوة ولكن أسرعي ، فأنا لا أريد لعمر أن يستفرد بزوجك .
هزت رأسها : سآتي ورائك حالًا .
***
وصل إلى الفيلا وهو يشعر ببعض التوتر ، فهو لا يعلم كيف سيقابله عمر ، رن الجرس لتفتح له علياء وترحب به ترحيبًا جامًا، ابتسم لها وشكرها بهدوء ودلف إلى الداخل بعد قليل وجده ينزل إليه والهدوء يعم ملامحه ، وقف من باب الذوق ليسلم عليه ليقف عمر أمامه وينظر إليه قليلًا مد له يده مصافحًا : مرحبًا .
ابتسم ياسين : مرحبًا عمر ، كيف حالك ؟
هز رأسه : بخير ، الحمد لله ، نظر له وقال بهدوء : ستحافظ عليها هذه المرة ؟
كح ياسين بهدوء : سأحملها بداخل عيوني عمر ، بل بداخل قلبي ، لا تقلق د
نظر له بتوجس ليبتسم ياسين : لا تخف ، تعلمت الدرس جيدًا .
ابتسم عمر : نعم ، أعلم ذلك ، ولن أنكر أني دهشت من تصرفاتك وهي بالمشفى واتصالاتك الكثيرة لتسأل عنها وتخبرني أنك تريد مقابلتها ، كنت أظن أنك ستمل سريعًا وتتركها ، ولكنك خلفت توقعاتي ، سأطمئن عليها معك ياسين ولكن أرجوك لا تغضبها مرة أخرى ، نور لن تحتمل أي صدمة أخرى تعصف بحياتها .
ربت على ركبته : لا تقلق ، أخبرني ما أخبار مشروع الشاليهات ؟
زفر براحة : تمام ، كل شيء على ما يرام ، أعتقد أن حسام يخبرك أولًا بأول .
__ نعم ولكني أريد أن أسمع منك .
__ نحن بالمرحلة الأخيرة ، سننتهي قبل بداية الموسم .
هز رأسه بأعجاب : ممتاز عمر .
نهض عمر : تعال لأريك الماكيت في شكله النهائي .
اتبعه ياسين لغرفة المكتب ونظر مبهورًا : رائع عمر ، إذا كان على الواقع بهذا الشكل سيكون من أجمل المشاريع التي نُفذت في هذه الفترة .
ابتسم عمر بفخر ليصمت : أريد منك أن تصمم المبنى الإداري الذي سيكون به مطعم تناول الوجبات والاستقبال وبخلفيته المسرح .
__ موافق ، ولكن أمهلني بعضًا من الوقت فأنا الأيام القادمة لن أكون متاحًا .
نظر له عمر بتعجب : لما ، هل توجد مشاكل بالشركة ؟!
نظر له ياسين : لا ، سآخذ اجازة من الشركة ومنك ومن يوسف ومن العالم كله .
ضحك عمر بقوة : هنيئًا لك .
ابتسم ياسين لينظر له عمر ويقول سريعًا : سأنتقل إلى الاسكندرية
اتسعت عيناه بدهشه : لماذا ؟
__ أريد أن أرعى عمتي ، و ما تركه جدي ثم أنا أريد العودة الي مسقط رأسي ياسين .
هز رأسه بتفهم : ما رأيك أن تنضم إلي الشركة عمر كما كان والدك ؟
نظر إليه ليكمل ياسين : معتز أضاف رأس مال جديد وقمنا بتوسيع الشركة قليلًا وتوسيع نشاطنا وإذا انضممت أنت الآخر سنكون كيان هندسي لا يستهان به في السوق .
لمعت عينا عمر : موافق.
__ حسنًا اتفق مع يوسف قبل سفرك وتمموا كل شيء وفرع الاسكندرية يكون تحت مسئوليتك فحسام سيسافر إلى الخارج لاستكمال دراسته .
هز رأسه موافقًا : حسنًا ، سأتفاهم مع يوسف ،
أكمل مازحًا : وإذا وجدت أن العقود لا تعجبني ، سأستشير نور.
رد سريعا : لا افعلوا ما يحلوا لكم بعيدًا عني وعن زوجتي من فضلك .
ضحك عمر لينتبه إلى علياء وهي تطرق الباب
ليقول مؤنبًا : لماذا لم تنادي علي لأحمل هذه الصينية الثقيلة ألم أطلب منكِ الف مرة ألا تحملي شيئًا ثقيلًا هكذا .
أخذ من بين يديها الصينية الكبيرة الموضوع عليها القهوة وأطباق من الحلوى ،ووضعها على الطاولة الصغيرة بالخارج
قالت بارتباك : لم يحدث شيئًا عمر ، أنها ليست ثقيلة إلى هذا الحد .
نظر لها بقوة لتبتسم وتنصرف من أمامه تبعه ياسين لخارج غرفة المكتب ليجلسوا ،عقد ياسين حاجبيه وهو لا يفهم ما يدور حوله ليبتسم عمر ويهمس له : تعجل وآتي بعروسه لولدي .
ظهر الفرح على وجهه وضحك بإشراق : مبارك يا صديقي ألف مبروك ،
جلس عمر على الأريكة الواقعة بجانب تجويف السلم ليجلس هو على الكرسي الموضوع في محاذاة السلم
سأل بدهشه : نور لم تخبرك ؟!
هز رأسه نافيًا : لا ، لم تجلس كثيرًا معي البارحة ، كانت خائفة أن تغضب منها .
ابتسم بارتياح وناوله القهوة : تفضل ياسين .
نظر اليه بتعجب لما لم يأخذ منه فنجان القهوة ليجد رأسه إلى الوراء وينظر إلى شيء لا يراه هو وقف من مكانه وأتى بجانبه ليرى ما الأمر الذي استرعى انتباهه هكذا وجعله لا يلتفت إليه ، ليكتم ضحكته حتى لا يسبب له الإحراج ويعود ويجلس مرة أخرى .
وهو يتكلم مع عمر سمع صوت دقات كعبها بالأرض ليلتفت إلى مصدر الصوت وينتظر نزولها ليراها تعلقت عيناه بها وشعر أنه ينفصل عن هذا العالم ليذهب إلى عالمها هي
تجولت عيناه عليها ليراها وهي ترتدي فستان أبيض اللون من الصوف يصل إلى ركبتيها بصدر وأكمام ضيقة من الشيفون ورقبه عالية صوفيه ، ترتدي حذاء عالي الرقبة بنفس لون الفستان يصل إلى منتصف ساقيها بكعب عالي ، شعرها الذي ازداد طولًا ووصل إلى حد أكتافها مقصوص بشكل دائري من الأمام
نظر إلى وجهها الجميل وتأمله من شفتيها بلون الكرز إلى عينيها المتسعتين يظهر بهما اللون الأخضر بوضوح ويعطيهما الكحل الأسود غموضًا ساحرًا
انتبه على صوت عمر وهو يهمس له : ستؤذي عنقك هكذا .
التفت إلى عمر بحده ليكمل الآخر ضاحكًا : المعذرة لم أقصد وكنت لا أنوي أن أتحدث معك ولكني أشفقت على عنقك من الالتواء .
ابتسم ياسين بإحراج لتصل نور إليهم بخطوات هادئة
وتقول بهمس : السلام عليكم .
قال عمر بابتسامة : وعليكم السلام تعالي ضيفي زوجك إلى أن أرى علياء ، من الواضح أنها غضبت عندما عاتبتها على حمل الصينية .
هزت رأسها وهي تجلس مكانه على الأريكة : هلا أتيت لي بحقيبتي ؟
__طبعًا صغيرتي ،بعد إذنك ياسين .
ابتسم ياسين : تفضل .
نظر لها بأعجاب لم يستطيع إخفائه وهمس : هذا كله من أجلي .
تلون وجهها وخمست بخجل : نعم .
نهض ليجلس بجانبها سريعًا : حقا ، طلبت مني أن انتظر من أجل ذلك .
ضحكت بخجل وقال معاتبه : ياسين .
أمسك يدها : هيا لنذهب .
شعرت بالخجل فعلًا وسحبت يدها منه : انتظر الي أن يأتي عمر بحقيبة ملابسي .
__ لا احتاج ملابسك ، أريدك أنتِ .
تحول وجهها إلى الأحمر القاني وهتفت بغضب : ياسين .
زفر بقوة : سأفقد عقلي نور ، جلس بجانبها : ألم تشتاقي إلي؟
تغاضت عن السؤال وناولته القهوة : هلا شربت قهوتك ؟
نظر إليها بعتب لتبتسم بوجهه : عندما نصل إلى بينتنا نتكلم ياسين .
جاء عمر ومن خلفه علياء لتبتسم نور : هل وجدتها غاضبة؟
__ لا بل كانت ترتب غرفتك المرتبة أصلًا ولكن أنتِ تعرفينها .
أكملت بمزاح : نعم تعشق الترتيب .
ابتسمت علياء وهي تجلس بجانب نور : ستتفق أنت وشقيقتك علي .
ليجلس عمر على الأريكة الصغيرة الأخرى : من حقي قبل أن تتركني وتذهب .
قامت وجلست بجانبه : إلى أين سأذهب حبيبي ، أنا هنا بجانبك ، وعندما تريد رؤيتي اتصل وبي وستجدني عندك أو تعال لتزورني ، أنت من تبقى لي عمر .
ضمها إلى صدره : سأشتاق إليكِ نور .
ابتعدت عنه ونظرت له بتفحص : هل أنت مريض ؟
ضحك : لا ولكني أخبرتك سأنتقل إلى الإسكندرية وستصبحين بعيدة عني .
اتسعت ابتسامتها : أنها مسافة ساعتين بالسيارة عمر ، ثم لماذا اخترعوا الطائرات ، لآتي لك بأقل من نصف ساعة .
ضحك ورتب على رأسها : اعتني بنفسك من أجلي نور .
واكمل هامسًا : واستوصي بزوجك خيرًا
هزت رأسها موافقةً لتقول علياء بمزاح : يا أهل الدار نحن هنا .
شاكستها نور : تشعرين بالغيرة يا لولو .
هزت راسها : نعم ، هيا ابتعدي عن زوجي من فضلك .
أشارت لها بعينيها على ياسين لتنظر إليه وتجد وجهه محمر وظاهر عليه الضيق لتبتسم وتنظر إلى علياء وتقول لها بعينيها : لن يتغير
وقفت وتنحنحت : حسنًا سأذهب .
نهض بسرعة كأنه كان ينتظرها ليمسكها عمر من يدها ويضمها إلى صدره بقوة ويقبل جبينها : إذا احتجتِ إلى شيء ، هاتفيني .
ابتسمت وهي تطبع قبله على خده : أكيد حبيبي
التفت إلى علياء وحضنتها بقوة لتمزح الأخرى : من سيعد الآن المعجنات لأصبح فيلًا كبيرًا قبل أن ألد .
ضحكت نور : سأعدها أنا وابعث بها في البريد ، سأشتاق إليكِ .
ضمتها بقوة : وأنا الأخرى ، همست لها بأذنها : لا تبكين وتخربين زينتك .
ابتسمت نور لتكمل علياء : سنراكِ قبل أن نسافر أليس كذلك؟
رد ياسين : أكيد ، نظر إلى عمر : ستأتي إلى سبوع محمود
__ طبعا وقبل سفرنا سنبلغكم لنراكم
حمل الحقيبة التي وضعها عمر بجانب الباب وصافحه بقوة ليقول عمر : لن أوصيك ياسين .
ابتسم : لا تقلق عليها .
اتجه إلى السيارة لتتبعه نور وقفت لتنظر إلى شقيقها وأشارت إليه مودعه لتركب بجانبه وتنطلق السيارة بهدوء .
***
وصلا إلى القصر ليبتسم لها ويفتح الباب ويهمس بأذنها برقة : أنرتِ قصرك حبيبتي .
ابتسمت وهي تدخل من أمامه ولكنها تشعر بالتوتر يتملكها لا تعلم هل هو خوف أم مجرد توتر لأنها تغيبت عن البيت لمدة طويلة ، لفت برأسها تبحث عن باقي العائلة ليبتسم لها
ويقترب : لا يوجد أحدًا هنا ، نادين ذهبت مع زوجها وأولادها الي شرم الشيخ وسيعودون على حفلة سبوع محمود ونهى وزوجها في بيتها كالعادة ويوسف وإنجي لا يبرحان جناحهم بسبب البيك الصغير .
ابتسمت ليقترب منها : ولكن أمي تنتظرك بالصالون وأوصتني بأنها تريد أن تقابلك ، تعالي سنذهب لها .
نادى على أحد الخدم ليصعد بحقيبتها إلى الأعلى ويأخذها لترى أمه طرق الباب وهو يشعر بتوترها ، مسك يدها بهدوء ونظر لها بدفء : هل أنتِ متوترة من مقابلة أمي ؟
نظرت إليه بتوتر ليبتسم : لا تقلقي أنها تحبك أكثر مني .
همست : لا أصدقك طبعًا.
فتح الباب ليسحبها معه بالداخل وهو يضحك بمرح لتنهض نوارة هانم وتستقبلها بابتسامة واسعة مرحبة احتضنتها بدفء أمومي وحنان : أنرتِ بيتك حبيبتي ، اشتقت إليكِ نور .
ابتسمت نور بسعادة وارتياح : وأنا الأخرى أمي ،اشتقت إليكِ كثيرًا .
جلست وأجلستها بجانبها على الأريكة ليجلس هو بمفرده على أحد كراسي الصالون
نظرت لها بعتب : لو كنتِ اشتقتِ إلي حقًا لكنتِ استجبت إلى أحد دعواتي الكثيرة وأتيتِ .
احمرت خدودها حرجًا ليقول ياسين بهدوء : خلاص أمي أنها هنا الآن ، فلا داعي للعتاب .
نظرت له امه بقوة : ماذا تفعل هنا ؟
نظر لها بدهشه لتبتسم نور عليه : أنا أجلس مع زوجتي !
قالت بهدوء : اذهب لأخيك لقد سئل عنك .
هم بالاعتراض لتنظر إليه وتشير له بعينيها ليهز رأسه .
_ حاضر أمي ، انحنى ليهمس لها : سأنتظرك بالخارج .
هزت رأسها ليخرج من الغرفة ويغلق الباب خلفه
ابتسمت لها نوارة هانم وقالت بهدوء : هل تذكرين نور أول يوم أتيتِ هنا برفقة ياسين وأنتِ زوجته ؟
نظرت لها وهي تحاول أن تفهم ما ترمي إليه : نعم أتذكر .
__ هل تتذكرين ماذا قلت لكِ حينها ؟
أردفت بهدوء : ألم أبلغك أني بجانبك ضد ولدي وأنه إذا أغضبك أبلغيني وأنا سآتي لكِ بحقك منه
هزت نور رأسها إيجابًا لتسالها بهدوء : لماذا لم تخبريني بما يدور بينكم نور ؟ هل كنتِ تحسبين أنني أمزح معك ؟
لا حبيبتي ، ثم لماذا تتركين بيتك وتذهبين ، لا تفعلي هذا أبدًا مرة أخرى، أنه بيتك قصرك وإذا لا تريدينأن تشركيني بمشاكلكم فتصرفي أنتِ بقوة ، اغضبي منه وأنتِ بجناحك وبغرفة نومك دون أن تخرجي منها ، اتركيه يعلم أنه لا يقوى على بعدك وأنتِ بجانبه ، ظلي بجانبه وهو لا يستطيع أن يقترب ليشم رائحة شعرك ، لا تتركيه وتذهبيه وكأنك تخبريه أن يعتاد على حياته بدونك الرجال يملون سريعًا نور ، إذا اعتاد على عدم وجودك لن يفرق وجودك من عدمه بعد فترة ، وسيعتاد على أنكِ ستذهبِ وتتركيه وبعد فترة ستعودِ مرة أخرى أو يتأقلم على حياته بدونك ولا يريد عودتك .
نظرت لها بخوف لتبتسم لها مطمئنة : ياسين يحبك نور وأنا اعلم بولدي جيدًا ولكن لا تأمني ردة فعله في معظم الأحيان ، اذا أغضبك مرة أخرى ، لا تتركيه بل ابقى بجانبه ودعيه يتعلم أن يفكر مائة مرة قبل أن يغضبك مرة أخرى وإذا احتاجتِ مساعدتي بأي وقت اعلمي أني سأدعمك أمامه فإذا كان مخطئًا لن أتردد في معاقبته من أجلك .
ضحكت نور بمرح لتحتضنها نوارة هانم بحب : أنتِ ابنة الغالية تذكري ذلك جيدًا ، وغلاتك من غلاة ياسين.
ابتسمت نور بحب لهذه الإنسانة التي تحاول أن تعوضها عن والدتها لتحتضنها بحب هي الأخرى : هيا اذهبي إلى زوجك .
نهضت : بعد إذنك أمي .
خرجت من الغرفة وأغلقت الباب خلفها لتلفت وتجده واقف خلفها، شهقت بخوف ليسحبها بين ذراعيه
ابتعدت عنه بغضب : أفزعتني ياسين .
اقترب منها أكثر وشدها إليه : كنت أنتظرك لنصعد معًا .
ابتسمت له ليمسك يدها : هيا .
صعد لأخر السلم وهم بحملها ليجد يوسف أمامه شعرت بالارتباك يغلفها لينظر إلى اخيه بحده ، أخوه الذي ابتسم باتساع وهتف بسعادة : نور عندنا يا مرحبا يا مرحبا.
اتسعت ابتسامتها : مرحبًا يوسف ، كيف حالك ؟
__ بخير الحمد لله ، صاح بصوت عالٍ : جيجي نور هنا .
أشار لها بيده : تعالي نور ، إنجي ستسعد أنكِ جئت أخيرًا .
تبعته بصمت وطرقت الباب الخارجي بهدوء قبل أن تطل برأسها : السلام عليكم .
سمعت إنجي تقول من غرفة المعيشة خاصتهم: تعالي نور ، تفضلي .
واقفًا وهو يشعر أنه سينفجر من الغيظ من يوسف الغبي ألم يستطع تمييز أنه يريد أن يجلس مع زوجته بمفرده .
طل عليه يوسف من الداخل : أرى أنك مرتاح ياسين بوقفتك هذه؟
نظر له بحده ليكمل : تعال لترى غرفة محمود بعد أن انتهينا من ديكوراتها ومعتز أتى له بأشياء جديدة ، ووضعنا له ما أتيت أنت به أيضًا ، تعال .
نظر له بغضب وجز على أسنانه ليدهش يوسف : ياسين ، ما بك؟ لماذا أشعر بأنك غاضب من شيء ما ؟
نظر له وقال بحده : هل تشعر أصلًا يوسف ؟
نظر لأخيه بتعجب ليزفر الآخر بضيق : تعال يوسف لأرى غرفة طفلك
دخل مع أخيه لتراه هي وهو يدلف إلى الداخل وتقول لإنجي بسرعة : سأنصرف إنجي وسآتي لكِ بالصباح .
قبلت الطفل بحب ووضعته بفراشه المتحرك وأشارت لها وخرجت مسرعة لتذهب إلى جناحهم .
نظر إلى غرفة الطفل وهو يبتسم بسعادة : رائع يوسف الغرفة مكتملة لا ينقصها شيء ، مبارك يا أخي .
__ العقبي لك ياسين ، تعال لنجلس معهم .
اتجه مع يوسف وهو يخبره بأن عمر سينضم إلى الشركة وأن الاتفاق سيكون معه وأن يدرج بالاتفاق أن عمر سيصبح مسئولًا عن فرع الإسكندرية .
طرق الباب بهدوء وهو يدلف وراء أخيه ،
لتبتسم إنجي : تفضل ياسين .
سأل يوسف : أين نور ؟
__ قبلت مودي وخرجت بعدها فورًا لم تجلس أصلًا .
رفع ياسين حاجبية : حمدًا لله على سلامتكِ إنجي .
اتجه إلى فراش الصغير وابتسم له وانحنى يقبله : سأنصرف أنا الآخر ، تصبحون على خير .
خرج سريعًا من الغرفة ليسرع خطواته إلى جناحه ويفتح الباب وهو يشعر بسعادة بالغه ويبتسم باتساع وهو يتجه إلى غرفة النوم لتتجمد ابتسامته وتعلو الدهشة ملامحه
ابتسمت بهدوء وارتجفت وقالت برعشه تبدو في صوتها : أشعر بالبرد ياسين .
ردد بدهشة : تشعرين بالبرد ، هل تركت شيء بملابسك الشتوية لم ترتديه ؟!
خفضت وجهها خجلًا ونظرت إلى روبه الثقيل الذي ترتديه فوق بيجامتها الواسعة الصوفية : أشعر بالبرد فعلًا ياسين .
ابتسم : لماذا لم تديرين جهاز التدفئة ؟
قالت بارتباك وصوت منخفض : لم أستطيع الوصول إليه ، وضعت الكرسي ولم أستطع الوصول إليه
أشارت بيدها إلى الكرسي الموضوع لينفجر ضاحكًا ويذهب ليشغل جهاز التدفئة المركزي ، خلعت روبه الثقيل وذهبت لتندس بالفراش ليشدها إلى حضنه شهقت مرة أخرى
نظر لها بهدوء : أنتِ لا تخافين مني نور ، أليس كذلك ؟
هزت برأسها نافية ليسالها بنبرة هادئة : إذن لماذا تشهقين هكذا ؟
__ لم أتوقع أن تقطع هذه المسافة سريعًا .
هز رأسه متفهمًا لينظر إلى بيجامتها الكاروهات الواسعة وابتسم : هل هذه بيجامتي أيضًا ؟
احمر وجها بشده : لا إنها بيجامتي .
ابتسم ساخرًا : حقًا ، حسنًا سأبدل انا الآخر ملابسي !
تركها لتدخل إلى الفراش وتندس بالأغطية واتجه إلى الجانب الآخر وبدأ يلعب بهاتفه سألته بهدوء : ماذا تفعل ؟
__ أضبط الهاتف ، لينبهني لصلاة الفجر.
هزت رأسها متفهمه وقبل أن يصل إلى دورة المياه
نادته : ياسين .
التفت إليها لتقول بهدوء : سأنام أنا ، لا توقظني للصلاة فلدي عذر أكملت جملتها لتغطي رأسها بلحاف السرير .
يشعر بالغباء يخيم على رأسه لا يفهم جملتها ، وقف ينظر إليها مطولًا وردد بدهشه : عذر ، ليعقد حواجبه ويردد :عذر !!
وأخيرًا أنعم الله عليه بنعمة الفهم لينفرج وجهه عن الذهول وهو يردد : عذر !!
...
لا تعلم كيف فعلت هذا ، ولكنها لن تستطيع أن تنتظر إلى أن يقترب منها لتبلغه ، لا تنكر صدمتها عندما اكتشفت هذا الأمر صباحًا وخرجت من دورة المياه بوجه شاحب ، لدرجة جعلت علياء تسألها بفزع : ما بك ؟
نظرت إليها وهي لا تعلم بماذا تجيبها ، لتستنتج الأخرى وتنفجر ضاحكة وهي تقول بمرح : أعانه الله عليكِ .
شعرت بالغطاء يتحرك من على وجهها ليسحبه من عليها بهدوء وينزل ذراعها الموضوع على رأسها وهو يبتسم بوجهها : انظري إلى بيجامتي أنها أجمل من بيجامتك .
نظرت إليه وقالت بإحراج : أنها أغمق قليلًا .
__ نعم أنها رجالية ، لذلك لونها أغمق .
دنا منها أكثر وهو يسحبها من ذراعها إلى أحضانه
__ هلا شرحت لي موضوع العذر هذا .
احتقن وجهها بالأحمر القاني لتقول بزمجرة رقيقة : ياسين .
__ اذن كما فهمت ، وهل يمانع السيد عذر أن أحتضنك بين ذراعي لأستطيع أن أنام وأرتاح ؟
هزت رأسها نافيه ليبتسم ويقبل جبينها برقه حانية
__ تصبحين على خير حبيبتي .
قبلت خده بهدوء : وأنت من أهل الخير .
استكانت بين ذراعيه ليضع رأسه بجانب رأسها كما اعتاد أن ينام بالسابق ويقبل أذنها بهدوء ويحدث نفسه كم اشتقت إليكِ حبيبتي .
***
وقفت تنظر إلى نفسها بالمرآه وتعدل آخر لمسات زينتها لحضور حفل سبوع محمود بك كما يناديه أحمد
الثلاث أيام الماضية كانت من أجمل أيام حياتها ، فياسين تفرغ لها نهائيًا وأعد لها برنامج ترفيهي يومي و يختلف كل يوم عن الآخر، استمتعت بهذه الأيام للغاية وابتسمت وهي تتذكر المشادة الكلامية التي نشئت البارحة بين يوسف وإنجي ، إنجي تريد إقامة حفل سبوع لمحمود ويوسف يريد أن يقيم عقيقة للطفل على حسب السنة ، وفي الأخير قررت نوارة هانم أن يفعلا الاثنين ابتسمت وهي تتذكر ياسين وهو يضحك عليهما ، لتجده واقفًا وراءها وينظر إليها وعيناه يشع منها الاشتياق ابتسمت بخجل ، ليقترب منها بهدوء
دخل إلى الجناح ليرى اذا كانت انتهت أم لا ، لتنزل وتكون بجانب والدته ، ليكتم أنفاسه مبهورا بجمالها ، نظر إليها ودارت عيناه على تفاصيل جسدها المثير ، وهي ترتدي تنورة طويلة من القطيفة سوداء اللون بفتحتين من الجانبين ومزينة على الخصر بسلسال ذهبي اللون طرفيه يصلا إلي نصف فخدها وترتدي عليها بلوزة قطنيه مشمشية اللون بأكمام ولكنها نازلة من الاكتاف لتبين رشاقة وجمال رقبتها شعرها ملموم إلى الوراء على شكل ذيل حصان وقصتها تزين وجهها ، ارتدت وهو يناظرها حلق ذهبي طويل لتبدو رقبتها أجمل وأطول اقترب منها بهدوء ليقبلها بطرف عنقها ويخرج من جيبه علبه مخملية ويخرج منها سلسة ذهبية رفيعة قصيرة مزينه بحجر كهرمان صغير يستقر بالتجويف الواقع بطرف عظمتي الترقوة
شهقت بإثارة: جميلة ياسين، ما المناسبة ؟
نظر لها بحب ولهفه : مناسبتها أن حبيبتي عادت إلي ورضت عني.
ابتسمت بدلال مغري ووقفت على طرف أصابعها لتقبل شامته وتهمس بجانب اذنه : شكرًا حبيبي .
قفز قلبه بجنون من ابتسامتها ليغمض عينيه وهو يشعر بالسخونة تلم بخلايا جسده عندما قبلته لتقضي همستها على ما تبقى عنده من عقل ويضمها الي صدره بقوة : اشتقت إليكِ حقًا .
استمتعت بحلاوة عناقه وقوته ليتركها بعد قليل وهو يبتسم لها
__ هيا انتهي من استعدادك لننزل إلى الأسفل .
__ حاضر .
جلست على الأريكة لترتدي حذائها ذو الرقبة العالية بنفس لون البلوزة الذي يصل إلى تحت الركبة .
نظر إليها وهي تجلس لتنكشف ساقيها البيضاء من فتحتي التنورة فيعقد حاجبيه وهو يفكر هل التنورة ستكشف عن ساقيها ليراها الحاضرون ولكن عند ارتدائها حذائها ذو الرقبة العالية ووقفت تبين له أنه يغطي ساقيها تمامًا من فتحتي التنورة ابتسم بارتياح
قال بحب : لفي نور .
نظرت إليه بدهشه قال آمرًا مرة أخرى : لفي ، دوري حول نفسك أريد أن أراكِ جيدًا .
ابتسمت ووقفت لتلف على رجل واحدة حول نفسها كراقصات البالية ليبتسم بسعادة ، دارت مرة أخرى ليعلق كعب الحذاء الطويل بالتنورة فكادت أن تقع ليلتقطها بين يديه ويقعا الاثنين أرضًا ، هو ظهره أرضًا وهي تستلقي فوق صدره ، سألت بقلق : أنت بخير .
ابتسم ابتسامته الجانبية : نعم ، إذا كنتِ بخير ، فأنا بخير .
__ أنا بخير الحمد لله .
شهقت بفزع : أحمر شفاهي لطخ قميصك الأبيض .
قام واقفًا لينظر إلى المرآه ويجد مكان شفتيها ظاهر بوضوح عند ياقة القميص ليبتسم : سأنزل هكذا ليرى الناس مدى حبك لي .
اتسعت عيناها رعبًا ليضحك بقوة: لن أفعل هذا طبعًا أمزح معكِ ، سأرتدي شيئًا آخر .
خلع القميص أمامها ليظهر جسده الأسمر القوي بعضلاته المفتولة لتخفض رأسها ووجنتيها متوردتين ليأتي بقميصين من الدولاب ويقترب منها : أيهما افضل ، الأزرق الفاتح أم الرمادي الفاتح ؟
نظرت له بهدوء : الرمادي أنه يطهر لون عيناك أكثر .
رمى القميص الاخر من يده ليرتدي ما اختارته ويقف أمامها
ويقول بهمس : أغلقيه ، هيا ساعديني .
بدأت تغلق أزرار القميص بارتباك ليريح كفيه على خصرها
نظرت له بلوم ليهمس : كل شيء مباح نور ، ألم نتفق ؟
نظرت له : ماذا تريد ؟
شدها أكثر إليه لتقترب وتلتصق بصدره العاري
العريض : أريد أن أعلم هل اشتقت إلي أم لا ، تريدينني مثلما أريدك أم لا ؟ خائفة مني أم لا .
صمتت ليتنهد : ابحثي عن الإجابات نور ، عندما تصلي إليها أخبريني .
أغلق باقي أزرار قميصه ، ليرتدي جاكيت أسود اللون عليه نظرت إليه وهي تراه بمظهر غير رسمي يظهر قوته ووسامته ، بنطلونه الجينز وقميصه الرمادي الذي يبين جسده القوي والجاكيت الأسود ليعطيه جاذبية فريده لم تقابلها من قبل ،شعره الطويل إلى حدٍ ما مصفف بعنايه بحيث يلامس رقبته ، ذقنه خفيفة الشعر وعيناه الواسعتان بمقلتيه الرماديتين المتألقتان دائمًا بحب ولهفه وشوق إليها
ابتسم بخفة: جاهزة ؟
هزت رأسها بالإيجاب ليقول : هيا بنا
***
انتهى حفل السبوع الذي كان ممتعا واستأذن عمر بالانصراف فذهبت لتودعه وتودع علياء وتتفق معهم أنها ستمر عليهم بعد غدًا لتوديعهم قبل انتقالهم إلى الاسكندرية خرجت مع أخاها لخارج القصر وودعته إلى أن انصرف بالسيارة من أمامها لتلتفت وتجد ياسين وراءها
ابتسمت ليمسكها من ذراعها ويهمس لها : تعالي معي .
سارت بجواره لتفاجئ بأنه ذاهبًا بها إلى السيارة
ويقول لها : اركبي
وصلا إلى مرفأ نيلي ابتسم وهو يقول : هيا أنا أعددت لكِ رحلة نيليه ، أتمنى أن تعجبك ، ارتدي الجاكيت حتى لا تصابين بالبرد.
ابتسمت وهي ترتجل من السيارة وترتدي الجاكيت وتذهب معه إلى المركب الجميل .
***
تقلبت في الفراش بملل وتذكرت الرحلة النيلية الممتعة وقضاء الساعتين معه على ضوء الشموع وهو يتحدث معها عن الفترة الماضية التي مرت عليه بدونها ، حدثها عن العمل وعن مشكلته مع معتز وأخبرها أنه سيأخذها لترى المجمع التجاري الذي صمم مبانيه بنفسه ، وانتهت الرحلة ليعودا إلى القصر وها هي تستلقى بين ذراعيه وهو يغط بنوم عميق ، وهي لا تستطيع النوم ، تفكر بأحوالهم إلى الآن لم تعد الأمور إلى طبيعتها بينهم ، وعلى الرغم من رؤيته لها وهي تصلي العشاء بعد عودتهما من الخارج إلا أنه لم يقترب منها مع أنها رأت نظرة عينيه الملهوفة ولكنه أخبرها أن تبحث عن الإجابات وتخبره ، هل بالفعل يريدها أن تخبره أنها اشتاقت إليه ، ألا يشعر بها ، أنها تذوب شوقًا إليه هل حالة التردد الذي تنتابه لأجل أن لا يخيفها ، ألم يستوعب أن هذه الرجافات والشهقات لم تكن تنتمي للخوف بل تنتمي إلى شيءٍ آخر تشعر به يمتلكها عندما تشعر بدفء جسده قريب منها نظرت إليه وهو نائم ،تشعر بالحب والشوق يملأها تنهدت بشوق وهي ترى شامته الحبيبة ، رفعت حاجبها إذا كان لا يفهم ، سأفهمه أني بالفعل اشتقت إليه وضعت طرف سبابتها بين شفتيها وهي تفكر كيف ستخبره أنها اشتاقت إليه ، لوت فمها بخيبة أمل
لتتذكر كلام علياء لها ، لتبتسم و عقلها يُضاء بفكرة عبقريه
كادت أن تصفق لها ولكنها امتلكت نفسها وكتمت تنفسها وهي تنهض من جواره وتتحرك بهدوء شديد بدلت ملابسها إلى ملابس عادية لتستطيع الخروج من الجناح ولبست شيء ثقيل ونزلت إلى الأسفل شهقت عند رؤيتها ليوسف عند دخولها إلى المطبخ
الذي رفع حاجبيه ثم ابتسم : ما بك ؟ كأنكِ رأيتِ شبحًا ؟!
ابتسمت بخجل وهي تقول بارتباك : لا ، ولكني لم أتوقع رؤية أحدًا مستيقظًا الآن .
ضحك ساخرًا : من لديه محمود بك لا يستطيع النوم يا نور .
ضحكت بخفه : يحميه الله.
سأل بهدوء : ماذا تفعلي هنا ؟
__ شعرت بالجوع ونزلت لأعد شيئًا سريعًا لأؤكله .
__ أوقظِ أحدًا من العاملين ليعدوا لكِ العشاء.
نظرت له بعدم تصديق وقالت : لا طبعًا ، سأعد بعض الشطائر ، ماذا تفعل أنت ؟
كح بهدوء : أعد رضعة محمود .
ضحكت بتلقائية ليتبرم هو : إنجي متعبه طوال اليوم وأنا أساعدها .
نظرت له بدهشه من تبرمه : عادي يوسف ، لا يوجد ضرر لتساعدها وبالفعل إنجي بذلت مجهودًا كبيرًا اليوم .
ابتسم : لقد قابلت أحمد وأنا نازل وسخر مني ولذلك أشعر بالضيق .
نظرت له بعتب : يوسف إذا كنت مقتنعًا بما تفعله فلا تتأثر بآراء الآخرين .
رص زجاجات الحليب المعدودة بالحافظة ليبتسم لها : طبعًا مقتنع، ثم كما قلتِ لا ضرر من أن أساعدها سأصعد الآن قبل أن يوقظ محمود بك القصر كله بصوت بكاءه ، تصبحين على خير .
تركها وذهب لتعد هي بعض من الشطائر وترصصها بصينيه متوسطة الحجم ، وتصعد إلى الأعلى وضعت الصينية على الطاولة الموضوعة بردهة الجناح وذهبت لتقف أمام الدولاب واختارت شيئًا لترتديه ثم ذهبت إلى دورة المياه لتستحم وتبدل ملابسها اقتربت منه بهدوء وهزته بخفه : ياسين .
همهم بكلمات غير مفهومه لترفع صوتها قليلا : ياسين .
تحرك بجسده حركة قليله لتهزه بقوة أكبر وترفع صوتها : ياسين .
رمش بعينيه ليجلس وهو عاقدًا حاجبيه : ماذا هناك ؟ هل أنتِ بخير ؟
ابتسمت : نعم
تنهد بارتياح لتقول بارتباك : ولكنني جوعانة وأريدك أن تستيقظ لتتناول معي الطعام فأنا لا أستطيع أن اؤكل بمفردي .
نظر لها ببلاهة لتقول له : هيا انهض اغسل وجهك وتعال ، ستجدني بالخارج .
نهض وهو يشعر بالتعجب منها : ألم تكن تستطيع أن تنتظر إلى الصباح ويتناولون الإفطار معًا ؟
تنهد بدهشه وتوجه إلى دورة المياه ليفعل ما قالته ويذهب إليها ، نظر بردهة الجناح فلم يجد أحد صاح بضيق : نور ، أين أنتِ ؟
جاء له صوتها من غرفة المعيشة : اجلس وأنا سآتي حالًا .
زفر بضيق هذه المرة وهو يجلس ، تناول أحد الشطائر وقضمها وهو يشعر بالغيظ منها ، ماذا تفعل ولماذا توقظه الآن ، تنفس بقوه عند رؤيته لها وهي قادمه من الداخل ليكح بعنف ولا يستطيع التنفس أسرعت إليه : بسم الله الرحمن الرحيم ، اشرب قليلًا من الماء
ناولته كوب الماء ليشرب من القليل ، استعاد تنفسه الهادئ لينظر لها مطولًا وهي ترتدي قميصها الحريري الوردي ذو السلسلة الفضية ليشدها من يدها بهدوء ويجلسها بحضنه ويحيطها بذراعيه :هل أنتِ حقيقية ؟
همست بتلاعب : ماذا ترى ؟
مرر أصابعه على ظهرها بهدوء : أرى شيئًا تمنيته من أول زواجنا ، بل من قبل زواجنا ، عندما نسيتِ هذا القميص بالأسفل لأراه .
نظرت له باستفهام ليكمل بهدوء : أتتذكرين يوم أن أتيت وأنا متعب ورآني عمر وأنا نائمًا بحضنك.
هزت رأسها إيجابًا : يومها طلب عمر منك أن ترينا ما بالأكياس فغضبتي ولملمتي الأكياس سريعًا وصعدتي وصعد هو وراءك لأرى أنا هذا القميص الحريري ومن يومها وأنا أتمنى أن أراه عليكِ بالفعل .
نظرت إليه بدهشه : إذن لم ترى أشيائي كما أخبرتني.
ضحك وهو يهز رأسه نافيًا ، لتبتسم بوجهه : هل من الممكن أن تتركني لأتناول الطعام ؟
همس بأذنها : هل بالفعل تريدين تناول الطعام ؟
هزت رأسها : نعم
__انظري إلى عيني وقولي أنكِ تريدين تناول الطعام .
خفضت عيناها بعيدًا عنه ليقول بلهفة وشوق : كما توقعت تمامًا .
***
ضحكت بقوة ومرح وهي تتلوى بين ذراعيه : توقف ياسين ، أرجوك توقف
دغدغها مرة اخرى وهو يضحك على ضحكتها المنطلقة : لم أكن أعلم أنكِ تغارين بهذا الشكل.
ضحكت مرة أخرى لتمسك بيده وقالت بدلال : أرجوك ياسين .
نظر إليها بحب ليمسكها من ذراعيها ويسحبها ليضعها فوق صدره العاري ، أراحت رأسها فوق قلبه مباشرة وقالت بهدوء وهي تنظر إليه : أحبك ياسين .
ضمها بقوة إلى صدره العاري وقبل رأسها بهدوء : أتعلم ياسين ، عندما ذهبت إلى هناك ، كنت أستيقظ على صوت صراخ لا أعلم مصدره ، اكتشفت بعد جلساتي مع الطبيبة أنه كان صوت أمي ، والأحلام التي كانت تزعجني كانت بسبب ما رأيته وأنا صغيره دمعت عيناها ليربت على رأسها ويضمها إلى صدره بحنان
نظرت إليه : هل تعلم لماذا كنت أجفل منك قبل زواجنا وفي بدايته؟
نظر لها وحثها على المتابعة ،لتكمل : لأني كنت أراك بأحلامي وأسمع كلمات ساخرة بأنك ستصل إلى ما تريده ، كنت ألمح بعينيك نظرة ساخرة مريرة في الحلم فكنت أخاف أن أراها بالحقيقة ،لم استوعب ما رأيته وأنا صغيرة ولكن عقلي على مدار السنوات ترجمه لخوف ورعب من أي علاقة تقربني من الجنس الآخر.
ابتسمت ساخرة : ولأنك الرجل الوحيد الذي اقتحمت حياتي واقتربت مني ، عقلي كان يخلط بينك وبين عمي ، و كنت أراك بوضوح بدلًا منه في أحلامي ولذلك كنت أخاف منك كنت أشعر بالبرودة تمتلكني عندما تقترب مني وأتذكر أحلامي فيقشعر بدني وأتصلب بين ذراعيك لتنهمر دموعي ولهذا السبب أيضًا كنت أرتجف منك بعد آخر ليلة لنا معًا لأن أحلامي عادت مرة أخرى وبصورة يومية ، بل كنت أسمعك وأنت تقول لي أنك تريدني أن أبتعد عنك لأني أشعرك بالنفور ضمها بقوة : آسف حبيبتي ، سامحيني ، لم أكن أقصد ، لا تعذبيني نور .
ابتسمت ودخلت إلى حضنه أكثر ولكني حلمت يومًا بانك تقبلني برقه وتتأسف لي وتحتضنني بحنان .
ابتسم وهو يتلاعب بخصلات شعرها : لم يكن حلمًا نور كان حقيقي ، ولولا غيرتي ذلك اليوم وأنا أسمعك وأنتِ تضحكين مع يوسف لكنت اعتذرت لكِ وما كان حدث ما حدث .
أدارت أناملها على صدره ليبتسم ويقول : لا توقظي الوحش نور.
ضحكت برقة ، لتكمل : ولكن في آخر فترة قضيتها في المشفى كنت أراك بأحلامي أيضًا ولكنها كانت أحلام جميلة تثير بنفسي شعور جميل
وعندما خرجت من المشفى ولم أكن أستطيع النوم أخبرتني علياء أنني لا أستطيع النوم لأنك ليس بجانبي ، سخرت منها حينها ولكني لم أكن أستطيع النوم فعلًا إلا عندما أتناول حبه مهدئ و كنت أراك بأحلامي عندما أذهب إلى النوم لدرجة أني لم أكن أريد الاستيقاظ حتى تظل معي ، ولكن في يوم شعرت بالفعل أنني أحتضنك واستيقظت لأجد أن ملابسي مليئة برائحتك .
ضحك بقوة : لم يكن حلمًا نور ، فأنا بالفعل قضيت هذه الليلة بجانبك ، ولولا علياء لكنت استيقظت لتجدي نفسك بين ذراعي ،ولكان عمر قتلني عندما رآني بجوارك .
ضحكت بمرح : لماذا أنت زوجي ؟
__ عمر كان يتعامل معي على أساس أني سأختطفك .
ابتسمت : كان خائف منك ، خائف أن تؤذيني أنت الآخر .
نظر لها واتكئ على كوعه ليمرر ظهر سبابته على ذراعها العاري : ولكنكِ كنت ترتجفي مني الأيام الماضية نور وتشهقي كلما اقتربت منك ، مع أنكِ منذ قليل كنتِ رائعة معي
ابتسمت وهمست بدلال وهي تقترب منه : هل كنت تظن أني ارتجف خوفًا ياسين ؟
نظر لها باستفهام لتبتسم وتهمس بغنج : كان شوقًا حبيبي كنت أرتجف شوقًا حبيبي .
نظر لها والرغبة تلمع بعينيه لتكمل : منذ أن خرجت من المشفى وتوقفت أحلامي المزعجة وأنا أرتجف شوقًا إليك ياسين ، حتى عندما رأيتني وأنا أركب السيارة بجانب عمر كنت ارتجف لأني كنت أفكر بأن أرتمي بين ذراعيك وأخبرك بمدى شوقي إليك .
قبلها بتطلب لينظر إليها : إذن لا مزيد من أحلامك المزعجة نور .
هزت رأسها نافيه ليقول بمكر : هلا أخبرتني الآن بمدى شوقك إلي .
ضحكت بسعادة لتقبله بشامته : بكل سرور حبيبي .
***
بعد خمس سنوات
جالسة تنظر إلى الصور الأخيرة التي التقطوها في إجازة المصيف وتبتسم على العائلة الكبيرة التي أصبحت فردًا منها
عمر رزقه الله بإسماعيل هذا الطفل ذو الأربع سنوات جاء يحمل ملامح عمر وعينان علياء البندقية وعندما يضحك تشعر بأن الشمس أشرقت بوجهها ،مرح كوالدته وأباه ويتمتع بخفة ظل وشقاوة تقفز من عينيه . علياء الآن حامل للمرة الثانية بشهرها التاسع ستلد قريبًا إن شاء الله وهما مستقران مع عمتها في الاسكندرية بعد أن بنى عمر قصر جديد بدلًا من المحترق وانضم إلى عائلتهم فردًا جديدًا ألا وهو صفي الذي تبنه عمتها منذ أربع سنوات ، عمر يحبه كثيرًا ويتعامل معه كأنه أخاه الصغير وهي تحبه وتشعر بأنه أخاها الصغير فالصبي ملامحه طيبة ورقيقة ومهذب وهي ترى أن الله رزق عمتها به ليعوضها عن سنين الوحدة التي قضتها في الماضي ويعوضها عن طفلها الذي فقدته .
يوسف وإنجي لازالا كما هما وكلما تمر السنين عليهما يزدادا حبًا وجنونًا ، رزقا بلجين من نفس عُمر محمد تقريبًا فتاه رائعة الجمال ببشرتها القمحية وعيناها الصافية كالعسل الأبيض وشعرها البني الفاتح يزيدها جمالًا ، هادئة لدرجة أنها تشعرها أنها لا تنتمي إلى هذه العائلة الصاخبة فمحمود أتى ليأخذ شخصية يوسف المرحة وجنون إنجي وقوة وصلابه ياسين ، كم تعشق هذا الطفل بعيونه الزرقاء الصافية التي تذكرها بالبحر الهادئ ، وشخصيته الآسرة التي تذكرها بياسين ، فهو قوي وملامح رجولته تشع من عيناه .
بسنت ومحمد رزقهما الله بتوأم أدهم وسارة يملئان حياتهما سعادة وفرح ولا نستطيع وصف فرحة بسنت عندما أخبرتها الطبيبة أنها حامل للمرة الثانية ، فكل ما كانت تتمناه طفل واحد ولكن الله أعطاها من فضله ، الحمد لله ،علي يعيش حياه سعيدة مع زوجته الحبيبة الجميلة وابنته الرائعة رزقه الله بمصطفى طفل جميل وهادئ الطباع كوالده لا تنكر دهشتها من معاملة آية الحسنة لها ولكن من الواضح أن الزمن يغير من لا يتغير
نادين وأحمد وأولادهم استقروا بمصر ، ويسكنوا معهم بالقصر نادين تحسنت معاملتها لأحمد كثيرًا ولهم أيضًا لم تعد مزاجية كما كانت بل وتهتم بأبنائها كثيرًا وكفت عن مشاجرتها المستمرة مع ياسين .
نهى الله رزقها بمهند طفل عوضها عما فقدته وتستقر مع عمرو ويمني في شقتهما جيران لعلي كما كانوا دائمًا ولكن نهى لم تعد معها كما كانت وهذا الأمر يحزنها ولكنها لا تستطيع فعل شيء ، ياسين نفسه أخبرها أن لا تشغل رأسها بهذا الامر فنهى مع الوقت ستعود كما كانت .
ياسر ومريم وعائلتهم الكبيرة مازالا أصدقاء مقربين لياسين وبالتالي أصبحا اصدقاء مقربين لها هي أيضًا عائلة قائمة على الحب والصداقة والوفاء ولذلك هي عائلة مترابطة وقوية وهي تحب قربهم من عائلتها
معتز الشريك الجديد لزوجها تزوج بعد عودتها إلى ياسين بفترة ورزقه الله بأحمد ذو الثلاث سنوات وفارس الرضيع الصغير ، أصبح صديقا مقربًا لعمر بعد أن انتقل إلى الاسكندرية وأصبح مسئولًا عن الفرع إداريًا ويعاون عمر كثيرًا ، وعمر معجب بإدارته للفرع وياسين يشيد بعمله .
وفاء تعيش مع زوجها وأولادها حياة هادئة ومستقرة وتظلل على أخواتها البنات وعليها هي أيضًا بدلًا من الخالة عائشة .
اليوم عائلتها الكبيرة ستتجمع عندهم فاليوم عيد ميلاد أمنيه الرابع ابتسمت عندما تذكرت ياسين من قبل أربع سنوات يوم بشرته بحملها في أمنيه جلست تنتظره، فهو تأخر اليوم كثيرًا عن موعده اليومي
الشهران الماضيان مروا عليهما بسعادة وهناء تفاهما كثيرًا وياسين سيطر على غيرته وغضبه أيضًا ، لن تنسى رحلة لبنان التي فجاءها بها ذهبا لحضور حفل زواج بسام وجميلة وقضوا خمسة عشر يومًا في لبنان تعويضًا لها عن شهر العسل الذي لم يتم المرة السابقة سمعت خطواته تقترب لتتجه وتختبئ خلف باب الغرفة دخل من الباب ولم يراها لينادي بصوت عال : نور ، أين أنتِ ؟
مشت خلفه ببطيء وهدوء ليلتفت لها بسرعة ويحملها بين ذراعيه وهو يضحك ، لتصيح بغضب : أريد أن أفزعك مرة واحدة بحياتي .
قبلها بشوق : أشعر بكِ حبيبتي ، أشم رائحتك حولي .
جلس على الفراش ليجلسها بحضنه ابتسمت وتوردت وجنتيها لتنظر اليه تلاعب بخصلات شعرها : ما بك حبيبتي؟ أشعر أن لديك شيء تريدين أن تبوحين به .
مسكت يده ووضعتها على بطنها بهدوء لتتسع عيناها ويسألها
__ أنتِ حامل ؟
هزت رأسها إيجابًا وعيناها تتراقصان بفرح لتتردد صيحاته الفرحة بأرجاء المكان ، وضعت يدها على فمها : هششش ، ستوقظ القصر كله ياسين .
ضحك بقوة وحملها بين ذراعيه ودار بها وهو مستمر بالضحك ، لتشاركه الضحك لينثر قبلاته على رأسها ووجهها ورقبتها لتشهق من بين قبلاته : ياسين.
وضعها على الفراش بهدوء وجلس أمامها على ركبتيه : حقًا نور، أنتِ حامل .
هزت رأسها إيجابًا مرة أخرى ليسألها : تأكدتِ .
__نعم تأكدت اليوم .
__ هل أبلغت أمي ؟
__ بعد صياحك وضحكك هذا القاهرة كلها علمت بأمر حملي .
ضحك لتلمع الدموع بعينيه لتنظر له بصدمة : ياسين !
احتضنها بين ذراعيه بحب : لا أصدق نفسي ، كم مشتاق لطفل صغير يحمل ملامحك وروحك التي أذوب بها
وقف سريعًا لتقول له : إلى أين ؟
__ سأبلغ أمي ضحكت وهي تتذكر كم كان سعيدًا عندما أخبرته وكم ازدادت سعادته بولادة أمنيه وكم يدللها ويعشقها
وها هي الآن بعد خمس سنوات حامل في شهرها السادس بطفلهم الثالث بعد أمنيه ذات الأربع سنوات ومحمد ذو السنتين أمنيه أتت تشبهها كما تمنى ياسين ولكنها ورثت منه الشعر الأسود والعينان الرمادية ، ولكن محمد فيشبه أباه بالضبط ما عدا عيناه العسلية الجميلة الاثنان يحملان بهجة وسعادة لهما رددت بهمس وهي تضع يدها على بطنها الممتدة امامها : يا رب احفظهم لي ولا تحرمني من أباهم أبدًا .
وضع يده على يدها وجلس خلفها ، ليقبل أذنها ويهمس بها: ولا حرمني منك حبيبتي .
التفت إليه : ألن تتخلى عن طباعك هذه ؟
نظر لها وعيناه تدوران على تفاصيل وجهها بحميمية : ألن تعتادي نور على طباعي هذه ؟
قبلت شامته : بل اعتدت حبيبي اعتدت .
وقف ليشدها من يدها ويأخذها بين ذراعيه : هيا حتى لا نتأخر عنهم ، فهم ينتظرونا
ذهبت إلى المرآه لتتأكد من وضع حجابها ليحتضنها من الخلف : قمر حبيبتي ،
لفها اليه ليقبلها برقه : أحبك نور .
ابتسمت إليه والتفت ذراعيها حول عنقه : وأنا أعشقك ياسين .
تمت بحمد الله
5/10/2011
أنت تقرأ
أحلامي المزعجة
Romansaتردد صوت صراخها ليصم الآذان و يعم أرجاء المكان وهى تهتف ساعدوني أرجوكم هلا يأتي أحد ليساعدني ،تحاول أن تبقى في مكانها ولا تسقط أكثر في هذه الحفرة العميقة ،فهي لا ترى أي بصيص من الضوء ،عاودت الصراخ ولكن لا محال فلا يوجد أحد يستطيع سماعها وقوتها في ال...