الفصل السابع جزء اول

23.5K 1.3K 83
                                    

#أحفاد_الجارحي5..(#ترويض_الشرس!..)
            #الفصل_السابع..(الجزء الاول..)
إهداء الفصل لنخبة من القارئات الغاليات"اخلاص اليماني"، "نسرين السيوري"،القارئة الجميلة"روان محمود"،"منة محمد"  ، "بسمة حماد" شكرًا جزيلًا على دعمكم المتواصل لي، وبتمنى أكون دائمًا عند حسن ظنكم الراقي....قراءة ممتعة 💙)

نظراته الثاقبة أحاطت وجوه هؤلاء الحمقى، وتعمد تصنع اللامبالاة لما يحدث حوله، حمل أكياس الطعام ومن ثم انحنى للمقعد الخلفي، فوضع ما بيده بانتظامٍ، وانتصب بوقفته ريثما يغلق باب السيارة، فكاد بالتوجه لمقعد القيادة ولكنه توقف حينما صدح هاتفه برنينه الصاخب، حرر "عدي" أزرر هاتفه ليأتيه صوت أخيه المتسرع بما يود سؤاله عنه:
_عدي أنت بالبيت ولا لسه برة؟
ضيق عينيه بدهشةٍ، فلم يعتاد أبدًا على سؤاله الغريب هذا، وبالرغم من ذلك أجابه:
_أنا لسه بره... بتسأل ليه؟
=عربيتي عطلت في الطريق وبحاول أكلم عثمان يبعتلي حد من الحرس بس مش بيرد على موبيله!
صعد لسيارته وأعتلى مقعد القيادة، فضغط على المقود وهو يردد:
_ابعتلي اللوكيشن وأنا دقايق وهكون عندك.
اسند "عدي" هاتفه لجواره ليراقب مسار الطريق الموضوع من أمامه بعد أن أرسل "عمر" بموقعه، وإن تعركل بازدحام الطريق كان ينجح باجتياز السيارات ببراعته المعتادة، ربما اعتياده القبض على المجرمين وقطع طريقهم جعله محترف بالقيادة، فما كانت سوى دقائق بسيطة حتى لاحت سيارة أخيه من أمامه، اقترب "عدي" حتى صف سيارته بمحاذاتها، وانتظر لدقيقةٍ حتى يخرج عمر من سيارته، وحينما تأخر أخفض زجاج سيارته وهو يناديه بضيقٍ:
_عايز دعوة عشان تنزل!!
ارتاب لامره، فهبط من سيارته ثم عاد ليناديه بصوتٍ مرتفع:
_عمر!
اقترب من سيارته، وانحنى تجاه زجاج نافذتها يتأملها الداخل باهتمامٍ، التاع قلبه فزعًا حينما رأى أخاه يتكئ بجسده العلوي على مقود السيارة مغلق العينين، وفي حالة استسلامٍ تام، فتح باب السيارة بقوةٍ كادت باسقاطه من أسفل قدميه وهو يصيح بتَوَجُّس:
_عمــــــــــر!
قبضته الصلبة نجحت بابعاد جسده عن المقود، ففتح عينيه بألمٍ اتبع نبرته المنخفضة:
_آآه.. في أيه صرعتني!
اجتمع غضب الكون بأكمله بمقلتيه المحتقنة، فدفعه خارج السيارة وهو يسبه بعنفٍ، والأخير يحاول فهم سبب تلك الثورة التي سيكون أول ضحاياها، فصاح بأنفاسٍ تسارع للتنفس:
_طب بس فهمني أنا عملت أيه!! .. مسكتني بفعل فاضح بالطريق العام!!
وسعل بقوةٍ وهو يحاول أن تستمد قوته باقي كلماته المتقطعة:
_ده أنا كنت مأيل شوية يا جدع!
استعاد عدي ثباته، فاكتفى بقذفه بنظراته الحادة، وبعنجهيةٍ قاتلة اتجه لمقعده ثم أشغل المحرك وعينيه تترقبان الاخير الذي وقف محله بدهشةٍ لما يحدث، فأعدل من ملابسه واتبع خطى أخيه حتى بات لجواره، فتحرك عدي بصمتٍ جعل عمر يسأله برفقٍ يصاحب مزحه:
_أنت اتخضيت علي ولا أيه يا وحش!
القاه بنظرة خاطفة من طرف عسليته، فابتسم عمر وهو يجاريه:
_المفروض انك تحس اني كويس لاننا تؤام ولا انت مبتحسش غير برحمة!
احتدت نظراته فباتت اكثر خطورة، لذا انسحب عدي من ساحة مجابهته، فتسلل لمنخاره رائحة الطعام الشهي، فالتقط نفسًا مطولًا وهو يسأله بشكٍ:
_في ريحة تجوع.
وبدهشةٍ تساءل:
_أنت شايل أكل.. معقول!!
تشبث عدي بالمقود بيده اليسرى ومن ثم انحنى للخلف فجذب أحد علب الطعام، ثم وضعها على قدم أخيه، الذي بدأ بفتحها ومن ثم تناول الطعام بجوعٍ بدى على سرعته بتناوله، فجذب أحد اللقمات ثم قربها منه وهو يمازحه بخفةٍ:
_بل ريقك بعد الخضة.
استدار برأسه تجاهه وهو يعنفه بغضبٍ:
_أنا مبحبش اسوق وحد بيرغي جنبي.. هتكتر في الكلام هرميك على الرصيف ولا هسأل فيك.
تقوس حاجبيه بضيقٍ، فتناول ما بيده وهو يهمس بحنقٍ:
_ندل وتعملها.
عاد الهدوء يخيم بجلبابه عليهما، انتهى عمر من تناول طعامه واسند رأسه على زجاج النافذة من جواره ليغوص ببحر شرود لا يليق بشخصه الطريف، لاحظ عدي صمته العجيب فتساءل بقلق يدغدغ حواسه الباردة:
_مالك؟
ابتسم وكأنه كان ينتظر سؤاله للبوح عما يخنق صدره:
_وحشني البلطو الابيض.. ومكتبي والمرضى اللي اتعودت انهم يكونوا جزء من حياتي!
التفت اليه بحزنٍ لاح بين صميم نظرته العميقة، فتحولت لشيءٍ من القسوة اتبعت حديثه:
_ياسين الجارحي مش بيبص على التفاهات دي.. ياسين الجارحي متعود يصدر الفرمان والأوامر بس.
استدار عمر إليه، ثم قال بهدوءٍ:
_عدي بابا عمره ما كان اناني.. بدليل انه سابنا نختار من البداية.
ابتسم ساخرًا على أخيه الذي يراه طيب القلب فيسهل خداعه كحال والدته:
_سابك تختار اللي انت حابه عشان في الأخر هتنفذ اللي هو عايزه!
رمش بعينيه بحيرةٍ باختيار كلمات قد توضح له نظرته تجاه أبيه، فقال:
_أنا مش عارف أنت ليه بتعارض كل قرار بياخده حتى لو كان لصالح العيلة ولصالحك!
أوقف عدي سيارته بقوةٍ جعلت اصطكاكها مزعج للغاية، وقال بشيءٍ من الهدوء على عكس المتوقع:
_أنا اتخنقت يا عمر... اتخنقت من كل شيء... اتخنقت من نظرات كل اللي حواليا.. من وأنا صغير وانا بشوف بعيون الكل نظرة اني مرتاح ومولود وفي بوقي معلقة دهب.. بشوف حقد وحسد لاني ابن ياسين الجارحي العظيم.. تعبت وانا بحاول ابرر لكل اللي حواليا اني وصلت لكل ده بمجهودي مش بوسطة ابويا... تعبت وانا بكافح في الشرطة عشان اوصل لمنصبي وكل ده بيضيع ورا نظرة شك في عيون زمايلي رغم انهم عارفين قدراتي واللي اقدر اعمله... كرهت سلطة ياسين الجارحي اللي غصب عين الكل مفروضة حتى لو هو مش بيتدخل في حياتي.
وبوجعٍ صحب صوته المهزوز استرسل:
_أنا مش عايز أبويا يكون شخص عظيم ومعروف.. انا عايز أب يحتويني وقت غضبي ويطبطب علي!
وسأله بانهزامٍ:
_طلبي كبير؟
ابتسم رغم تلك الدمعة الخائن بين مقلتيه، فهز رأسه بالنفي وقال:
_لا مش كتير.. بس فاتك تحمد ربنا على النعم الكتير اللي انت فيها يا عدي، بابا يستحق انك تكون فخور بيه.. حتى وانت شايف نظرات الغل دي جوه عيون اللي حواليك!
_اربط حزامك.
كلمات هادئة تحررت على لسانه وهو يتطلع للمرآة بنظرةٍ صلدة، فردد عمر بحيرةٍ:
_ليه!
عاد ليكرر كلماته وهو يحرك مفتاحه:
_قولتلك اربط حزامك.
انصاع اليه عمر وهو يحاول استيعاب ما يحدث، وفجأة قاد تراجع عدي بسيارته للخلف وانعطف حتى ابدل طريقه، فبات في قبالة السيارة التي تراقبه خلسة، لاح على شفتيه بسمة خبيثة وهو يموج بالمقود الذي دفع ادخنته بشراهةٍ، وكأنه يستعد لأوامر سيده، وفجأة وبين نظرات ترقب عمر لفهم ما يحدث هنا، اندفعت سيارة عدي بمهارة تجاه السيارة السوداء التي تحاول الفرار بالتراجع للخلف بذهول وصدمة لما يحدث من أمامها، وبين تلك الصراعات دفعتها سيارة عدي للخلف بقوةٍ جعلتها تنجرف عن الجسر الحديدي الذي سبقها بالسقوط بالنهر وصراخ عمر يندفع بصدمةٍ:
_حاســب يا عدي!!
استدار بسيارته ومن ثم ضغط على مكابح  السيارة مستخدامًا الفرامل خصتها، فتمكن بحرفيةٍ من تفادي اطراف الجسر، وتوقفت السيارة بسلامٍ آمن، أخفض عدي زجاج النافذة حتى يظهر انعكاس وجهه جيدًا للرجلين بعدما تحرروا من السيارة فصعدوا فوق سطحها، تمدد كلًا منهما على السطح الذي يكسوه المياه التي ابتلعت السيارة كالوحش المفترس، فاخذ السعل حقه بالانتقام منهم، لاحت بسمة ساخرة على شفتي الوحش الماكر، فضم يده معًا ليقدم تحية للرجل الذي يراقبه بنظراتٍ محتقنة، وكأنه يحيه على غبائهم الذي دفعهم لمراقبةٍ شخص ليس بالخصم الهين بالمرة!
                       *******
بالقصر..وخاصة بغرفة المكتب الرئيسي حيث يجتمع الشباب بأكملهم.
وضع جاسم احد الملفات على المكتب وهو يشير على موضع فارغ بالورقة:
_مش فاضل غير توقيعك يا أحمد.
انجرف عقله خلف طوفان من وجعٍ، يستحضره في تلك الساعات الاخيرة، الألم الذي يخص أقرب أناس للقلب وجعه لا يضاهي شيئًا، ومع ذلك حاول الهاء ذاته بالعمل عله ينسى ما حدث اليوم مع ابنته، أفاق من شروده القصير على هزة يد جاسم وهو يتفحصه باسترابةٍ:
_أحمد أنت كويس! 
احتضن مقدمة رأسه باصبعيه، ثم جذب احد الاقلام الموضوعة من امامه، فوقع وهو يجيبه:
_كويس يا جاسم.. لسه في اوراق تانية؟
أغلق الملف بعدما تأمل موقع الامضاء:
_لا كده خلاص... اطلع كمل نومك بقى.
هز رأسه بمللٍ يستقطب جوارحه فيجعله دون جهدًا، نهض أحمد عن مقعده وجمع أغراضه الشخصية، وما أن حرر مقبض الباب حتى ارتد جسده للخلف بعنفٍ جراء ذلك الاصطدام القوي بمن يندفع كالثور الهائج  ، تابع جاسم ما يحدث بضحكة كبتها بصعوبة وخاصة حينما هرع حازم للداخل وهو يحتضن حاسوبه ويصرخ:
_واجب عليكم تخلصوني من كل كارثة
والمرادي لازم تلحقوني قبل ما اشدكم ورايا واحد واحد!
                   *******
عادت السيارة لطريقها الآمن، وبالكاد تمكن عمر من تخطي ما تعرض له للتو، فمال برأسه تجاه اخيه وهو يردد بعد فترة من التفكير:
_بابا رجع يرقبك تاني؟
ابتسامته الماكرة لحقت حديثه الساخر:
_ياسين الجارحي مش بيشغل معاه ناس اغبية..
واسترسل بتوعد:
_تبع مين دول.. ده اللي محتاج اعرفه بالفترة اللي جاية..
قاطع حديثهما صوت رسالة هاتف عدي، فاخرج هاتفه ليتفحص ماذا هناك فاذا برسالة نصية من ياسين تطالب العون والعودة للقصر سريعًا
«عدي احنا كلنا في مصيبة سودة بسبب الحيوان حازم.. ارجع حالا قبل ما بابا او عمي يكتشفوا الموضوع.»
دفع الهاتف عن يده بغيظٍ كاد ببتر شفتيه من فرط عصبيته، فردد من بين اصطكاك اسنانه:
_نهايتك مش هتكون غير على ايدي انا يا****
..... يتبع غدًا بالجزء الثاني من الفصل...
بعتذر لاني مقدرتش اكمل الفصل كامل... بنتي اخدة دور البرد اللطيف اللي ماشي اليومين دول وحقيقي اخده معظم وقتي.. ويمكن بالاسبوعين الجاين تخضع لجراحة بسيطة... حبيت ابلغكم من قبلها عشان محدش يفكرني بتكاسل بالكتابة او بتدلع.. انا حقيقي بفرح بالكام سطر اللي بقدر اكتبهم في وسط الضغط الكبير اللي انا فيه... هشوفكم بكره باستكمال الفصل السابع واللي هتكون نهايته اقتراب لرجوع دنجوان آل الجارحي للقصر وللساحة.. بحبكم في الله ♥
********_________********

أحفاد الجارحي ..ج5.. ترويض الشرس  ..آية محمد رفعتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن