الخاتمة الخامسة

27.7K 1.3K 83
                                    

#ختامية_آل_الجارحي.
                        #الخاتمة_الخامسة.
(إهداء الفصل للقارئات الغاليات "مريم الشريف"،"أمنية الشريف"،"إيمان عادل"،"علياء عادل"،"شيرين الجمال"،"بشرى إياد"،"رفيدة مصطفى"،"هند حميدة"،"نجلاء محمد"،"أميرة محمد"  ، شكرًا جزيلًا على دعمكم المتواصل لي، وبتمنى أكون دائمًا عند حسن ظنكم..بحبكم في الله...قراءة ممتعة 💙)

طاولة فخمة طويلة، تحمل أفخم أنواع الأطعمة والعصائر، ومن حولها المقاعد المطعمة بالستان الأسود الباهظ، ستائر النوافذ المحاطة بغرفة الضيافة السفلية تحمل نفس لون المقاعد، وعلى مقدمتي الطاولة جلس ياسين الجارحي من طرف والمقدمة الأخرى يحيى، ومن بينهما الشباب بأكملهم دون وجود الفتيات بضيافةٍ تخص الأغراب، امتلأت القاعة بشباب عائلة الجارحي، على جوانب الطاولة وعن يسار ياسين كان يجلس رحيم زيدان وعن يمينه الجوكر المزعوم، ومن جواره جلس عدي لقربه من مراد، بالرغم من صداقته التي تشمل كلاهما ولكن سيظل مراد الأقرب إليه لتشابه خصالهما، الأغلب بينهم تآلق بالحلى الرسمية السوداء، حتى الفتيان، وخاصة زين وياسين الجالسان جوار يحيى بنهاية الطاولة.

انطلق آذان المغرب ليبدأ الجميع بكسر صيامه، فقام حازم بتوزيع التمر عليهم جميع. اتباعًا لسنةٍ رسول الله الكريم (عليه أفضل الصلاة والسلام).

جذبوا أكواب العصائر والمياه لكسر صيام يومًا شاق، وأشار ياسين بيده مردفًا:
_اتفضلوا.
منحه رحيم بسمة هادئة وبدأ بتناول الطعام المقدم من أمامه، بينما تابع مراد بمزحٍ يخص رفيقه:
_كل واشبع من الأكل البيتي كلها كام يوم وهنسافر.
تساءل عمر بدهشةٍ:
_يسافر فين؟
رد عليه رحيم وهو يلوك قطعة اللحم:
_عندنا مهمة برة البلد ولأول مرة هنجتمع فيها مع بعض.
بدت الدهشة جلية على وجه أحمد، الذي ردد:
_بس تخصص عدي غير تخصصكم، انتوا مخابرات!
أكد عليه مراد، موضحًا:
_نادرًا لما بيحصل، خاصة مع صعوبة المهمة.
هز رأسه بتفهمٍ، واستكملوا تناول أطمعتهم ليجذب إنتباه الجميع حديث الصغار، حينما تساءل ياسين بفضولٍ:
_أنت عايز تكون في أي تخصص يا زين؟
جفف فمه بمنديله الورقي ليزيح بقايا الشوربة بأناقةٍ اتبعت حديثه:
_زي بابي تمامًا.
ارتسمت بسمة صغيرة على أوجه الجميع، فتبادل زين بدوره بسؤالٍ أخر:
_وأنت؟
زم شفتيه بحيرةٍ وهو يخبره:
_لسه مش عارف بس الأكيد إني وقتها هختار اللي يناسبني.
راقبهما ياسين الجارحي بابتسامةٍ هادئة، وردد بصوته الرخيم:
_أنا شايف إن هتجمعكم صداقة لطيفة!
تبادلا النظرات فيما بينهما، فابتسم حفيده وهو يؤكد:
_وأنا حاسس بكده.
وجذب هاتفه ثم ناوله لزين هاتفًا:
_سجلي رقمك يا زين هنكون على تواصل.
جذب منه الهاتف ثم سجل رقمه، وقام بإرسال طلب صداقة باختيار حسابه الشخصي، راقبهما عدي ببسمةٍ خافتة وسأل رحيم باهتمامٍ:
_هو مش زين بنفس مدرسة ياسين؟
هز رأسه باستغرابٍ، وسلطت نظراتهما على الطفلين، فأجاب زين:
_يمكن في class غير اللي أنا فيه.
فصل ياسين الحديث بينهما حينما قال لرحيم:
_انقلهم لفصل واحد.
هز رحيم رأسه وهو يجيبه بتأكيدٍ وبسمته الخبيثة تحيط به:
_اعتبره حصل.
اعترض مراد بسخطٍ:
_لأ، بلاش رحيم هيقتل مدير المدرسة كده،  أنا اللي هنقلهم بالحسنى!.
اندهشت نظرات ياسين الموزعة بينهما، وخاصة مع رؤية بسمة الشر تحيط بالاسطورة، لاحت منه ابتسامة هادئة وتناول طعامه بهدوءٍ تام، تاركًا للشباب مهمة التعارف عليهما.
                        ******
أما بالخارج، وبالأخص بالردهة الرئيسية للقصر، حيث تجتمع الفتيات، اتجذبت رحمة لأشجان بشكلٍ أثار فضول الجميع، ظلتا تتوددان طوال تناولهما للطعام حتى بعدما انتقلوا للصالون، وأضافت نور وحنين بمرحهما لمسة ساحرة للاجواء، وخاصة حينما أشارت حنين لشجنٍ:
_أول مرة ألقى حد عنده نفس الكميا، بجد يا نور أنا حبيتك جدًا وشكلك هتبقي البيست عندي وشجن هتبقى بلح!
تعالت الضحكات بينهن، فاستطردت بجديةٍ:
_والله بكلمك جد، لابسالي الوش الخشب طوال النهار لما كرهتني في نفسيتي الظريفة الكيوتة لكن أنتي زيي بالظبط كريزة!
ضحكت نور وهي تجيبها:
_يا بنتي إحنا قيمة لا تقدر جوه العيلتين دول، من غيرنا كانوا هيفضلوا لابسين الوش الخشب طول النهاؤ ومفيش ضحكة عابرة بتمر عليهم.
أوقفتها نسرين باعتراضٍ:
_وحازم وحمايا كانوا قصروا في أيه يا نور!
زمت شفتيها بسخطٍ:
_إحنا بنتكلم عن الصنف الناعم يا بت!
واستدارت تجاه حنين التي ترتشف أحد العصائر، لتشهدها:
_مش كده يا نونا!
هزت رأسها بضحكة واسعة:
_كده ونص يا نوري.
وجذبتها إليها لتتساءل بجدية تامة:
_العصير ده جميل أوي ومميز، مسبقش ليا إني شربته قبل كده  مين اللي عامله!
اتجهت نظراتها تجاه آية وهي تجيبها بفخرٍ:
_حماتي السكرة، عندها خلطة باللوز والمكسرات والجوفا واللبن وغيرها من التكات خطيرة.
شكرتها حنين بامتنانٍ:
_بجد تسلم إيد حضرتك يا طنط العصير تحفة،  ده تاني عصير أعشقه بعد عصير مراد.
ابتسمت آية وهي تجيبها في حبورٍ:
_ألف صحة على قلبك يا حبيبتي.
جذبتها نور إليها لتتساءل بفضولٍ:
_أيه عصير مراد ده أوعي يكون منكر!
تعالت ضحكاتها وهي تشير لها بالنفي، قائلة بغموض:
_هحكيلك حكاية العصير وبالمرة حكايتي مع الجوكر، أيه رأيك؟
كانت فكرة مغرية للغاية، فجذبت نور أحد أطباق التسالي وجذبتها لركنٍ بعيدًا عن الفتيات، حيث تكون تحت مراقبتها، ورددت بحماسٍ:
_اتفضلي، كلتا أذني صاغية!
                        ******
بينما بالخارج رددت شجن ببسمةٍ واسعة:
_بجد يا رحمة انتي كمان حامل؟!
رمشت بعينيها وهي تبادلها بسؤالها المشكك:
_متقوليش انتي كمان!
هزت رأسها بتأكيدٍ وقالت:
_أنا لسه عارفة من يومين بحملي.
وهمست على استحياءٍ:
_معرفتش حد لسه حتى رحيم!
قوست جبينها وهي تستكمل باسئلتها الفضولية:
_ليه؟
ردت عليها بهمسٍ خافت:
_هعمله مفاجآة في عيد ميلاده بعد عشر أيام.
ابتسمت وهي تدعو لها بصفاء قلبها:
_ربنا يفرحك ويكملك على خير يا حبيبتي.
أمسكت شجن يدها وهي تخبرها بحبٍ:
_وليكِ بالمثل يا روح قلبي.
واستكملت بفضولٍ:
_قوليلي يا رحمة إنتي بتابعي مع مين علشان يكونلنا فرصة نتقابل على طول.
ارتسمت بسمة رقيقة على وجهها وقالت برقةٍ:
_لو عايزين نتقابل هنتقابل من غير أي دكتور، معاكي رقمي هيكون في بينا مكالمات دايمًا لاني بصراحة حبيتك وحسيتك شبهي أوي.
واستكملت بمرحٍ:
_أما حكاية الدكتور ده فالموضوع مضحك ومحير.
تساءلت بعدم فهم:
_ازاي؟
ضحكت وهي تخبرها:
_كلنا بنتابع مع دكتورة هيلينا طول فترة الحمل ولحظة الولادة بتختفي في مؤتمرات فجأة، فبنلجأ لدكتور صديق عمر، حرفيًا بقى متعقد مننا فجأة بيلاقينا في وشه ومعانا حالة الولادة اللي ميعرفش عنها أي حاجة غير إنه بيجمع مننا التفاصيل بسرعة قبل ما يدخل يقوم بمهمته.
تعالت ضحكات أشجان حتى أحمر وجهها، فاسترسلت رحمة بثقةٍ:
_عشان كده المرادي خدتها من قصرها وروحتله من البداية، عشان ميجيلوش صرع مننا بنهاية الشهر.
عادت للضحك مجددًا ومازالت رحمة تقص عليها بعض الطرائف من مواقف الفتيات المضحكة، والاخيرة انسجمت معها حتى انفطرا معًا من الضحك، لتلتقطهما أعين المارة وبالأخص رحيم وعدي الذي يتبعان ياسين الجارحي لمكتبه الرئيسي، ومن بعدهما مراد برفقة أحمد فاتتبه لتلك الثرثارة التي تجلس بعيدًا عن شجن التي لا تفارقها، وتجلس برفقة فتاة رقيقة الملامح على ما يبدو بأنها قد وجدت صداقة جديدة لها، اتبعهم للمكتب، فأشار له أحمد بابتسامةٍ هادئة وهو ينسحب للاعلى:
_ده المكتب يا مراد، عن إذنك أنا.
هز رأسه بتفهمٍ وولج للداخل حيث اللقاء الذي سيشمل العمالقة!
                              *****
اصطحب ياسين زين لغرفته، فانسجما بممارسة ألعاب القتال والاسلحة الالكترونية، لأول مرة يمضي برفقة أحدًا من الاطفالٍ ويشعر بذلك الارتياح الغريب، مشاركته بنفس تفكيره ونفس هواياته جعله يرغب في أن يمضي أكبر وقتًا ممكنًا برفقته، مضت ساعةٍ كاملةٍ ومازال اللعب مسلي والحديث لا يتوقف عن شخصهم الهادئ الذي يبغض الحديث المتواصل.
ابتسم زين وهو يراقب تسديد ضربة ياسين بالجهاز الالكتروني عبر حاسوبه، فإلتفت إليه وقال:
_بتمنى أنكل مراد يقدر ينقلنا لفصل واحد يا ياسين.
ابتسم وهو يشير إليه بثقةٍ غريبة تنتابه لذلك الغريب:
_هيقدر.
وعادا ليتابعان المعركة القتالية بالجهاز، إلى أن قطعهما صوت دقات الباب، ومن ثم ولجت شقيقته للداخل برفقة مرين، تطلع تجاهها فوجدها تمنحه ابتسامة هادئة ومن ثم انسحبت عينيها تراقب غرفته بانبهارٍ عجيب، وبالأخص من تأمل الرسومات التي تملأها، استغل ياسين انشغالها بتأمل الحائط المكتنز برسوماته، وجذب شقيقته جانبًا وهو يعنفها بغضبٍ:
_انتي ازاي تجبيها هنا، مامي هتزعقلك!
أجابته بضجرٍ بدى على ملامحها:
_هعمل أيه مش عاجبها لعبي كلها، وكل اللي بيعجبها لعب الاولاد بس فقولت تيجي تلعب معاكم أحسن أنا ماليش بالمسدسات والالعاب المملة دي.
وتركتهم رحمة وغادرت بضيقٍ بعدما بذلت مجهودًا كبيرًا لتجعلها تسترخي بجلوسها برفقتها وبرفقة ليان والصغيرات، وبالأخير لم تندمس معهن بما يحملوه من عرائس وألعاب المطبخ وغيره مما يخص الفتيات، كانت نظراتها تحوم بما يحمله الأولاد من ألعاب، لذا اهتدت لأخيها عساه يعاونها على حل تلك المعضلةٍ، خاصة بعد أن شددت عليها والدتها بأن تحرص على بقاء الضيفة سعيدة، حانت منه نظرة إليها فوجدها تتلامس احدى رسوماته بإعجابٍ شديد، وكانت تخص إحدى الجدائل دون رسم وجه الفتاة، تعجبت للغاية من رسمه لمقبض الشعر، يشابه ما كانت ترتديه بلقائهما الأول، استدارت تجاهه وتساءلت باستغرابٍ:
_ده نفس الدبوس اللي بحطه دايمًا!
زم شفتيه بتوترٍ من فرط الاحراج، فقال وهو يدنو منها:
_عجبني شكله فرسمته!
وأشار لها:
_تقدري تأخدي اللوحة لو عجباكي.
تساءلت بلهفةٍ:
_بجد؟
أكد لها بإشارته وعينيه تجوبها باستغرابٍ، نهض زين عن أريكته وصاح بها بعنفوانٍ:
_انزلي إلعبي تحت مع البنات مينفعش تقعدي هنا!
واجهته بوجهٍ عابس، يرفض تحكمات هذا المتسلط بها وبشقيقتها، ولطالما لم تترك له الساحة فكانت تنتصر عليه دومًا،  لذا قالت:
_أنا مش حابة ألعب معاهم، ألعابهم تافهة!
وتطلعت تجاه الشاشة بعينين متسعتين بحماسٍ لحق نبرتها:
_خليني ألعب معاكم دور، أنا واثقة إني هكسبك المرادي يا زين!
تجهمت معالمه وأشار لها بغضب:
_مش هتعرفي، المرة اللي فاتت قولتي نفس الكلام وموتي بسلاحك المعفن من أول جولة.
اشتعلت عينيها بلهيبٍ محرق، ودنت منه وهي تواجهه:
_هنشوف، المرادي هكسبك.
تابع ياسين حالة التحدي العارمة بينهما بصمتٍ، فعلى ما بدى له قوة شخصية تلك الفتاة، اعتاد دائمًا على سماع نصائح أبيه حول التعامل مع شقيقته، حيث أن الفتيات رقيقة بطباعها، مازال يتذكر رقة والدته بالتعامل، لم تنحاز يومًا لمفضلات أبيه، بعيدة كل البعد عن هواياته،  تلك الفتاة تخرق كل القوانين التي تربى عليها داخل حصن آل الجارحي!

أحفاد الجارحي ..ج5.. ترويض الشرس  ..آية محمد رفعتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن