ياريت التقدير يكون للرواية بالتصويت وتعليق يعبر عن رأيكم فيها
الفصل الثالث والعشرون
بفعل لم تفعله الا نادرًا أتت اليوم بصحبة سائقها والحارس الخاص بها، لتنتظر بداخل السيارة، خروج طفلها من حضانته، كي تستأثر به كالأمس، في خطة أعدتها لعدم السماح لأحد بإنقاص حقها فيه، حتى لو اضطرت لتحدي والدة زوجها التي تكرهها ولا تطيق رؤيتها، وتعمل دائمًا على الإبتعاد عنها، لقد قررت تعويض ما أهدر منها طول السنوات الماضية، لفعل زوجها المسيطر والمتحكم بكل أمورها، ولكنها كبرت الاَن ولم تعد تلك الصغيرة التي يطوعها كيف يشاء، وعت لتُمسك بزمام الأمر، فترواده بحنكة النساء ومكرهن، حتى تحصل منه على كل ما تريده، الا يكفي ابتلاع الخيانة!
دوى صوت الهاتف لتفاجأ بهوية المتصلة، التي ترفعت وتواضعت لتحادثها، قطبت باستغراب تناظر الرقم وكأنها تتأكد من الأسم جيدًا، ولتفكر سريعًا قبل أن تجيب برقة مدروسة:
- الووو....... أهلا يا طنت.
- الووو يا ست رباب، ممكن افهم بقى، انتي مانعة حفيدي عني ليه؟
- أنااا يا طنت؟ مين قال كدة بس؟ دا كلها يوم واحد اللي غابوا عن الزيارة، والنهاردة عنده مشوار مهم للمدرب في النادي.
- اقدر انا ع المشوار دا يا ست رباب، ابعني الولد وانا اوديه.....
- ويقعد بقية اليوم عندك زي كل مرة، اسفة يا طنت، أنا فضيت نفسي مخصوص عشانه النهاردة، يوم تاني بقى.
- يعني ايه حفيدي مش هيجي النهاردة كمان؟...
- الوو يا طنت، معلش مش سمعاكي كويس، الطريق زحمة ازي...... الوو يا طنت، الووو.
انهت المكالمة لتخرج زفيرًا بضيق، فهي تعلم ان المرأة لن تسكت على فعلها، وحتما ستخبر زوجها، وعليها تجهز نفسها لذلك.
انتبهت على خروج ابنها من باب المدرسة، لتنتفض مترجلة من السيارة ، ثم تتلقاه بالاحضان بعد أن رفعته عن الأرض أمام زملائه، وتلفت أنظار الجميع إليها كالعادة.
بداخل السيارة وبعد أن تحركت بهم، على الفور تلقت رسالة من الرقم المجهول.
- (( حلو اوي الفستان القصير على جسمك، وجماله بان أكتر لما رفعته الكتوت، وانشد لفوق ركبتك، ايه الحلاوة دي))
- يا أبن ال......
تفوهت بها بغيظ تعدى الغضب وفاق الحد، لتهتف نحو سائقها:
- وقف العرببة دي بسرعة يا عم كريم، بسرعة ارجوك .
على الأمر توقف الرجل ليناظرها بتساؤل تجاهلته لتلتف نحو حارسها :
- انزل من العرببة يا حامد، انا عايزة اعرف مين اللي بيراقبني؟ حاسة فيه حد بيراقبني؟
انتفض الحارس على الأمر، يخرج سلاحه على وضع التحفز مرددًا:
- يراقبك، يراقبك ازاي يا هانم وانا موجود؟
قالها وترجل يبحث في الإنحاء، ويتجه بخطواته نحو الطريق باحثًا، يمينًا ويسارُا، حتى ابتعد وهي تنتظر بزعر وصل للطفل ليسألها ببرائة:
- في حاجة يا مامي؟
- لا يا قلب مامي.
قالتها لتقبله على جبهته، وتضم رأسهِ إليها بعد ذلك، فتلتمس الدفء بغمرته، واجهت بعين المراَة وجه السائق، الذي كان يتابعها فتكلم برفق رغم حيرته من فعلها:
- متقلقيش يا هانم من حاجة، الدنيا أمان، وانتي قاعدة في عربيتك، ومعاكي رجلين يحموكي لو في خطر، دا لو فيه يعني.
وصلها امتعاضها الغير معلن، وكأنه يراها تفتعل ذلك عن قصد.
دلف فجأة السائق بعنف جعل السيارة تهتز ليخاطبها بلهاث:
- انا دورت في كل حتة يا هانم، وملقتش أي مخلوق يهدد امن حضرتك والبيه الصغير، المنطقة هادية اساسًا، تحبي انزل ادور تاني؟
لوت شفتيها بحنق تأمرهما بإماءة صغيرة بذقنها وقد بلغ اليأس منها مبلغه:
- لا خلاص بقى، امشي على طول يا عم كريم.
أنت تقرأ
وبها، متيمٌ أنا
Literatura Femininaولا أعلم مسمىً ولا صفة لهذا الذي ينبت بداخلي نحوها، ورغم غضبي الدائم منها، لا أستطيع إزاحة عيني عنها ولا عن مراقبة أفعالها وحفظ تفاصيلها. هي كالبحر ويبدو أنني الغريق به.