2. لينا

134 22 53
                                    

الثاني من حزيران، عام 2023 م

أكره الصيف.

أكره الصيف كثيرًا، الساعة الرابعة عصرًا وأشعر أنني على وشك السلق حيّة.

كلّ عائلتي مُرتميةٌ على الأرض تردئ عنها حرارة الفراش وأفكّر الآن ؛ لماذا لم أُخلَق ضُمّة نعناعٍ أعيش في الثلاجة!

ولأنني يجب أن أزعج الآخرين عندما أكون منزعجة ذهبتُ إلى لينا لإجراء مقابلة اليوم التي ستُتعِبُني وتُتعِب أعضاء القبيلة معي.

لكن مَن يهتم؟ أنا منزعجة!

لنتخطى البدايات

- ادعى لينا من العراق، متنمّرةٌ نوعًا ما، من المفترض أنني بسنةٍ مصيرية تحدّد مستقبلي ولكن هيهات لضميري الميّت أن يدرس، في شهر تشرين الثاني -نوفمبر- سأبلغ ربيعي السابع عشر.

- .... متنمّرةٌ نوعًا ما فقط؟

- أتنمّر على الأعمار فحسب!!

- على أيّ حال لنبدأ، كيف بدأتي مشواركِ في عالم الترجمة؟

- كنا نتسامر في ليلةٍ في مجموعة لوري عندما قالت أوهانا فجأةً أنها تريد أن تجمع المترجمين معًا في قناة ولأنني أركب مَركِب من يأتي ويذهب أخبرتُها أن تضمّني معكم، كنتُ قد جرّبتُ الترجمة قبلاً وأعجبني مشروع أن أعمل على ترجمة رواياتي المفضلة.

- والتي جميعها مليئةٌ بالبؤس، هاه؟

- ..... ليس ذنبي، كانت بداية هذا من ميليا .

- أخبرينا القصة .

- تعرّفتُ على ميلي، والتي كنتُ أراها في كلّ مكانٍ وفي أيّ مجموعة وقد كانت فتاةً تحبّ البؤس، وبسبب كلامها الكثير عن الموضوع تأثّرتُ بذلك وأعجبني لا أنكر حتى بِتّّ أحبّه أكثر منها، أوه! وقد كانت سببًا أيضًا في خروج عِرقي المتنمّر من جحره!

- ميلي خطرٌ على المجتمع دعينا لا ننكر ذلك ، لكن ما زال ، لا أنكر أيضًا أنه كان تغييرًا جميلاً في أنواع الروايات في القناة، لذا أقدّم تحيّتي لميلي.

أكملتُ وقُلت

- عندما دخلتي القناة لأوّل مرّة، ما كان انطباعكِ عنا وقتها؟

- كنتُ خائفةً من الجميع وأشعر بأنهم سيأكلوني حيّة!

- ..... كنتِ خائفةً والآن أنتِ أكبر منتمرةٍ في القبيلة، سبحان مغيّر الأحوال!

....... -

- كنتُ سأسألكِ مَن أكثر شخصٍ أثّر فيكِ في هذا المجال لكن الإجابة واضحة .

- ميليا بالطبع، وبعدها ريري؟ كانت تصوّت لكل فصول الروايات حتى دون أن تتابعهم كنوعٍ من الدعم ورأيتُها لفتةً لطيفةً منها حتى تعرّفتُ عليها، ما زالت لطيفةً أيضًا، آه، واللطيفات اللاتي يعلّقن على كلّ فصلٍ في حسابي.

- أجزم أن الجميع سيتّفق على أن ريري هي أفضل داعمةٍ لجميع المترجمين بلا منازع، يجب أن نضعها في آلةٍ طابعةٍ ونطبع منها نسخًا كثيرة تكفي العالم أجمع.

- وهكذا أظن.

- حسنًا السؤال التالي، هل فكّرتي يومًا في الاعتزال؟

- أحيانًا كثيرة، عندما أشعر بضغطٍ هائل وأنه لا يمكنني الاستمرار، لكنني أتذكّر متابعي الرواية، مع أن مشاهداتي قليلة لكنني أحبّها وبتعليقاتهم اللطيفة، لكن بشكلٍ عام لا أخطط للاعتزال في الوقت الحالي لأنني أشعر وكأن حياتي ستصبح فارغة!

- فعلاً، الترجمة هوايةٌ جميلة! لكن إن فكّرتي في الاعتزال هل ستقومين بحذف رواياتكِ؟

- ربما أفعلها إن كانت مستمرّة لكن إن كانت مكتملة لا، في الحقيقة هذا يعتمد على مزاجيتي ربما أعود في يومٍ وليلة وأنهيها دفعةً واحدة!!

- ...... تشبهين أحدهم يبدأ اسمه بحرف الأوهانا ومي.

- أفوقهما الاثنتان.

......... -

هاه! أشعر بالتعب من الآن. حسنًا هذا ليش مستغربًا يمكنكم التفكير بأنها جيناتٌ موجودةٌ في كلّ مَن يدخل القبيلة .

- السؤال التالي ، هل من الممكن أن نرى في يومٍ من الأيام روايةً ذات طابعٍ ورديٍّ أو كوميديٍّ بترجمة لينا؟

- لا أمانع الكوميديا وروايات الأطفال ، لكن الوردية؟ كانت لي تجربةٌ سيئةٌ معها، أجتمع دائمً بأسوأ الأعمال فيها!

- يبدو أن هذا مصيرٌ مكتوبٌ لكِ أن تترجمي المأساة فقط.

ما مع هذا الجو؟ أشعر أنني أنصهر هنا!! أحسد حبّة البندورة في الثلاجة.

سمعتُ بكاء ابن أختي البالغ من العمر شهرين، وهو ما يقولون أنه ابني عندما يرون إغداقي إياه بالحبّ، لذا تركتُ لينا والمقابلة وركضتُ لأرى صغيري الجميل يبكي جوعًا، لذا وكأمٍّ بارّة، جهّزتُ له زجاجة الحليب وأشبعتُه بها، لاعبته حتى وضعتُه في فراشه.

لكن يبدو أنني نسيتُ شيئًا!

نظرتُ بهاتفي لأرى كم الساعة، كانت الساعة السابعة مساءًا. حانت مني نظرةٌ لإشعارات الهاتف المخفيّة عندما رأيتُ إشعار تطبيق التيلجرام من بينها؛ تذكّرتُ ما قد نسيت.

اللعنة! نسيتُ لينا والمقابلة!!

سعال.

- هل تنصحين أحدًا بدخول هذا المجال؟

- هذا المجال سيءٌ في الواقع لكن إن وجدتُم صديق الدرب معكم سيصبح أجمل، لا تكن وحيدًا هنا، إن لم تكوّن صداقات فقد خسرتَ حلاوة الترجمة!

- هذا صحيح، خرجتُ بهذا المجال بصحبةٍ جميلةٍ أكثر منها برواياتٍ رائعة، دافع الاستمرارية. حسنًا آخر ما لدنيا. ما أحبّ أعمالكِ لقلبكِ؟ وأكثر اقتباسٍ تحبٍينه منهم؟

- أحبّ روايةٍ لقلبي هي حبيبي الظالم؛ لأنكِ لا تستطيعن كره أيّ شخصيةٍ فيها وقريبةٌ للقلب، ورواية كنتُ الشيء الغريب، ما يجلعني أصبر على سردها السيء وترجمتها الصعبة هو حبّي لها فقط.

بالنسبة للاقتباس وهو من رواية حبيبي الظالم "المريضُ العقلي هو الوحيد الذي يعتقد اعتقادًا راسخًا أنه ليس مجنونًا"

- أوه، عن فخامة هذا الاقتباس ، أحببتُه! وقد انتهينا هنا شكرًا لينا.

ضياءٌ سرمديحيث تعيش القصص. اكتشف الآن