لم يستطع زمردي العين الإنتظار أكثر بعد رحيل الآخر ..فما هي إلا دقائق معدودة حتى قرر الخروج تمامًا من ذلك القصر الذي ضاق بنفسه حتى كاد يطبق على صدره ويخنقه..
هبط درجات السلم الواسعة بخطوات مُسرعة يريد التحرر من أصواته تلك التي أخذت تصدح في رأسه ..كلماته اللاذعة التي ألقاها على أذنه اخترقت صمام قلبه ومزقته تمزيقًا...
ما يؤلمه أكثر هو أنه شعر بصدق كلماته ورأي الكره يطل من عينيه وهو أبدًا لم يضمر له إلا كل خير...هو خائف أشد الخوف من معرفته بأنه أخوه وما يثير رعبه هو تأكده من أنه لن يسامح إبدًا إن علم بمعرفته وسكوته هكذا...رغم أن صمته هذا ليس إلا لأجله ..أو هكذا أوهم نفسه ..
سار نحو الإسطبل وقبل أن يدلف شعر بيد لم يشعر قط بصاحبها تجذب ذراعه لتتلاقي زمرديتيه ببنيتي الآخر الذي ابتسم بهدوء قائلاً " إلى أين يا نور ؟"
قطب الآخر حاجبيه ورغم اعتياده لسؤال سيف إلا أنه أجابه بحدة نافضًا ذراعه " وما شأنك ؟"
اعتلى الضيق وجه الآخر ومعاملة نور الغريبة معه تلك أزعجته كثيرًا...فنور رغم بساطته معه إلا أنه يتناسى مكانة سيف أحيانًا ويتعالى عليه ويتبدل أسلوبه المرح إلى تلك الفظاظة ..
حاول سيف إظهار بروده وهو يبتسم بهدوء قائلاً
" أزعجك كثيرًا هكذا ذهابه ؟!"انعقد حاجبي نور بقوة وانتفخت أوداجه في غضب وهو يجذب ياقته نحوه صائحًا " أنت من أحضره للعمل هنا ؟!..أنت كنت وراء ذلك ؟!"
مطً الأكبر شفتيه وهو يزيح يد الآخر بابتسامة قائلاً
" لم يكن أنا ولكن صدقًا تمنيت لو فعلت ذلك..لم أكن لأستمتع مثلك برؤيته يتعذب في الفقر وبيدي حل لمساعدته..هل يعجبك رؤيه تعبه هكذا ؟!"أفلت نور يده مُجبرًا وكلمات الآخر عادت تجدد شعوره بالذنب ..استدار بضيق ناويًا الدخول ولكن ابتسامة الآخر اتسعت وهو يسأله يعرف وقع كلماته تلك عليه حق المعرفة قائلاً " أتغار منه يا نور ؟"
تسمرت قدمي نور وشُل جسده لثوان معدودة قبل أن يتجاهله دالفًا إلى الداخل...جذب خيله مُمتطيًا إياه وانطلق مُبتعدًا تلاحقه نظرات الآخر التي عكست مشاعرا شتى...
لم يمر الكثير حتى وصل هو أمام ذلك البيت ...بيت مربيته التي تقطن به وحدها...عض شفته بندم كونه كذب وأدعى أنه بيته هو ...أراد من كل قلبه أن يكون هذا حقيقيا ويا ليته لم يضطر أبدا إلى خداع أحمد ...
هبط رابطًا فرسه ثم دقَّ الباب عدة مرات بخفة مُنتظرًا إجابتها...صدح صوتها المُبتهج من خلف الباب وهي تهتف في فرح ظهر واضحًا في صوتها " قادمة يا أميري "
ابتسم وهي تفتح الباب بوجه مشرق كعادتها وبأعين مُشتاقة لم يرى قط مثلها بأعين والدته أو هكذا خُيل له...بُهت وجهها بقلق وهي تطلع له في تساؤل فوجهه الشاحب هذا مع ذلك الإحمرار الطفيف الذي بقى عالقًا بخده نجح في إثارة قلقها...
أنت تقرأ
لازوريت
Mystery / Thriller«من وصلت روايتي له بشكل أو بآخر.. على رسلك عزيزي تمهل!...حذار أن تظن أنني سأخبرك أن تترك كل ما يهمك أمره خلفك قبل أن تقتحم حروف كلماتي وتغوص في خيالها؛ فلا أضمن أنك ستعود بهم سالمًا.. ولا بأنك ستظل عالقًا في ذلك الثقب الدودي بلا رجعة..فأنا لن أقول...