بسجنه المزخرف وقف هو بأنفاس لم تهدأ ثورتها قط أمام والدته التي بدت أكثر عصبية من أي وقت مضى وهي تكرر سؤالها وقد بلغ بها الاستنكار مبلغه هاتفة
" كيف تفعل هذا بسيف ؟!...ما هذه الأخلاق ؟..كيف تفعل هذا بنفسك وبي ؟!...كدت تقتله كالمجنون بين يديك !"أضافت جملتها الأخيرة بحاجبين مقطوبين باستياء وما زاد انعقادهما هو قفز تلك الابتسامة المتهكمة على شفتيه وهو يغمغم بحسرة ساخرًا " ليته حدث "
اقتربت منه حتى امتزجت أنفاسهما ونهرته بحدة قائلة " أنت لست بوعيك حتى !...رغم كرهي لسيف هذا ولكنك دوما ما تدافع عنه وتحبه !..كيف سمحت ليديك بأن تقترف ما فعلت ؟! كيف تتدنى هكذا ؟!"
لم يبدو عليه أن كلماتها وصلت حتى إلى أذنه بل مازالت ابتسامته عالقة بثغره ومثيرة لحنقها لترتفع نبرة صوتها وهي تشير بإبهامها صائحة " ولأجل من ؟!..لأجل ذلك الصعلوك ؟!...حطمت وجه ابن عمك لأجل ابن الجارية ؟!...لأجل ذاك عديم..."
قاطعها هو بحدة لم تعتدها هي قط وقد توارت ابتسامته قائلاً" أمي من فضلك...أحمد أخي و هو لا يُقارن بسيف حتى..وإن كانت أمه جارية فهو ابن ملك و لن أسمح لأي من كان...حتى وإن كان أنتي أن "
قاطعته هي بعصبية انتفض معها جسدها وخرجت كلماتها لاذعة مستفزة وهي تصيح" لا تقل أخي...
استفق هيا سئمت سذاجتك تلك !..ألا ترى ما سيحدث أمامك ؟!..هل ستقف هكذا تشاهد كالأحمق والتاج يُسحب من بين يديك...هل ستسمح له بأن يجلس هو على العرش بدلًا منك ؟!..أين ذهب عقلك تحدث !"حافظ نور على انعقاد حاجبيه وإن ظل صامتًا تلك المرة...أراد الحديث ولكن حروفه نازعته وأبت الانصياع له...هو دائم الخضوع والطاعة لها...هذا ما اعتاد عليه من صغره...تنفيذ أوامرها دون مناقشة أو تفكير ...تقبل قراراتها حتى وإن لم تعجبه وهذا ما رضيته هي منه دائما...
ولكن الأمر الآن أكبر من ذلك...هو يكره كثيرا عدم عثوره على إجابة داخله تطمئن قلبه...بحث كثيرا ولكنه لم يجد...ذلك التخبط بجوفه يؤلمه ...هو يكره كل شيء هنا...ذلك القصر يخنقه ويطبق على صدره..
تلك الأموال هو لا يهتم بها قط بل هو حتى يمقتها...
ذلك التاج يطارده بكوابيسه وتلك الجثث لا تكف عن التشبث بقدمه ومنعه من الهرب...هو لا يريد أيًا من هذا...أو هكذا شعر..ظل صدرها يعلو ويهبط في ثورة بينما سكنت أنفاس الآخر وبدا أنه حتى لم يعد يراها أمامه...كان شاردًا صامتًا يصارع مشاعره داخله ولكنها انتزعته نزعاً وهي تقبض على ذراعه بغضب ازداد بصمته هكذا وجعلها ترى أحلامها تتحطم أمامها ولا يبقى منها سوى الفتات...
سئمت هي من اطباق شفتيه فاحتد صوتها أكثر وقد استحالت رقتها سرابًا وهي تخرج حروفها من بين أسنانها قائلة "لما تصمت ؟!..هل ترضى هذا ؟!...هل يعجبك هذا كثيرا ؟!...ألا يكفي زهو والدك بسيف ومنازعته التي لا تراها منه معك ؟!..ألم ترى سعادة والدك به ؟!..لن ينتظر كثيرا وسيمحيك أيضًا من طريقه لأنك لقمة سائغة أليس كذلك ؟!..أنت حتى لن تعترض بل ستأخذ بيده ليجلس محلك أليس هذا صحيحاً ؟"
أنت تقرأ
لازوريت
Mystery / Thriller«من وصلت روايتي له بشكل أو بآخر.. على رسلك عزيزي تمهل!...حذار أن تظن أنني سأخبرك أن تترك كل ما يهمك أمره خلفك قبل أن تقتحم حروف كلماتي وتغوص في خيالها؛ فلا أضمن أنك ستعود بهم سالمًا.. ولا بأنك ستظل عالقًا في ذلك الثقب الدودي بلا رجعة..فأنا لن أقول...