جاب التوتر أنحاء القصر وضواحيه وسكن الحزن والرهبة أفئدة قاطنيه... تساؤلات وهمسات عديدة بدأت تحوم وكل لسان أخذ يتحرك مُدليًا برأيه ..
ورغم كل ذلك فرض الهدوء سيطرته محاولًا وبكل قوته الحفاظ على تلك الدقائق المتبقية...فكما يشعر الجميع ويتربص بأن عاصفة هوجاء حتما ستهب وتدمر ما يقف بطريقها...انتشر الخبر كالنار في الهشيم ولم يمنعه تأخر الوقت أو سكون الليل فقد حُرم الكبار النوم هذه الليلة وتأخر عودة الحملة زاد الأمر سوءاً...ولم يعد أمام الجميع سوى الانتظار والثرثرة التي لن تنتهي إلا بخروج ولي العهد لهم أو بعودة شقيق الملك...
وكما وصل الخبر إلى عامة الناس طرق أيضًا باب رمادي العين الذي تلقاه بصدمة كبيرة وخوف جال بقلبه على رفيقه نور...هو رغم تلك المشاكل القائمة بين نور ووالده إلا أنه متيقن تمام اليقين من حبه الشديد له ...فكيف هو نور الآن ؟!
وبذلك الجناح الواسع ظل هو جالسا على سريره خائر القوى...كم مضى من الوقت هكذا ؟..هو حتما لا يدري...يعجز عن ضبط دموعه تلك واخفاءها فحزنه شديد وفاجعته كبيرة...
ما يؤلمه أكثر هو عدم وداعه له عندما رحل...هو كان باردًا معه على غير عادته فكيف يرحل دون إنذار هكذا ؟..أي حملة تلك التي تتسبب في مقتله ؟..من غدر بوالده وفعلها ؟!
صداع شديد يلتهم رأسه وكلمات والدته منذ قليل مازالت ترن في أذنه...حزنه هذا ليس مقبولاً بتاتا ..
ليس عليه أن يضعف أو يتخاذل...هو قدوة الجميع هنا كما قالت وعليه أن يتماسك !وبحجرة الملكة الأم جلست الحكيمة تفحصها وتحاول إفاقتها فقد فقدت وعيها وهي تنوح باسم ابنها بينما وقفت الملكة كوثر تمسح دموعها في حزن على زوجها الذي فقدته مبكرا ..ومبكرا جدا...
ذلك الحزن والاضطراب الذي خيم على الجميع لم يزر صدر سيف ووالده مراد الذي ابتسم بهدوء وهو يخلو بابنه قائلاً " كما أخبرتك يا سيف...ليس المهم أن تكون الضربة قوية بقدر ما تكمن الأهمية في ضعف خصمك...ذلك الضعف يفقد المرء صوابه..حينها فقط تكون الضربة قاصمة "
بادله سيف الابتسام واكتفى به فلم يعلق...بل انطلق بتفكيره إلى نقطة بعيدة...أبعد جدًا مما يفكر به والده
نقطة يتوج ويعتلي هو فيها العرش ويصبح سلطان العالم...حيث لا منازع أو منافس يجاريه أو ينغص عليه حياته...حتى وإن كان والده...جذبه من أحلامه الواعدة صوت والده الرخيم وهو يسأله باهتمام "لكنك تجزم أن نور لن يفعل أي شيء...ما سر ثقتك الكبيرة هذه ؟..هل تحيك أمرًا ما؟"
طالعه سيف بصمت للحظات قبل أن يبتسم في ثقة وهو يردف " ربما لأنني أعرفه جيدًا...أكثر مما يعرف هو نفسه حتى "
ابتسم مراد في اعجاب مُربتًا على كتف ابنه...فأمامه الآن رأى نفسه...قبل سنوات طويلة...ولكنه لم يكن بتلك الجرأة الذي يمتلكها سيف...لذا هو واثق تمام الثقة من قدرته على تنفيذ ما عجز هو بالقيام به...
أنت تقرأ
لازوريت
Mystery / Thriller«من وصلت روايتي له بشكل أو بآخر.. على رسلك عزيزي تمهل!...حذار أن تظن أنني سأخبرك أن تترك كل ما يهمك أمره خلفك قبل أن تقتحم حروف كلماتي وتغوص في خيالها؛ فلا أضمن أنك ستعود بهم سالمًا.. ولا بأنك ستظل عالقًا في ذلك الثقب الدودي بلا رجعة..فأنا لن أقول...