شمس لن تُشرق

351 46 79
                                    

لم يشعر نور بأي مما حدث بعدما هرب بنفسه غارقا في نومه...لم يرى ملامح جدته المتهجمة ولا تلك الصدمة البادية على وجه أمه...لم يسمع كلمات الملك العصبية والرافضة ولا ذلك الغضب الذي احتل كيان سيف ويجعله يغادر مندفعا ...فقط رؤية ملامح أحمد المشتتة ونظراته المستنكرة واللائمة كانت قادرة على جعله يدرك فداحه ما قاله ...

الثواني تمر ثقيلة تزيد من توتر كوثر وهي تسير ذهابًا وإيابًا تقضم أظافرها في عصبية...حتمًا ذلك ليس صحيحاً...نور أميرها هو ولي العهد والوريث الوحيد لعرش والده ...هذا ما حرصت هي دوما عليه وهو نفسه لن يفسد ما خططت له بنفسها طوال تلك المدة !...

ما أخافها أكثر هو إبقاء الملك لأحمد بإحدى الغرف ريثما يستيقظ نور ويدلي بتفسيره ...وهذا ما يرفضه عقلها وكيانها تماما ...ذلك الشاب لن يسلب وحيدها أي شئ مهما كان ..ستمنع ذلك مهما كلفها الأمر ..وأيا كانت الوسيلة ...

وبجناح ضخم فاره تجلس الملكة الأم بشرود تام...
هي لا تشعر بجارياتها الواققفات جوارها لكنها انتقلت تماما إلى قبل الأربعة والعشرين عاما تقريبا ...حينما كانت أقوى وأكثر سلطة...صاحبة الكلمة الواحدة والمُنفذة...من تشير فقط بإصبعها فيتحرك الجميع في سمع وطاعة...

تتذكر تحديدا ذلك اليوم...كانت تستعر غضبا وغياب ابنها بتلك الحملة جعل الأمور تصبح سهلة يسيرة...
هي تكره تلك الفتاة منذ رأتها...ترى التحدي والقوة بعينها وتعلم بنواياها الخبيثة...هي تشعر بذلك وتصدقه...لن تجلب سوى الخراب على رأسها ورأس ابنها...

كيف لا وهي محض جارية ليست على قدر ساحر من الجمال لتسلب الملك عقله في تلك المدة القليلة هكذا
هو أصبح طوع أمرها ولا يفكر إلا بها وهي تخشى أن يحدث ما تخافه...ما إن تنجب منه الولد حتى تستقوي شوكتها ويصبح ابنها ولي العهد..وهذا قط ما  لن تستطيع تقبله...

هي سئمت الحديث مع ابنها فهو حقا لا يسمع...
سئمت محاولة تقريب الأميرات له فهو لا يشغل عقله ولا يحتل قلبه سواها...لا تستطيع التحمل منذ زفت هي لها الخبر بحملها ..لن تمتزج الدماء الملكية بدماء تلك الجارية ولن تسمح بأن تبقى أمام وجهها أكثر...

لذا تحركت...لم تنتظر أكثر..ولم تأبه لكونها مريضة بذلك الوباء المنتشر...بل بالعكس...سيساعد هذا كثيرا فخبر موتها لن يكون بغريب ..وستُدفن حتى قبل عودة الملك...بعد القليل من التفكير زينت لها نفسها تنفيذ ما تخطط له في دون أن يرف لها جفن حتى...

هي الآن تطالع العربة المغادرة من شرفة جناحها
براحة كبيرة...كما اتفقت مع خادمها ...فبدلًا من أن يأخذها  لتُعزل بالقصر القديم ويتولى الحكماء علاجها سيقتلها بعيدًا و يتخلص من جثتها ...لن ترى وجهها مرة أخرى وهذا يكفيها وكثيرا...

طرقات متتالية خافتة على بابها وفتح الجارية لها جعلها تلتفت لها...كانت خادمتها سلوى التي وقفت تطالعها في توتر ...وجها المضطرب وإشارتها بعينيها لها جعلتها تدرك أنها تريد الحديث معها على انفراد...

لازوريتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن