ثوان من الصمت مضت تفحص فيها أحمد وجه نور الذي أصبح نحيلًا شاحبًا...جفونه متورمة وعيناه غائرة...شعره مبعثر يشتكي إهماله له...نظراته خالية لم يستطع هو تفسيرها فقط شعر وكأن نور قد خرج لتوه من معركة ما منهزمًا...
زاد قلقه وهو يمسك كتفيه بأعين متسائلة وكاد يعاود سؤاله عن سبب وجومه هذا ولكن صوتًا آخر جذب كلاهما نحوه وهو يلوح لأحمد قائلاً " مرحباً..
آسف لتأخري !"أبتسم أحمد لذلك الذي انحنى على ركبتيه يلتقط أنفاسه ثم ربت على ظهره قائلاً " لما تركض هكذا ؟
كنت سأنتظرك على أية حال أيها الأحمق "استقام المعني قائمًا وهو يحك رأسه بابتسامة قائلاً " لم أركض لأنني أخشى ذهابك...فقط لين و والدتك يستعجلان عودتك فالغداء سيبرد "
طالع نور ذلك الشاب بتساؤل...هو لم يره قط من قبل إلى جانب أحمد !..بل هو يعرف لين أيضا ووالدته...
هو قصير القامة حتى بالنسبة له مما يجعله قزما إلى جانب أحمد...فوضوي بطريقة كبيرة انعكست على ملابسه وشعره...وجهه مكسو بالأتربة وكأنه لم يرى الماء منذ مدة....شعر أشقر وعينان سوداوان وبشرة لا يدري ما لونها لشدة اتساخها...وكأنه قد خرج للتو من مدخنة كان ينظفها !نظرات نور المسلطة عليه جعلته يلتفت تلقائيا له ليبتسم وهو يسأل أحمد " من هذا ؟..لم تعرفنا ؟!"
بدى ودودا بشكل أثار غثيان نور خاصة مع منظره الذي يخلو من النظافة هذا...عاد أحمد يقترب منه وهو يلف ذراعه على كتفه بابتسامة متسعة قائلاً
" نور...صديقي العزيز "هذا فقط ؟..قطب نور حاجبيه وهو يستمع إلى أحمد الذي تابع وهو يشير على ذلك المبتسم قائلاً " وهذا
يوسف يا نور...إنه لطيف جدا ستحبه سريعا أيضا"لم يبادله نور الابتسام بل أزاح ذراع أحمد وهو يطالعه ببرود قائلاً " يداك...لا بد أنها تلوثت منه"
تهجم وجه أحمد في حرج شاركه فيه يوسف الذي اقترب من نور يمد يده ليصافحه بعد أن مسحها بملابسه وهو يضحك قائلاً " أهلا بك...خرجت للتو من عملي ولذا لست مهندمًا هكذا مثلك..أتفهمك فأمي أيضًا لديها وسواس النظافة هذا "
صافحه نور على مضض ورسم ابتسامة باهتة على وجهه بصعوبة وهو يغمغم " لا عليك..كان الله في عونك "
" لم تحدثني عنه قط يا أحمد ! "
قالها الأشقر بابتسامة واسعة ليبهت وجه نور بينما ابتسم أحمد وهو يحك رقبته قائلاً" لم تأتي الفرصة"
تنهد نور تنهيدة طويلة وهو يطالع احمد قائلاً بخفوت " سأذهب أنا الآن...ألقاك فيما بعد.. والآن عد مع صديقك فعائلتك تتنظرك "
قطب أحمد حاجبيه فذلك الفتور لم يعتده منه قط ..
هو حتى لم ينتظر رده بل قطع عدة خطوات مُغادرًا دون أية كلمة حتى !...سار خلفه بسرعة جاذبًا ذراعه وهو يصيح معاتبًا " تحتفي لأسبوعين كاملين وعندما أراك تغادر هكذا فجأة ؟!"
أنت تقرأ
لازوريت
Mystery / Thriller«من وصلت روايتي له بشكل أو بآخر.. على رسلك عزيزي تمهل!...حذار أن تظن أنني سأخبرك أن تترك كل ما يهمك أمره خلفك قبل أن تقتحم حروف كلماتي وتغوص في خيالها؛ فلا أضمن أنك ستعود بهم سالمًا.. ولا بأنك ستظل عالقًا في ذلك الثقب الدودي بلا رجعة..فأنا لن أقول...