ثوان قليلة مضت وكلاهما يطالع الآخر دون أن ينطق اي منهما بحرف واحد بعد جملة رمادي العين الأخيرة...تصاعد التوتر بداخل نور وعيناه تجول بين محدثه وذاك الذي يقف على بعد ليس بكبير عنه..لم يسعفه عقله ليفسر له ما يحدث فتسارعت ضربات قلبه بينما اتسعت ابتسامة شبيه أحمد ذاك الجانبية وتجلت نظرات السخرية في عينيه وهو يراقب تبعثر الآخر امامه في شماته...
لم يكن نور قادرا على النطق بحرف واحد " ماذا بك؟!..وكأنك ترى شبحًا أمامك؟! "
احتدت ملامح نور وتحركت يداه اخيرا لتقبض على ذراع الاخر وهو يهمس من بين أسنانه آمرا"تحرك من هنا "
قهقه الاخر بخفة وهو يهز كتفيه بلا مبالاة قائلا في استفزاز " لا ضير إن تحدثنا هنا فهو سيعلم كل شيء بالنهاية "
قطب نور حاجبيه في توتر ولكنه أعاد طلبه بحدة أكبر هاتفًا " تحرك من هنا هيا "
تبدلت ملامح شبيه أحمد من السخرية لتحتد هي الأخرى وهو يزيح يد نور قائلا "لا أعتقد أنه من الذكاء أن تخاطبني هكذا...وخاصة بموققك هذا...لو كنت مكانك لتوسلت لك و..."
بتر عبارته ويد نور تكتم باقي حروفه وتلاقت أعينهم ليبتلع رمادي العين ريقه عاجزا عن تفسير تلك البرودة التي انتابت اطرافه...نظرات نور لم تكن بتلك التي كانت ترتجف منذ دقائق بل حملت تهديدًا شديد اللهجة شاركته فيه نبره صوته التي ارتفعت نسبيا قائلا " إلزم حدك..ولا تتناسى من يقف أمامك! "
قبض الآخر حاجبيه في ضيق ليردف نور في صرامة قاسية " اسمع يا هذا...إن كنت تظن أنك تستطيع أن تجبرني على شيء فأنت واهم لا أكثر...ولا تطل عنادك هذا كثيرا وإلا سيحدث ما لن يروق لك "
لم يجد الآخر نفسه إلا مجبرا على الابتعاد معه...هو لم يكن ينوي مطلقا الحديث هنا ولكن تصرف نور لم يكن كما توقعه هو....لم يصدق عندما أخبرته والدته أن الأمر لن يكون سلسًا وأن على خطواته أن تكون مدروسة بحذر...
سار كلاهما لمسافة ليست بقصيرة ليستوقفه هو قائلا " ألا يكفي هذا؟..أتخاف كثيرا من أن يراك أخي؟ "
صوته ذاك الذي يشبه أحمد كثيرا ضايقه وبشدة...تلك الكلمة ورغم أحرفها الثلاثة فقط أحرقت جوفه..لماذا
لماذا ظل هو على قيد الحياة ولم يمت كما أخبره أحمد؟!...لماذا عاد للظهور مجددا؟!...ألا يكفي هذا؟
بل هو بات الآن يعلم بوجود أحمد و يناديه بأخي!كظم نور غيظه والتفت له بضيق قائلا " ماذا تريد بالضبط؟! "
ابتسم الاخر ببرود قائلا " ماذا سأريد برأيك؟..ليس أكثر من حقي...أخي.. أبي...وكل شيء تلمكه انت "
أومأ نور مبتسمًا وهو يحثه على المتابعة في تهكم قائلا " وماذا أيضًا؟...لا تخجل أخبرني "
اقترب الاخر منه وظهر البغض جليا بعينيه واهتز صوته وهو يقول في عصبية " لا تتظاهر وكأنك ستمن علي!...ذلك حقي انا!...حقي وحق أمي !"
أنت تقرأ
لازوريت
Mystery / Thriller«من وصلت روايتي له بشكل أو بآخر.. على رسلك عزيزي تمهل!...حذار أن تظن أنني سأخبرك أن تترك كل ما يهمك أمره خلفك قبل أن تقتحم حروف كلماتي وتغوص في خيالها؛ فلا أضمن أنك ستعود بهم سالمًا.. ولا بأنك ستظل عالقًا في ذلك الثقب الدودي بلا رجعة..فأنا لن أقول...