مقدمة ...!

8.6K 123 28
                                    

المُقدمات لا يقرأها أحد
اِقلِب الصَّفحة!

لا أجيد الإمساك بطرف الخيط المؤدي إلى الألم، ولكن سأكتب عن ساعة الصمت في الزاوية. حين انجذبت كل الأعين لشاشاتٍ بحجم كفّ اليد، وعمّ الصمت. إلا عندي. كلهم صاخبون في عوالمهم المضيئة -بصمت-. عدتُ إلى نفسي في زاويتي البعيدة، وجلست أسأل في صمتٍ -ليس بصمتٍ حقيقةً-؛ أيني مني الآن؟ تسرّبت من بين الأصابع، وقد ظننتُ الأصابع متلاصقةً لا يتسرب منها قطرةً. لكنها يدٌ، واليدُ لا تقبض على ظلٍ هارب. أين أذهب الآن؟ إلى عشي الوحيد الممتلئ بصدى صوتي، والفارغ مني، في نفس الوقت. هل أنا فردٌ أم ظلّ فردٍ فرّ من مكانه؟ لأنه سئم السير خلف الخطى التي لا تخصّه. واليدُ لا تقبض، إلا إذا كانت يدُ اليأس؛ فهي شبكة الصياد الخفيّة. تدوس غصناً أثناء سيرك، فتطير محمولاً على الشِباك، ولن تفلت إلا إذا أفلتك الصياد الذي نصب الفخّ من البداية. هل الصياد يأسي، أم أني أنا الصياد؟ غربتي صغيرة وكبيرة. صغيرةٌ لأن لي بيت. كبيرةٌ لأن بيتيّ فارغٌ مني. وأخاف أن أسير في أرض الصيادين -يأسي وكآبتي- لذا أختار زاويةً بعيدة، أو عشّاً وحيداً؛ لأختبئ من المفترسين، ولكنهم ينقضون عليّ، في عقر داري! بجانب أمي التي ذهبت للتركني بمكاني يسيطر عليّ شعور الخوف ؛ لأن أمي لم تعلمني أساليب الصيد كانت أرق من كل هذا ، وتركت قلبي فارغاً كمعدتي، ومعدتي تمتلئ أحيانا، وقلبي لا يمتلئ أبداً. وصيادي في شكل أبي، وبعض أصدقائي، وكل الأماكن التي أبت أن تتسع لي. ولم يبق في هذا الفراغ البارد غير ظلٍ فارٍّ، وشباك صيدٍ مبعثرةٍ، وقلبٍ فارغٍ لا يمتلئ بالسجائر والأدوية. وهذه ساعة الصمت انقضت، وانطفأت الشاشات، أو احترقت -لا يعنيني- وعلقتُ أنا في ساعةِ صمتٍ أبديةٍ أطارد فيها معنى وجودي كالسائر مسرعاً إلى أشغاله وهو ينظر لساعته -الوقت، الوقت، عالوقت وتأخرت-

مَـــزاد "مـثلـية" حيث تعيش القصص. اكتشف الآن