الفصل العاشر: سهول دموية

35 4 0
                                    




كان المنظر الذي شهدته رنيم أمامها يماثل ما قد تراه مرسوماً في لوحات في القصر الملكي أو مطبوعاً في إحدى صفحات الكتب.. الفرسان المقاتلون بسيوفهم اللامعة والجثث التي ارتمت أرضاً والدماء التي لطخت كل شيء.. لكن اللوحات التي كانت تتأملها بشيء من الشغف كانت تختلف تمام الاختلاف عن ذلك الواقع الذي تراه الآن.. فمشهد الجثث بالأطراف المقطوعة والرأس المفصول تبدو أكثر قسوة من رؤيتها مرسومة، وما يزيد الأمر واقعية هو تلك الأصوات العالية والصليل الذي يصمّ الآذان والرائحة الكريهة التي تنبعث من كل شيء أمامها.. ولكل ذلك، فقد قبعت في موقعها تراقب ما يجري ذاهلة ومصدومة بشكل يفوق التصور.. ولم تدرِ أنها كانت تئن بألم لما تراه حتى شعرت بآرجان يخفض رأسها بيده وهو يهمس "كفي عن هذا الانفعال واصمتي.. نحن في وضع حرج جداً.."

سمع صوتاً في تلك اللحظة من خلفه يقول "حسناً.. من هذان الفأران المختبئان هنا؟"

استدار آرجان بسرعة نحو الرجل الذي وقف خلفهما بضحكة ساخرة على وجهه، ومن ملابسه وهيئته بدا لرنيم أنه من الأكاشي بالذات، فطوّح آرجان سيفه نحو الرجل محاولاً التخلص منه والهرب قبل قدوم الآخرين.. تصدى الرجل للضربة بسهولة لكن آرجان عاجله بضربة جانبية ثم أخرى، وفي كل مرة يصد الرجل الضربة بسيفه بشكل سريع.. وفي غفلة من غريمه، استخرج آرجان خنجراً من طيّات ثيابه وطوّح يده اليسرى به في ضربة سريعة للجانب الآخر.. انتبه الرجل للضربة في اللحظة الأخيرة فصدّها بدرعه الخشبي وهو يقول بابتسامة وحشية "رائع.. أنت قادر على الصمود أمامي لدقائق.."

وطوّح درعه بقوة هاتفاً "سنرى كم سيدوم ذلك.."

أصاب الدرع سيف آرجان الذي طار بعيداً بعد أن أفلته لقوة الضربة، بينما أدار سيفه بحركة خاطفة جردت آرجان من خنجره.. عندها اتسعت ابتسامة الرجل وهو يقول بهزء "والآن، أنت عارٍ تماماً.."

تراجع آرجان خطوة مغطياً رنيم بجسده وهو يراقب غريمه، فرآه يرفع السيف عالياً بينما تأهب آرجان لتفادي الضربة والهجوم على الرجل بجسده.. لكن قبل أن يهوي السيف بقوة، فوجئ الإثنان برنيم تقفز أمام آرجان مادة ذراعيها وهي تصيح بصوت مرتجف "لا تفعل هذا.."

تجمدت يد الرجل في الهواء وهو ينظر لرنيم بتعجب لهذه الجرأة المفاجئة، بينما قالت رنيم بإلحاح "لا تقتله أرجوك.. سنعطيك كل ما نملك.. لكن لا تؤذنا.."

هتف آرجان بحنق وهو يزيحها "ما الذي تفعلينه يا حمقاء؟"

لكن رنيم مدت يدها وانتزعت قلادة ذهبية احتفظت بها مما كانت تملكه سابقاً وخبأتها بين طيات ثيابها، فمدت يداً مرتجفة بها للرجل القريب قائلة "هذه قلادة من ذهب خالص.. هي غالية الثمن وستعود عليك بفائدة كبيرة.."

على جناح تنينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن