الفصل الثامن: (عُقاب)

175 22 3
                                    

قلادة اوناتي
بسم الله الرحمن الرحيم
_________________________
ماذا حدث يا أوركيدة ؟ هل أصابكي مكروه
قالت أوركيدة وكانت الدموع تنهمر من عينيها وكأنه شلال على هيئة قطرات من المياه : إنقذ ياقوت يا عُقاب أتوسل إليك....
لقد رأيت رجلاً يرتدي قلنسوة حمراء يخفي بها ملامح وجهه لم تظهر إلا عيونه البنية وحاجبان كثيفان وكانَ ملتحمين ببعضهن بعضاً حملها وظلت تصرخ تستنجد بي صراخها كان يدوي المكان بأكمله قلبي يؤلمني بشدة كلما تذكرت صراخها إنها صديقتي بل أختي الصغيرة
منذ أن جئت على هذه الدنيا كنت وحيدة لكنها كانت تؤنس وحدتي كنت أعتبرها أختي الصغيرة لا بل هي بالفعل أختي وحبيبتي إنقذها أرجوك يا.....
وقعت أوركيدة فاقدة للوعي لأنها لم تتحمل مقدار الصدمة الذي أصابها !
★٭٭٭٭★٭٭٭٭★٭٭٭٭★٭٭٭٭★٭٭٭٭★
عندما رأيتها في هذه الحالة إحمرَّ وجهي غضباً وأقسمت أنني سوف أتعرف على خاطف الصبية والفتيات وسأحكم عليه بالإعدام بنفسي هذا سوف يكون القصاص العادل جزاءًا على ما فعله ب أُسر هؤلاء الصبية أمرتُ النساء بأخذها وأمرت رجلاً كان واقفاً منضماً إلى الجمع الذي كان يشاهد ما يحدث بإحضار الطبيب كان على وجهه تعجب من لهجتي الآمرة له لكنه نفذ ما أمرت به وأحضر الطبيب كان الطبيب ينظر إليّ بشكٍ واضح لكني أسرعت بإخفاء وجهي حتى لا يتعرّف على هيئتي عندما دخل الطبيب إلى غرفة أوركيدة ذهبت سريعاً إلى والد أوركيدة لكي أطمئنه وأوصيته بالإعتناء بها جيداً سألني متعجباً :
من أنت يا بني ؟ إنني لم أركَ في مكانٍ قد !
قلت له: إسمي عُقاب والباقي ستحكيه لك أوركيدة عندما تستفيق
قال: هل قابلت إبنتي أين وكيف حدث هذا؟!
قلت: سوف أحكي لك كل شئ تود أن تعرفه لكن الآن سوف أذهب لكي أقوم بمهمة عليّ إتمامها
قال :على كل حال أشكرك يا بني جزيل الشكر بدونك كنت فقدت إبنتي
قلت بلهجة وكأنني جالس على كرسيّ العرش:
" لا داعي للشكر لم أقم إلا بواجبي سوف أذهب الآن" .
وأردفت بعيداً عنه وكنت أسير بخطواتٍ واثقة وعقلي لا يفكر إلا في القبض على هذا المجرم !
★٭٭٭٭★٭٭٭٭★٭٭٭٭★٭٭٭٭★٭٭٭٭★
أمضيت قُدماً أسير في شوارع أوناتي وسكنت هذه الليلة فوق تلٍ أترقب حدوث أي شئٍ .....
عند منتصف الليل شعرت بأن هناك أحداً يتسلل بخطوات تكاد تكون غير مسموعة نهضت من رقدتي وجلست على ركبتي اليمنى و حاولت أن أُقربَ أذنيّ إلى مصدر الصوت
نظرت لأسفل وجدت أحداً يرتدي قلنسوة لم يظهر لي لونها في الظلام وكان معه أحدٌ يرتدي نفس ملابسه
قلنسوة تغطي ملامحه كلياً عندما تمعنت ونظرت جيداً لهما وجدت أن عيونهم وحاجبيهم يظهرون من القلنسوة
تسللت إلى ألأسفل بخطواتٍ بطيئة حتى وصلت قدماي إلى الأرض وجدتهن يتسللن بخطواتٍ كانت مرتجلة نوعاً ما ذهبت ورائهم وتتبعت آثار أقدامهم حتى وجدتهم يتجهون إلى {جبل الروح } كان هذا الجبل معروفاً بإرتفاعه الشاهق كما لم يذهب إليه بشرٌ قد !
كانوا يتناقلون قصصاً بأن هذا الجبل شهد مقتل الكثيرين وصعدت أروَحهم إلى السماء
"أيعقل أن يخبؤ الصبية هنا؟"
هرولت إليهم سريعاً وكنت مختبئاً خلف حجرٌ كبير
هذه المنطقة تُعرف بأنها مليئة بالصخور الحادة
لا أحد يعرف سر هذه المنطقة الغربية أطلق عليها جميع سكان أوناتي بأرض "موت الأحبة "لم أهتم كثيراً بهذا اللقب حتى أنني لا أعرف لماذا سميت بهذا الإسم ؟
اعتدت على أن سكان أوناتي يخترعوا قصص ليس لها وجود من الأساس !
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
إتبعت آثار أقدامهم وكنت أسرع للحاق بهم
رءيتهم يتلفتون يميناً ويساراً يترقبون إن كان أحداً لحق بهم رءيتهم يدخلون كهفاً حاولت أن أنظر ماذا يحدث هناك لكنهم حجبوا عني الرؤية لم يظهر إلا طيفهم بينما كنت أنظر إلي الكهف سمعت صوت صراخ يدوي المكان بأكمله!
لكن ما هذا!هذا ليس صوت صراخٍ لشخص واحد بل لصوت صراخ لعدة أفراد !
لا هذا صوت صبية يصرخون
وكأن أحداً يقطع أجسادهم اشلاءاً ...
لم أتحمل مقدار هذا الصراخ الذي كان يمزق قلبي
ذهبت إلى الكهف عيناي إتسعت من المنظر الذي آراه
يا إلهي ما هذا!
٭٭٭ ★__________★__________★٭٭٭
كان الكهف واسع وكبير من الداخل عندما تراه من الخارج تعتقده صغيراً لكنه أوسع وأكبر بكثير مما كان يعتقده عقاب كان الكهف به ست رجال وأربع صبية من بينهم فتاة كانوا يصرخون لأن أحداً من هؤلاء الرجال قاموا بقطع يد صبيٍ كان يصرخ ويطلب النجاة لكن الغريب في الأمر أن الأطفال كانوا حليقي الرؤوس وكان أحدهم ينقش وشوم بلون الأسود على رقبة الصبية أما الفتاة فكان الرجل ينقش الوشوم السوداء على كتفها الأيمن وكان الأطفال يرتدون عباءات باللون الأسود القاتم
وبها غطاء من الخلف كانت العباءات منظرها مريب للغاية
عندما شاهدوا عقاب يهرول إليهم ألقوا ما بأيديهم
وذهبوا لمقاتلته وأن ينالوا منه لأنه علم بمخبأهم السري
★ ٭٭٭ ★٭٭٭★٭٭٭★٭٭٭★٭٭٭★٭٭٭★
عندما رءايتهم يفعلون هذا ورءيت هذا الصبي المسكين
الذي كان يصرخ وقام أحدٌ من هؤلاء الرجال بقطع يده
إنفرجت أسارير وجهي وكاد الدم أن يخرج من عروقي
وذهبت إلى هذا الرجل وكورت قبضة يدي الصلبة و قمت بضرب ذلك الرجل على وجهه بقوة ورءيت ملامحه كان فكه عريض وحاجباه كثيفان يكادوا أن يلتصقوا ببعض
وكانت الدماء تخرج من أنفه بغزارة ومكثت أضربه بقوة
حتى صار طريحاً على الأرض كدت أذهب إلى هذا الصبي وجدت خمسة رجال خلفي كان أحدهم ممسك بسيف كبير وقام أحدهم بصفعي على وجهي والآخر كان يشل حركتي عندما صفع وجهي بقوة سقط شاربي المستعار وقام الرجل بجلب الماء وسكبه على وجهي بقوة ذهب هذا اللون الذي أصبغت به نفسي لكي يكون لوني نفس لون سكان أرض أوناتي كاد الآخر سيضربني بسيفه الكبير
لكنه توقف عندما سمع صوت صاحبه الذي كان يقف في نهاية الكهف: "توقف إنه الملك عقاب ملك هذه الأرض"
ثم هرولوا إلى الخارج علامات الفزع تظهر على وجوههم كاد عقاب يلحق بهم لكنه تذكر الصبية هل سيتركهم وحيدون في هذا الكهف الموحش ؟؟
••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
عقاب ليس من سكان أرض أوناتي هو من أرض الجبال الحمراء
أرض معروفة بعلو جبالها وقوة رجالها وعيونهم الحادة كالطيور الجارحة وارتفاع قامتهم وشعر رؤوسهم الناعم الذي يصل إلى أكتافهم وجسدهم القوي المفتول بالعضلات لأن معظم سكان هذه الأرض ينحتون الصخور وهي مهنة شاقة ومتعبة وصاحب هذه المهنة يتحمل مسئولية عمله على عاتقه !
مَلك هذه الأرض يكون والد عقاب الملك «إسحاق» قام بأخذ أرض أوناتي وحررها من بطش الملك الذي كان يأخذ سكانها قهراً ويجعلهم عبيد له
••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
كان الملك إسحاق ملك عادل طيب لا يقبل الذل والهوان كان عزيز النفس جرئ الطباع تشعر وكأنه ملك بارع وليس ملكاً يرتدي تاجاً فحسب بل بارع في فن الكبرياء والغموض أيضاً عندما تراه للوهلة الأولى تهابه وكيف لا تهابه وهو ملك الأرضين حامل الرايتين الملك إسحاق !!
أحبَّ إسحاق فتاة وتزوجها كانت خير جليسة له فهي مؤنسته وحبيبته وأم إبنه الوحيد وحبيبة دربه وشريكة حياته الملكة «لينادرا» فهي كانت رحيق حياته
دخلت قلبه دون أي جدال قد !!
"كانت لينادرا فتاةجميلة هادئة الطباع قوية الشخصيةعندما تتمعن في وجهها تجد طمأنينة تراودها
أنجبوا طفلاً في غاية الجمال أطلق عليه والده إسم عُقاب لأنه كان شديد التعلق بالجوارح من الطيور
فكان طائره المفضل هو العُقاب كم أحب إسحاق طائرهُ الذي مات وترك إسحاق وحيداً كان إسحاق متعلق بطائره وكان يحبه ويقضون مع بعضهم البعض أغلب أوقاتهم ،كان إسحاق يأخذه معه في حروبه ومعاركه و كان يساعده بمخالبه الحادة ومنقاره الحاد الذي يغرسه في عنق كل من حاول الإقتراب من صاحبه "اسحاق"
••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
في إحدى المعارك التي كانت بقيادة إسحاق كان عُقاب يرافقه في هذه المعركة محلقاً فوقه يترقب الإشارة فكان إسحاق يدربه على إشارات الحروب ولون الراية وعلامة الإنسحاب والهجوم وتدريبات كثيرة للغاية....
كان جيش إسحاق يقاتل بكل مهارة ضد جيش أعدائهم
وكان الإنتصار حليف إسحاق وجيشه المغوار ،
ولكن كان هناك رجلاً من جيش الأعداء قد أصيب بجرح في قدميه نهض ذلك الرجل من رقدته وقام بتصويب سهم حاد النصل ورفيع للغاية كان يوجهه ناحية إسحاق الذي كان يحتفل هو وجيشه بالنصر وما لبث حتى سمع صوت تأوه ولكنه علم أنه هو العقاب ،أفداه بروحه وحياته وقرر حماية حياة صاحبه وشريكه إسحاق.......
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••
'كان عقاب طائر إسحاق '
يراقب إسحاق هو وجيشه يحتفلون بالنصر فكان يطير عالياً محلقاً حول الجيش وقائدهم إسحاق ولكنه لاحظ نهوض أحد الرجال ولكنه علم أنه العدو
كان إسحاق يدرب عقاب على ألوان ملابس الجيوش
سواء أكان لون ملابس جيش العدو سوداء اللون أو لون ملابس عقاب وجيشه بيضاء اللون العقاب بطبيعته قوي ووفيٌّ لصاحبه والعقاب بطبيعته حاد النظر ،مخالبه أحد السيوف...
عندما شاهد عقاب رجلاً ويرتدي ملابس لونها سوداء مثل الذي رءاها في تدريبات إسحاق له
هبط العقاب لأسفل بسرعة شديدة للغاية وكأنه شهاب من السماء محترقاً من الغلاف الجوي لسرعته الهابطة إلى الأرض
كاد السهم يخترق إسحاق من الخلف لكنه سرعة هذا الطائر كانت تفوق السهم سرعةً وضرب السهم في قلب العقاب مباشرةً وتناثرت دماء العقاب على جسد إسحاق
قام واحدٌ من جيش إسحاق بضرب سهامه في هذا العدو الذي حاول قتل قائدهم....
شاهد إسحاق رفيقه وسائلهُ الأحمر متناثر على الأرض وعلى ملابسه شرد إسحاق ونزلت دموع حارة بصمتٍ على وجنتيه
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
«وكأن العالم بأكمله توقف عن الحركة ليس العالم قد بل دقات قلبي ...
قلبي الذي يعمل كمنبه كلما يدق أتأكد أنني على قيد الحياة ولكنه هذه المرة لا يدق أشعر وكأنه يتمزق داخلي أصبحت جسداً بلا روح .......
لماذا ؟ لماذا يحدث كل هذا معي ؟ صبرت على كوني
وحيداً أشد آلامي وحروبي وأزماتي واجهتها بمفردي
ولكن لماذا صديقي ؟ لماذا هو بالتحديد ، الحياة أخذت مني أشياء كثيرة كم تمنيت أن تأخذني الحياة كما أخذت مني كل الأشياء الحلوة .
ثم صرخ إسحاق بقوة بكل ما أصاب قلبه من آلام!!!!
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
سمى إسحاق إبنه بهذا الإسم نسبة لطائره الذي مات
وكان سعيداً هو و لينادرا بمولودهم الجديد والذي سيعوض إسحاق عن كل آلامه الذي عاشها في الماضي
مرت الأيام والأسابيع والشهور والسنين حتى وصل عقاب إلى العقد الثاني من عمره سمع صوت نحيب يأتي من خدم القصر عندما سمعه توجه لهم وقال:
"ماذا حدث ؟ لماذا تبكون هكذا هل أصابكم مكروه؟"

قلادة أوناتي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن