الفصل الثاني

558 18 4
                                    

رواية
نجوم مختبئة
الفصل الثاني
بقلم
منة طارق سليم

عاد هو بصحبة غضبه لقصره ولم يتناول غداءهُ ولم يجلس مع والدهِ، بل ظل ينتظر مكالمة مدير أعمالهِ حتى رن هاتفهُ فالتقطهُ كمن يلتقط طوق النجاة وأخذ مدير أعمالهِ يخبرهُ بمعلوماتها الحقيقية حتى انتهى وأغلق هاتفهُ وهو يقول: إنها كاذبة في كل شيء، لست أنا فقط من كَذَبَتْ بشأنه، وتعمل معلمة! يا لهذه الحماقة!
خرج بنفس الغضب الذي عاد بهِ في الظهيرة عندما حل المساء وركب سيارته الفارهة وقادها ويحمل النية بتوبيخ تلك الكاذبة وتهديدها لكي تتراجع عن كذبها عليه.
بينما يقول لهُ صوت انتقامهِ اقتراحًا أكثر خبثًا، لماذا لا تقترب منها من دون أن تعلم أنك سليم سليمان؟ أجل ستكون هذه وسيلة لتلقينها درسًا أكثر صعوبة، ولكن كيف أفعل ذلك؟ وكيف أقترب منها دون أن تعلم من أنا؟ وبأي حجة؟

في القصر كانت سمر تستعد للخروج وتتزين وياسمين تشاهدها، فقالت سمر: حسنًا أيتها الصعيدية ألم تملى من الجلوس في القصر بمفردك؟!
فلم ترد ياسمين والإجابة واضحة تمامًا على وجهها، إنها في جوف الملل وتحت أقدام الحزن، فأكملت سمر: أنا ذاهبة الآن لحفلة نسائية لجمعية تديرها مجموعة من سيدات الأعمال، والثريات، وزوجات رجال الأعمال، وغيرهن من سيدات تركيا، فهل تذهبي معي؟
بدت ياسمين بأنها تحتاج فقط للقليل من الإقناع، فأكملت سمر: على الأقل ستستخدمين بعض العبارات التركية التي تعلمتِها، فالممارسة هي أفضل وسيلة لتعلم اللغة، وليس هناك رجال في الحفل.
ردت ياسمين بتردد
- أنا موافقة، ولكن لن نتأخر بالخارج، أليس كذلك؟
- أجل لن نتأخر، فقط ساعة وسنعود، فلدى عمل في الصباح الباكر، هيا ارتدي ملابسكِ بسرعه، فقط اتصلت على الشركة لترسل لي إحدى السيارات الفارهة، هيا.
ذهبت ياسمين لغرفتها وتجهزت للخروج، فسمعت صوت سيارة بالقرب من الحديقة، فنظرت من النافذة فرأت سيارة فارهة تقف أمام مدخل القصر مباشرة، فذهبت إلى سمر وقالت: لقد وصلت السيارة، ثم نظرت إليها وقالت: يا ألله، ما زلتِ لم تنتهِ بعد! فقد انتهيت أنا وقد بدأت للتو.
ردت سمر وهي لاتزال تنسق فستانها: لقد جاءت السيارة بسرعة جدًا، اذهبي واركبي، وأخبري السائق أني قادمة خلال دقائق.
وقف هو بسيارته ينظر للقصر ونسي أنهُ من المفترض أن يختلس النظر، هكذا هم الشرفاء لا يتقنون الحيل السيئة، وبينما هو ينظر إذ بباب القصر يُفتح فأضاء النور من داخل القصر عليه، ضوء قوي، فنظر لهُ ورأى فتاة محجبة تخرج منهُ وتتجه له مباشرة وكأنها تنتظر قدومه أو تعلم مسبقًا!
وهو يفكر: لقد أخبرني أُوغلو أنها تعيش في هذا القصر المستأجر بمفردها، لا بد أنها هي، وأخذ يتأملها وهي في حجابها، وردائها الفضفاض الواسع، وهي تقترب فتظهر براءة ملامح وجهها كبراءة وجوه الأطفال، تسير بتواضع، وهو يقول في سره، حقًا كم أن المظاهر خادعة، من الذي يصدق أن هذه كاذبة!
وصلت إلى السيارة وهو ينظر لها بغضبٍ واندهاش، فهو لا يعلم بماذا سيخبرها إذا سألتهُ لماذا تقف أمام القصر؟
أما هي فظنت أنهُ غاضب لتأخرها في القدوم، فقالت بلغة تركية بالكاد تُفهم: آسفة على التأخير.
أما هو فاندهش أكثر عندما سمعها تتحدث التركية بصعوبة، وهو يتذكر، لقد أخبرني أُوغلو أنها تدرس التركية للمهاجرين!
بينما هي ظنت أنهُ لم يفهم ما قد نطقت بهِ، فقالت وهي تحاول مجددًا: سمر ستأتي في لحظات، وركبت السيارة بالمقعد الخلفي وسط اندهاشه، ثم لفت تفكيرهُ ما قد قالت، فقال باللهجة المصرية: إذن أنتِ لستِ سمر؟
ردت هي باندهاش أكثر: إنت تتحدث المصرية!
- بالطبع، لأنني نصف مصري.
ابتسمت وقالت
- هذا رائع، لقد أخبرتني سمر بأن المصريين كثيرون هنا.
- إذن أنتِ لستِ سمر، فأين هي ؟
- ستأتي في لحظاتٍ قليلة.
وجد هو فرصة لمعرفة الكاذبة دون أن تدري، وأثار فضولهُ هذه الفتاة، قد يكون خلفها أحد قصص المهاجرين وخاصه أن ملابسها متواضعه، وأراد أن يسألها، فقالت هي قبل أن يسأل: لقد أجبتني باللهجة المصرية عندما وجدت لغتي التركية ضعيفة، فكيف خمنت أنني مصرية؟!
كان يفكر بماذا يجيبها؟ هو خمَّن أنها مصرية؛ لأنهُ يعلم أن الكاذبة الأخرى مصرية، وهذه محجبة، و...
خرجت سمر من القصر فنظر كلاهما لباب القصر وقالت ياسمين: ها قد جاءت سمر اخيرًا.
ونظر هو لمن تكذب عليه ليجدها فتاة جميلة ترتدي ملابس متألقة، وتسير بتكبر وهى ترسم خطواتها، ثم ركبت السيارة بجانب الفتاة الأخرى دون أن تقول كلمة واحدة، وبغرورٍ نظرت له وقالت عنوان المكان بينما الفتاة الأخرى تقول: سمر لن تصدقي هذا، فالسائق مصري.
ردت الأخرى بدون اهتمام: تهانينا، فنظرت لها ياسمين، فأكلمت سمر: هذا ليس بالشيء الهام، ثم نظرت لهُ وهو يحدق بها وقالت: لماذا لم تتحرك بعد، هيَّا سأتأخر على الحفلة.
قاد السيارة بسرعة، لقد كان يفكر في حيلة ما، وعندما وصل إليهم وجد الحيلة تنتظرهُ مقدمًا، وهم يعتقدون أنهُ سائق، والآن وجد الأمر مسلٍّ أن يرى من تكذب عليه دون أن ترى وجههُ، وللفتاة الأخرى ذات الوجه البريء على النقيض تمامًا منها.
ثم قال وهو يقود السيارة: إذن أنتِ سمر صديقة سليم سليمان؟
ردت بغرورٍ وهي تلهو بهاتفها: لست صديقتهُ، هو يسعى لمصادقتي لكي يتزوج مني، ولكني لم أقبلهُ بعد.
رد هو وعلامات السخريه على وجهه: حقًا! وهل هناك أي أمل آخر لهذا المسكين يحيى من أجله؟!
نظرت لها ياسمين بانزعاج، بينما الأخرى لا تأبه لنظراتها.
فقالت ياسمين تود تغيير الحديث عن هذا الأمر: لقد كنت أخشى الخروج من القصر لأنني لا أجيد التركية، والآن هذا السائق يتحدث باللهجة المصرية، سوف أخذ رقم هاتفهُ لكي يقلني عندما أود الخروج وأنتِ في العمل.
ردت سمر: أجل أيها السائق، أعطها رقم هاتفك أنت وليس رقم الشركة، حتى إذا احتاجت إليك تأتي أنت وليس سائقًا آخر.
لم يعرف بماذا يجيب، وأعطاها رقم الهاتف وهو يقول: ولكني لست متاحًا دائمًا، وخاصة في الصباح.
ردت ياسمين: لا مشكلة، فأنا سأخرج عندما أود التنزه، وهذا لن يحدث كثيرًا، ربما مرة واحدة في الأسبوع، ولن تكون في الصباح الباكر.
ردت سمر : ها قد بدأتِ في التفكير بطريقة إيجابية، اعتبري الأمر رحلة وليس منفى، أنتِ في رحلة في تركيا، تنزهي وزوري كل المعالم والأماكن الجميلة، وكفى من هذا الحزن الذي يصاحبكِ منذ قدومكِ إلى هنا.
وهو يفكر في سره يا لهذه الصدفة الغريبة، لقد كانتا تنتظران سيارة أحد الشركات إذن وجئت أنا في الوقت المناسب، لا مشكلة من التسلية بتلك الكاذبة حتى ألقنها درسًا أقسى.
وفضولهُ أيضًا ذهب للفتاة الأخرى، تبدو خلفها قصة ليست عادية، يبدو هذا واضح من حديثهما معًا.
قطع تفكيره صوت الفتاة البريئة وهي تقول لهُ: ما هو اسمك حتى أسجلهُ على الهاتف؟
ردت سمر بتأفف: سجليه السائق وحسب.
فنظرت لها بعيونها البريئة وكأنها تقول: يا لكِ من سخيفة، ونظرت لهُ وقالت: اسمك، ما هو اسمك؟
كاد أن يقول سليم سليمان، فهذا سؤال تسهل إجابتهُ عندما تكون صادقًا، ولكن عندما تكذب يصبح كل شيء صعبًا ويحتاج إلى الدقة، ولكنه أمسك لسانهُ وقال: اسمي.. اسمي.. فنظرت لهُ ياسمين بتعجب وهي تقول: لماذا الجميع هنا يتصرف بغرابة؟
بينما الأخرى تضحك وتقول: هل نسيت اسمك أيها السائق؟!
فقال: اسمي أحمد، وأنتِ يا آنستي ما اسمكِ حتى أسجلهُ؟
ردت وهي تسجل اسمهُ: اسمي ياسمين.
رد هو بتلقائية تامة والابتسامة على وجههِ: يا لهُ من اسم جميل، أحب هذا الاسم؛ لأن اسم الفتاة التي أعشقها ياسمين.
ظنت أنه يريد الإطراء عليها فلم ترد، بينما أسرعت الأخرى بالقول بغرور: بالمناسبة هي صعيدية الثقافة ولا تقبل المجاملات في الحديث من الرجال.
فأسرع هو قائلًا: أنا آسف يا شقيقتي لن أكن أقصد.
لم تُعلق على ما قد قال، بل نزلت كلتاهما من السيارة في اتجاه الفندق، وهو ينظر لهما يود أن يعلم ماذا تفعلان في هذا الفندق؟ فليس مستبعد عن هذه الكاذبة أنها تستغل سمعتهُ في شيء ما، فانتظر حتى دخلتا إلى الفندق ونزل من السيارة يحاول تتبعهما.
وصلتا إلى بوابة أحد القاعات بالفندق وهو يتبعهما، وعندما وصل إلى البوابة قال للحارس الذي يقف على باب القاعة: ماذا بالداخل؟
رد الحارس: حفلة نسائية لأحد الجمعيات التي تديرها أثرياء تركيا من النساء.
عاد وجلس في الفندق وطلب عشاءه، فهو لم يتناول حتى الغداء بسبب الغضب.
دخلت سمر وياسمين القاعة، وأخذت سمر تصافح النساء وتحتضن هذه وتقبل تلك بسعادة، وعندما يسألونها عن ياسمين تتبسم وتقول: إنها ياسمين صديقتي، من أشهر الروائيات في مصر، وثرية أيضًا، ولكنها شديدة التواضع كما ترون.
كانت سمر تستغل ضعف ياسمين في اللغة التركية وتتباهى بها أمام النساء دون أن تدري، وياسمين تنظر إلى المكان والحاضرات فيه وتشعر أنها لا تنتمي إلى هذا المكان ولا من فيه، فهي مملكتها من الكلمات والأفكار، وليست مملكة مال أو أناقة الثياب.
ظلت تراقب تحركات النساء كيف يتحركن، وكيف هي لغة جسدهن التي لا تكذب كاللسان حتى ملت من مشاهدة مملكة المظاهر، فقررت أن تأخذ جولة في الفندق، فطابعهُ المعماري مختلف بالنسبة لها.
تجولت في أرجاء المكان، ثم جلست في أحد أركان الفندق وهي تشعر بالوحدة، وأمسكت بهاتفها فكتبت قليلًا على حسابها على مواقع التواصل، ثم عادت للصمت.
أنهى سليم عشاءه وكان يفكر هل يغادر أم يظل ليراقب تلك الكاذبة لبعض الوقت؟
أخذ يسير في الفندق يفكر فرآها جالسة وهي وحيدة تمامًا، تذكرهُ وحدتها بوحدته عندما جاء إلى تركيا مع والدهِ منذ خمسة عشر عامًا ولم يكن يجيد التحدث أو لديه علاقات، الفضول يقتلهُ ليعرف قصة هذه الفتاة. أجل لا بد أن خلفها قصة، فهي بدون عائلة، وحضرت منذ قليل، وعلى النقيض من صديقتها الكاذبة.
استغرق في التفكير فيها أكثر وأخذ يقول لا ينبغي ترك فتاة بريئة مثلها، عليَّ الاعتناء بها حتى لا تسقط مع من يسيء استخدام براءتها أو تتحول إلى كاذبة كصديقتها، لا بد أنها مرغمة على العيش مع صديقتها بسبب فقرها، فمظهرها متواضع للغاية، أنها ي مهاجرة، والمهاجرون في الغالب ما يمرون بظروف قاسية.
اقترب منها وهو يحاول أن يختلق عذرًا للحديث معها، فقد تخبرهُ بقصتها أو يعلم قليلًا عن صديقتها الكاذبة، وتتردد في أذنيه كلمات صديقتها إنها صعيدية لا تقبل المجاملات، ثم قال:
- السلام عليكم.
نظرت لهُ في تساؤل؟ وهو متعجب مع نفسهُ لماذا مندهشة هكذا من رؤيته؟
فقالت:
- أنت لا تزال هنا؟!
رد هو بتلقائية تامة:
- أجل ما المشكلة ؟
ردت باندهاش أكثر:
- ألم تعد إلى عملك؟
- عمل! أي عمل؟
- عملك، ألست سائق؟!
وضع يدهُ على رأسه، فلقد نسي كذبتهُ منذ قليل، فحقًا كما يقول المثل: "الكذاب نساي"، ولو مشي الكذب لضل، وأسرع يقول وهو يتلعثم في الحديث: أجل.. أجل أنا سائق أنا سائق، لقد.. لقد.. لقد كنت أوصل إحدى السيدات إلى نفس الفندق.
ردت ياسمين ببراءه
- وماذا بعد أن أوصلتها لماذا لا تزال هنا؟
- لأن ورديتي للعمل قد انتهت لهذه الليلة، وقد دعاني أحدهم للجلوس هنا قليلًا وكنت على وشك المغادرة.
بينما يفرك جبهتهُ ويقول في سره لقد كذبت كذبة، وها هي تجرني للمزيد من الأكاذيب، أستغفرك ربي وأتوب إليك. بينما هو يفكر كانت ياسمين تتأمل أناقة ملابسهُ ووجههُ .
صمت الاثنان قليلًا فقال: لماذا تركتِ الحفلة النسائية وجلستِ وحيدة منعزلة هنا، فجميع من حولكِ هن نساء ودودات.
نظرت بحزن وقالت: كونك محاط بكثير من الناس فهذا لا يعني بالضرورة أنك لست وحيدًا، فقد لا تجد الألفة بين كل المحيطين بك وتعثر عليها في العزلة، ثم صمتت مجددًا وعلى وجهها علامات الحزن.
فقال هو: إذا كنتِ تودين العودة يمكنني أن أعود بكِ للقصر، فليس عليكِ الانتظار حتى ينتهي الحفل إذا كنتِ تشعرين بالوحدة في هذا المكان.
فكرت فيما يقول، تشعر أنها تألفهُ على الرغم من أنها لم تألف الرجال من قبل، ولكن ربما عندما أصبحت غريبة بين النساء غرباء بدى هو مألوف لها من لهجته وأصلهِ المصري، والطريقة التي يعاملها بها، وتفكر لماذا هو يهتم هكذا؟
ظن أنها لا تملك المال فقال: لقد انتهى عملي، ولذا إذا أردتِ العودة فأنا سأقوم بإيصالك كشقيق يقوم بتوصيل شقيقتهِ فحسب بعيدًا عن عملي كسائق.
ابتسمت وقالت: شكرًا لك يا.. وصمتت.
فقال هو: لماذا لم تكملي يا؟ أم أنني كسائق لا أليق أن أكون شقيقًا لكِ؟
تعجبت وقالت وهى تبتسم: لا ليس الأمر كذلك، لكن في الحقيقة ليس لي أشقاء رجال، لذا فتبدو هذه الكلمة غربية على أذني ولساني أيضًا، كما أنني سأنتظر سمر.
استطاع في النهاية أن ينفذ للحديث معها عن المهاجرين، فهو يفهم أنها تشعر بالوحدة، وأخذت تتحدث وتسألهُ عن أماكن تواجدهم وما شابه، وتنظر لهُ بعينين بريئتين قتلت أجمل نساء الأرض غيرةً، ونطق لسانها بكلمات ساحرة لو استمعت لها العصافير لما غردت، لما بقي من حياتها، فحتى تغريد الطيور لا يرقى إلى سحر كلماتها الذي ينبع من القلب.
رن هاتفهُ، إنهُ مدير أعمالهِ ولا يمكنهُ الإجابة أمامها وإلا انكشفت كذبتهُ، وقبل أن يعتذر منها ليجيبهُ رن أيضًا هاتفها، فنظرت وقالت وهي تبتسم: إنها سمر، لا بد أنها قلقة عليَّ، حسنًا إلى اللقاء، واتجهت إلى القاعة، وذهب هو في طريقهُ للخروج من الفندق.

كانتا في طريقهما للخروج بعد انتهاء الأمسية وياسمين تقول: ألا نتصل بأحمد ليعود بنا؟
-لا ليس لدينا مال كافٍ لاستخدام سيارة فارهة مرتين في نفس اليوم.
- سأدفع أنا ثمن العودة.
- احتفظي بثمن العودة، فلدينا حفلة أخرى خلال هذا الأسبوع، وسنحتاج لسيارة فارهة لتقلنا، وأنتِ لا تحبي التبذير أليس كذلك؟
- لا أحب التبذير، ولكن كيف سنعود؟
- سنتظاهر أننا نأخذ جولة في حديقة الفندق، ثم سنستمر في السير حتى نبتعد عن هذه المنطقة، ثم سنستقل تاكسي أو حافلة، ستكون أرخص بكثير.
ردت ياسمين: وماذا لو شاهدكِ أحد وأنتِ تسيرين؟
- سأخبرهُ عندها أنني أتجول من أجل شراء بعض الهدايا فأفكاري لا تنتهي.
كان عليها أن تقول أكاذيبي لا تنتهي، هكذا فكر سليم وهو يستمع لهما وهما يخرجان من الفندق ويتأملها في نفسه قائلا إن مثل الدنيا كمثل هذه الفتاة؛ جميلة وجمالها زائف، وكاذبة ونحن نعلم أنها كاذبة، ونظل نستمع لها وهي تكذب علينا، ونعلم أن أكاذيبها ستؤدي بنا في النهاية إلى لا شيء لأننا لن نخرج من الدنيا أحياء.
ظل يراقبهما وهما تسيران، فاستمع إلى ياسمين وهي تقول لها:
يتبع
🌺

نجوم مختبئة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن