دخلت إلى غرفتها وهي تفكر: هل يمكن أن يكون هذا حقيقي؟ شاب لم يراني يومًا وأحبني فقط بسبب كلماتي! بل وقرر الزواج بي! لم يفكر كيف يبدو وجهي! ربما أكون قبيحة.
تشعر بتأنيب الضمير، فكم مؤلم لك كإنسان رقيق المشاعر عندما تعلم أنك لشخص آخر كل حياتهُ وأن سعادته لن تكون إلا بالقرب منك! وأنت لا تشعر به وتعتبره آخر اهتماماتك!
يريد الزواج مني، هل أنا مستعدة للزواج؟ هل أنا على استعداد لأن أشاركهُ حياتهُ ويشاركني حياتي إلى الأبد؟
فبعد مرور الكثير من السنوات والخبرات وجدت الزيف في العديد من الأشخاص الذين لا يدركون هذا الأمر، ويتزوجون من أجل أشياء تافهة أخرى لا تستحق أن نشوه هذه العلاقة الجميلة من أجلها.
الزواج.. لم أفكر بهِ من قبل، فهناك الكثير مما كان يشغلني عن التفكير بهِ؛ عائلتي، وعملي، وتحسين حياتنا من نواحٍ عدة، هو آخر اهتماماتي أنا، بينما هو أول اهتماماتهِ هو.
كم يحدث في حياتنا هذا الأمر عندما يكون شخص ما لا تشعر بهِ ولا تهتم لأمره وهو آخر ما تفكر بهِ، بينما هو يعتبرك كل حياتهِ ويبحث عنك في كل لحظة ليكون بالقرب منك؟
يدعوني شقيقتهُ وأنا غريبة عنهُ تمامًا، ويساعدني بقدر المستطاع، يفعل كل هذا على اعتبار أنني غريبة، فماذا سيفعل عندما يعلم أنني تلك الفتاة التي يبحث عنها؟
هل سيفرح لعثوره عليَّ؟ أم سيتألم عندما يعلم أنني كنت أعلم أنهُ يتألم من أجلي ولم أخبرهُ أنني هنا بجانبه وليس عليه البحث بعيدًا؟
كبعض البشر تكون السعادة بالقرب منهُ، ولكنهُ يتركها ويبحث عنها بعيدًا في مكان آخر، ويظل باقي حياتهُ بدون العثور عليها، فهو يبحث في المكان الخاطئ.
فتحت سمر باب الغرفة وقالت:
- كنت قلقة عليكِ، فقد تأخرتِ ولم تعتادي الخروج بمفردك، وأنتِ كالطفلة ، أين كنتِ كل هذا الوقت؟
- كنت أسير في الشارع إلى أي مكان تأخذني أقدامي، ثم صدمتني سيارة، شهقت سمر فتابعو ياسمين :ولكن ليس بعنف، فقد دفعتني للجانب فقط، هل تستطيعين تخمين من السائق؟
تجمدت سمر في سيرها بالغرفة وقالت:
- أرجوكِ لا تخبريني أنهُ السائق أحمد.
- يا لكِ من ذكية.
أكملت سيرها في الغرفة وقالت:
- يا لهُ من غبي، لا أفهم كيف يعمل كسائق وقيادته سيئة للغاية.
ردت ياسمين وهى تزيل خصلات شعرها للخلف
- على سيرة أحمد، ألا يذكرك ما حدث بشيء ما؟
اقتربت منها وهي تضم يدها اليمنى إلى اليسرى وقالت:
- كنت أنوي الاعتذار منهُ، فما حدث معي اليوم جعلني أشعر بالذل من شخص أقوى مني، لن أتكبر ما بقي من حياتي.
راق هذا الكلام لياسمين، ولكنها انتهزت الفرصة فأكملت:
- وماذا عن كذبتكِ الكبرى؟
ضحكت وقالت:
- لقد تخليت عن الغرور، وعندما أُنهي كذبتي سأتخلى عن الكذب.
- لن تنتهى كذبتكِ بمفردها، وستسير بكِ في طريق مجهول، عليكِ أنتِ أن تقومي بإنهائها.
- دعكِ من الكذب الآن، في الغد ستتصلين بأحمد بحجة إيصالك إلى مكان ما، وأنا سأعد لهُ غداءً من الفراخ واللحوم بخلطتي السحرية لكي أصالحهُ بعد الاعتذار، فالفقراء لا يتمتعون بهذا النوع من الرفاهية، وسيسعد بهذا الغداء.
ردت ياسمين وهي تنظر للأعلى وكأنها تتذكر شيئًا من الماضي، ثم قالت:
- أجل عندما كنا فقراء لم نكن نتناول الفراخ في المطعم إلا مرتين في العام؛ الأولى عندما كنا ننجح بتفوق في الفصل الدراسي الأول، وكذلك المرة الثانية عند نهاية العام، لا أزال أتذكر سعادتي وأنا أتناول الفراخ بدون عناء تنظيفها وطبخها الذي كان يرهقني، وكنت أشعر عندها أنني أثرى امرأة في العالم.
ردت الثانية وهي تنظر إليها وقالت:
- لذا أسعى أن أكون ثرية لأظل في راحة تامة ما بقي من حياتي.
- مهلًا يا سمر، أين سيتناول الغداء؟ فليس من المفترض أن يدخل القصر.
- أعرف أيتها الصعيدية، لذا سأجعل الغداء في الحديقة، فهي مكان مكشوف.
******
كان جالسًا في قصره هو وصديقهُ يتحدث بضيق قائلا:
- إذن فقدت أثرها ربما للأبد.
فلم يجب صديقهُ، بل أراد أن يخفف من حزنه فقال:
- ربما لو قبلت الزواج بك كانت ستقبل بك كشخص ثري وقد تظن أنك تود الزواج منها فقط من أجل شهرتها.
تنهد ثم تابع:
- أخبرني يا سليم لو لم تكن بنفس الشهرة كنت سترغب في الزواج بها؟
نظر لصديقهُ باستنكار وقال:
- هل تعلم لو كانت ياسمين فتاة عادية لا يعرفها أحد وقابلتها فأقسم أنني كنت سأعشقها وأتزوجها، ولو وضعوها وسط مليون فتاة لدلني قلبي عليها.
انبهر صديقه من قوله ولمعت عيونهُ وقاب:
- إذن فهذا هو الحب الحقيقي الذي كنت أظن أنهُ مجرد أكذوبة كبرى.
فأكمل سليم:
- ما جعلهُ يبدو كأكذوبة كبرى هم الذكور الذين يستخدمونهُ لاستغلال الفتيات.
نظر لحظات لهاتفه، ثم قال:
- أود أن أعرف قصة ياسمين، ولكنها أكثر غموضًا، فلا أعرف سوى اسمها، بالأمس كدت اكتشافها، ولكنها هربت في اللحظة الأخيرة.
نظر لهُ صديقهُ وقال: كيف هذا؟
- لإنها بالأمس طلبت مني محاميًا، ثم تراجعت في اللحظة الأخيرة. أتوقع أنها مهاجرة تسعى للحصول على الجنسية أو ما شابه.
- ولماذا تود أن تعرف عنها أكثر؟
طرق بيده على الطاولة أمامهُ وكأنهُ ينعش عقلهُ ليجد إجابة، ثم قال:
- أنا حقًا لا أعلم، ولكنها فتاة في قمة البراءة.
اعتدل صديقهُ في جلسته بعد أن كان متكئًا وقال:
- إذن، فهذا طريقك لمعرفتها، اعرض عليها عملًا أو تسهيلات كالحصول على الجنسية وما شابه، وعندها تستطيع اكتشافها.
مد يدهُ يصافح صديقهُ وقال:
- يا لك من عبقري، وبسرعة أمسك بهاتفه فرن الهاتف برقمها، فضحك وقاب:
- دائمًا تأتي على السيرة، إنها تطلبني، وأجاب بسرور ألو.
**********
أنت تقرأ
نجوم مختبئة
Romanceالْكَذِب كالرذيلة وَإِنّ كَانَّ مِنْ أَجْلِ الْفَضِيلَّة، فَالْغَايَة لَا تُبَرِرُ الوَسيلَّةِ، وَلَكِنّ مَاذَا لَوْ كَانَّ بَيْنَّك وَبَيْنَّ هَدَفَك كَذَّبَة صَغِيرَة؟ هَل ستصعد عَلَى سَلَالِمِ الْكَذِب الَّتِي تَهْوي بِك لِلْأَسْفَل أَم ستتمسك بِ...