لقد صدم فتاة بسيارته.
أسرع بالنزول من السيارة يركض نحو الفتاة المنطرحة على الأرض، لقد صدمها في ظهرها ووجهها منكب على الأرض، بحذر أمسك بها برفق وأدار وجهها الذي لم يكن ظاهرًا لينظر هل هي بخير؟
فزع أكثر بعد رؤية وجهها البريء، وصاح: ياسمين، ياسمين، وهو يحاول إعادتها لوعيها ويهزها برفق.
راحت ترفع جفنيها ببطء وتفتح عيونها وتستعيد وعيها وتحدق به وهى تهم بالنهوض، وهو يقول بأسى شديد وخجل:
- أنا آسف، أنا حقًا آسف، لا أعرف ماذا أقول أنا.. أنا..
فردت وهى تمسك برأسها :
- لا تعتذر، فقد كنت أسير شاردة الذهن؛ فانزلقت فجأة في الطريق وأصبحت في منتصفه، أليس هذا ما حدث؟
نظر حولهُ، كيف لم أستطع رؤيتها؟ فالطريق خالٍ تمامًا من أي سيارة أو من أي فرد!لقد كان الطريق هادئًا، ولكن عقلي مملوءً بالضجيج الذي لم يدع لعيوني مجالًا لرؤية أي شيء حتى ولو كان أمامها مباشرة.
فقالت هي ممازحة بعد أن شعرت بتحسن:
- لا بد أنك سائق بارع؛ لأنني ما زلت على قيد الحياة.
رد في سره، لم أكن يومًا سائقًا ولا كاذبًا، والآن أنا أحاول أن أكون الاثنين معًا، ولكن يبدو أن مهاراتي في الكذب تتطور أكثر من مهارة القيادة!
اكتشف مؤخرًا أنهُ لم يجبها، فقال:
- أرجوكِ دعيني أنقلكِ إلى المستشفى لكي نطمئن عليكِ.
ردت وهي ترتدي حقيبتها:
- لا حاجة لذلك، أنا بخير، فقد اصطدمت قليلًا؛ فوقعت واغشى علي للحظة، هذا كل ما في الأمر.
- إذن هل أوصلكِ للقصر؟
ردت بحزن:
- لا إنهُ كئيب في هذه اللحظة، لا أود العودة إليه، فقد خرجت هربًا منهُ.
نظر بالقرب منهُ حيث يوجد مقعد كبير على جانب الطريق، وقال:
- اجلسي قليلًا لتستريحي.
ردت وهى تأخذ نفس عميق وتضع يدها على جبهتها
- بالفعل أود الراحة قليلًا، فأنا أسير منذ ساعة، ولا أعرف إلى أين أذهب حتى وصلت إلى هذا المكان الهادئ، حيث الأشجار على الجانبين.جلست على جانب المقعد ووضعت حقيبتها بجانبها وأخذت تنظر للأشجار والحزن على وجهها، وجلس هو عند نهاية المقعد من الجهة الثانية وعلى وجههِ نفس الحزن.
مر وقت ولم يتحدث أي منهما، نظر كل منهما للآخر وفي عيونه نفس التساؤل: لماذا هي حزينة؟ لماذا هو حزين؟
ولكنهُ كان أسرع في الشعور بحزنها، وتذكر الذنب الذي اقترفهُ للتو وفكر في نفسه.
كنت أتساءل ماذا فعلت؟ ولم أتذكر ما فعلتهُ منذ قليل بتلك الكاذبة، لقد ظلت تفتح أبواب السجن الذي سجنت بهِ شيطاني منذ سنوات حتى فتحتهُ على مصراعيه، فكان أول من وسوس إليَّ بها هي، لا بد أنني عوقبت بابتعاد ياسمين عني بسبب هذا الذنب، وقد جعلني أنسى أمر ياسمين البريئة التي ستُلقى معها في الشارع بدون ذنب، نظر للسماء مناجيا في سره، يا ألله سامحني وسأحبس شيطاني، لا بل سأقتلهُ حتى لا يستطيع أحد أن يخرجهُ من قبره، وتنهد ونظر لها وقال:
- أعذريني لدقيقة واحدة، سأقوم بمكالمة هاتفية وأعود.
- تفضل، قالتها وهى تنظر لهُ وهو يتجه بعيدًا وتتساءل:
- لا بد أن لديه مشكلة ما، فلدى كل واحد منا ما يحزنهُ.
سار بعيدًا فلم تعد تسمع صوته واتصل على أُوغلو الذي أجاب:
- مرحبًا.
- أخبرني يا صديقي، لقد قمت بطرد سمر الكاذبة من مركز اللغات، أليس كذلك؟
رد الثاني وعلى وجهه ابتسامة سخرية منها.
- بالطبع، لقد طردتها منذ ساعة ونصف.
- وهل طردتها من القصر؟
رد بفخر
- لقد أعلمها صاحب القصر بذلك، وأنا الآن جالس معهُ لنوقع عقد شراء القصر.
صاح سليم بلهفة وهى يشير بالنفي بيده الأخرى: لا لا، انتظر، لقد غيرت قراري، لا تشترِ القصر، ولا تطردها من مركز اللغات، قم بإعادتها الآن، وأرجوك لا تناقشني في القرار، فهو قرار نهائي.
كان أُوغلو ممسكًا بالقلم ففتح عينيه عن أخرها وتقوص حاجبيها مما سمع وصاحب القصر ينظر لهُ ويقول:
- لم توقفت عن التوقيع يا سيدي؟
أنت تقرأ
نجوم مختبئة
Romanceالْكَذِب كالرذيلة وَإِنّ كَانَّ مِنْ أَجْلِ الْفَضِيلَّة، فَالْغَايَة لَا تُبَرِرُ الوَسيلَّةِ، وَلَكِنّ مَاذَا لَوْ كَانَّ بَيْنَّك وَبَيْنَّ هَدَفَك كَذَّبَة صَغِيرَة؟ هَل ستصعد عَلَى سَلَالِمِ الْكَذِب الَّتِي تَهْوي بِك لِلْأَسْفَل أَم ستتمسك بِ...