أنهى الذئب الماكر المكالمة بغضب، ونظر الثعلب حولهُ فوجد السيارة محاطة بالشرطة التركية من كل جانب.
حدق الستة لبعضهم البعض في صدمة ما الذي حدث؟ ولماذا الشرطة تحيط بنا؟ فنحن لم ننفذ العملية بعد.
فقال ضابط الشرطة:
- لقد تلقينا بلاغًا من أمن الفندق يتهمونكم بمراقبة النزلاء، ويشككون في نواياكم، وقد رأينا الشرائط الخاصة بكاميرات الفندق، وتحققنا من صحة البلاغ، لذا سيحضر الجميع معنا إلى قسم الشرطة.****
كانت سمر عائدة مع صديقتها فرأت سيارات الشرطة وهي تصطحب أولئك المجرمين، فسألت صديقتها أحد حراس الفندق ما الأمر؟ فأجيبها الحارس بما حدث، فنظرت سمر لوجوههم، وحدق بها أحدهم بغضب شديد جعلها تتساءل لماذا ينظر لي هكذا؟ فأنا لا أعرفهُ ولم أرَ وجههُ من قبل.*****
كان هو جالسًا مع والده يتناول غداءهُ، فقال لهُ:
- سليم إنك بارع في التفاوض، لذا أريد منك أن تذهب هذا المساء إلى السيد أربكان لكي تتحدث معهُ عن ذلك الفندق الذي يملكهُ ونود شراءهُ، لقد حجزت لك موعدًا معهُ هذا المساء.
رد الثاني وكأنهُ إنسانٌ آليٌّ قائلًا:
- كما تريد يا أبي، فليس لديَّ عمل أقوم بهِ اليوم.
نظر لهُ والدهُ وشعر بتغير في سلوكه، بل ومشاعرهِ، فقال بنبرة صوت يفيض منها الحنان:
تبدو حزينًا، وأفعالك تتغير باستمرار، ففي البداية كنت لا تخرج بعد عودتك من الشركة إلا قليلًا، ثم أصبحت تخرج بسيارتك في النهار أو الليل، وأراك سعيدًا وأنت ذاهب وأنت عائد، والآن أراك لا تخرج ولا تعود، وتظل صامًت ماذا هناك؟
رد بنفس نبرة الصوت وبنفس الطريقة:
- لا شيء يا أبي، فقط ضغط العمل يجعلني لا أود الخروج لأستريح.
شعر والدهُ أنهُ لا يود الحديث عما يحزنهُ، فرغب في تغيير الحديث إلى شيء آخر قد يسعدهُ وقال:
- أخبرتني من قبل أنك ستتقدم لخطبة الكاتبة ياسمين المصري، وأنك معجب بأفكارها، وهي حقًا مميزة للغاية ومشهورة، إذن لماذا تأخرت إلى الآن؟
نظر لهُ سليم نظرة وكأنهُ قد نبش حزنهُ أكثر، وبدأ يحكي بحزن عما حدث معهُ في مصر.******
أخبرت سمر ياسمين في غرفتها بما قد حدث منذ قليل، ثم اتجهت تفتح باب الدولاب تخرج ملابسها، وياسمين تتساءل في اهتمام شديد:
- من كانوا يراقبون؟
ردت سمر وهى تستمر في إخراج الملابس
- يا ياسمين هذا الفندق مليء بالنزلاء من السياسيين والأثرياء والمشاهير، وهم هدف للكثير من المجرمين واللصوص، هل تعلمين لن يفلت هؤلاء من الشرطة التركية بسهولة، ولكن من الصعب أن يعرف أحد من كانوا يراقبون على وجه التحديد.
تغير لون وجه ياسمين، وشعرت بالخوف ولاحظت سمر ذلك فقالت:
- لا تخافي، بالتأكيد كان هدفهم شخص آخر.
ردت ياسمين بوجه قلق
- عقلي يخبرني بذلك، ولكن قلبي خائف، سمر لا أحد يعرفني هنا سواكِ أليس كذلك؟
أجابت وهي تمشط شعرها.
- لا أحد سوى أنا وشقيقي.
ردت ياسمين باهتمام:
- شقيقك يعلم؟
فإلتفتت لها سمر وقالت:
- أجل أخي يعرفكِ، ولكن لا تخافي لن يخبر أحدًا.
- أنا أثق بهِ، ولكنهُ لا يعرف ما يحدث معي، ولذا فقد يسألهُ أحد عني فيجيب بحسن نية.
صمتت سمر برهة ثم قالت:
- كلامكِ منطقي، كما أننا تفاخرنا كثيرًا بكِ، فقد يخبر عنكِ بالفعل دون قصد، سأتصل بهِ أحذرهُ من أي شخص يسأل عنكِ.
أمسكت بالهاتف وطلبتهُ للحظات، ثم نظرت للهاتف ونفخت بشفتيها وقالت لماذا لا يجيب على الهاتف؟ أوه لقد نسيت، إنهُ يجعل هاتفهُ صامتًا أثناء عمله، عندما ينهي عملهُ سيرى اتصالي وسيتحدث إليَّ وأخبرهُ بالأمر، لا تقلقي.
***
في المساء ذهب سليم وأًوغلو إلى الفندق، لم يزُر سليم هذا الفندق من قبل، ظل ينتظر صاحبهُ قليلًا وتعجب من تأخره على الموعد، ثم جاء إليه أحد العاملين بالفندق وقال: السيد أربكان يعتذر منك عن تأخره، ولكنهُ يواجه حالة طارئة سوف تجعلهُ يتأخر قليلًا عن الموعد، فهل تستطيع انتظارهُ لبعض الوقت؟
نظر سليم لأُوغلو، فقال له:
- سليم لا مشكلة من الانتظار، فليس لدينا عمل نقوم بهِ الآن.
فأخبر سليم العامل أنهُ سينتظرهُ، ثم قال لأُوغلو:
- اقترح علينا شيئًا نقوم بهِ حتى يصل أربكان.
- العشاء، أقترح أن نطلب عشاءً لنرَ جودة الطعام هنا أفضل أم في فنادقنا.
أمسك سليم بدفتر صغير كان يحملهُ في جيبه وقال بدون اهتمام
- اطلب لنا عشاءً إذن.
طلب أوغلو النادل وقال:
- ما هي أشهر الأطباق التي يتميز بها فندقكم؟
فقال النادل بفخر:
- أقترح عليك تجربة طبق من الدجاج بالخلطة السحرية، أو أي من اللحوم الأخرى، فجميعها تصبح رائعة بهذه الخلطة، وأتوقع أن تعجبكما سيدي، فهي لا توجد في أي فندق أو مطعم إلا هنا فهى وصفة طباخ الفندق التي تميز بها.
تبتسم أوغلو وقال:
- لنجربها إذن.
أحضر النادل الأطباق بعد دقائق، وسليم لا يزال يقرأ في دفتره الصغير، ثم لفت نظرهُ طريقة تزيين الأطباق، إنها نفس الطريقة التي زينت بها سمر أطباقها في ذاك اليوم فتذكر ابتسامة ياسمين يومها، فقال في سره حتى الطعام يذكرني بهما.
وبدأ في تناول الطعام ليتأكد، ثم قال بلهفة: أُوغلو، ذلك الطباخ هو شقيق سمر، فهذا الطعام لم أتذوقهُ إلا عندها.
استمر أُوغلو بتناول الطعام بشهية، ولم يبدي أي اهتمام لما قال صديقه، بل علق قائلًا:
- حقًا إنهُ شهي للغاية.
نظر لهُ الثاني بإستكار وقال:
- انتبه لما أقول، إن الطباخ شقيق سمر.
إلتفت لهُ أُوغلو وهو مستمر في تناول الطعام وقال:
- وإن يكن ما المشكلة؟
رد سليم وهى يلقى بمناديل الطعام جانبا وقال
- إذن فهو بالتأكيد يعلم من تكون ياسمين المصري؛ لأنها صديقة شقيقتهِ، ويعلم أين سمر الآن.
وبسرعة استدعي النادل، بينما أُوغلو مستمر في الأكل، وقال:
- لو سمحت، نريد مقابلة الطباخ لأمر مهم.. أقصد لتهنئتهُ على الطعا
- الطباخ على وشك المغادرة؛ لأن عملهُ انتهى منذ دقائق.
- لا أرجوك، إلحق بهِ قبل أن يغادر.
- كما تريد يا سيدي.
هرول النادل إلى المطبخ وسأل:
- أين محمد؟
فأخبروه أنهُ أنهى عملهُ منذ دقائق ، وقد يجدهُ في طريقه للخروج من الفندق، فهرول إلى قاعة الفندق فلم يجدهُ، فإستمر في الركض فوجد محمد عند باب الفندق في طريقه للخروج، فركض ليلحق بهِ.
وفي نفس اللحظة رن هاتف محمد فتوفق عند باب الفندق ليجيب، فسمح ذلك للنادل من اللحاق بهِ، وعندما وصل إليه كان ينهي حديثه قائلا:
- لا تقلقي لن أخبر أحدًا، مع السلامة، ثم أمسك بمقبض باب الفندق للخروج فأمسك بهِ النادل قائلا:
- محمد، هناك أحد الضيوف في الفندق يصر على مقابلتك.
بدى الأمر غريبًا عليه ولكنهُ عاد لمقابلته ليكتشف ماذا هناك؟
وصل إليهما، فقام سليم من مقعده وصافحه بحرارة وقال:
- تفضل بالجلوس.
فجلس غير مقتنع بهذا الترحاب الحار من شخص لا يعرفهُ.
وما كاد أن يجلس حتى قال أُوغلو:
- نود منك أن نعرف.. فدفعهُ سليم بقدمه من الأسفل وهو يهمس:
- أيها الغبي، اصمت ستجعلهُ يشك بنا، فصمت الثاني بشكل مفاجئ، فقال سليم:
- إنك مصري أليس كذلك؟
ابتسم وقال:
- هذا صحيح.
- وأنا أيضًا مصري، صدفة جميلة أليس كذلك؟
رد محمد والابتسامة على وجهه:
- بالطبع.
- كنت أود تهنئتك على الطعام الرائع.
- شكرًا يا سيدي.
- بما أنك مصري فبالتأكيد تعرف ياسمين المصري، فأنا من أشد المعجبين بأعمالها، هل تعرف من هي أو أين تسكن، فأنا أرغب في مقابلتها لأمرٍ هام.
سمع هذه الكلمات بإذنه اليمنى فتتردد في إذنه اليسرى كلمات سمر: إياك أن تخبر أحدًا عن صديقتي، إياك .
اختفت الابتسامة من على وجهه ودار الشك في عقله وقال:
- وما الذي جعلك تعتقد أني أعرف من تكون ياسمين المصري أو أين تسكن؟
رد سليم بطريقة تقترب من المزاح:
- لأنك مصري.
فقال أُوغلو:
- أليس لديك شقيقة اسمها.. فضربهُ سليم مجددًا بشكل أعنف في قدمه؛ فقطع حديثه .
فزاد الشك في عقل محمد وقال:
- ليس لأنني مصري إذن أعلم من تكون ياسمين المصري، ونهض وهو يقول: آسف، عليَّ المغادرة، وانصرف بسرعة
فقال سليم وهو يشاهده يغادرا لأُوغلو:
-بمنتهى البساطة تسألهُ عن شقيقته! إنها تكذب كثيرًا، وبالتأكيد هو لا يعلم عن كذبها، أو أي مما تقوم بهِ.
- وماذا ستفعل الآن؟ لقد أنكر أنهُ يعرفها.
فرك الثاني بيديه وقال:
- في الحقيقة لا أعلم ماذا أفعل؟ ولا أعرف لماذا كلما اقتربت منها ابتعدت؟
ابتعد محمد عن سليم ووقف عند أحد أركان القاعة التي يجلس بها سليم وصديقهُ وهو ينظر لهُ بتركيز، ثم أخرج الهاتف من جيبه وأخذ يحاول التقاط صورة لهُ، وما كاد يثبت الكاميرا عليه حتى ظهر في الصورة صاحب الفندق أربكان وهو يصافحهُ وجلس أمامهُ مباشرة.
انزعج محمد فقد كان يود أن يلتقط صورة لهُ ليرسلها إلى سمر، فسأل النادل الذي كان يمر من جانبهُ: من يكون هذان الشابان اللذان يجلسان مع صاحب الفندق؟
رد النادل وهو ينظر لهما:
- هذه أول مرة أراهما في الفندق، ثم نظر إلى محمد وقال:
- أنت تعلم الإجراءات مشددة هنا للحفاظ على خصوصية النزلاء، فهذا فندق مهم، ولا تعرض نفسك للأذى يا صديقي، فقد رأيتك منذ لحظة وأنت تحاول التقاط صورة لهما، لا تقلق لن أخبر أحدًا، ولكن لا تعيدها.
أنصت محمد للتحذير من النادل وانصرف.
******
جلس الثلاثة في صمت حذر، الرجل ذو الملامح الصارمة واثنان آخران وكلاهما ينظران لهُ بنظرات استفهام، لماذا هو غاضب؟ ولا يجرؤ واحد منهما على سؤاله.
ثم رن الهاتف فأجاب:
- ألو.
تغير لونه وجهه ولم ينطق بأي كلمة يستطيع الاثنان أن يفهما منها ما يحدث، ثم أغلق الهاتف بعنف وقال:
- أغبياء، أغبياء، كيف اعتمدت عليهم؟
واشتعل غضبه أكثر وهو يشعل سيجارة قائلا:
- لقد قُبِض عليهم وهم يراقبونها في الفندق التي تقيم بهِ، واضطررنا إلى تدخل أحد رجالنا لإخراجهم، وليس هذا فقط، بل صديقتها قد رأتهم وحدقت بوجوههم، أي أنهم لم يعودوا صالحين لتنفيذ العملية، وسنحتاج لفريق آخر، وبسرعة قبل أن نفقد أثرها، فقد تغادر الفندق في أي وقت، فهما في الغالب في الفندق لحضور حفل الزفاف الليلة.يتبع
أنت تقرأ
نجوم مختبئة
Romanceالْكَذِب كالرذيلة وَإِنّ كَانَّ مِنْ أَجْلِ الْفَضِيلَّة، فَالْغَايَة لَا تُبَرِرُ الوَسيلَّةِ، وَلَكِنّ مَاذَا لَوْ كَانَّ بَيْنَّك وَبَيْنَّ هَدَفَك كَذَّبَة صَغِيرَة؟ هَل ستصعد عَلَى سَلَالِمِ الْكَذِب الَّتِي تَهْوي بِك لِلْأَسْفَل أَم ستتمسك بِ...