الفصل الرابع

125 85 16
                                    

يكاد يأكل أنامله من كثرة الغيظ، ناظراً إلى الكتاب المفتوح الذي يكاد بياض صفحاته يعميه.

يتحدث في ذهنه قائلاً: إذا كان الكتاب فارغ الصفحات وعديم الكلمات هكذا، لماذا صرخ الرجل وكان معارضاً لإعطائه لي من البداية؟ بالتأكيد هناك سر وراء هذه الصفحات البيضاء، ولن يعرفه إلا ذلك الرجل.
ماذا أفعل؟ هل أذهب إليه وأخبره أنني عرفت كل شيء فيخبرني عن ذلك السر؟ لا، بالتأكيد لن أفعل شيئًا كهذا. على ما يبدو أن قصة البحث عن هذا الكتاب ستدفعني للخروج من المنزل، وربما يكون الكتاب متعلقًا بأكثر من شخص، لذلك سأقابل الكثير من الأشخاص الذين سيأتون إلى المنزل ويتحدثون بصوت عال.لا، لا، هذا مستحيل! لا أستطيع حتى تخيل الموقف، بالإضافة إلى أن الأمر سيكون شاقًا. لماذا أفعل كل هذا لأعرف ما الذي يوجد في الكتاب؟ أفضل البقاء في منزلي مستريحًا على الأريكة، أتناول المقرمشات والوجبات السريعة الموجودة في الثلاجة، وأشاهد التلفاز. هذا أفضل من أي مغامرة. كذلك، أنا لست من محبي الكتب، سأقوم بالاتصال بطارق ليعيد الكتاب.

كان فارس يتحدث مع نفسه بصوت مسموع، يسألها ويستشيرها، ويأخذ برأيها،فقد كان مستأنساً بنفسه للغاية.

أمسك بهاتفه وكاد يتصل بطارق، لولا أنه أمسك الكتاب ووجد في الصفحة الأولى صورة لرجل سمين، صاحب شعر طويل وشارب ولحية كثيفين، بجسم غير رياضي، يرتدي ملابس رديئة، مرسوم بالحبر الأسود.

نظر فارس يمينه ويساره معتقداً أن الرجل سيظهر له في أي لحظة.

سمع صوت سقوط زجاجة من الثلاجة فأخذ كرسي المكتب وحمله بذراعيه في حالة استعداد لأي هجوم خطير، لكنه كان متوقعاً أنه ذلك الرجل الذي رآه في الكتاب.

ذهب إلى المطبخ ولم يجد أحدًا، فترك الكرسي وفتح باب الثلاجة ليجد أن نصف المقرمشات والوجبات السريعة والخفيفة التي اعتاد أن يأكلها غير موجودة.

سمع صوت التلفاز، فخرج إلى الردهة، فوجد رجلًا بدا وكأنه في أواخر الثلاثينات من عمره، بشعر طويل نسبيًا مجعد لم يتم تسريحه منذ مدة، مع شارب ولحية كبيرين كاللذان يمتلكهما رجال الكهف،بالإضافة إلى أنه كان غير رياضي تمامًا وبــبطن كبيرة.

إنه الرجل الذي كان مرسومًا في الكتاب بالحبر الأسود.

إنه حقيقي ويأكل المقرمشات ويشاهد التلفاز على الأريكة.

جلس فارس بجانبه، قائلًا ساخرًا من الوضع الذي هو فيه: مرحبًا، أنا فارس. أتمنى ألا أكون أزعجتك في منزلي وأنت تأكل مقرمشاتي على أريكتي وتشاهِد تلفازي. إن كنت قد أخبرتني بميعاد خروجك من الكتاب، كنت سأحضّر لك العشاء.

كان الرجل يأكل غير مكترث لما يقوله فارس، فانزعج فارس ووقف قائلاً له: يا رجل، إني أتحدث معك. كيف خرجت من الكتاب؟

ما بالداخل في الخارج ليلا حيث تعيش القصص. اكتشف الآن