الفصل التاسع

86 65 10
                                    

أخذ فارس نفس عميق و قال لحزين:لماذا أنت حزين يا حزين؟

-أنت الوحيد من يعرف الإجابة.

-لا أدري،أنا أشعر بالسعادة اتجاه حياتي.

-ربما ليس الآن، لأنك أصبحت غير مبالٍ بما إذا كنت سعيدًا أم لا، ولكن إذا رجعت بالزمن إلى الوراء، ستجد أنك كنت حزينًا للغاية.

-لا أريد أن أتذكر الماضي، فأكثر زمن أكرهه هو الماضي.

-ذاك الزمن الذي تكرهه، والذي كنت حزينًا فيه، هو الذي صنع حاضرك الآن. لا تكره الزمن، بل أكرِه نفسك إذا كنت قد استطعت استغلاله، لكنت بنيت حاضراً أفضل مما أنت فيه.

-أنا لا اكترث.

-ألم تقل لمشرف المكتبة بأنك ستحاول أن تكون أفضل حتي تستطيع التخلص من الكتاب؟

-كيف عرفت؟أجل،لقد نسيت،أنتم أفكاري تعرفون كل شيء أفكر به،ولكني كنت أقول له هذا الكلام حتي يتركني وشأني.

-هذا غير صحيح، لأنك تفكر طوال الوقت الذي مضى بأن حياتك كانت خاطئة. في السابق، كنت تشعر بالحزن والآن لم تعد تكترث لأي شيء. تسأل نفسك: ربما يكونون على حق، لماذا لا أتغير وأحاول أن أسير على خطتهم لعلي أشعر بحالة الرضا التي افتقدتها في حياتي. لعلي أخرج من هذا الاكتئاب الذي أنا فيه. هذا ما تفكر به، أليس كذلك؟

-أجل، لكن هذا سيكون متعبًا ويحتاج إلى طاقة جبارة. وما الفائدة من كل هذا؟ إن كانوا فعلاً يحبوننا، يجب عليهم أن يتقبلونا على طبيعتنا دون أن نتغير.

هذا ما قاله كسول لفارس بعد أن اجتمعت الصفات الست لتجلس في هيئة دائرة مركزها هو فارس وحزين، ولكن حزين ترك فارس واتجه إلي الجزء الناقص حتي يكمل الدائرة ليصبح فارس بمفرده الآن هو مركز الدائرة.

بينما كان فارس ينتظر من كل واحد منهم مبررًا حتى لا يغير نفسه، كانوا هم أيضاً ينظرون إليه منتظرين منه أن يغضب منهم ويخبرهم بأنه يريد أن يكون بمفرده، ولكنهم خائفون، لأنه في حالة إن غيّر فارس شخصيته، فستتغير صفاته وقد تختفي أيضاً.

قال كتوم: ما الفائدة من إخراج ما بداخلك من مشاعر وأسرار لأناس قد يفشون أسرارك وأفكارك فيما بعد، بل ومن الممكن أيضاً أن يعايروك بما عرفوه عنك؟

نظر فارس إلى كتوم وهو يقول في نفسه: كنت متأكدًا من أنك ستقول هذا الكلام، فهذا هو تفكيري أنا، ولكن هذه المرة قد اختلف الأمر. أنتَ شخص يدافع عن نفسه حتى لا يختفي.

رد كتوم قائلاً: هذا غير صحيح يا فارس، أنا لا أقول ذلك لأني خائف من أن أختفي، بل أقول ذلك لمصلحتك.

نظر فارس إليه بدهشة وهو يسمع الكلام الذي يقوله كتوم، وما زال لا يدرك أنهم نفس الشخص، أي أنهم يدركون ما يفكر به مهما كان في عقله أو قاله بصوت عال.

ما بالداخل في الخارج ليلا حيث تعيش القصص. اكتشف الآن