-ما الذي فعلته يا فارس؟
-أخبرني أنت يا طارق كيف عرفت أني حاولت الانتحار؟
-محصل الكهرباء طرق الباب مرات عديدة، وعندما وجدك لم ترد كعادتك، كان سيغادر لولا أن الباب فُتح بمفرده. فرأى يديك تسيل منهما الدماء، فاتصل بالمشفى فأرسلوا الإسعاف. وعندما اتصلت بك، أجابتني الممرضة وأخبرتني بكل شيء.
-الباب لم يُفتَح بمفرده، بالتأكيد إحدى الشخصيات هي من قامت بفتح الباب. لا يريدون أن يختفوا، وأنا متأكد أن تلك الأصوات لن تنتهي إلا بموتي.
-هذا ليس حلاً يا فارس.ما رأيك أن نذهب ونأكل في مطعم لكي تسترخي؟
-حينًا،ولكن هل أستطيع أن أختار المطعم؟
-بالطبع، لكن بسرعة قبل أن يطل الليل.
توجها إلى مطعم يقع في زاوية نائية من الإسكندرية، وهو مطعم قديم يطل على البحر ويتميز بقلة الزبائن.
جلسا على طاولة كبيرة تحيط بها الكراسي، مطلة على البحر.
طلب طارق مجموعة متنوعة من أطباق السمك، فسأل فارس عن سبب طلبه كل هذه الأصناف، خاصةً أن طارق قد لا يتمكن من تحمل تكلفة هذا الطعام إلا أن طارق لم يجبه.
تأمل فارس في البحر، غير آبه سوى لصوت أمواج المياه المتلاطمة.
كان يتوق للنزول إلى أعماق البحر، مبتعدًا عن البشر وصخب الحياة.
تلك الأصوات التي كانت تتردد في أذنه كأنما تشكل مشنقة حول عنقه، تسحب حبلها ببطء، مانعةً عنه الأكسجين.
كان فارس يعاني من اليأس، ينتظر اللحظة التي يتحرر فيها من وطأة الألم الذي يثقل كاهله، حيث كان يرى أن صرخة واحدة قد تكون أفضل من صرخات متكررة وآلام متجددة.
عم الصمت لمدة ساعة كان فيها فارس ينظر إلى البحر وطارق يتأمله مشفقًا على حال صديقه الذي لم يعامله يومًا كصديق.
كان فارس دائمًا ما يتجاهله ويحاول الابتعاد عنه، لكن لسبب ما، وهو لا يعرف حتى الآن هذا السبب، كان يشعر بأنه في حاجة إلى صديق، لكنه لا يعرف كيفية الحصول عليه، أو أنه لم يحظَ في حياته بحنان، لذلك لا يعرف كيف يتعامل مع الآخرين، ولكن طارق ما زال مصممًا على مساعدته مهما صدر منه.
غريب للغاية هذا العالم، فقد توجد علاقات بين الناس غير مفهومة.
فقد تعشق شخصًا يكره فقط ذكر اسمك أمامه، وتكره شخصًا يتمنى وجودك بجانبه طوال الوقت.
وهناك أشخاص لم يكن لهم أي مكان في حياتك، هم الذين يساعدونك عندما يغيب عنك من شغل كل الأماكن في حياتك.
لا ميزان ولا نظام لقلوب البشر التي تتغير في ثانية وتتقلب بفعل واحد، ناسين كل ما مضى بينهم وبين ذلك الطرف الآخر.
أنت تقرأ
ما بالداخل في الخارج ليلا
Fantasyشخص هادئ لا تتخطى دائرة معارفه ثلاثة أشخاص هم أنفسهم المسجلين في جهات الاتصال بهاتفه الذي لا يصدر نغمة رنين الاتصال إلا كل ثلاثة أشهر أو أكثر، وتطبيقات التواصل الاجتماعي في هاتفه تخلو من الحياة والإشعارات، ومنزله لا يحتوى على صور عائلية أو حتى صور م...