بدأ تعلق أيهم بسمر ،يزداد يوما بعد آخر ، وبدات سمر تتعلق بأيهم وترسم احلاما وردية معه ، لكن بذات الوقت ، كانت تعيش صراعا بين قلبها النابض بحبه وعقلها الخائف من نهاية هذا الحب !
........................................................
مرت عدة اشهر ، والاثنان يغرقان بالحب اكثر ، بدات سمر تعتاد على ايهم اكثر ، وبدأت تعبر له عن مشاعرها بأريحية اكبر.
حتى جاء اليوم الذي احست فيه ان لامفر لها من حبه وإنها لن تعرف كيف سيكون العيش من دون وجوده قربها.
فقررت ان تحدثه بمستقبل حبهما.
.....................
عاد هو في المساء ، ومر لرؤيتها كالعادة ،لكنها كانت قد انهت اعمالها في المطبخ وذهبت لغرفتها، واقفلت الباب.
صعد لغرفته ،وبدأ بمراسلتها.
كتب لها:
-- مساء الخير حبيبتي.
فز قلبها بفرح وردت:
-- مساء الخير أيهم..لماذا تاخرت اليوم؟
-- كان هناك الكثير من الزيارات الواجبة لبعض الاصدقاء..
اكملتها وذهبت متأخرا لتدخين أركيلة...هل اتصل بك؟ اشتقت لسماع صوتك!
-- لا..لدي موضوع هام احدثكَ به..وتعرف انني ارتبك في المكالمة .
-- حسنا..تحدثي حبيبتي..مالذي تريدين ان تقوليه ؟
ترددت لبعض الوقت ، ولاحظ هو انها بدأت تكتب وتحذف كثيرا ،فكتب لها:
-- سمر..مابكِ عزيزتي..أ انتِ على مايرام.!
اجابت: انا بخير..أردت ان احدثكَ بمستقبل حبنا.
فقال: مابه حبنا؟..مستقبله سيكون جميلاً ورائعا !
قالت: أيهم.. حبنا جميل وصادق ..لكن الواقع لايتقبله..
أنت تنسى أني مجرد خادمة لديكم !
-- انتي حبيبتي ولا شيء أخر يهم !
-- لايهم عندكَ..لكن ماذا عن امك واختك واقربائك والجميع..من يعترف بحب السيد لخادمته؟!
تنرفز من كلامها وقال:
-- وما شأن الجميع بنا..انا احبتتكِ وانتِ لي وأنا لكِ..فلا تتعبي نفسكِ بالتفكير.
كتبت بعد تردد:
-- وهل سبقى الوضع بيننا هكذا..سيد يحب خادمته...ماهو مستقبل هذا الحب؟
-- سنتزوج..وعدتكِ بالزواج وانا ملتزم بوعدي !
امتزجت بداخلها مشاعر السعادة مع مشاعر القلق ،فقالت:
-- هل ستتقبل امك و اختك الامر؟
-- لا احد يتدخل بمشاعري وأختياراتي..كما انكِ تعرفين كم ان امي تحبكِ..وستفرح بزواجنا..وسأخبرها قريبا بقرار زواجي بكِ.
تملكتها السعادة اكثر ،لكن الخوف لازال يغلف سعادتها.
ثم قال لها:
-- هل اتصل الان؟!
وافقت على الاتصال ، واجرى معها مكالمة إستمرت حتى اصبح الصباح عليهما.
.................................................
في احد الايام ، رن هاتف سعاد ، لتجد ان المتصل هو زوجة عم أيهم،تخبرها انهم قد عادوا من السفر ، فانتهزت سعاد الفرصة ،لتطلب منها ان تحضر العائلة لتناول العشاء عندهم، لتكون مفاجاة لأيهم .
...........................................
اكملت اتصالها واتجهت نحو المطبخ ، حيث سمر منهمكة باعداد الطعام ، واخبرتها انها دعت اقربائها لتناول العشاء معهم هذا اليوم.
فطمأنتها سمر بأنها ستجهز العشاء بأحسن وجه.
.....................................................
وقضت سمر يومها في المطبخ تجهز مائدة الطعام للضيوف .
وحاولت رونق أن تتصل بأيهم لتخبره أن خطيبته المستقبيلة وعائلتها مدعوون على العشاء عندهم هذه الليلة.
لكن الام سعاد منعتها ،حتى تجعل من وجودهم مفاجأة لأيهم، ظنا منها أنه سيسعد بتلك المفاجأة !
........................................................
في المساء..حضر الضيوف الثلاثة ، منى و والديها، السيد سلوان والسيدة عفراء.
استقبلتهم سعاد وابنتها بحفاوة ،وبعد أن جلسوا وتبادلوا السلام والاحاديث ، جاءتهم سمر بصينية التقديم .
احست بشعور الغيرة ينتابها عند رؤيتها لضيفتهم الشابة ،وهي الاخرى ضيفتهم احست بالغيرة من وجود خادمة جميلة وشابة في بيت خطيبها المستقبلي.
نظرت الاثنتان لبعضهما ، فاطرقت سمر بنظرها توتراً ،بينما رفعت الاخرى حاجبها ممتعظة.
ولا حظت رونق المشهد ،فاحست بالشفقة على سمر ، لانها تعلم أن المنافسة لن تكون سهلة عليها!
.........................................................
جاءت رونق للمطبخ ،لترى ماذا جهزت سمر لعشاء الضيوف ، ولم تتمالك سمر نفسها بالسؤال عن الضيوف.
اخبرتها رونق انهم عمها وزوجته وأبنته.
واخبرتها بعد تردد كبير، ان منى هي خطيبة ايهم المستقبلية ،محاولة بذلك معرفة مشاعر سمر ومدى تعلقها بأيهم.
شعرت سمر بالصدمة ،وجلست لتاخذ انفاسها التي اضطربت فجأة ، وقالت :
-- وهل السيد أيهم يريد الزواج منها؟
اجابتها رونق ،وحاولت ان تخفف عليها وقع الامر :
-- لا ادري..لكن منذ سنوات قبل سفرهم اتفق عمي وابي على خطوبتهما..لكن والدي توفي..وعمي وعائلته سافروا.
-- لكن ..أ كان السيد أيهم على تواصل مع بنت عمكم؟
-- لا اظن ان بينهما اي تواصل..لكن اخبريني الحقيقة سمر..أ تحبين اخي أيهم؟
توترت سمر ،واختنقت بعبرتها ،ولم تجب .
فقالت رونق: سمر...ربما وقعتي بحب اخي وربما هو ايضا وقع بحبكِ..لكن تحتاجين حظاً كبيراً لتمتلكي أيهم دون عذاب!
......................................................
لم تتمالك سمر نفسها ،وارسلت لأيهم تقول: لماذا تأخرت.. خطيبتكَ تنتظرك !
حاول الاتصال بها ، لكنها كانت ترفض.
فاتصل بأخته رونق ،وفهم منها أن بيت العم موجودين عندهم ،فبدا عليه القلق والحيرة.
وعاد مسرعا للبيت، سلم على عمه والعائلة ، بملامح شاحبة،
وترخص من عمه بعد دقائق ،وذهب حيث سمر.
تبعته أخته روزق ،بعد أن لاحظت نظرات الشك في عيون منى.
نظرت سمر نحوه بنظرات حزينة وغاضبة، فأقترب منها وقال:
-- سمر أظن أن رونق اخبرتك أن منى خطيبتي..لكن صدقيني هذا مجرد كلام قديم !
-- قديم؟! لقد تحدث عمكَ وامكَ بالموضوع قبل قليل!
-- لايهمني كلامهم..سأذهب الان لأجلس معهم..وأياك ان تخرجي امامهم !
-- ولما لا أخرج..ألست خادمة وعلي ان اقوم بواجب الضيافة؟!
اخذ نفسا ،ثم قال بتشنج:
-- لا أريدهم ان يروك...جهزي السفرة دون ان يروكِ.. أفهمت؟!
-- لقد رأوني بالفعل ! تأخرت بالطلب!
فجن جنونه وتعصب اكثر، والتفت لرونق..وقال: ألم اوصي امي ان لاتخرج سمر لأستقبال أي ضيف؟ كيف تكسرن كلامي؟!
.............................................................
لم تفهم أي منهما سبب عدم رغبته ان يرى احدهم سمر.
عاد وجلس قرب ضيوفه، والغضب يملأ عقله وقلبه من حديثهم عن الخطوبة.
..............................
لم يكن بأمكان أيهم أن يزعج عمه او امه برفضه لموضوع الخطوبة ، لكنه حاول ان يؤجل الحديث في الامر .
وبعد مغادرة الضيوف ، وتوديعه لهم .
عاد لصالة المنزل ،وبدا غاضبا ،وهو يقول ،محدثا والدته: أمي..لماذا جعلتي سمر تظهر امام الضيوف؟ألم انبهكم مسبقا أن لا يراها احد؟!
تعجبت أمه وقالت: صحيح ..لكن مافهمته منك هو أن لاتظهر لبعض الضيوف..أصدقائك مثلا!
فقال بغضب: بل قصدت اي شخص..خصوصا الاقرباء!
زاد تعجبها وسالته: ومالضرر في ذلك يا بني...هذا عملها وواجبها!!
ترك أمه واسرع حيث سمر ،في المطبخ ،وامسك بذراعها وقال:
-- لا تخافي حبيبتي..نحن لبعضنا للابد !
نظرت بعيون باكية وقالت:
-- لا تضغط ع نفسك كثيرا..فكل شيء مقدر علينا..والأيام
كفيلة أن ترينا النهايات .
..........................................................
تسآلت سعاد: مالذي يحدث؟ مابه اخوك ِيا رونق؟!
اجابتها رونق محاولةً التخفيف من شدة التوتر : يبدو انه يخاف على مشاعر منى من الغيرة..خاف ان تغار من سمر !
ارتاحت سعاد لسماع هذا الكلام ،ظناً منها انه صحيح.
.........................................................................
انهت سمر ليلتها بالبكاء ،ولم تجب على رسائل أيهم لها.
في الصباح ، جاء الى المطبخ ،وكانت ملامحها متعبة وشاحبة ،
تنهد وجلس، وبدا يحدثها عن حبه ويطلب منها أن لا تقلق .
لكنها كانت تتجاهل حديثه ، وتندمج بالعمل ،وتساله عن الفطور الذي يريد.
تنرفز من موقفها وقام وامسك بذراعها بقوة وقال: دعكِ من العمل والاكل!! أنا احدثك فأستمعي لي!
نظرت لعينيه وقالت: أيهم..لماذا ورطتني بحبكَ..وانت تعلم ان ابنة عمك هي من ستتزوج بها؟!
رد عليها: لأني فعلا أحببتكِ واريدكِ لي!
فقالت: بنت عمك اولى بكَ مني...تليقان ببعض.
اخرج حسرة من قلبه وقال: انتي تعقدين الامور اكثر...رغم تمسكي بك !
...............................................................
ومرت الايام القليلة، بتوتر ، وكثفت منى اتصالاتها بأيهم ، بينما كانت سمر تتجاهل رسائله ولقائه.
حتى جن جنونه ولم يحتمل ردة فعلها، وكان مشتاقا لها ،ويحاول الاتصال بها لكنها ترفض.
فنزل من غرفته ،وكان الوقت متاخرا ، وجاء وطرق باب
غرفتها.
خافت ،وترددت بفتحه ،لكنها استسلمت وفتحته.
دخل الغرفة وامسك بوجهها، وقال: كيف تجرؤين على ان تكوني قاسية هكذا؟!
اطرقت برأسها وقالت: أرجوك أيهم اخرج من الغرفة قبل ان يشعر بك احد.
لكنه لم يبالي بكلامها وضمها أليه بقوة..وكانت هذه اول مرة يضمها الى صدره بهذا الشكل!
فارتبكت وخافت من ان يتمادى بمشاعره ، فحاولت ابعاده عنها ،دون جدوى ، بل أنه نسي نفسه ولم يتمالكها ،وحاول تقبيلها وبدأت هي تقاومه وتضربه ، حتى انتبه لنفسه فافلتها ،واعتذر منها.
جلست تبكي وتقول: مالذي اصابكَ؟...ألم نتفق ان يبقى حبنا طاهرا؟! هل تريد أن تأخذ ماتريده مني الان لانكَ ستتزوج بغيري..هل تستغل الفرصة قبل ان اتركك؟!
عصر ذراعها بغضب وقال: كل الحب الذي منحتك إياه وتتهمينني بأستغلالكِ...أنا مشتاق لكِ ولم اعد احتمل أن
لا أضمكِ ولا اقبلكِ !
ألمتها ذراعها ،فقالت: اتركني ..انت تؤلمني..وحبكَ الحرام
لا اريده!
لم يتفوه بكلمة ،لكنه نظر أليها مطولاً بغضب ،ثم خرج.
ورمت هي بنفسها على سريرها تبكي وتصرخ بصوت مكتوم.
..........................................................................
حاول أيهم ان يثير مشاعر الغيرة عند سمر ،فكان يتصل بمنى ويضحك معها ،على مسمع منها، وكان يبقي حالة متصل بالانترنت حتى وقت متأخر من الليل.
لم يكن هذا يثير غيرة سمر وجنونها فحسب..بل كان يثير غضبها وحقدها عليه ، فكانت تقضي ليلها بالبكاء والنحيب.
...........................................................................
ورغم أن أيهم حاول ان يتصرف بقسوةٍ مع سمر ،ويجعلها تعيش نار الغيرة ، إلا أنه لم يكن يحتمل بعدها عنه وصدها له.
فذات ليلة ،وبعد ان اكمل حديثه مع منى ، احس بشوق كبير لها ،وقرر أن يذهب اليها .
نزل من غرفته بعد أن نامت والدته ، وطرق الباب على سمر.
لم تقبل أن تفتح له في بادىء الامر ،لكنها استجابت له
بعد ألحاحه الشديد وانفعاله.
دخل الغرفة وحوط وجهها بيديه ،وعرف أنها كانت تبكي.
قال لها:
-- لماذا تعذبين نفسك وتعذبيني معك؟ لامفر لنا من الحب !
فقالت بيأس:
-- لا مفر لي أنا...اما انت فلديكَ حب جديد !
قال هو: انتِ الحب وانت العشق !
ابعدت يداه عن وجهها وقالت: لماذا تثير غيرتي ..لماذا تتواصل معها وتسمعها كلام حب؟!
اجابها: لم اسمعها أي كلام حب ..الحب لكِ وحدك !
فقالت بتهكم: الحب لي..والامتلاك والنصيب لها !
احس باليأس من التفاهم معها ،وقال: سمر..ستهدمين حبنا الجميل بأفكارك هذه !
قالت هي : لايهدم الحب ..إلا عدم الاكتفاء !
قال : وأنا مكتف بك .
ابتسمت بمرارة وقالت: واضح !..هلا تسمح لي باغلاق الباب ..اريد ان انام..فأنا متعبة.
،نظر اليها مطولا..وقال بغضب وهو يبتعد عنها : تصبحين على خير.
اغلقت الباب دون أن ترد ،واجهشت بالبكاء.
...................................................................
حاول أيهم أن يستخدم اسلوب التجاهل مع سمر ، وكان ناجحا بذلك ، مما كان يثير غضبها وحزنها وغيرتها .
واستمر الحال بينهما ع هذا المنوال ، وكانا بين الحين والاخر يحاولان التفاهم ،لكن دون جدوى ، فهو رغم حبه لها ورغبته الاكيدة بالزواج منها ،إلا أنه لا يجرؤ على أن يصارح والدته وعمه وابنة عمه بالأمر .
كان يراقب حسابها ويرى حالة النشاط فيه ، رغم أنها كانت تلغيها وتفعلها متى ما أرادت مراقبة حسابه .
و كثيرا مايصدف ان يكونا نشطاً معاً ، لكن للكبرياء رأي آخر !
..................................................
قرر أيهم أن يفاتح والدته بأمر حبه لسمر ورغبته بالزواج بها.
جلس قربها ،وبدا عليه التردد .
لاحظت سعاد توتره ،فسالته: هل أنت بخير أبني ؟!
اجابها وهو يتنفس الصعداء :
-- أمي..أنا احب سمر واريدها زوجة لي .
صدمت الأم وقالت :
-- تحب سمر؟! هل تمزح معي أم ماذا؟!
-- لا أمزح.. أحبها ..وأريد ان اتزوجها !
ضلت سعاد مشدوهة العقل للحظات ،ثم قالت:
-- وماذا عن منى ؟!
-- لم أقل يوما بأني أريدها زوجة لي..انت وعمي خططتما لكل شيء دون ان تتأكدا من مشاعري ورأيي !
-- أبني ..أ انت واثق من حبكَ لسمر؟ اعني قد تكون معجباً بها فقط ..او تكون مجرد نزوة!
تنهد وقال:
-- أمي انا مغرم بها حد الجنون !
فقالت بتوجس :
-- قل لي بصراحة يا بني..هل حدث شيء بينكما؟..هل فعلت شيئا معها؟!
نظر نحوها نظرة عتب وقال:
-- أمي..تعلمين كم تغيرت انا..لم اعد أيهم الطائش ال
الضعيف الذي حاول نسيان مأساة موت والده بالعبث مع النساء وشرب الخمر..أنا منذ سنة مضت..اصبحت أيهم جديد..اتعلمين بفضل من؟!
عقدت حاجبيها متسآلة :
-- بفضل من؟
-- بفضل سمر..قابلتها قبل ان تعمل لدينا..ولقنتني درساً
باخلاقها وطيبتها وبرائتها..وانت تعرفين سمر واخلاقها
حق المعرفة !
-- اعرفها..واشهد لها بالاخلاق والطيبة ..وقد احببتها
كحبي لكَ ولأختكَ رونق..لكن المسألة معقدة.
تنهد ايهم واخرج حسرة من قلبه وهو يقول:
-- اعرف ان موقفكِ سيكون صعباً امام عمي وعائلته..لكن اليست مشاعري الأهم؟!
فقالت سعاد: أكيد ..مشاعرك ورغبتكَ فوق كل شيء..لكن...
____________________
وقبل أن تنهي جملتها رن هاتف أيهم ،وظهر على الشاشة اسم عمه .
أجاب ايهم على الاتصال ،وكان مختصره ،ان عمه يفتقده هذه الايام ويود ان يلتقي به لمناقشة بعض الامور.
اغلق الخط ،بعد ان ابدى موافقته للقاء عمه في مقر عمله.
وسألته سعاد: هل ستخبرني كيف التقيت بسمر قبلا..ومالذي حدث بينكما؟فبدأ يسرد عليها الاحداث ،منذ ليلة لقائه بسمر
عندما شاهدها وحيدة بمنتصف الليل، وحتى آخر الاحداث بينهما.
واضاف : تعلمين جيدا يا امي كم كان والدي رحمة الله عليه ،مقربا لي..كان لي الاب والاخ والصديق..وتعلمين كيف انهارت نفسيتي حين فقدته..لقد حاولت ان انسى بأي طريقةٍ.وبوجود بعض أصدقاء السوء ..انحرفت عن الطريق وصرت مدمن خمرٍ ونساء...لكن حين التقيت بسمر..كل شيء اختلف..احسست انها اعطتني صفعةً سحرية لأرجع لنفسي..وعدت أيهم القديم بفضل الله ثم بفضلها !
شعرت سعاد بالحيرة ،وقالت وهي تربت على يده : الحمد لله ياولدي..بإذن الله خير !
فأخذ يدها وقبلها ،وقام وهو يخبرها ، انه سيذهب للقاء عمه في الشركة.
...........................................................
حاول أيهم المرور بالمطبخ ، حيث تتواجد سمر ،قبل أن يذهب للقاء عمه ،لكنه شعر بالاحراج من أمه التي تجلس في صالة المنزل ، فتراجع واكمل طريقه نحو الخارج.
...............................................
وصل للشركة التي يملكها عمه ،وطلب من السكرتير أن يخبره بقدوظه ،فأخبره السكرتير ،أن عمه قال ليدخل
حالما يصل.
دخل ايهم مكتب عمه ،والتوتر باد على وجهه.
سلم عليه ، وجلس قبالته.
لاحظ العم توتر أيهم وأنزعاجه ،فسأله:
-- أ انت على مايرام ؟!
رد ايهم بنظرات حائرة:
-- انا بخير عمي...انا فقط متعب .
-- مما انتَ متعب يا ولدي؟
لم يقدر أيهم ان يشرح لعمه شيء ، لكنه اجاب : -- عمي..بالنسبة لموضوع الخطوبة...
فقاطعه العم ضاحكا:
-- اهاا..موضوع الخطوبة يتعبك..أكيد انت مستعجل
مثل خطيبتك تماماً !
أصابه كلام عمه بالاحراج أكثر ،فقال:
-- لا عمي ليس هذا قصدي.. بصراحةٍ...
وقاطعه مرة أخرى :
-- لاتقل أنكما تخاصمتما..يجب ان نقيم الخطوبة والزفاف بأسرع وقت قبل سفري لكندا.
كان كلام عمه وأقتراحه كالأبرة تخيط شفاهه.
وبدا عمه يشرح متى تقام الخطوبة وكيف ومن هذا القبيل..
فتوتر أيهم اكثر حتى فقد أعصابه ،ووقف وقال بعصبية : -- --ارجوك عمي أسمعني..لن أخطب ولن اتزوج منى !
صدم عمه وقال بغضب هو الاخر :
-- أ تمزح معي؟!
-- أسف عمي..لكن انا احب فتاة أخرى !
جن جنون العم ،وأقترب منه و قال له وعيونه تتطاير شرراً :
-- وهل ابنتي لعبة بيدك..متى ماتجد غيرها ..تتركها؟!
-- عمي انا لم اطلب يد منى منكَ يوماً..ولم اعدها بشيء ابداً..انتَ وأمي خططتما لذلك !
تنفس العم الصعداء وحاول ان يكتم غضبه المتزايد ،لكنه لم يحتمل ،فأنفجر قائلا :
-- أبنتي منى واقعة بغرامكَ..واعلم انكَ تحدثها يومياً وتعلم انها عندي أغلى شيء بالدنيا.. لذلك لن أسمح لك
او لأحد غيرك أن يكسر قلبها..ستتزوجها شئتَ ام ابيت !
رفع أيهم حاجباه متعجبا من اسلوب عمه وقال :
-- وهل انا بنت لتجبرني ؟!
فرد العم :
-- بل انت شخص يعيش هو وامه واخته تحت رحمتي..وبأملاكي !
صدم أيهم لما يسمعه ،فقال :
-- ماذا تقصد؟ ..نحن نعيش باملاك والدي الله يرحمه.
ضحك العم وقال :
-- جدك سجل كل شيء بأسمي انا..وأبوك لم يطالب بأن نقتسم الميراث...لم يكن ابوكَ شريكاً حقيقياً لي..بل كان مجرد شريكاً وهمياً !
-- بل أنها لعبة منكَ ..لتجبرني على الزواج بابنتكَ !
-- إذهب وتأكد من امكَ سعاد بنفسك.
فتسآل ايهم ،بعد ان ادرك أن حديث عمه قد يكون حقيقيا،:
-- وإن يكن كلامك حقيقي..مالذي ستفعله أن لم اتزوج منى ؟
جلس خلف مكتبه ،وقال بأسترخاء :
-- ساقطع علاقتي بكم نهائياً..وسينقطع معها كل إيراداتكم
ومصاريفكم...ستجلس في البيت تقابل امكَ واختكَ وتندبوا حظكم !
شعر ايهم بالاشمئزاز من أسلوب عمه ،وقرر ان يذهب ليواجه والدته بكل ماسمع .
............................................................
جلست السيدة سعاد تحدث أبنتها رونق ،حول موضوع أيهم وسمر ،وسألتها إن كانت تعرف أن بينهما شيئا.
فقالت رونق : بصراحة ماما..كنت أشك أن أيهم واقع بحب سمر..ولم اتأكد ألا قبل فترة قصيرة..حاولت ان اقنعه ان يترك المسكينة سمر..ولا يورطها بحبه..لكن ماباليد حيلةٍ !
وفُتِح باب المنزل واُطبِق بقوةٍ ،نظرت سعاد وإبنتها بقلق
لتجدا ايهم وقد اشتعل وجهه غضباً ، وهو يتجه نحو والدته ويقول بعصبيةٍ :
-- امي..أ صحيح أننا لانملك شيئا من ورث جدي..أحقا كان والدي مجرد أخ لعمي وليش شريك بأمواله وشركاته؟!
تنهدت سعاد بحزن وقالت:
-- اهدأ يا بني..اتمنى ان لاتكون قد أغضبت عمكَ منك !
فصاح ايهم بجنون :
-- بل هو من أغضبني..وهددني إن لم اتزوج بمنى..سيقطع علاقته بنا ويقطع كل املاكه عنا.
فقالت سعاد : ولهذا يابني أردتك ان تتزوج بمنى..لتعيد حق والدك لنا..صحيح ان والدك لم يطالب بحقه وميراثه..لكنه لم يكن يعلم ان عمك ممكن ان يتخلى عنا بهذه السهولة.
.........................................................
في منزل العم ..
دار حديث صاخب بين العم وزوجته وابنته منى ،حاول
أن يقنع ابنته بترك موضوع الزواج من ايهم ،لكنها بكت وانفعلت ،وأخبرته أنها ستقتل نفسها إن لم يتزوجها ايهم !
وكان والدها ، يخشى عليها من نسمة الهواء ،لكنه استمر بأقناعها بترك موضوع أيهم .
راحت تركض باكيةً نحو غرفتها ، واتصلت بأيهم.
................................................
جاءه الاتصال من منى ،فلم يرد وتكررت الاتصال ،حتى نفذ صبره وفتح الخط وصاح بها :
-- ماذا..لماذا تلحين بالاتصال؟!
قالت وهي تبكي:
-- ايهم انا احبك...لايمكنك ان تتخلى عني!
حزن لسماع بكائها، لكنه قال:
-- ارجوك منى..أهدأي..
فصاحت به :
-- كيف أهدأ وابي يقول انك لاتريدني..وانك تحب فتاة اخرى ؟! هل حقا تحب غيري؟
صمت أيهم ولم يجبها ،فصاحت بجنون: يالك من حقير.. وسافل..سأقتل نفسي وذنبي سيكون برقبتكَ !
وأغلقت الخط..وايهم يصيح : منى ..أرجوكِ أسمعي..
.............................................................
نفذت منى تحذيرها ،وقامت بتناول علبة حبوب كاملة ،
من أدوية والدتها.وتم نقلها ألى المستشفى .
أتصل والدها بايهم .
وما ان فتح ايهم الخط ، حتى سمع وابلا من التهديد والاهانات من قبل عمه وحمله كامل المسؤلية إذ ما حدث لابنته منى شي !
القى أيهم بهاتفه أرضا، بعصبية ،حتى تناثرت اجزاؤه.
ففزعت سمر التي كانت تضع صينية الشاي امام سعاد وكذلك فزعت سعاد ،فوقفت وتسآلت : ماذا اصابكَ يا ولدي؟! مالذي حدث؟!
جلس وطوق راسه بيديه ،وعصره بغضب ، ثم قال وقد لاحت منه نظرة نحو سمر : منى حاولت ان تنتحر..وعمي يحملني المسؤلية.
صدمت سعاد لذلك ،بينما شعرت سمر بانقباضة في قلبها ،وعادت للمطبخ ،وجلست تندب حظها .
..............................................................
في المستشفى ..
تبكي والدة منى وهي تلعن أيهم . وما ان تراه قادماً هو ووالدته سعاد ، حتى تنقض عليه ممسكة بذراعه وهي تقول بغضب : أتيت برجلك كي تراها ياظالم؟ ابنتي التي يتمناها ألف رجل..وتاتي انت بآخر زمن لتكسر قلبها ؟!
حاولت سعاد ان تهدأ من روعها ،وتخبرها أن كل شيء سيتصلح.
افلتت أيهم وجلست وهي تدمدم ببعض الكلمات الغير مفهومة.
وبعد دقائق ، تقدم نحوهم العم ، وقال بنبرة آمرة : اخرج من المستشفى حالا..لا اريد رؤيتك بأي مكان ..حتى اطمئن على منى ،وبعدها أعرف كيف سأتصرف معك !
لم يتفوه أيهم بأية كلمة..واكتفى ان يلقي نظرة ثبات لعمه ويغادر.
................................................................
عاد أيهم للمنزل ، فأستقبلته رونق ،متسآلة : ماحالتها..هل هل بخير؟!
نظر اليها وقال بتنرفز : لاتقلقي..انها افضل حالا مني !
ثم قال لها : اتصلي بأمي واخبريها ان كانت تريد ان اعود لأخذها ام تعود بمفردها.
واتجه نحو المطبخ ، حيث حبيبته تعيسة الحظ ،سمر.
اجفلت لرؤيته بمنظره الملىء بالغضب والانزعاج.
فقال لها : سمر...اتركي كل شيء من يدكِ وتعالي نتحدث.
توترت وقالت : فلنتحدث وانا اعمل سيد أيهم..يجب ان انهي عملي..فانا اشعر بالنعاس.
وقف واتجه نحوها بكل غضب وامسك بذراعها وقال : عندما اطلب منكِ ان تتركي كل شيء ..فاتركي كل شيء..كفاكِ عنادا !
نظرت لعينيه وقالت : حاضر...أنا تحت أمركَ سيد ايهم.
تنرفز من اسلوبها وقال وعيناه تجدحان غضبا: هل عدنا لقول سيد ايهم ؟! مامعنى هذا..مابكِ انت؟ لقد أحرقت الدنيا لأجلك وانت تتصرفين كالاطفال !
لاحت الدموع بطرف عينيها ،وهي ترد عليه : أعلم كم تحبني..لكننا لم نخلق لبعض..انا مجرد خادمة عندك..وأبنة عمك تحبك ومتمسكة بك ..اظن انه لامفر لك من الزواج بها !
أحس بألم يعتصر قلبه لرؤية دموعها ،فمسحها بأصابع يده ، وقال : سمر ..لا اتخيل حياتي من دونك..فحتى لو شائت الاقدار وتزوجت بمنى...فلن اتخلى عنكِ ابدا !
ابعدت يداه عنها وقالت وهي تدير وجهها عنه : أذا ستتزوجها؟!
فقال هو : سأتزوجها لسبب واحد...لأستعيد حقوقي من عمي!
اطلقت ضحكة سخرية خفيفة ،وقالت: حقوقك! ..اجل..معذور..أيهم..فلتنسى أمر حبنا..لن ارضى بان اكون شريكةً لاحداهن بقلبك..لن اضع نفسي في وضع المقارنة مع ابنة عمكَ الجميلة الثرية..سأخسر بالتأكيد!
وعادت تكمل عملها ،فلوى ذراعها وهمس بأذنها بغضب :كل مافعلته وتشكين بحبي لكِ ؟! ستندمين على عنادكِ وغروركِ هذا !
أنت تقرأ
الحب للشجعان
Romanceتعمل خادمة لدی عائلة ثرية بعد أن فقدت آخر فرد لها بعائلتها وصارت وحيدة. ويقع سيد تلك العائلة بحبها وتبادله المشاعر، لكن القدر لايرحمها، وتجري الأمور معها بقسوة، فهل سيكون هذا الحب منقذها ؟ أم للشجاعة في الحب رأيٌ آخر؟