كان امير متلهفاً لحضور سمر ، وهو ينظر لساعته كل ثانية، فيما كانت انظار اغلب النساء في الحفل مسلطةً عليه.
وصل ايهم و العائلة اخيراً.
ترجل الجميع من السيارة، و مشوا نحو مكان الحفل الذي
كان مقاماً في حديقة المنزل الكبيرة.
اسرعت منى ولفت ذراعها حول ذراع زوجها، وهي ترمق سمر بنظرةِ خبث.
أستقبلتهم نجلاء بحفاوةٍ، وبعد تبادل السلام والتهاني بينها وبينهم.
قالت نجلاء وهي تتفحص نساء العائلة:
-- لقد احسن ايهم باختياره زوجة ًجميلة ًوانيقة ًمثلكِ !
ابتسمت منى بغرور وشكرتها.
ثم وجهت نظرها نحو سمر وقالت:
-- لابد انها عاملتكم سمر..انها جميلة هي الاخرى !
أبتسمت سمر بحياء وشكرتها.
ثم طلبت منهم نجلاء ان يتقدموا ليأخذوا راحتهم.
وما هي إلا لحظات ٍحتى تقدم منهم شاب بهي الطلة وانيق
الملبس، وقال بصورة ٍمفاجئة ٍ: يامرحبا... بأيهم ونسائه الجميلات!
فألتفت الجميع صوبه، وكانت صدمة سمر كبيرة ً.. فقد ادركت ان امير الذي يحادثها هو نفسه صاحب الحفل بعد ان قدموا له التهاني.
وكان هو مبهوراً بها وبجمالها ، وتلألات عيناه عند رؤيتها. وبعد تبادل القليل من المزاح مع سعاد وابنتها.
قال لأيهم:
-- ألن تعرفني على زوجتكَ والفرد الجديد هنا؟
قدم ايهم زوجته، وقبل ان يمكل تقديمه لسمر، قاطعته منى قائلة :
-- هذه سمر.. خادمتنا !
فأبتسم لسمر بحبور وكاد ان يأكلها بعينيه وهو يقول:
-- تبدين كأميرة !
لكنها أطرقت بنظرها للارض من شدة الارتباك والتوتر، فوكزتها رونق بذراعها فرفعت رأسها، و تلاقت نظراتها بنظراته الهائمة.
لاحظ ايهم توتر سمر وانبهار امير بها. فأزعجه المنظر وقال محدثا أمير:
-- هيا لنترك النساء ونذهب لننضم لبقية الشباب.
واتجها ناحية بعض الضيوف من الاصدقاء بما فيهم حسن ومهيمن. وراحوا يطلقون الاحاديث والضحكات بينهم.
..............................................................
وجلست سعاد ومنى ورونق حول احدى الطاولات، فيما
فضلت سمر الجلوس بطاولة اخرى ؛ بسبب نظرات الغيرة والبغضاء التي ترمقها بها منى.
وقد انضمت لها رونق، بعد ان طلبت منها الانضام لطاولتهن
وامتنعت سمر وهي توضح السبب لرونق ببعض الاشارات بعينيها، حيث ادركت رونق حساسية الوضع الذي بينها وبين منى.
جلست رونق وهي تبتسم وتقول: أرايت نظرات امير إليكِ؟ كان سيأكلكِ بعينيه.
اضطربت سمر وقالت بتلكأ:
-- لا لم انتبه.. بدت لي نظراته عادية !
ضحكت رونق ضحكة ًخافتة وقالت:
-- ياعيني على البراءة والخجل!
.......................................................
في الجانب الآخر من الحفل..
قال أمير محدثا أيهم:
-- كم انت محظوظ !
ابتسم ايهم بسخرية وقال:
-- واضح كم انا محظوظ بخسارتي في الشركة!
-- بغض النظر عن ظروفك بالعمل.. انت محظوظ جداً بنسائك انهن جميلات !
وما ان تلفظ امير بتلك الكلمات، حتى قبض ايهم علی ياقة سترته.، وقال بإنفعال:
-- إياك والنظر لما ملكت أيماني!
ضحك امير وقال:
-- ما ملكت ايمانك؟! دخيلكَ ياشيخ! ..حسنا.. زوجتك واختك خط احمر..ماذا عن الخادمة؟ لا اظنك تهتم لأمرها كالبقية.
انفعل ايهم اكثر وعلا صوته يقول:
-- كفاك لغوا امير !
فتوجهت الانظار صوبهما.
ابعد امير يد ايهم عنه، وقال بتحد ٍ :
-- اعجبتني خادمتكم.. واظنها معجبة بي هي الاخرى!
-- أمير.. لا تجعلني اقلب الحفل لحلبة مصارعة !
-- ليس من حقكَ التدخل بأمر الخادمة...وساثبت لك انها لاترغب بتدخلك.. سأطلب منها مراقصتي..لن تمانع.. أليس كذلك؟!
-- لن تقبل هي بمراقصتك لانها لا تعرفك !
قال امير بثقة وتحد:
_ لنراهن على ذلك!
_لاداعي للرهان...جرب حظك ولنرى !
وسار امير بخطوات ٍواثقة إلى حيث تجلس سمر.
لاحظت رونق ان امير يتجه نحوهما، فنبهت سمر لذلك.
ادركت سمر انه بالفعل متجه ناحيتها، فأصابها التوتر والأضطراب.
وقف قربها ومد كفه لها وهو يبتسم وطلب مراقصتها.
زاد توترها وأضطرابها ، ولم تدرِ ما تفعل، فوكزتها رونق وهي تهمس لها: هيا اذهبي معه.. الم اقل لك انه معجبٌ بكِ؟
ولم ينتظر امير ردها، بل امسك بكفها وسار بها نحو منصة الرقص، تحت انظار ايهم و الآخرين.
صدمت منى وقالت لرونق: كم هو قليل الذوق.. ايترككِ ويراقص الخادمة الوضيعة؟!
-- سمر امرأة حالها حال بقية النساء وقد اعجبته وهي تستحق كل الخير والسعادة.
ضحكت منى وقالت ساخرة:
_هه.. وكأنه سيتزوجها! إنها مجرد رقصة عابرة!
_المهم انها ستعيش لحظات سعيدة مليئة بالاهتمام... كسندريلا!
هزت رأسها بانزعاج وراحت تحترق غيضا.
وبدا أيهم غاضباً ومتعجباً من قبول سمر مراقصة امير.
............................................................
كانت الموسيقى هادئة، مما ساعد في تدارك اخطاء سمر بالرقص، حيث حاولت مجاراة حركات امير قدرالامكان، وقد نجحت بذلك بمساعدةٍ منه هو الآخر.
كان يتفرسها بشغف، فيما كانت هي تتحاشی النظر لعينيه.
قال:
-- هل اعجبتكِ المفاجأة؟ كم انتِ جميلة ياسمرتي!
كم انا محظوظ بكِ !
اضطرب كيانها وحاولت ان تنهي الرقص وتبتعد عنه، لكنه ظل ممسكاً بها.
قالت بصوت مرتجف:
_كيف تضعني بهذا الموقف المحرج؟ لو كنت ُ اعلم انكَ صاحب الميلاد لما حضرت اصلاً !
_أرفعي نظركِ ناحيتي..اريد ان امعن النظر لهاتين العينين البريئتين.
_ ارجوكَ امير دعني اعود لطاولتي.
فراح يدندن ويغني بتلك الكلمات: دعني اعود لطاولتي... دعني اعود لطاولتي... ههه انها اغنية جميلة.
فلم تتمالك نفسها واطلقت ضحكة صغيرة. وكان والدا امير يراقبان المنظر، والابتسامة تعلو على وجه الآغا وهو يقول: يبدو ان ابنكِ اختار عروسته اخيراً !
فقالت: لاتثر جنوني انت الآخر.. انها مجرد خادمة في بيت ايهم!
-- أحقاً..تبدو كالأميرة !
.................................
وكان ايهم يراقب صديقه وهو يراقص حبيبته السابقة
وهو غير مصدق.
ولاحظت منى انه منزعج ومنفعل، فقالت له:
_ما رأيك ان نشارك بالرقصة ياحبيبي؟
_أعذريني عزيزتي.. فرأسي متصدع قليلاً.
وقالت سعاد: إن كنت متعب ياعزيزي فلنعد للبيت.
اومأ برأسه وهو يقول: نعم.. من الافضل العودة الآن.
احتجت رونق قائلة: لايزال الوقت باكراً.
تجاهل احتجاها ووقف مقرراً لمغادرة..
لاحظت سمر انهم يستعدون للرحيل، فأستأذنت امير لتلحق بهم.
فقال: لا ادري ماقصة هذا الرجل؟ لا يتركنا نستمتع بوقتنا ابدا !
ثم توقفا عن الرقص واسرعت سمر ولحقها امير وقال لأيهم:
-- لما الاستعجال يا صديقي؟ لازلنا في اول الاحتفال!
جدحه ايهم بنظرة غضب وقال:
-- لقد اكتفينا بهذا القدر من الاستمتاع بالاجواء الطيفة.. انقل سلامي لبقية الاصدقاء.
ذهبت سعاد لتوديع نجلاء. فحاولت اقناعهم بالبقاء لمزيد من الوقت، لكنهم غادروا.
................................................................
بعد وصولهم ودخولهم المنزل، سألت سمر إذا ما كان احدهم يحتاج لشيء قبل ذهابها لغرفتها.
فشكرتها سعاد واخبرتها أن بإمكانها اخذ راحتها، فالجميع
متعب وكل سيأوي لفراشه.
وفي الحقيقية فان ايهم كان يتحرق غيضا، وود لو حقق معها عن سر اندماجها مع امير، غير انه كان محضوراً بوجود زوجته.
اتجه كل منهم لغرفته، وقبل ان تصعد رونق، جاءت لسمر وقالت لها: انا سعيدة لاجلكِ.. لقد كنتِ نجمة الحفل!
احست سمر بالخجل وقالت:
_لا تكبري الموضوع.. ربما اراد التعرف علي من باب الفضول لاني جديدة بينكم.
_امممم... لا اريد احراجكِ اكثر.. لكن ما رأيته ان الرجل
واقع بغرامكِ حقا.. عيناه كانتا مليئة ًبالمشاعر تجاهك.
_ارجوك رونق.. لا اريد الخوض بتلك الأمور فأنا.....
_انا اسفة..اعلم انكِ مررت بتجربة قاسية مع اخي..
لكن اتمنى لكِ من كل قلبي ان يأتيك عوض ٌ جميل.
عانقتها سمر وشكرتها.
بعدها تمنتا لبعض ليلة سعيدة، وصعدت لغرفتها.
........................................................
بعد مغادرة ايهم ومن معه، بدأ ضيوف الحفل بالمغادرة،
الواحد تلو الآخر، حتى خلا المكان إلا من امير ووالديه وبعض العاملين والخدم الذين بدأوا بتشطيب المكان.
قالت نجلاء:
-- إذا.. هل اعجبكَ الحفل حبيبي؟
ابتسم لها امير وقال:
-- أنه افضل حفل اقمناه يا امي!
ضحك والده وقال:
-- هل السبب وجود تلك البنت التي راقصتها؟
فأبتسم ابتسامةً حالمةً ولم يعلق.
وقالت نجلاء:
-- ومن هي ليهتم لامرها؟ اعلم انه كان يجاملها فحسب.. اليس كذلك حبيبي؟
نظر أليها امير بيأس وقال:
-- انا متعب.. اسمحا لي بالذهاب لغرفتي.
وغادر نحو غرفته. فألتفت الآغا لزوجته وقال: من الواضح انها اعجبته.. فلماذا تنكدين عليه؟
-- إنها مجرد خادمة.. ماكان عليه مراقصتها... كانت امامه الكثير من الفتيات الراقيات!
-- لكنها للامانة.. تستحق الاعجاب.. جميلة وانيقة
ومؤدبة.. وهذا ما يحبه ابننا في زوجة المستقبل.
انفعلت نجلاء وقالت:
_ هل تريد اثارة جنوني؟ كيف تتقبل فكرة زواج ابنك من خادمة؟!
_الخادمة بشر وأمراة مثل بقية النساء!
زاد انفعالها واسرعت تغادر المكان بخطوات غاضبة.
..........................................................
أمسك أمير بهاتفه وهو مضطجع في فراشه، وبدا بمراسلة سمر. كتب لها:
_سمرتي.. لقد سلبت عقلي هذه الليلة بجمالكِ ورقتكِ !
أنت تقرأ
الحب للشجعان
Romanceتعمل خادمة لدی عائلة ثرية بعد أن فقدت آخر فرد لها بعائلتها وصارت وحيدة. ويقع سيد تلك العائلة بحبها وتبادله المشاعر، لكن القدر لايرحمها، وتجري الأمور معها بقسوة، فهل سيكون هذا الحب منقذها ؟ أم للشجاعة في الحب رأيٌ آخر؟