حين تكون وحيدا، ومحتاجا لأحدهم ،ولا تجد من يسمعك ويزيل عنك جزءا من همومك ، فلا تجد سوى الرب الرحيم ،لتطلب منه العون والرحمة ،فهو مسبب الاسباب ،واللطيف بنا والمنقذ من كل مايعترضنا.
دموع تنهمر على وجنتيها ،وحسرات تعتصر قلبها وهي تنظر الى امها التي بدت نوبات الالم تجتاح جسدها .
تلك الفتاة الشابة التي جاوز عمرها الرابعة والعشرين ، ذات الملامح البريئة والمتعبة .
نظرت نحو امها التي انهكها الألم ، بحيرةٍ كبيرةٍ.
فالوقت قارب منتصف الليل ،ولا أحد قربها ليعينها ويجلب الدواء الذي تحتاجه امها لتسكين ذلك الالم.
لم يكن بإمكانها اخذها لأي مشفى ،فالأم مقعدة ، ولا وجود لسيارةٍ قريبة لتحملها.
اصابها صراخ امها بالتوتر والغضب ع حالهما ،واسرعت نحو جارتها ،التي تكاد تكون المرأة الوحيدة التي تعرفها بعد امها.
وطرقت الباب بشدة، حتى فتحت لها الجارة ،وادركت حال رؤيتها،ان نوبةَ ألم اصابت امها ،كالعادة.
فأسرعت معها،لترى مايمكنها فعله، حاولت ان تجد سيارة قريبة لنقلها لأي مشفی، لكن دون جدوى.
ولم تحتمل سمر ،وضع امها، فطلبت من جارتها ان تبقى بجانبها، بينما تذهب هي للبحث عن الدواء الذي تحتاجه امها، بأي صيدليةٍ في المنطقة.
خافت عليها الجارة وطلبت منها ان تنادي احد الجيران لمساعدتها،فكونها فتاة فمن الخطر عليها ان تخرج وحدها في هذا الظلام.
لكن خوف سمر على امها، تغلب ع خوفها من خطر الشارع.
واسرعت خارجا .
نظرت لما حولها يميناً ويساراً ،تملكها الخوف قليلاً ،لأن الشارع كان مظلماً وخالياً من اي حركةٍ اوحياة.
استجمعت قواها ودعت الله ان يساعدها ويسهل امرها، واسرعت في طريقها .
مشت مسافةً من الطريق ،وشعرت باليأس من ان تجد اي صيدليةٍ لم تغلق بعد.
واكملت طريقها ،على أمل ان تجد بصيص خيرٍ .
رأت بالفعل بصيصاً، لكنه لم يكن سوى بصيصاً لضوء احدى السيارات .
خافت واضطربت خطواتها وابتعدت عن الشارع قدر استطاعتها.
لمحها ذلك الشاب الذي كان يسوق تلك السيارة ، نظر بإمعان ليتأكد من انه حقا رأى فتاة تمشي لوحدها بهذا الوقت من الليل.
كان شابا يقاربها بالعمر، وتبدو عليه ملامح الطيش والثراء.
كان مهووسا بالنساء، واعتبر ان هذه فرصة له ان يستغل وجودها وحيدةً بهذا الليل.
نزل بسرعةٍ من سيارته وامسك بذراعها، وحاول سحبها نحو السيارة ، وهو يتمتم بكلمات الغزل .
قاومته بشدة وحاولت ان تشرح له انها ليست كما يتصور من بنات الليل او من هذا القبيل.
لم يكن يستمع لكلماتها وتوسلاتها، فقد اغراه جمالها وانوثتها .
فبكت وقالت له : استحلفك بروح كل عزيز ٍعلی قلبك ان تتركني .
تجمد الشاب بمكانه، فوقعُ كلماتها ،كما يبدو ، جاء بنتيجة معه.
نظر اليها ،بغضب وقال : ومادراك ان لدي عزيز ميت ؟ لقد اصبتيني في الصميم.
وافلت يدها ،وقد تغيرت ملامحه، وبدى مكسورا ،مهموما .
ثم نظر اليها وقال: إن كنت بنتا شريفة ..فلماذا تخرجين وحدك بهذا الليل ؟؟
فاطرقت برأسها واجابت: امي تتألم بشدة..وخرجت ابحث عن اي صيدلية..لاجلب مسكنا لها.
بدت عيناها تحكيان الصدق ، بالنسبة للشاب، فاشفق عليها وتعاطف معها،وقال: انا اعرف صيدلية تفتتح حتى الصباح..تعالي آخذك .
خافت هي وترددت، لكنه التفت اليها وقال: وحق العزيز الذي تركتكِ لأجل روحه..لن اؤذيكِ.
شعرت بصدق كلماته واستسلمت لخوفها على امها،ورافقته بسيارته.
وصلا للصيدلية وسألها عن نوع الدواء الذي تحتاجه ،ونزل وجلبه لها، واعادها لمنزلها، وفي الطريق. التفت اليها وسأل:
كيف خطر لكِ ان تستحلفيني بروح عزيز على قلبي ؟ ما أدراك ان لدي عزيز متوفي؟!
فردت عليه: اكيد انه رب العالمين الذي جعلني انطق تلك الكلمات..انه منقذي دائما.
ظل ينظر اليها ملياً، ثم ابتسم وقال: ونعم بالله..انت فعلاً محظوظة...ممكن اعرف اسمكِ؟ فأجابته :إسمي سمر .
ونزلت من سيارته، وهي تحمد الله على انقاذها من هذا الشاب، وحصولها على دواء لامها.
...............................
واخيرا بدأ انين أمها يقل بعد ان اعطتها العلاج، وبدأ الالم يسكن ، حتى هدأت كلياً ونامت.
نظرت الجارة لسمر وقالت: كان المفروض ان توفري لها العلاج قبل انتهائه ، بدل ان تخاطري بنفسكِ وتذهبي بهذا الليل !
اطرقت سمر برأسها حزناً وقالت: بصراحةٍ ياخالة..لم اكن املك المال لشراء الدواء من جديد.
شعرت الجارة بالأسى وقالت:
-- اوو...عزيزتي لماذا لم تطلبي مني ان اعطيكِ المال ؟
--حالك ليس بافضل من حالنا..يكفيك اولادك الايتام
لتنفقي عليهم.
-- وماذا عن هذا الدواء..من اين اتيتِ بالمال؟!
-- بصراحه انا حين ذهبتُ لأجلب الدواء لأمي لم يكن معي مبلغ كافي..لكن قلت سأطلب الدواء بالدين.
-- وهل جلبتيه بالدين؟!
حكت سمر ماحدث معها في الطريق،واخبرتها ان الشاب
هو من دفع تكاليف الدواء.
..........................................................................
كانت سمر تخرج احيانا للبحث عن عمل، لتتمكن من الانفقاق على أمها وعلاجها. وتوصي جارتها بها.
لكنها تعود خائبةً ،في كل مرة.
وساءت حال امها، وبعد شهور توفيت.
عاشت سمر في صدمةٍ و وحيرةٍ، بعد فقدان امها ،فمن لها غيرها..واين ستعيش ومع من، فحتى المنزل الذي تسكنه كان آجاراً.
اخذتها جارتها لمنزلها الصغير، الذي كان بالكاد يتسع لها ولأبنائها الايتام.
كانت الجارةُ محبةً وعطوفةً مع سمر ،لكن سمر احست بثقلها عليهم ،فهي امراة ارملة ولها الكثير من الابناء ، وامورها المادية تعيسة.
فواصلت بحثها عن عمل تعين به نفسها. حتى شعرت باليأس من ان تجد عملا مناسباً.
وكانت الجارة فيما مضى تعمل خادمةً عند احدی العوائل ، لكنها تركت العمل بعد وفات زوجها ،لكبر سنها وضرورة تواجدها مع ابنائها.
وكانت تزور تلك العائلة بين الحين والاخر .
وذات يوم ، ذهبت لزيارتهم ، وهذه العائلة تتكون من الام سعاد وبنتها رونق و ابنها ايهم ،الذي كان مسافرا لخارج البلاد.
كانت احيانا تقوم ببعض اعمال المنزل لهم ، وتعطيها السيدة سعاد بعضا من المال بالمقابل.
ولاحظت الجارة ،ان السيدة سعاد تشكو عدم وجود خادمة تقوم بأعمال المنزل لهم ،وانها استأجرت خادمة اجنبية ، وغدرت بهم وهربت بعد سرقتهم.
فخطر على بالها ان تقترح على السيدة سعاد، ان تعمل سمر لديهم ،فهي تجيد اعمال المنزل والطبخ وغيرها، وهي فتاة امينة وخلوقة.
رحبت سعاد بالفكرة وطلبت ان تلتقي بسمر قبل ان تقرر قبولها ام عدمه.
.............................................................................
فاتحت الجارة سمر بموضوع عملها عند السيدة سعاد، واقنعتها بالعمل لديها ، واخبرتها ان السيدة سعاد تعيش فقط مع ابنتها ،واما ابنها فهو غالبا مالا يتواجد في المنزل ،لأنه كثير السفر.
...............
وافقت سعاد على تشغيل سمر ،بعد ان جلبتها الجارة لمقابلتها،واخبرها حدسها ان سمر فتاة خلوقة وامينة. وقررت ان تبدأ بالعمل عندهم اعتبارا من اليوم التالي.
كانت الابنة الوحيدة للسيدة سعاد ،تنظر بتفحص لسمر، مما جعل الاخيرة تضطرب وتشعر بشيء من عدم الارتياح تجاهها.
بعد ان غادرت سمر وجارتها .
التفتت رونق نحو امها وقالت: الا تلاحظين ان البنت ازغر من ان تعمل لدينا؟!
فردت سعاد: انها اكبر منك بعامين..ولا ارى انها صغيرة على مثل هذا العمل..تبدو فتاة طيبة ومؤدبة..وهذا ما انا بحاجة اليه.
قالت رونق: نعم ..معك حق..لابد من ان تكون مؤدبة ..لان ابنك المحروس..تعرفين قصدي!
نهضت سعاد وردت عليها بأستياء: اعرف قصدك..وياريت ان تتركيها بحالها ..وايهم تعرفين كم تغير بالفترة الاخيرة واصبح اكثر نضجا وهدوءا .
.................................................................................
اصبح الصباح ،وتهيأت سمر لبدأ عملها في منزل سعاد.
استقبلتها سعاد بحرارة واخذتها لتلقي نظرة على ارجاء المنزل الكببر، واخبرتها ان الغرفة الصغيرة بجوار المطبخ ستكون غرفتها.
تفاجات سمر من وجود غرفة خاصة بها ،فتسآلت: لا داعي للغرفة سيدة سعاد..فأنا حالماً انتهي من عملي.سأعود لانام عند جارتي ام محمد.
حملقت سعاد عيناها وقالت بدهشةٍ: لكن ام محمد هي من طلب مني ان اوفر لك المسكن وليس العمل فقط !
احست سمر بالمرارة وفهمت ان جارتها غير مستعدة لان تبقيها في المنزل معها..فيكفيها همُ اطفالها الايتام.
تفهمت موقف جارتها برحابةِ صدر وعذرتها..لكن الحزن واليأس كان يعصر بقلبها.
سألتها سعاد: ألا ترغبين بالسكن معنا؟
اطرقت سمر برأسها واجابت: لا ادري سيدتي..تحت امركِ ورغبتكِ انا .
رفعت سعاد وجه سمر بيدها وقالت وهي تحاول ان تطمأنها:
ابنتي ..البيت بيتك وانا بمثابة والدتك ورونق اختك..فلا تحتاري ولا تنزعجي لان جارتكِ ام محمد ..يكفيها مافيها..وهي تحبكِ جدا..لكن بيتها صغير وبلكاد يسعها
هي واطفالها.
ابتسمت سمر وعيناها تتلألأن،وقالت: انا اعذرها واعلم انها احبتني كأبنة لها..انا فقط ارغب بالبكاء..لان فضل الله علي كبير لانه لم يتخلى عني يوما..وها هو يرزقني بأنسانة مثلكِ..تعاملني بعطفٍ وحنية كالأم.
تعاطفت سعاد معها اكثر ومسحت ع رأسها وهي تبتسم وقالت:
ونعم بالله..سأتصل بأم محمد لتجلب ملابسكِ واغراضكِ التي تحتاجينها..واذا اردتِ اتركيهن وسأشتري لكِ ملابس جديده .
فردت سمر بخجل: اشكرك سيدتي..سأذهب بنفسي لأجلبهم..واشكر عطفكِ وكرمكِ.
.................................................................................كانت رونق تنظر للمشهد المؤثر بين والدتها وخادمتهم الجديدة سمر، وتبتسم بأستهزاء.
اقتربت من والدتها وقالت: صباح الخير ماما..يبدو ان هذه البنت استطاعت ان تدخل قلبكِ وتستغل طيبتكِ بسهولة !
نظرت اليها سعاد وقالت : ويبدو ان هذه البنت لم تدخل قلبكِ ..ولا ادري لماذا !
فردت رونق: لاني لا اثق بالبشر ألا بعد العشرة..بينما انتي تثقين بالجميع.
قالت سعاد: كلامك صحيح..انا احاول كسب ثقتها ولكن لا انكر اني ارتحت لها واشعر انها ستكون عند حسن ظننا.
وقالت رونق: ان شاء الله..لكن كيف سيكون الوضع عندما يعود أيهم من السفر؟
سرحت سعاد بافكارها قليلا،ثم ردت: سيكون كل شيء على مايرام..باذن الله تعالى.
.................................................................................
بدأت سمر القيام بأعمال الطبخ والتنظيف ..وقد ابدت سعاد اعجابها بعملها وبالاكلات التي تطبخها ،منذ اليوم الاول.
وكانت سمر تحاول ان تكسب حب رونق لها ،غير أن الاخيرة كانت مغرورة وتعاملها بكل تكبر.
ومرت الايام..واصبحت سمر اكثر نشاطا واكثر سعادةً بكونها وجدت منزلاً يحتويها وصاحبة المنزل تعاملها بكل عطفٍ وحنان.
................................................................................
وجاء اليوم الذي قُبِض فيه قلب سمر، حينما سمعت ان
ابن السيدة سعاد سيعود من السفر.
كانت قلقةً جداً من وجود شاب في نفس المنزل الذي تعيش فيه، ودعت الله ان يكون شاباً صالحاً وخلوقاً ،
كي تعيش بسلام.
..................................................................................ذات صباحٍ..رن جرس المنزل..فذهبت سمر لترى من على الباب.
وما ان فتحت الباب ورأت الطارق ،حتى صدمت وصرخت وهي تتراجع للوراء..بينما اسرع هو ليمسك بها ويطبق على فمها..فزاد خوفها وحاولت مقاومته ،بينما حاول هو ان يجعلها تهدا ليشرح لها .
نزلت سعاد وشاهدت المنظر ،فصاحت بسعادة: ابني ايهم !
شعر بالارتباك وافلت سمر من بين يديه ،بينما وفقت هي مشدوهة العقل ،وغير مصدقة ،أن ابن السيدة سعاد هو نفسه ،ذلك الشاب اللي اعترض طريقها يوما ،عندما خرجت للبحث عن صيدليةٍ في احدى الليالي!
زاد خوفها واحست انها وقعت بين يديه ،وان الله وحده قادر ان يحميها منه.
عانق ايهم والدته ،ثم نظر نحو سمر وقال: ماذا تفعل هذه البنت هنا؟
اخبرته امه انها تعمل عندهم ،منذ اسبوعين تقريبا.
لم يعرف ايهم مانوع المشاعر التي انتابته حين شاهد سمر، ولا حينما عرف انها ستكون متواجدة امام عينيه طوال الوقت!
.................................................................................
طلبت سعاد من سمر ان تعد الاكلات التي يحبها ابنها أيهم، وقد اعطتها المعلومات الكافيه عما يحب أن ياكل او يشرب.
وبعد ان اكمل ايهم الغسل وتبديل ملابسه ، لم يتمالك نفسه للتحدث مع سمر ، فانتهز فرصة خلو الطابق الاسفل من المنزل من أمه واخته، واتجه نحو المطبخ .
كانت سمر مندمجة بإعداد الغداء ، عندما اقترب منها أيهم ،
احست بوجوده فجأة ً، فألتفتت ، وشهقت عند رؤيته.
فقال هو: مابكِ؟ هل انا مخيف لهذه الدرجة؟!
فردت وهي تضطرب بشدةٍ: ارجوكَ ان تتركني بحالي !
اقترب منها اكثر وقال: ولماذا انتِ خائفة هكذا وترتعشين؟..
لاتقلقي ..لن اؤذيكِ صدقيني..انا فقط اردت ان اسالكِ عن حالكِ وحال امك .
اطرقت برأسها حزناً وقالت: أمي ماتت.
شعر أيهم بالحزن والأسى،لما سمعه، وقال لها: البقية في حياتكِ..متى توفيت؟
اجابت: قبل شهرين تقريبا .
قال هو: هذا يعني بعد ان التقيتكِ تلك الليلة بشهر تقريبا .
اومات برأسها بالإيجاب، ودمعت عيناها ، فأعتذر لانه قلّب مواجعها، وقال: اعتذر لاني ذكرتك بأمكِ..واريد ان تعلمي شيء..امي انسانةٌ طيبة وحنونة جدا..ستشعرين بانها امكِ صدقيني..وأنا اعدكِ لن اضايقكِ ابداً..لست ذلك الشاب الذي رأيتيه تلك الليلة وهو يحاول التحرش بك..لقد تغيرت صدقيني...تغيرت بفضلك !
وخرج من المطبخ ، وبقيت سمر بخوفها وقلقها،وحيرتها من ان تصدق وتشعر بالأمان..ام تكذب ماقاله لها وتبقى تعيش بقلق وخوف !
.................................................................................
في المساء،اجتمعت العائلة حول مائدة الطعام الذي اعدته سمر،
وبدأ أيهم بالإدلاء بأعجابه بالطعام، فقالت أمه سعاد : سمر طباخة ممتازة..ونفسها بالأكل طيب.
شعرت رونق بالغيرة وقالت: ألا تلاحظان انكما تبالغان بمدح هذه البنت..اصلا طبخها عادي !
فرد عليها أيهم بسخرية: تعلمي اولا كيف تطبخي بيضة..ثم ابدي رايكِ بطبخ البنت..هه!
انزعجت رونق من كلامه ونظرت نحو امها وقالت: ماما ..أرايت كيف بدأ ابنك بالمقارنة بيني وبين الخادمة؟!
اقطب أيهم حاجبيه وقال: أبنك؟!! أسمي أيهم يا ست رونق!
انزعجت الأم من حديثهم..وقالت: كفى انتما ألأثنان...إما
ان تأكلا..وإما أن تتركا المائدة!
فقال ايهم مازحا: والله انا جوعان.
وقالت رونق: ومتى تشبع انت..دائما جائع!
فقال هو: لئيمة.. تحسبين كم لقمة أكلت !
وطلبت منهما سعاد ان يسكتا للمرة الثانية، فسكت ألاثنان ،
واتجه أيهم بنظره نحو المطبخ ،حيث توجد سمر، ثم قال:
أمي..كيف تعرفت على سمر وقمت بتشغيلها؟
اجابت الام: تعرف ام محمد التي كانت تعمل عندنا..سمر تكون جارتها..وأم محمد لازالت تاتي احيانا لتتسوق لنا وتنظف ،
حسب استطاعتها..وهي من اقترحت عليّ ان تعمل سمر عندنا.
.................................................................................
مرت ألايام على خير بالنسبة لسمر، حيث بقي ايهم مبتعدا عنها لكنها كانت تلاحظ ان عينيه لا تفارقانها كلما صارت امامه.
فكانت تحمد الله ،وبالوقت نفسه ينتابها الخوف من الآتي، فتدعوه ان يحميها من كل شر.
.................................................................................
ذات مساء، وبعد انتهاء مهامها المنزلية ، اتجهت سمر لغرفتها بعد ان شعرت بالتعب والنعاس.
وما أن مالت بنفسها على السرير، حتى طرق باب غرفتها، قامت بفزع، وفركت يديها من شدة الخوف، وهي تتسآل من الطارق.
وعادت الدماء لعروقها ،بعد ان سمعت صوت سعاد، فقد ظنت أن الطارق هو أيهم.
فتحت الباب، فقالت سعاد بهلع:
-- اسفة يا أبنتي..رونق تعبت فجأة..سنأخذها لأقرب مشفى..ويجب ان تبقي يقظة حتى نعود.
--ياساتر ! مابها غير العافية.
نزل أيهم وهو يسند أخته ،التي تصرخ من الالم ،وخرجوا جميعا،تاركين سمر بمفردها ،في المنزل الكبير.
.................................................................................
اقفلت سمر باب غرفتها عليها، وجلست واحتضنت رجليها ، وقد أكل الخوف والقلق منها مأكله.
في الطريق، انتبه ايهم وقال: لقد تركنا سمر لوحدها بالمنزل !
فقالت سعاد: قالت انها ستكون بخير.
ضرب مقود سيارته بقوةٍ وقال: امي ..كيف تتركين بنت لوحدها ؟!..أنا من شدة خوفي على رونق نسيت سمر.
فقالت رونق رغم انها تصارع نوبات الالم في بطنها: أنت خائف على سمر اكثر من خوفك علي!
وحاول ايهم العودة ،لكن صراخ اخته، أربكه وشتت تفكيره.
فواصل طريقه نحو المستشفى.
.................................................................................
بعد الكشف على رونق ،تم تشخيص حالتها على أنها تسمم غذائي، فقال ايهم: ومن أين جائها التسمم..نحن جميعا اكلنا من نفس السفرة!
فقالت ألام سعاد: لا ابني..لقد طلبت عشائها من احد المطاعم.
فقال هو :اهاا..الحمد لله ..وإلا لأتهمت سمر بتسميمها!
فردت رونق وهي نصف منتبهة: نعم هي من قامت.. بتسميمي..لقد اعطتني تحليةً وقالت انها خصيصا لي .
اسكتتها أمها قائلة: كفى..أذا سمعك احد من المستشفى فسيطلبون تحقيقا مع سمر..اسكتي واتقي الله في البنت.
.................................................................................
استمرت نوبات الالم لدى رونق ،بالاضافة لحالات التقيؤ التي كانت تنتابها. وبما ان الوقت متأخر ،فقد قرر الطبيب المعالج ان تبقى رونق في المستشفى ،حتى تتحسن حالتها.
بعد مرور ساعتين ، بدأ أيهم بالقلق على سمر، فطلب من امه ان تتصل بها لتطمئن عليها، فقالت له:
--أبني أذهب انت للمنزل..وانا ابقى مع اختك..فكما ترى انها ردهة نسائية..وانت متعب ونعسان..فتوكل وعد للمنزل..وايضا سمر المسكينة.. اكيد تنتظرنا.
أنت تقرأ
الحب للشجعان
Romansaتعمل خادمة لدی عائلة ثرية بعد أن فقدت آخر فرد لها بعائلتها وصارت وحيدة. ويقع سيد تلك العائلة بحبها وتبادله المشاعر، لكن القدر لايرحمها، وتجري الأمور معها بقسوة، فهل سيكون هذا الحب منقذها ؟ أم للشجاعة في الحب رأيٌ آخر؟