لم يكن بقربها شيء تجلس عليه ..فظلت واقفةً بأنتظاره.
وهو مستمر بمكالمتها ليطمأنها.
بعد مايقارب العشر دقائق..وصل امير قريبا من المكان الذي تقف فيه..اوصفته له..واوصف لها سيارته قائلاً : حسنا انا قريب جداً منك...سيارتي جيب سوداء.بعد لحظات ..وجدها ، فتوقف امامها ونزل مسرعا أليها.
احست اخيرا بالامان..رغم إنها لاتثق به تماما ، هو الآخر،لكنه الوحيد الذي تعرفه بعد تلك العائلة التي خدمتهم لأكثر من عام ..وفي الآخر.. خرجت منهم منبوذة ًوحيدةً مكسورةً !
نظر إليها بلهفة وقلق وقال : هل انتِ بخير؟
اومأت بنعم.
وقال وهو يفتح لها باب السيارة : اصعدي الآن..واحكي كل شيء بالطريق.
وصعدا وكانت هي ترتجف ، فخلع سترته ولفها حولها. وانطلق بسيارته.
ظلت ترتجف وهو ينظر إليها بألم...قال :
ــ أتشعرين بالبرد أم بالخوف ؟
رمته بنظرة خاطفة ومرتبكة وقالت :
-- اشعر بكل شيء..برد وخوف وقهر وحزن.
وراحت دموعها تنهمر بشدة.
-- لقد رفعت درجة التدفئة..ستشعرين بالدفء الآن..
لكن لما الخوف ؟أ تخافين مني؟
بادلته نظرات مرتبكةوقالت :
-- أخاف من الآتي..فأنا وحيدة بهذا العالم !
مد كفه و رفع وجهها باتجاهه وقال :
-- لست وحيدةً بعد الآن...انا سأكون لكِ كل شيء !
أبتسمت له بمرارة واطرقت برأسها وهي تمسح دموعها.
ثم أضاف:
-- لن اطلب منكِ ان تتحدثي الآن عن المشكلة..ستخبريني بالتفاصيل بعد ان ترتاحي.
-- أمير...أين ستأخذني الآن؟
نظر هو الاخر لها بحيرة وألم وقال :
-- هناك خيران..إما آخذكِ لمنزلي..وآما لشقتي الخاصة.. والاختيار راجع لكِ.
كان كلا الخيارين صعب بالنسبة لها ؛ فأهله يعرفون انها خادمة بيت ادهم ، وسيسألون عن السبب وقد لايتقبلون وجودها.
واما شقته فهذا يشعرها بالخوف والخطر..من وجودها بمفردها تحت رحمته.
ورغم ان امير يحاول جاهداً اثبات حسن نيته تجاهها ، رغم اعترافه بحبها ، إلا انها لاتستطيع ان تمنحه ثقتها المطلقة.
اقترح عليها امير قائلا :
--سمر...أعرف انكِ تخافين البقاء لوحدك بشقتي...
وربما تخافين مني وهذا حقكِ..لكن صدقيني انا احبكِ ولن أؤذيكِ..انا برأيي ان تبقي بشقتي ليومين..حتى أكلم والدّي بشأنكِ بعدها آخذكِ لمنزلنا.
قالت وهي تشعر بثقلها عليه :
-- لا اريد ان اسبب لكَ الاحراج مع اهلك...إن كنت تعرف اُناس بحاجة لعاملة او اي شيء فساكون شاكرة لك.
نظر إليها بحنية وقال :
-- سمر...أنسي انكِ تعملين كخادمة..هذا الامر انتهى..
لن اسمح لكِ بالعمل مرة أخرى !
تعجبت والقت نظرة خاطفة له وقالت: ماذا تقصد؟ انا لابد ان اعمل لأتدبر امور حياتي.
امسك بكفها وقربه من صدره وقال :
-- انتي ملكي الآن..وانا من عليه ان يتدبر امور حياتكِ .
سحبت يدها ولم تقو على التحدث اكثر..فقواها خائرة واعصابها متعبة
فالتزمت الصمت واغمضت عينيها وراحت تتضرع الى الله في سرها ، ان يساعدها ويحميها.
اوقف سيارته امام احدى العمارات الحديثة.وطلب منها ان تنزل.
استجابت له ونزلت وهي تنظر للأبنية الضخمة والشقق الجميلة التي تصطف ببعضها البعض.
خفق قلبها خوفاً واحست ان قدماها لاتعينانها على السير.
صعدا السلالم وبعدها استقلا المصعد ، وكان فارغا.
ضغط زر المصعد فإرتفع بهما للأعلى.
كان هو يحاول ان يجعل نظراته لها مطمئنة وطبيعية؛
ليبث فيها الأمان ناحيته.
فيما كانت هي تستغل فرصة وقوفه امامها قرب ازرار المصعد ، لتمعن النظر إليه ، في محاولة منها كشف حقيقة نواياه تجاهها وماقد يفكر فيه بهذا الظرف.
التفت أليها ليجدها تمعن النظر إليه بتوتر ، فأحس بقلقها .
اقترب منها ورفع يديه ليحكم لف سترته حولها وهو يقول : لازلت ترتجفين..ستكون شقتي دافئة.
كانت تجفل كلما لمسها .
لم تكن تجفل منه في الحفل حين لامسها وراقصها ، فلما هي كذلك الآن؟! بالطبع لان هذه المرة تشعر أنها مستضعفة. هكذا كانت تفكر. وفكرت أيضا.. ان ماحدث وماسيحدث بعده..هو ما سيكشف لها أي
نوع من الرجال هو !
وصلا الطابق المنشود.وفتح باب المصعد وخرجا منه.
اشار لها أن تتبعه. كانت تسير وبكل خطوة تبيد قدماها اكثر ويخفق قلبها خوفاً .
وصلا لباب الشقة.اخرج المفاتيح وادارها بالباب واشار لها ان تدخل.فدخلت وهي تسترق آخر نظرة اليه ، لتتحسس الآمان فيه او الخطر، غير انها كانت مشوشة الفكر وتائه.
اغلق الباب لتلتفت فزعةً نحوه.
ابتسم لها واجلسها وقال : مابكِ؟لما كل هذا الخوف والتوتر؟
بلعت ريقها وقالت : لست خائفة...انا فقد بردانة .
اتجه لأحد ازرار الكهرباء وهو يقول : الشقة بها تدفئةمركزية..ستشعرين بالدفء الآن.
وعاد وجلس امامها وراح يمعن النظر إليها دون ان يتكلم ، فأحست بالارتباك.
ثم قال :
- سمر..هل ستحكين لي ماحدث الآن ؟ام تحبين ان نؤجل الامر؟
-- من حقكَ ان تعرف الآن..لتفهم وتقرر ماتفعله بشأني.
ابتسم لها وقال بحنان : مهما يكن ماحدث..فلن يختلف قراري بشأنك ابداً...سمر عندما قلت أني احبكِ..فانا كنت صادقاً بكل ذرة بقلبي !
تنهدت واطرقت برأسها للارض.
-- سمر...هل ضايقكِ ايهم؟
-- كلا...هو فقط طردني.
-- يعني..لم يفعل لكِ شيء؟..لم يعتدي عليكِ بأي شكل
من الاشكال؟
-- كلا...لست ُ رخيصة لهذه الدرجة !
-- لا اقصد شيء ياعزيزتي..صدقيني..انا فقط...خفت
ان يكون قد اقترب منكِ !
قالت : سأحكي لك كل شيء بالتفصيل.
جلس باستعداد ليسمع حديثها.
رن هاتف أمير فألتقطه وكان والده هو المتصل.اعتذر
منها و اجاب :
-- الوو..اهلا أبي.
-- اهلا ابني..اين انت..لم لستَ في الشركة؟
-- كنت في الشركة وخرجت لاقضي حاجة ً لصديق.
-- حسنا..لا تتأخر...امكَ تنتظرك ..لديها كلام معك.
--حاضر ابي..ساحاول ان انتهي قريبا واذهب لأرى امي.
اغلق الهاتف ووضعه على الطاولة التي تفصل بينه وبين سمر.
قال لها : هيا ..تحدثي.
وبدات سمر بسرد كل ماجرى.
-- إذا فقد عرف ايهم بأمر دخولي منزله .
-- كلا..لم اقل له انه انت..الح علي ليعرف ولم اعترف له.
سألها وهو ينظر لعينيها دون ان يرمش :
-- ولماذا لم تعترفي ؟خفتِ عليّ؟
ارتبكتك من نظرته وقالت :
-- اا...خفت ان تحدث بينكما مشكلة وقد تصل للعشائر .
-- سمر..انا حقا آسف لأني وضعتك بهذا الموقف !
لم تقل شيء وظلت مطرقة بنظرها للارض.
قال هو :
-- سمر..لست طائشا كما يبدو علي..لكن بأمكانك ان تقولي إني مندفع حين اعجب بشيء او احب ..اتصرف بغباء احياناً.
ظلت هي صامتة ومطرقة.
قال :
-- سمر...ارجوكِ قولي شيئا..عاتبيني او عاقبيني.. لاتسكتي هكذا.
قالت اخيرا :
-- ماذا اقول؟ وماذا ينفع القول والعتاب؟ انا مكتوب علي الشقاء والبهذلة !
وقف امير ودار لجانبها وأوقفها امامه ، وقال :
-- سمر...لن تعيشي أياً من هذا بعد الآن..انتِ بحمايتي ومسؤليتي منذ هذه اللحظة.
نظرت لعينيه لتبحث فيهما عن الحقيقة...فلم تر سوى الحقيقة بعينها.
ابتسمت ابتسامة صغيرة تكاد لاترى.وقالت :
--اشكركَ ..هذا من اخلاقكَ واصلكَ.
ضحك هو وقال :
-- بل هذا من حبي لكِ...ام انكِ غير مقتنعة بحبي؟!
قالت دون ان تنظر اليه :
-- أمير...هل يمكنني ان ارتاح الآن؟
احس بتوترها وتعبها الجسدي والنفسي ، فقال :
-- طبعا..ستجدين كل ماتحتاجين في هذه الشقة..حتى
لو احتجتِ تغيير ملابسكِ..توجد بعض بيجامات النوم خاصتي..وهي جديدة..يمكنك ارتدائها ريثما يستقر الوضع ونذهب للتسوق.
واضاف : الحمام في نهاية الممر..وهذه غرف النوم.. والمطبخ هناك...توجد فقط بعض المعلبات...سأذهب الآن للمنزل..واعود بعد ساعة او ساعتين ..وسأحضر معي وجبة غداء لنا.
قالت سمر : سأتعبكَ معي!
قال مبتسما : تعبكِ راحة...وايضا لاتنسي..انتِ هنا بسببي.
ثم اضاف قائلا : سأقفل الباب وآخذ المفاتيح..حاولي ان لاتصدري اي صوت واذ ما سمعتي طرقاً على الباب.. فتجاهليه واتصلي بي ان احتجت لشيء.
اومات برأسها بالايجاب.
وهم بالخروج لكنه التفت ليسألها : هل عندك رصيد كافي بهاتفك؟
اومات مرة اخرى بنعم.
ابتسم لها بحنانٍ ، وخرج واغلق الباب واقفله وأخذ المفاتيح معه.
وبعد ان خرج..تذكرت انها لا زالت تحتفظ بسترته وان
الجو بارد بالخارج وقد يصاب بالبرد.
نظرت للسترة وراحت تشم العطر القوي والجذاب فيها وادركت ان ذوقه بإختيار العطور راقٍ جدا.
.........................................................
جلست سعاد تفكر بحيرة وهي تقول لرونق : اخوكِ ظلم البنت..والآن لاندري اين هي وكيف ستتدبر امرها؟
وراحت عيناها تدمعان. وقالت رونق : ايهم ظلمها مرتين...الاولى عندما جعلها تحبه وتثق به وهذه المرة الثانية لابد انها مصدومة ومنهارة الآن..والله اعلم ان كانت قد وجدت لها مكان تلجأ اليه ام لا.
قررت سعاد ان تتصل بها لتطمئن عليها.
أنت تقرأ
الحب للشجعان
Romanceتعمل خادمة لدی عائلة ثرية بعد أن فقدت آخر فرد لها بعائلتها وصارت وحيدة. ويقع سيد تلك العائلة بحبها وتبادله المشاعر، لكن القدر لايرحمها، وتجري الأمور معها بقسوة، فهل سيكون هذا الحب منقذها ؟ أم للشجاعة في الحب رأيٌ آخر؟