الجزء الثاني عشر

789 30 0
                                    

جلست سعاد مع ابنتها رونق وكنتها منى.
قالت منى : اليوم هو موعد مراجعتي للطبيبة النسائية..وايهم معزوم على العشاء مع أصدقائه  وقال
ان اطلب منكِ الذهاب معي إن استطعتِ عمتي .
قالت سعاد : طبعا  أكيد ..لا مانع لدي.
بعد دقائق ، عاد أيهم من العمل والقى التحية وجلس بينهن.
قالت سعاد : كيف يسير العمل معكَ بني؟
-- تمام ..كل شيء عاد لوضعه ..الحمد لله.
قالت منى بفخر :
--الحمد لله الذي حنن قلب والدي عليكَ !
لم يعجب كلامها هذا أيٍ من الحاضرين ، خصوصاً أيهم ، فقد بدا عليه الغضب جلياً.
ومازاد الطين بلة ، إن الفلبينية الجريئة جاءت لهم بالشاي، وهي ترمق أيهم بنظرات الأعجاب !
وبعد ان عادت للمطبخ ، أنتفض واقفاً وقال بغضب : أيعجبكن ما ترتديه هذه الخادمة الغبية؟!
قالت منى : انها ليست مسلمة..ولن نجبرها علی لبس محتشم .
-- ليست مسلمة..لكن انا مسلم ورؤيتها بهذا المنظر ذنب
يكتب علي !
ارتسمت ابتسامة ساخرة على طرفي فمها وقالت : 
--ولا يهمك..اليوم سنمر ببعض محال الالبسة وسأجلب لها زيا محتشما.
فأسرع هو ليصعد لغرفته بخطوات عصبية.
واردفت تقول خلفه :
-- على فكرة..الحشمة والاخلاق ليست بنوع اللبس..فهناك نساء يلبسن الحجاب ويحتشمن وهن خبرة باغواء الرجال !
أدركَ مقصدها وكذلك سعاد ورونق.
لم يلتفت لها واسرع نحو غرفته ، وصفق الباب  وجلس على طرف السرير عاصراً رأسه بيديه وهو يفكر :
أ حقا سمر هكذا؟ هل لها عشيق  وهل ذهبت اليه الآن؟!
...........................................................
حل المساء..
ولازالت سمر تجلس بمكانها وتتفحص هاتفها ،أملاً
منها في الاطمئنان على أمير. وأدركت إنه أصبح
جزءا منها.َ
قالت تحدث نفسها : ماذا لو حدث له شيء؟ هل
يعلم احد اني موجودة هنا...هل أخبر والديه عني؟
وضلت تفكر حتى تعبت ونامت وهي لم تاكل شيئاً طوال اليوم !
.........  ... ................................................
في المشفى...
انتبه أمير بعد ان نام طويلاً بسبب كثرة الادوية.
ولاحظ وجود قناع الاوكسجين والمحلول المغذي المعلق قربه ومتصل بذراعه .
نظر جانباً فوجد امه تنام على احد الآرائك وقد بدا عليها التعب. فأدرك انه في المشفى الاهلي التي
يعرفها لان طبيبهم مهدي يعمل فيها.
تذكر سمر فأنتابه القلق بشأنها ، رغم انه لم يكن يدرك بعد كم مر من الوقت على وجوده هنا.
ابعد قناع الاوكسجين عنه ، فأحس بالاختناق ، وبدأ يسعل.
أستيقظت أمه على صوت سعاله.
أسرعت نحوه وقالت ممسكة برأسه :
ــ أمير..لقد استيقضت أخيرا !
ودمعت عيناها. فأستغرب وسألها :
ــ منذ متى وانا هنا؟
ــ منذ الصباح..لقد تعبت البارحة وجئنا بكِ الى هنا
منذ التاسعة صباحا.
-- وكم الوقت الآن؟
--  أنها الواحدة بعد منتصف الليل..أبوك عاد للمنزل
قبل نصف ساعة.
اصيب بالهلع حينما أدرك انه لم ير او يتصل بسمر
منذ ليلة أمس.
وسأل عن هاتفه. فأخبرته انه بقي بغرفته في المنزل.
وفكر بالأتصال بها من هاتف امه لكنه تراجع وقرر ان يصبر حتى الصباح عندما يحظر والده ومعه الهاتف
بعد ان طلب من امه ان تبعث له وتطلب منه جلب الهاتف معه.
قال مخاطباً امه :
-- هل شخّص الطبيب حالتي؟
--نعم حبيبي..لقد اجروا لك التحاليل والفحوصات اللازمة ويبدو انك تعاني من التهاب الرئتين.
-- ليست كورونا أذا؟
-- لا..فقط التهاب .وستكون بخير بأذن الله.
وحاول ان يستغل موقف امه المتعاطف ناحيته ، فقال :  
ــ سأكون بخير..واتزوج بالمرأة التي احب !
نظرت اليه بطرف عينها وقالت:
ــ إن شاء الله حبيبي..المهم اولاً ان تقوم على حيلك.. وتعود لمنزلكَ بكامل صحتك.
..................................................................
بعد ان اتصلت نجلا ء بزوجها وطلبت منه إحظار
هاتف أمير معه ، دخل غرفة ابنه ليبحث عن الهاتف ، وعثر عليه والتقطه وهم بالخروج.
انطلق بسيارته نحو المشفى. بعد دقائق ، رن هاتف
أمير وكان المتصل صديقه حسن.
اجاب الآغا :
-- الوو..أهلاً  ابني.
--اهلاً عمي كيف حالك؟
_بخير الحمد لله
_اتصل بأمير منذ يوم امس وما من رد !
_أمير متعب صحياً وهو الآن يرقد في المستشفى.
_أحقا؟! خيره ان شاء الله؟
_لديه التهاب بالرئتين .
_سلامته ان شاء الله..اي مستشفى يرقد؟
_لا تتعب نفسك بالمجيء ابني ..سأجعلك تحدثه
حالماً اصل فانا في طريقي اليه الان.
_لاعمي لابد ان ازوره انا وبقية الشباب.
_كما تريد..انه بمستشفى (.....)الاهلي.
_سنكون عنده بعد فترة الظهيرة بإذن الله..اللهم يشافيه.
_ اهلا وسهلا..تسلم.
وانهيا المكالمة .
.................................................................
اتصل حسن بكل من أيهم ومهيمن، ليبلغهما برقود
امير في المستشفى. واتفقوا على زيارته بعد الظهر.
...............................................................
دخل الآغا للجناج الذي يرقد فيه أمير. .
كان امير مسيقظاً لكنه مغمض العينين لما به من ضعف .
وكانت امه تحتظن كفه بكفيها وتشمها وهي تحبس دموعها.
دخل عليهما الآغا والقى التحية.
فتح أمير عينيه بلهفة رغم مابه من ألم وتعب فحضور والده يعني انه اخيراً سيطمئن على سمر .
مسح الآغا على رأس ولده وسأله : كيف تشعر اليوم
يا بني؟
أبعد امير قناع الاوكسجين وقال : الحمد لله..احسن .
لاحظ الآغا نظرة اللهفة بعيني ولده لكنه لم يدرك سببها
في البدأ ، ثم قالت نجلاء : هل جلبت هاتف امير؟
فتذكر واخرج الهاتف من جيب سترته ولاحظ سعادة أمير فأدرك إن سبب لهفته لمسك الهاتف لأجل التواصل مع احدهم !
ولاحظ ان امير محرج من وجود أمه قربه، فهذا يقيده
في التواصل مع شخصه المعني.
فقال وهو يشير لصندوق  قماشي وضعه على الطاولة المتواجدة في الغرفة : لقد اعدت توما الشاي ، فهي تعرف كم  تحبه انت !
أبتسم امير بأمتنان.
ثم اشار الآغا لزوجته ان ترى ما اعدته توما مع الشاي بذلك الصندوق.  فقامت لترى.
وغمز الآغا لأبنه ، مشيرا بذلك انه ابعد نجلاء عنه ليأخذ راحته.
ابستم امير وبدأ يقرأ رسائل سمر القلقة. ثم كتب لها : صباح الخير سمرتي...أنا حقا آسف لأني لم اتواصل معكِ منذ البارحة..لقد تعبت فجأة وتم نقلي للمستشفى الاهلي..انا هنا منذ صباح الأمس...ولا تقلقي انا اليوم بحال أفضل.
........................................
وعلى الطرف الآخر..
كانت سمر غير قادرة على الحركة بسبب انقطاعها
عن الأكل.
وما أن سمعت رنات الهاتف حتى أسرعت اليه تتفحصه ، فطارت فرحاً برؤية رسائله ، لكنها مالبثت
ان عادت حزينة بسبب حالته المرضية.
كتبت له :اهلاً امير..ما فيكَ غير العافية..لقد قلقت عليكَ جداً.. ومتى ستخرج من المستشفى؟
كتب لها : لا ادري متى اخرج..المهم لاتقلقي سأكون بخير...هل لديكِ مايكفي من الطعام ؟
تساقطت دمعاتها وكتبت : نعم لدي الكثير منه..
لا تقلق انت بشأني انا بخير.
.......................................
لاحظ امير ان والدته انتهت من صب الشاي له..فقرر
ان ينهي المراسلة فكتب : هيا سمرتي..سأنهي المحادثة الآن لأن والدتي تريد ان تفطرني وسأتواصل معكِ بأقرب وقت..اهتمي بنفسكِ لأجلي  !
وانهيا المحادثة بالسلام.
وقبل ان تعود نجلاء لتجلس قربه انتهز الآغا فرصة أنشغالها بإعداد الفطار لأمير ، واقترب منه وهمس بأذنه، بعد ان لاحظ حيرته وقلقه وقال : هل البنت  بخير ؟ أ لديها مايكفي من الطعام او غيره؟
هز كتفه أشارة على أنه لايعلم ، وقال :
_ لا اعلم..هي تقول انها بخير...لكن..أحسست انها
ليست كذلك !
-- هي ليست بخير مادمت انت مريض..لاتنسى انها لوحدها بشقة مقفله عليها...صحيح لماذا تقفل عليها؟
خرجت ضحكة صغيرة من بين شفتي أمير وقال :
-- لا ادري !
ضحك الآغا هو الآخر وقال : سنتحدث بهذا الشأن
بعد ذهاب والدتك .
اومأ امير بالموافقة.
جاءت نجلاء ببعض البسكويت والشاي وهي تتسآل :
-- مالذي تتهامسان به؟
ابتسما لبعض وقال الآغا :
-- لاشيء صدقينا.
ثم قال محدثا امير : اتصل صديقك حسن واخبرته بحالتك..قال انه سيتصل ببقية اصدقائكما وسيأتون لزيارتك بعد الظهيرة.
ثم وجه حديثه لنجلاء قائلا :
-- يمكنك الذهاب للمنزل بعد قليل لترتاحي.
--يا رجل اتركني...لن ارتاح حتى يقوم ابني على
حيله ويعود للمنزل !
قال : أن شاء الله.
.............................................................
على الرغم من ان سمر حزنت لوضع امير الصحي ،
إلا ان نفسها اطمأنت قليلا..وقررت ان تعد شيئا
تأكله لتتقوى.
..................................................................
أجتمع الاصدقاء الثلاثة وعزموا على زيارة صديقهم امير.
عندما وصلوا..كان امير قد تعرض لنوبةِ سعال شديدة.
تعاطف الاصدقاء معه وجلسوا يتبادلون الحديث مع الآغا.
وبعد ان هدأت النوبة.بدأ بتبادل الحديث مع اصدقائه ،
والذي كان عبارة عن حديث طبي حول حالته الصحية وشؤون أخرى مماثلة.
كان حسن ومهيمن مندمجان بحديثهما مع امير والآغا ، فيما كان أيهم شاردا ينظر لأمير ويقول لنفسه : لو كانت شكوكي صحيحة وكانت سمر على علاقة بأمير..فهل من المعقول انها الآن معه...لكن أين ؟ في منزله؟ ام في شقته؟لكن لا مستحيل.. هاهو امامي ينازع المرض وحالته يرثى لها...ماوضع سمر  الآن إن كانت تحت عاتقه ؟
وانتبه أخيراً ، بعد ان لكزه مهيمن على ذراعه ، فقال :
--هاا؟ هل تكلمني؟
-- بل هو امير من كان يحدثكَ وانت شارد !
اعتذر وقال :
-- حقا آسف..لد شردت بالفعل..ماذا كنتَ تقول أمير؟
أبتسم أمير وقال : لاشي..لكني لاحظت شرودك فسألت
إن كنتَ بخير؟
-- بخير الحمد لله...أنها أمور العمل كما تعلم !
فقال الآغا :
-- أجل صحيح..لقد علمت انك اعدت الشركة لتألقها
من جديد..احسنت !
قال أيهم : الحمد لله.

الحب للشجعانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن