مُقاومة

220 13 149
                                    

قطبَت حاجِبيهَا وقالت:
-كيف يعني عطانا عمره؟-

قَال الطبِيب وهُو ينظرُ للأوراقِ بيده:
-توفَى صالح البارحة الساعة 10:20-

قَالت بإبتسامةِ إستنكَار:
-صالح متفق معكم صح؟ هذا واحد من مقالبه-

رفعَ الطبِيب حاجِبيه وقال:
-للأسف لا، أتمنى تكونِي أفضل، حَاولِي ما تجهدِي قلبك وعقلك خصوصًا هالفترة-

خرجَ الطبِيب بعدهَا وتركَهَا وحدهَا، هِيَ وحدُهَا تمامًا الآن، تُريدُ فتحَ هاتِفهَا للإتصالِ بصالِح وتُخبِرهُ أنهَا خائِفةٌ جِدًا لأن صالح قد مَات وتركَهَا، تُريدُ أن تسأل صَالِح ماذا تفعلُ الآن، لا تُجيد التصرُفَ وحدهَا، لا زال مِن الصعبِ إستيعَابُ فُكرةِ أنهُ لم يأتِي لـ زيارتِها، سيَأتِي حتمًا الآن، إنهَا فِي إنتظَاره، ستنتظرهُ طِوَال حياتِها، إنهُ الشخصُ الوحيد الذي يفهمُها ويتفهمُهَا، سيأتِي سريعًا خوفًا مِن أن تظلَ خائِفة، سيَأتِي ويمُسكُ يديهَا ليُطمئِنهَا، وسيُعطيهَا حِضنًا يُشعِرهَا بالأمان تستطِيعُ البُكَاء فِيهِ متَى ما شآئت كـ عَادتِهَا، يُربِتُ علَى رأسِهَا ويمُسِكُ كتِفيهَا ويقول أنهُ لا بأس، إنهُ موجودٌ لأجلِهَا، دائِمًا إلى جانِبها، كُل شيءٍ سـ يُصبِح أفضل ما دَاما معًا، تتنهدُ بـ راحة، فـ وجودهُ لـ جانِبهَا يُريحُها، يفهمُهَا مِن نظرة، يستمِعُ لهَا بِلا كلل يتبسمُ بين الحِين والآخر.

عَادَا الطبِيبُ للغُرفةِ قاطِعًا حبلَ أفكَارِهَا وقالَ:
-حسب الفحُوصات، حالتك الجسدية مرة تحسَّنت، إما حالتك النفسية يبي لها، تبين أي مُساعدة؟-

تمتمَت قَائِلةً:
-أبي أبكي...-

رفعَ الطبيب حاجِبيهِ وقال:
-أبكي، لا تكتمي بقلبك، طيب تحبين أكلم لك طبيب نفسي بنفس المُستشفى؟-

قَالت وهِيَّ تنظرُ لـ زاويةٍ واحِدة بالغُرفة:
-أبي أكلم صالح...-

إنها عاجِزةٌ الآن تمامًا حتَى عنِ البُكاء عاجِزة عنِ التقبُل، قالَ الطبِيب:
-معلِيك طبيعي تعيشي فترة الإنكار، فترة وتتقبلي...-

خرجَ الطبيب تارِكًا إيَاهَا تحتَ صدمتِهَا، فجأةً أخذت تنظرُ بـ دونِ مشاعِر لإحدىَ زوايا الغُرفةِ، بالكَادِ ترمِش هادِئةٌ جِدًا، ستدرِكُ كُل شِيء.

دخلَ علِيهَا ياسر وأخذَ ينظرُ للزاويةِ التِي تنظرُ لهَا بإستغرَاب، كَانت فارِغةً تمامًا كـ مشاعِرها، وضعَ باقةَ الوردِ علىَ الطاوِلة وأقتربَ بالكُرسِي مِن مالكِية، وأخذَ يُحركُ يدهُ أمامَ عينِّي مالكِية ويُنادِي بإسمها، إلتفتتَ لهُ أخيرًا بعدَ مَا ساورَ الخوفُ قلبه.

همسُ الملاعب | playgrounds whisper حيث تعيش القصص. اكتشف الآن