الفصل الثالث والعشرون

103 14 2
                                        

نكمل روايتنا بِـلون الدم.
بقلم/سلسبيل كوبك.
الفصل الـ٢٣..
_______________________________
دلف لداخل المنزل غاضبا لم يجرؤ أحد على التحدث إليه، اتجه نحو غرفتهما يفتح بابها بعنف لينتشل جُلَّنار مِن شرودها لتنهض بفزع تتساءل:
-ماذا حدث؟ أهناك خطبا ما؟
-على أساس كُنا نتقابل في المطعم، ولكِنك لمْ تأتِ ولمْ تُجِيبي إلى اتصالي.
-اهدأ ظننت مكروها أصابك.
-تعبت اليوم قليلا وأردت أن أُرِيح ذهني قليلا؛ لذا أغلقت هاتفي و.
قاطعها بقوله:
-أم أنك كُنتِ لن تأتي مِن البداية؟
وجدته يقبض على ذراعها ونظراته غاضبة كأفكارهُ لتقول:
-رُبما، لقد فعلتها أنتَ مِن قبل.
-حقا! ماذا أصابك، يا جُلَّنار؟
-بالكاد أستطيع رؤية ملامحك القديمة.
-أنتِ لا تحبينني.
-متى أخبرتك أني أحبك يا ليل لا أتذكر أنني أخبرتك بهذا مِن قبل.
كانت ردودها باردة بلا مشاعر بينما هو تلقاها بغضب لتجده يركل المَقْعد جوارها بقدمه لتجفل عيناها للحظة، وطالعته بصدمة حيث اقترب مِنها يقبض على ذراعها مرة أخرى يقول بغضب خرجت بنبرة مُتألِمة:
-حقا!
-أشعر بأنني إن غادرت هذا المنزل وأتى لكِ خبري لن تحَزني لن تبكي حتى ولو على سبيل التمثيل لتبقى صورتك نظيفة.
-إن أتى خبر لكِ إني أُصِبت لن تحملي هما، ستتخلصين مِن قيدك.
-الآن بُت قيدًا لكِ، أوَليس كذلك؟
-صحيح، إن خرجت مِن هنا وأتى لي خبرك لن أحزن ولن أذرف دمعة واحدة عليك.
-لقد توفى أبي قبل أيام والآن أتراني أتقيد بالأسود!
دفعها للخلف لتتحرر مِن قبضته، رفعت يدها نحو ذراعها تدلكه برفق بينما هو غادر، وما أن غادر الغرفة حتى اتجهت نحو الباب تغلقه بالمفتاح تستند بمقدمة رأسها إليه تلتقط أنفاسها بعنف، إنها تشعر بالتِيه والحزن إنها حزينة ولكِن لا يستطيع أحد رؤية ذلك، رُبما لأنها لمْ تَبُح عَنْه مِن قبل أو رُبما لأنها ليست بذلك القدر مِن الأهمية ليُلاحظ أحدهم حُزنها.
أغلقت مقلتيها تمنع عَبراتها مِن الهبوط ولكِنهم تمردوا بالرغْم مِن اِنغلاق مقلتيها، شعرت بالاختناق لترفع يدها نحو عنقها تدلكه وتُدِير ظهرها لتنظر لأرجاء الغرفة بالرغْم مِن وسعها تشعر بالضيق داخلها، اتجهت نحو الشرفة تفتحها بيدٍ مُرتجفة لتندفع لداخلها تلتقط الهواء لعله يقلل مِن شعورها، استندت بكلتا يدها إلى السور تَحنِي رأسها للأسفل تبكي لتواجه صعوبة في التنفس.
لا تعلم كمْ مر مِن الوقت ولكِنه لمْ يَعُد وكأنه يعاقبها، انتقل الألم إلى معدتها أثر كل التوتر والجو الصعب الذي تمر به.
لمْ يَزُرها النوم كانت تتجول فِي الغرفة تارة وتجلس في الشرفة أو على الأريكة تارة أخرى،حتى انتهى الأمر بِها فوق السرير، نظرت إلى سقف الغرفة تتساءل لِمَ تَسِر كُل أمورها عكس ما تتوقع وما تتمنى، وكأن الأحلام ليست مِن نصيبها.
استمعت لصوت سيارة في الخارج اعتدلت في جلستها تُدلك صدغيها وتزيل آثار الدموع مِن كلتا مقلتيها ووجنتيها، أخذت شهيقا وزفرته عِدة مرات في محاولة منها لتخفيف التوتر.
انتبهت لضجة في الخارج يتبعه صوت ليل الصارخ:
-أخبرتك لا أرِد أن أتي لهنا.
-اتركني لا أرِد دخول تِلك الغرفة.
فتحت الباب لترى تميم يمسك بِـ ليل وما أن رأت ملامحه التي بالكاد تظهر مِن تلك الكدمات على وجهه شهقت بقوة وتقدمت منهما تحاصر كلتا وجنتيه تتساءل:
-ماذا أصابه، يا تميم؟
-لنُدخِله الغُرفة أولا إن استيقظ أبي لن ينام أحد.
دفعه تميم ليدلف للغرفة ولكِنه وضع يده على أطراف الباب يقول:
-لا أُرِد دخول تلك الغرفة الكئيبة.
-ليل لنتحدث في غرفتنا.
-على أساس أنك لن تقلقِ علَىَّ، لِمَ شحب وجهك هكذا!
-لا داعٍ للتمثيل أمام أخي، إنه تميم.
وضعه تميم على السرير ليستلقي بجسده وينظر للأعلى حيث السقف لتقبض على ذراع تميم تهتف بحدة:
-كل ما قاله ليل لن ينتقل خارج تلك الغرفة.
-أنتِ لستِ في حالة تسمح لكِ بالتهديد، يا جُلَّنار.
-اخرج الآن.
غادر تميم بينما هي رفعت يدها إلى رأسها بِـ حَيْرَة لتتجه نحوه تساعده في خلع سترته ليهتف قائلا:
-اتركيني.
-لا تلمسينني.
-ليل، فقط بَدِّل ملابسك.
-أستطيع فعلها بمفردي.
نهض واتجه لخَزانته ليبدأ في خلع قميصه على الرغم أنه بالكاد يقف على ساقيه وإضافة على ذلك تلك الجروح في وجهه التي لا مبرر لها، تركته وغادرت الغرفة لتتجه نحو غرفة تميم تقتحمها بينما هو أردف يقول وهو ينتهي مِن تبديل قميصه:
-ألا تسمعين عَنْ آداب طرق الباب؟
-أخبرني ماذا حدث؟
-ولِمَ علَىَّ هذا!
-تميم لستُ في مِزاج لمجادلتك.
صرخت فيه ليعلم بأنها قد تنفجر في أي لحظة ولا يريد أن يصبح كبش الفِداء الخاص بها، ليقُصّ عليها ما حدث، قابله في الطريق ليسأله ليل عَنْ وجهته أخبره تميم بأنه سيذهب مع أصدقائه للمصارعة في الخفاء في أحد المَلاهي الليلة، ليذهب معهما تحت تعجب ودهشة تميم والآخرين وكان غاضبا يهجم على كل خَصْم أمامه بطريقة وحشية حتى صعد خَصْم بِنيتهُ أضخم مِن ليل سدد اللكمات له مستغلا اِنتباه ليل المُشَتت والمُضطرب وكلاهما كان صامدا للنهاية ونظرًا لأن المُباراة استغرقت وقتا طويلا انتهت بالتعادل.
حقا! ذهب للتَّنْفِيس عَنْ غضبه مِنْها عبر تسديد اللكمات وتلقِيها، تركته وغادرت لتتجه للأسفل حيث المطبخ تُحضّر فنجان مِن القهوة شعرت بأحدهم خلفها لتلتفت وترى منار التي تساءلت:
-ما الذي تفعلينه هنا؟
-أخبريني إن كان يوجد علبة إسعافات أولية.
اتجهت منار لتُحضرها وقدمتها لها وهِي تتساءل بِـ حَيْرَة داخلها عما تفعله قالت:
-إن أردتِ يمكنني إحضارها لكِ مع أني لا أراكِ تشربين القهوة عادة.
-أنا أُحضّرها لـ ليل، التفتي لعملك.
لقد أشرقت الشمس قبل وقت قليل وهذا موعد استيقاظ منار لتباشر عملها.
-ليل لا يحبها بالسكر.
كانت قد وضعت بداخلها السكر لم تنصت لها وأكملت عملها لتأخذ الفنجان وعلبة الإسعافات وتصعد للأعلى، ما أن فتحت الباب حتى وجدت زينة تجاوره على الأريكة تُضمد له جروحه، اتجهت بثبات تضع العلبة أمامه على المنضدة وكذلك فنجان القهوة لينظر له بطرف عينيه بينما زينة أردفت:
-لقد رأيته عند عودته؛ لذا أتيت لأني قلقت عليه.
-ليتك تقلقين على والدك قليلا.
-تخبرني جودي أخباره، لا تقلقي.
-يمكنني إكمال ما بدأتِ غادري الآن.
-ليل إن كُنت غير مرتاح هنا يمكنك تأتي إلى غُرفتي.
نهضت زينة وهي تُلملم الأدوات وتُعِيدها للعلبة وكادت أن تغادر حتى قاطعها بقوله:
-لا تمانعي إن شاركتك غرفتك اليوم!
خفضت ذراعيها بعد أن كانت تعقدهما معًا وقد ظهرت على ملامحها الدهشة، بينما زينة صُدِمتْ في البداية ولكِنها تحمست كثيرا وهي تُحرك رأسها بالإيجاب عِدة مرات لتجده ينهض ويتجه معها للخارج، قابلتهم منار وهي تحمل بيدها فنجانا مِن القهوة تقول:
-أعلم أنك لا تحبه بالسكر أخبرتها ولكِنها لم تنصت لي.
بالرغْم أن القهوة ساخنة ولكِنه تناولها دفعة واحدة وأعادها للصينية الصغيرة التي كانت تحملها منار، تخطاها وخرج مع زينة التي تعلقت بذراعه وابتسامتها لا تختفي مٓن وجهها، كانت تستطيع رؤية تلك النظرة الشامتة مِن منار التي أغلقت الباب وغادرت خلفهما.
تقدمت مِن فنجان القهوة التي حضّرته ولأول مرة مِن أجل شخص لتقبض عليه وألقته بغضب حتى اصطدم بالحائط أمامها وسقط متناثرا في كل مكان حتى علبة الإسعافات أيضا حطمتها بالأرض لتدفع الطاولة بقدمها، ولكِن بالرغم مِن تفريغها للغضب عَنْ طريق تحطيمهم لمْ ينتهِ غضبها، لمْ ينتهِ بل يزداد ويُسَبب اختناقا وضيقا في صدرها وحلقها.
اتجهت نحو خَزانتها تبحث عَنْ ثياب لها بعشوائية ليخرج ثوب أزرق اللون، بدأت في ارتدائه وإلقاء ثياب المنزل أرضا لتُخرِج حذائها الأبيض وحقيبتها جمعت متعلقاتها بعشوائية وسرعة، إنها لا تطيق الجلوس في ذلك المنزل فتحت بابها لتجد جوهرة أمامه كادت أن تطرق عليه أردفت متسائلة:
-ماذا حدث؟
-لِمَ ذهب ليل لغرفة تلك الفتاة!
-إن كُنتِ فضولية كثيرا اذهبي واسأليه.
-اهدئي وأخبريني.
-استمعي لي سيدة جوهرة أنا إن جلست في ذلك المنزل لدقيقة أخرى سأذهب لعندهم وأقتلع شعرها بين يدي بل الأحرى يمكنني تمزيق فم ابنك.
-حسنا، اهدئي لآتي معك.
-سأذهب لأُحضر حقيبتي.
تركتها جُلَّنار وتقدمت للخارج لتتبعها جوهرة بعد أن أحضرت حقيبتها ليقول الحارس:
-سيدتي لا يمكنني إرسالكم دون سائق.
-أحضر لي سيارة أجرة ولا تناقشني.
كان يُراقبها مِن نافذة غرفة زينة كيف ثابتة تتحدث وكأن شيئا لم يحدث، وتغادر المنزل ليس وكأنه غادرها وذهب مع امرأة أخرى إنها لا تهتم له فعلا.
هتفت جوهرة تقول:
-استمع لها، يا عوض.
ذهب لإحضار سيارة أجرة وقد أحضر واحدة بعد عِناء بينما هي كانت تقف أمام البوابة وقد حجبت الرؤية بينه وبينها تقف بجانبها جوهرة تربت على كتفها وتقول:
-اهدئي قليلا.
ما أن توقفت سيارة الأجرة حتى فتحت بابها واستقلتها بعُنف لتتبعها جوهرة وانطلق السائق متسائلا عَنْ الوجهة أخبرته جُلَّنار بعنوان لم تتعرف إليه جوهرة، ولكِنها لمْ ترِد أن تتركها بمفردها في تلك الحالة.
توقفت أمام بِناية لتدلف لداخلها وتستقل المصعد حيث الطابق الثالث اتجهت نحو شَقَّة أمير وحياة لقد أتت لهُنا مِنْ قبل خلال تحضيرات زفافها قد عزمتها حياة عندها، وكانت تشتكي مِن قلة مجيئها بعد الزواج.
طرقت على الباب لتفتح لها حياة التي تفاجأت كثيرا ولا سيما بوجود جوهرة لتقول جُلَّنار:
-كُنتِ تشتكين مِن عدم زيارتي لكِ، والآن سأكون مقيمة عندك.
تخطتها تتجه للداخل وتخلع حقيبتها تلقيها على الأريكة لتنظر حياة باستفهام إلى جوهرة التي تبعت جُلَّنار وهي تخبر حياة مِن نظراتها بأن مصيبة قد حدثت.
_______________________________
كان يشعر بالحر وجد زينة تضع يدها على كتفه ليبعدها عنه على الفور ويقول:
-لا تطمعي كثيرا.
صمتت لوهلة لتبتسم بخبث عندما توصلت لفكرة لتظهر على ملامحها تعابير الألم وقد وضعت يدها على معدتها تقول:
-ليل، إنني أتألم.
نظر لها ليجدها تضغط على معدتها ظن بأن هناك مكروها حدث لطفلها ليقترب منها متسائلا:
-أخذك للطبيب؟
-لا، عندما دفعتني شعرت بالألم.
-اجلسي.
ساعدها لتجلس على السرير وانحنى أمامها يشعر بالذنب إنه ينسى أنها حامل رُبما مِن كثرة المشاكل التي في حياته، ولكِن ذلك الطفل لا ذنب له.
-أنت متعب يا ليل، أيمكنني مساعدتك؟
-فقط ابتعدي عَنْي وعَنْ زوجتي.
-أنا لا أتدخل بينكما يا ليل، أنا أحاول أن أكتسب وِدُّك وَوَدَّها الجميع يُعَادِيني في ذلك القصر حتى عائلتي.
-لأنك السبب مثلا!
تركها واتجه للطرف الآخر مِن السرير يضع جسده عليه يقول:
-اتركيني بمفردي وغادري ولا أحد يُوقظني أبدا.
-حسنا.
اتجهت حيث المائدة التي كان يجلس عليها الجميع بينما فؤاد تساءل عَنْ غياب ليل وجوهرة لتقول زينة باستحياء:
-ليل ينام في غرفتي؛ لأنه متعب قليلا.
بادلتها يسرا نَّظْرة ماكرة خبيثة بينما فؤاد عقد حاجبيه معا ليتساءل:
-ماذا عَنْ جُلَّنار؟
-لقد غادرت مع جوهرة زوجتك.
-ما الذي يجمعهما؟
-لا أعلم.
-يبدو أن أمي تحاول فتح دفتر جديد معها.
-سليم، ماذا تنوي فعله؟
-لا أعلم بعد، يا أبي.
-يمكنك أن.
-ولكِني أعلم أنني لن أتقيد بعمل الشركة.
-على أساس تنفع بشيء هناك! ليل أخيك يفعل كل شيء أفضل منك.
-هذا ما تراه أنت.
نهض سليم غاضبا وغادر المنزل كُلََّه ليُكَمل فؤاد طعامه وكأن شيئا لم يحدث، وكأنه لم يجرح ابنه للتو ليرفع رأسه نحو تميم الذي انتبه له ونهض يقول:
-علَىَّ الذَّهاب قبل أن تبدأ في توبيخي.
-لقد فقدت الأمل فيك.
_______________________________
وضعت أمامها حياة كوب مِن الشاي واتجهت تجلس بجوارها حزينة على حالها لتربت على فخدها تقول:
-أرجوكِ يا جُلَّنار اهدئي علينا التفكير بعقلانية.
-عَنْ أي تفكير بعقلانية تتحدثين! لقد تركني تركني وغادر معها لغُرفتها وأيضا تناول القهوة مِن يد منار وكأنه يخبرني بأني ولا شيء.
-جُلَّنار، أنتِ حقا لم تزعجيه في وقت سابق؟
-ليل ليس بتلك العدوانية.
-وخاصةً وجهه المملوء بالكدمات.
-لا يوجد مبرر لفعلته حتى وإن أخطأت.
-إن كان ذلك عقابه لأني أخطأت، لِمَ لا أحرق قلبه أنا الأخرى عما فعله!
-جُلَّنار، اهدئي.
-لا أحد ينطق بتلك الكلمة مرة أخرى.
-لن اهدأ.
-جُلَّنار أخبريني ماذا قلت لـ ليل ليلة أمسِ لقد عاد غاضبا.
صمتت قليلا ولكِنها لمْ تَكُف عَنْ تحريك قدميها بقوة لتقول:
-حسنا، أعترف أنني أذيته بحديثي ليلة أمسِ وأخبرته أنني لن أهتم له حتى وإن عاد ميتا، ولكِن هذا ليس مبررا.
-حقا!
-أنتِ قولتي له هذا فعلا!
-أنا فقط.
صمتت تعلم أنه ليس هناك مبرر لكلماتها ولكِن أيضا لا مبرر لأفعاله لتقول:
-هو مَن بدأ أولا هو مَن شكك في علاقتنا.
تبادلا النظرات بينهما، بينما جُلَّنار جذبت القهوة ترتشف مِنْها ورُبما تخفي رجفة يدها عبر تدفئتها بحرارة الكوب.
-حياة لن يخبره أمير بوجودي هنا صحيح؟
-عليكِ التحدث إليه بطريقتك.
-رُبما إذا علَىَّ الذهاب قبل أن يعود.
اعترضت حياة وأثناء نهوض جُلَّنار حتى وجدوا أمير يدلف لداخل الشَّقَّة ليعقد حاجبيه مندهشا وألقى التحية، اتجه نحو غرفته بينما حياة نهضت وقالت:
-لنجرب مرة إن رفض تغادرين.
-حسنا.
اتجهت حياة للداخل تشرح لـ أمير الأمر بينما هو يُبَدِّل ثيابه ويستمع لها باهتمام متعجبا؛ لأن ليل لم يخبره بأي شيء مما تقوله حياة الآن ليوافق قائلا:
-لا دخل لنا بشيء، إنها فقط ضيفة ستمكث بضعة أيام وتغادر؛ لذا لا تخافي لن أفصح أمرها لـ ليل.
-حقا!
-متى أفشيت سر أحد؟
-رُبما تضعف لأنه صديقك.
-لا تقلقي.
ابتسمت له واحتضنته لتخرج حياة تخبرهم بموافقته لتنهض جوهرة وتقول:
-علَىَّ أن أغادر الآن، إن سأل.
قاطعتها:
-لا تخافي لن يسأل.
-أنا أعلم ابني رُبما يستطيع الصبر ليوم أو اثنين ولكِنه بعدها سيقلب العالم بحثا عنك.
-إن سألني سأخبره أننا ذهبنا لمطعم تحدثنا وأنتِ طلبتي مني العودة لا أعلم طريقك.
-شكرا لكِ سيدة جوهرة.
احتضنتها لتربت على كتفها وهمست بجانب أذنها:
-لا تتركي منزلك فارغا لمدة طويلة حتى لا تسكنه الأفاعي.
-لأغادر أنا.
غادرت جوهرة وذهبت حياة مع جُلَّنار تخبرها بغرفتها التي كانت غرفة طفلها لتتساءل وهي تقترب مِن تلك الصور المُعلقة في منتصف الغرفة أعلى السرير:
-أهذا ابنك؟ أين هو لم أره!
-لقد توفى.
قالتها بنبرة مختنقة بالبكاء لتعتذر جُلَّنار بحرج وتتقدم مِنها ترفع ذراعيها بتردد وتحتضنها.
-توفى وهو عنده ثلاث سنوات كان مصاب بمرض مناعي لم يستطع مقاومته.
-آسفة أنا آسفة حقا.
-لا تقلقي لستُ حزينة أنا فقط أشتاق له.
-كان أول طفل لنا.
-أتيتِ لتُحزنيها يا سيدة جُلَّنار؟
نظرت جُلَّنار نحو أمير الذي جذب حياة مِن ذراعيها يحتضنها ويقول:
-لقد أغلقنا ذلك الباب مِن زمان.
-آسفة أنا لم أرِد هذا.
-إنه يمزح معك.
-لأذهب أنا وأحضر العشاء.
-تناولوا أنتم، أنا.
-لن أسمح لكِ تقولين إنني بخيلة في الطعام.
ضحكت جُلَّنار لتذهب حياة بينما أمير استند إلى الباب بكتفه يقول:
-لمْ يأتِ اليوم للشركة.
-لا يخُصّني.
-هذا معناه أنه حزين.
-حقا! ولِمَ لا تقول أنها عجبته مثلا! ورُبما غيابي أُتِيحَ له الفرصة.
-جُلَّنار، أنا لا أدافع عَنْه أنا فقط.
-أمير أنت وحياة الوحيدين اللائي أثق بهما؛ لذا أرجوك لا تجعلني أندم على قرار مجيئي إلى هنا.
-حسنا، كما تريدين.
عادت جوهرة للمنزل لتجده يجلس في الحديقة بمفرده يتفقد هاتفه لينظر بطرف عينه نحوها، ولكِنه لم يجدها معها؛ لذا عقد حاجبيه ينظر لساعته إن الوقت بات متأخرا، ولكِنه اصطنع عدم الاهتمام بالرغْم مِنْ غضبه ولكِن إن كانت تلك طريقة معاقبتها لن يسمح لها أبدا
نهض ليصعد نحو غرفة تميم الذي تعجب منه عندما قال:
-اتصل بِـ جُلَّنار أُعرف أين هي.
-لِمَ لا تهاتفها أنت؟
-إنها ليست زوجتي.
-لتفعل ما أخبرك به فقط.
حاول تميم عدة مرات ولكِنها لا تجيب مما أغضب ليل أكثر ليقول تميم:
-أنت أغضبتها كثيرا اليوم.
-وزوجتك وهي غاضبة تحرق اليابس.
-اخرس لا تسمعني صوتك.
اتجه إلى غرفة أمه يسألها ولكِنها أجابته بما اتفقت عليه مع جُلَّنار، خرج ليل غاضبا يتجه لأسفل حتى اصطدم بِـ سليم الذي شعر بمدى غضبه ليتساءل:
-ماذا يوجد؟
-لا يخُصّك.
-ليل أنا لستُ عدوك، إلى أين أنت ذاهب؟
-جُلَّنار ليست في المنزل.
تركه واتجه نحو سيارته يستقلها ليجد سليم يقتحمها قائلا:
-ليس هناك وقت لمشاجرتنا لنجد زوجتك أولا.
حقا! لِمَ هو وديع لتلك الدرجة ربما يخدعه أو صادق، ولكِنه لا يمتلك الوقت لمعرفة هذا أو التفكير فيه حاليا ليقود متجها نحو منزل الجَدّ لعلها تكون أخطأت وذهبت لهناك.
_______________________________
أعطتها حياة ثوب للنوم وأيضا ملابس مِن أجل الغد، كانت تجلس على الأريكة تُمَشط خُصْلاتها وقد رفعتها للأعلى، اتجهت نحو حقيبتها تخرج مِنْها مُهَدئ لعل النوم يزورها واتجهت لمقبس النور تغلقه لتذهب نحو سريرها تستلقي عليه وتغلق مقلتيها، ولكِنها تشعر بالاختناق والحزن نهضت لتقبض على هاتفها تتصفحه وتتجه نحو مَعْرض الصور تخرج صورهم معا، كان يطيل النظر لوجهها ويبتسم كان جميلا ولكِن كل شيء جميل معها لا يكتمل، وكأن السعادة عدوتها لتخرج لها ليل بعائلته التي كانت سببا في أذية أختها إن الأفكار بداخلها تزدحم أغلقت الهاتف لتغلق عيناها استعدادا للنوم.
تعالى رنين هاتف أمير لتنزعج حياة وهي توقظه بينما هو قبض على الهاتف بنصف عين لينهض على الفور منتفضا حينما عندما علم بهُوية المتصل كان ليل.
تساءلت حياة بنبرة يغلفها النعاس:
-مَن يتصل؟
-ليل.
نهضت هي الأخرى وتساءلت:
-أيُعقل السيدة جوهرة أخبرته؟
أجاب إليه بتوجس:
-ماذا يوجد، يا ليل؟
-أمير أحتاج لمساعدتك جُلَّنار ليست موجودة إنها تختبئ مني، ولكِني لا أقبل أن توجد خارج المنزل في مكان لا أعلمه.
-وما الذي علَىَّ فعله؟
قاطعهما صراخ يأتي مِن غرفة جُلَّنار يتبعه صوت تحطم قوي لتهتف حياة بفزع:
-جُلَّنار! جُلَّنار تصرخ، يا أمير.
اتجهت حياة نحو الباب تحاول تفتحه ولكِنه مغلق بينما ليل هتف بدهشة بعد أن استمع لصوت حياة:
-جُلَّنار لديك يا أمير!
.
بقلم/سلسبيل كوبك.
.
.
يتبع
_______________________________

بِـلون الدمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن