الإعتذار

94 5 7
                                    

الثامن من أكتوبر من عام ٢٠٢٣/ شرق غزة ( الأنفاق)

أسيد وهو يضحك : واحنا قاعدين ومنخطط كيف ننطلع يزيد ونجيبو ، ولا هو ورانا الأخ
مسلم وهو ينظر ليزيد: كيف طلعت ولك
يزيد : لبست أواعي واحد من الي قتلتوهم ، وطلعت من بينهم ولا كأنو في إشي ، ولا إنتبهو
ليضحكو جميعهم على موقف يزيد ، ثم صدح صوت إنفجارات محت الضحكة عن وجوههم.
زیاد : طيب يلا انا رايح أنام هاي الساعة صارت 11
حسام : يلا وأنا كمان نعست
وقفوا جميعهم وتوجهوا لغرفهم للنوم ، وفي الطريق توقف يزيد وإستدار عائداً أدراجه
محمود : وين رايح؟
يزيد : دشوف اليهودية الي تركناها بالزنزانة
قيس : إلها ٣ ساعات أكيد ندمت عقرارها ، طلعها طلعها
یزید : هس بشوفها إنتو روحو
أدهم : آجي معك ؟
يزيد : تعال بس مش ترد تستفزها !
أدهم : لاء التوبة
توجه أدهم مع يزيد بإتجاه الزنزانة
يزيد : أبو قتلة
أدهم : إخرس
يزيد : لعاد متوقعتش منها تطلع هالقد قوية قلتلي ، هاض عذرك ؟
أدهم : صراحة متوقعتش ، بس برضو شفقت عليها ولا كان ضربتها ضربة أوجعتها ، بس مسخيتش فيها
يزيد : لو ضربتها ولا تعلقو إنتي وياها مع زياد
أدهم : شايف إنتا
يزيد : بمزح ولى إوعى مجنون ، هدول وصية الرسول
أدهم : بعرف بعرف
وصلا لغرفة الزنازن ووجداها ممدّة على أرضية الزنزانة الصغيرة ضامة جسدها ، ليفتح يزيد الزنزانة منادياً إياها
يزيد : وك شو كان إسمها ، آه مايا ... مايا مايا قومي مايا
قام بهزها من كتفها قليلاً ، لتستيقظ مفزوعة وتتراجع للوراء
يزيد : بسم الله بسم الله
لتنظر لوجهه ، ثم تخرج نفساً طويلاً مرتاحاً ، كان وجهها متعرقاً ويبدو على ملامحها الهلع
يزيد : مالك ؟
مايا : لا شيء
يزيد : طيب قومي ارجعك عالغرفة
مايا : ما بدي ، إلى أن يعتذر الضخم
يزيد : زياد مستحيل يعتذر ، بتضلي هون لآخر عمرك وهو ما بيعتذر ، يلا قومي أحسنلك
مايا : ما بدي !
يزيد : يا بابا ردي علي قومي معي بتمرضي هون
لتهز له كتفاها بالرفض وتعود للإستلقاء مجدداً كما كانت
ليزفر يزيد متنهداً : زي ما بدك
ليقفل الزنزانة مجدداً ويخرج هو وأدهم للخارج
أدهم : هبلة خليها جوا ، هي حرة ، أنا راجع أنام
یزید : طيب إسبقني ، دجبلها لحاف (غطاء) وأرجع
أدهم : طيب ماشي
ليتوجه أدهم لغرفهم ويذهب يزيد لإحضار غطاء لمايا ويعود للزنزانة
فتح قفلها مجدداً لترد عليه مايا وهي لا تزال في وضعيتها
مايا : قلتلك ما بدي !
يزيد : طيب ما بدك فهمنا
ليقوم بفرد الغطاء وتغطية جسدها ويغلق الزنزانة مجدداً
يزيد : تصبحي عخير
ويخرج للخارج ، لتقوم بتدثير نفسها بالغطاء جيداً ، داف وجهها فيه ، لتغط بعدها في النوم مجدداً
*الساعة الخامسة فجراً في العيادة*
قمر : تقبل الله
أم يوسف / أم أحمد / فاطمة : منا ومنكم صالح الأعمال
أوليف مكررة من بعدهم : منا ومنكم صالح الأعمال
فاطمة : ليش ما جبتي مايا معك ، ولا لساها نايمة ؟
أوليف : أووف ما تسألي ، مبارح صار شغلة واخذوها عالزنزانة
أم يوسف : إيش عملت
لتخبرهم أوليف القصة بإختصار
أم أحمد : بس الحق عأدهم ليش يستفزها
أوليف : ما أنا حكيت ليزيد القصة ، وبعدين كانو بدهم يطلعوها بس هي رفضت ، ما رح تطلع الا لزياد يعتذر
أم يوسف : شغلتها صعبة مستحيل زياد يعتذرلها
فاطمة : ورح تضل يعني بالزنزانة ؟
أوليف : رح أحاول أروح أشوفها هسا بلكي ردت علي ، صحيح قمر حبيت أرد أتشكرك عمساعدتك لأخوي
قمر : واجبي هاد ما تقلقي
أم يوسف : ذكّرتيني ، عشان نرد نغير الضمادات عنو ونتأكد من القطب ، يا ام احمد يا قمر حسب فضاوتكم بس يصحى تمام ؟
قمر / ام احمد : ان شاء الله
لتودعهم أوليف خارجة
يزيد : تقبل الله
أوليف : منا ومنكم صالح الأعمال ، يزيد ، بدي توخدني عند مايا
يزيد : حاولي تقنعيها ترجع عالغرفة ، عقلها قاسي
أوليف : رح أحاول
ليتوجها ويدخلا الغرفة ، وقفت أوليف أمام جسد مايا بعد أن فتح يزيد الزنزانة
أوليف : مايا ، مايا
لتقوم مايا بدفن رأسها تحت الغطاء
أوليف : ولي ، قومي
حاولت أوليف شد الغطاء عن رأسها وسحبه لتنجح
مايا : ما برجع الا يعتذرلي
ليدخل زياد تزامناً مع كلامها للغرفة
زياد : ما بعتذر ، ورح ترجعي ، قومي لحالك أحسنلك
مايا : ما بقوم !
زیاد : لعاد بجرّك جرّ
يزيد : زياد إهدى شوي
كانت أوليف قد وقفت أمام مايا لمنعه من الإقتراب منها
أوليف بعصبية : إتركها ، رح أحاول أقنعها
مايا : ما بقوم الا يعتذر !
أوليف وقد عادت أمام مايا الجالسة على الأرض : مايا ، ردي علي تعالي معي نرجع ، إتركيكي منو يجعلو ما إعتذر
مايا : مستحيل أن أتحرك الا حتى يعتذر
ليتقدم زياد بإتجاهها بعد أن ابتعدت أوليف عنها
ليمسكها من ذراعها ويشدها للأعلى ، اخرجت مايا صرخة متألمة جعلت زياد يتركها ، لتقوم بعدها مايا بإمساك خاصرتها من الجانب متألمة ، تقدمت أوليف بإتجاهها مجدداً
أوليف : مايا ! مالك !
مايا : ظهري يؤلمني
لتقوم أوليف بالكشف عن خاصرتها من الجانب الذي تمسكه مايا ، ليلتف يزيد وزياد للخلف من حركتها المفاجئة
أوليف وهي تصرخ : إيش هادد مين عامل فيكي هيييك !! لتشير مايا بإصبعها لزياد الملتفت للوراء
مایا : دفعني مبارح بقوة
أوليف وهي تصرخ بإتجاه زياد : كيف هيك بتعمل فيها ! معتبر حالك مسلم ! هيك وصاك الرسول بالأسرى غير إنها بنت !
يزيد : مالها إيش في !
أوليف : لف وشوف !
يزيد : ما بيزبط أشوف قولي إيش مالها لتدخل أم يوسف
أم يوسف : إيش في مالكم بتصيحو
أوليف : خالتو ام يوسف تعالي شوفي إيش عامل زياد
لتتقدم أم يوسف بإتجاه مايا وتنظر إلى خاصرتها وظهرها
ام يوسف : زياااد ، إيش عامل بالبنت
يزيد : ولا زياد شو عامل تا كلهن بتفاجئن هيك؟!
صمت زياد ولم يرد على أحد
أم يوسف : يبنتي بتقدري تحركي جسمك ؟ خليني أتأكد إنو مش مكسور إشي فيكي
ليفاجأ يزيد وزياد من كلامها ، نظر يزيد بإتجاه زياد مؤنباً
يزيد : زياد إيش عملتلها
مايا : بقدر أحرك جسمي بس بيؤلم كثير
ام يوسف : الطف يعني فش كسور ، بتقدري تمشي ؟
لتنفي مايا برأسها
لتغطي ام يوسف جسدها مجدداً موجهة كلامها ليزيد وزياد
ام يوسف : واحد منكم يتفضل يحملي ياها عالعيادة نحطلها دوا ، زياد عملتك مش عملة هاي
زیاد : ام يوسف غطيتيها ؟
ام يوسف : غطيتها
ليتقدم زياد بإتجاه مايا وينحني للأسفل واضعاً يداً تحت ركبتاها والأخرى خلف ظهرها ويحملها لتتشبث مايا برقبته دافنة وجهها ، تألمت مايا من مسكة زياد
مايا : شوي شوي ، بيؤلم
ليخفف قبضته على خاصرتها قليلاً ويبدأ بالمشي بإتجاه العيادة ومن خلفه أوليف ويزيد
ام يوسف لأوليف : يبنتي قولي لقمر أو ام احمد أو فاطمة يحطولها الدوا ، دشوف أبو يوسف أنا عالسريع
أوليف : طيب خالتو
كان زياد يحمل مايا بتأني ليهمس لها زیاد بتردد : آسف ، ما كان قصدي أسببلك أذى
لتتشبث مايا برقبته بالذراع الأولى وبملابسه بالأخرى
مايا : مبلا كان قصدك
زياد : لاء ، يمكن أذى خفيف بس مش هالقد
ليصلا أمام العيادة ويرن الجرس ، خرجت قمر لهما لتتفاجأ من المنظر
يزيد : أختي إفتحيلنا طريق يحطها عالتخت
لتدخل قمر وتخبر فاطمة وام أحمد وتعود سامحة له بالدخول
تقدم زياد بإتجاه أحد الأسرّة وهمّ بوضع مايا عليه ، لتعود مايا وتتشبث به مجدداً
مايا قائلة بألم : شوي شوي
ليضعها بروية على السرير ويستدير للخروج ، أمسكته مايا من ذراعه
مايا : كيف رح أرجع ؟
زیاد : بستنی برا يخلصو
سحب يده من يدها وخرج مغلقاً الباب خلفه ، التقى بيزيد وأوليف بالخارج ، نظرت له أوليف نظرة إنزعاج ودخلت لعند مايا
يزيد : زياد ، كيف عملت هيك ؟
زياد وهو يحك رأسه : مكانش قصدي ، زقيتها شوي عشان تفوت عالزنزانة فصار الى صار
یزید : مهي قد النتفة أي زقة منك بتطيرها ، غير فرق ١٩٠ سم يعني لو تزقّني انا بتحمّلش
زياد : إستفزتني بس شفتها ضربت أدهم
يزيد : طول روحك عليها ، بتضل بنت صغيرة عمرها ١٩ سنة
زیاد وهو يمسح على عينيه : طيب بحاول
*في الداخل بعد أن دخلت أوليف*
أوليف فوق رأس مايا عند السرير: مايا ، بتوجع ؟
مايا : مش كثير
لتقوم أوليف بإحتضان مايا من الأعلى بحذر كي لا تؤلمها
فاطمة : مايا إيش صار معك
لتشرح أوليف بإختصار ما فعله زياد
إم أحمد بجانب مايا : سامحيه يا بنتي مش قصدو ، هو زياد عصبي شوي وبكره الإسرائيليين ، بس مقصدوش يئذيكي هيك
فاطمة : رح أدهنلك دوا يخفف وجعك ويعالجك
ليقاطعها صوت الجرس على الباب لتخرج أم أحمد ثم تعود بعد قليل
ام أحمد : فاطمة في أسير جايبينو متصاوب إصابة خطيرة وبيعملو عملية ، خلينا نروح سريع ، قمر بعينك الله يبنتي
لتخرج فاطمة وأم أحمد بسرعة بإتجاه غرفة العمليات وتبقى قمر وأوليف بجانب مايا
توجهت قمر نحو خزانة الأدوية وأحضرت دواء
قمر : وين الوجع
أوليف : ظهرها هون
لتشير لها أوليف على المكان
قمر : إقلبي جسمك أشوف
لتحرك مايا جسدها بألم وتساعدها أوليف
قمر : رح أكشف عن ظهرك تمام ؟
مايا : تمام
لتقوم بالكشف عن ظهرها وترى كدمة زرقاء كبيرة ، بدأت بدهن الدواء على المنطقة
مايا بألم : بيؤلم شوي شوي
قمر : آسفة آسفة
أوليف وهي تنظر لمايا : بيوجع مش بيؤلم ، بس خليكي قوليها حلوة عليكي
مايا : أوليف ، أهذا وقته ؟
أوليف وهي تقرص خد مايا : وقته وقته ، مش انتي بدك تتعلمي اللهجة
قمر : خلصت ، لازم كل يوم تدهني
لتقوم بتغطية ظهرها مجدداً
مايا بتعب : أوليف ، بدي أرجع عالغرفة
أوليف : ماشي هسا بناديه يحملك ، شوي ليش تا يحملك صحیح ، قمر ما فيه أي كرسي متحرك أنقلها عليه أنا ؟
قمر : ام يوسف قالت أنه كل هاي الأدوات عند المصابين من الأسرى ، هون ما في لاء ، في نقالة منستعملها لنقل المصابين عالعمليات وبتضل هناك
أوليف : أوووف ، طب أحملك أنا ، منتي صغيرة عادي
مايا : بتخليني أشعر أنك عملاقة ، كم طولك ؟
أوليف : ١٦٦ سم
مايا : كلهم ٨ سم بس
أوليف : يعني ١٥٨ ، قمر إنتي كم طولك
قمر : انا ۱۷۰
أوليف : واو عارضة أزياء
مايا : أوليف
أوليف : طيب طيب يلا
خرجت أوليف
أوليف بحدة موجهة كلامها لزياد : مايا جاهزة عشان توخدوها عالغرفة
ليتجاهل زياد طريقتها في الكلام ويدخل للعيادة متوجهاً لمايا ، حملها بروية عن السرير وتوجه بها للغرفة
مايا : مقبول
نظر لها زياد بطرف عينه متسائلاً
مايا : إعتذارك
رفعها قليلاً معدلاً من وضعيتها ولكن تسبب لها بألم
مايا : أو أو أو لاء
أوليف : اوعى !
لتعود مايا لوضع رأسها على كتفه ، هذه المرة الأولى التي تشعر بها بهذه المشاعر منذ زمن طويل ، ليست مشاعر حب لا ، وليست لزياد وحده، ليزيد وأوليف ، الإمرأتان في العيادة وفاطمة ، حتى لقمر ، مشاعر فياضة تجعلها تراجع ما عاشته في حياتها سابقاً ، تجعلها تشعر بوجود قيمة معنوية لها ، أقرب شيء لهذه المشاعر كانت قد شعرتها من معلمتها ولكن كان ذلك منذ سنوات عديدة جعلتها تنسى تلك المشاعر .
وصلو الى الغرفة ليفتح يزيد الباب لهم ، دخل زياد متوجهاً للفراش المرتفع قليلاً عن الأرض ، إنحنى ليضع مايا عليه ، ثم همّ ليقف مجدداً ولكن سحب خصلة من شعر مايا كانت قد علقت على زر يده
مايا : أوو إستنى !
إنحنى مجدداً محاولاً إفلاته عن الزر ، لم يجدي فقد كان الشعر متشابكا كثيراً حوله
مايا : إنتبه تسحب أي شعرة !
قام بشد الزر نفسه لينزعه من الزي ويبقى عالقاً في شعر مايا ، خرج مع يزيد وأغلقا الباب من خلفهما ، خلعت أوليف إسدال الصلاة وجلست بجانب رأس مايا على الفراش
أوليف وهي تمسد على شعرها : بعدك متوجعة ؟
مايا : لاء ، خف كثيراً ، ساعديني أقلب على جانبي
أوليف : هيك منيح ؟
مايا : نعم ، .... أوليف
أوليف : آه قوليلي
مايا : على اليوم ، شكراً
لتقوم أوليف بقرص خدي مايا : عفواّ يا كيوتاية انتي
لتستمر بعدها بالتمسيد على رأسها
أوليف : رح تنامي ؟
مايا : لاء مش أشعر بالنعاس
أوليف : مش نعسانة قولي .... مايا عادي أسألك سؤال
مایا : همم ؟
أوليف : هو انتي ليه ما بتعيطي ؟ يعني لو كنت أنا أو أي بنت ثانية كان فحمنا عياط سواء من الضربة أو من الوجع أو لما حطوكي بالزنزانة
مايا : إيش يعني عياط؟
أوليف : يعني بكاء
لتتنهد مايا قائلة : آخر مرة بكيت فيها قبل 6 سنين
أوليف : ٦ سنين ! ولا مرة عيطتي بعدها !
مايا : ولا مرة
أوليف : طب شو كان السبب بوقتها
مايا : وفاة معلمتي
أوليف وقد جلست على الأرض ووضعت رأسها أمام مايا متسائلة : شو كان سبب الوفاة ؟
ابتلعت مايا غصة في حلقها
مايا : إنتهى عمرها ، كم الساعة ؟
فهمت أوليف محاولة مايا لتغيير الموضوع ، لتنظر للساعة
أوليف : ستة ونص ، تنامي ترتاحي شوي ؟
أومأت لها مايا برأسها
وقفت أوليف وقامت بتغطية مايا جيداً لتخلد للنوم مباشرة تحت أصوات القصف المستمرّ
يتبع......

.ضوء اخر النَّفق.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن