نَوبَة هَلَع

154 8 34
                                    

آسفة على التأخير بس كنت مشغولة شوي ، هاي منعوضكم ببارت طويل
قراءة ممتعة 🫶🏻
30/10/2023
*الراوي*
كان جالساً بجانبه في الصالة على الكنبة يحدثه
يزيد : ماذا قلت إذاً ؟
حمزة : يزيد ، أنا أحتاج وقتاً لأفكر في الأمر
يزيد : ولِمَ ذلك ؟
إلتفتَ له حمزة يشرح له
حمزة : أنا فقط ، أريد التأكد من أنك سَتُسعِد أختي ولن تؤذيها
يزيد : وهل أبدو لك كشخصٍ سيؤذيها
حمزة : لا لا ، ليس ذلك ، إنَّ ما يجعلني متردداً ، هو ذلك الموضوع
يزيد مستغرباً : أي موضوع
حمزة : موضوع ، إبنة عمك ، ما كان إسمها ، مريم
رفع يزيد حاجبيه بصدمة ، وضع يديه على عينيه يحكهما بإرهاق وقال
يزيد : من أخبرك بهذا ؟!
حمزة : أوليف أخبرتني ، أنت لا تعلم كم بكت في ذلك اليوم
يزيد : إنَّ ذلك الموضوع منتهٍ بالنسبة لي فلا تقلق
حمزة : ماذا لو فعلت نفس الشيء بأوليف ، ماذا لو مللت بعد فترةٍ قصيرة كما فعلت مع إبنة عمك
تقدَّم زياد واقفاً أمامهما ، جلس على الطاولة وتكلم بنبرة هادئة يشرح لحمزة
زياد : حمزة ، إنَّ يزيد ليس بلعوبٍ كي يفعل ذلك ، هذا الأبله
وربَّت على كتف يزيد ثم أكمل
زياد : لم يتعامل في حياته كلها مع فتاةٍ غير مريم ، وأنا مثله ، لقد تربينا مع بعضنا ، أخبرته عدةَ مراتٍ بأنه سيجد فتاة تناسبه أكثر ، عليه بالصبر ، ولكنَّه عجولٌ للغاية
نظر له حمزة ، وفي عقله تدور أفكارٌ كثيرة ، أكمل زياد
زياد : أنا أضمنه لك ، هو يريد أختك لإنه يُحبُّها فعلاً ، إبنة عمنا كانت له مجرد هاجس طفولي
حمزة : أريد أن أسأله سؤالاً إذاً
نظر له يزيد قائلاً : تفضل إسأل
حمزة : ما سبب إختيارك لأوليف ؟
تنهد يزيد ونقل بصره للأرض ، قام بشبك يديه وبدأ حديثه
يزيد : ليس سبباً أو اثنين ، بل الكثير ،.......منها عندما أخبرتها بأن ترتدي حجاباً ، وفعلت كما قلت
إرتفعت زاوية فمه بإبتسامة خفيفة وهو يُكمل
يزيد : حماسها وهي تشرح لك عن الإسلام ، دِفاعُها الدائم عن مايا ، إلتزامها التام بالفرائض على الرغم من صعوبة الأمر عليها لكونها جديدة ، خَجَلُها
قاطعه حمزة قائلاً : هذا يكفي أستتغزل بأختي أمامي ؟
ضحك يزيد وقال : إذاً ؟
حمزة : إذاً ، لا مانع من طرفي ، ولكن هناك طلبٌ واحد أريد أن أطلبه
يزيد : بالتأكيد إطلب
حمزة : أريدك أن تخبرها ، بما قد يحدث لك في أي وقت ، أنت تعلم ، أنت تُجاهد في سبيل الله ، أعني أنا أتمنى أن لا يحدث هذا ولكن هناك إحتمال إستشهادك
قال يزيد بإنفعال : لا إنتظر ، لا تدعي علي بأن لا أستشهد فأنا أريد الشهادة !
ضرب زياد بيده على جبهته يدعو بالصبر
عقد حمزة حاجبيه : أتريد الشهادة أم الزواج ؟
يزيد : الإثنين
خرجت ضحكات خفيفة مستسلمة من زياد على جواب صديقه
رفع حمزة كَفيه بإستغراب : وأختي ماذا ستفعل بعد أن تتركها وحدها !
يزيد : هي قوية ستحتمل ، كما أن لقاءنا في الجنة وليس هنا ، هذه الدنيا فانية
أُعجِبَ حمزة بإجابته ، وبثباته النفسي وتمسكه بدينه ، إبتسم راضياً وقال
حمزة : فلتخبر أنت أوليف بهذا ، القرار عائدٌ لها بالموافقة أو الرفض .
يزيد : أأستطيع الكلام معها الآن ؟
تنهد حمزة مستسلماً وأومأ له بالموافقة ، كنَّ الفتيات يتناولن الفطور في المطبخ بجانبهم ، و عندما  إنتهين وخرجن ، نادى حمزة على أوليف التي رافقته لغرفته ، دخلا وأغلق الباب من خلفها
حمزة : أوليف ، إن يزيد يريد الكلام معكِ بخصوص خِطبَته لكِ
إحمرَّت وجنتيها وأنزلت رأسها تنظر للأرض ، قرص خديها مبتسماً بسبب حركاتها ، وضع يديه على كتفيها يقول
حمزة : أوليف ، إن شعرتي بالتردد ، أي تردد ، أخبريني ، لستِ مجبرةً على أي شيء
أومأت له ، قبَّل جبينها وقال
حمزة : سأناديه الآن
أدار ظهره ليذهب ولكنها أوقفته
أوليف : لا إنتظر ، عن ماذا سنتكلم ، ماذا سأقول له ، ماذا سيقول ، كيف س.....
إقترب منها يُهدئها : لا تقلقي ليس بالأمر الصعب ، فقط ستتكلمان عن أفكاركما
أخذت نفساً ثم أشارت له أنها هدأت ، خرج ونادى على يزيد الذي لحقه ودخل الغرفة
أغلق حمزة الباب وتقدَّم للطاولة في غرفته ووضع كرسيان أمام بعضهما ، ثم أحضر كرسياً آخر له وجلس قريباً ، أشار لأوليف أن تجلس فتقدمت بخطواتٍ متوترة وجلست ، كذلك فعل يزيد .
ضمَّت يديها متوترة ، بينما لم ترفع عينيها عن الأرض
يزيد : السلام عليكم
رد حمزة بعربيةٍ ضعيفة : وعليكم السلام
قالت أوليف بصوتٍ منخفض : وعليكم السلام
يزيد : كيف حالك ؟
أوليف : الحمد لله
يزيد : قبل أن أبدأ أنا ، أهناك أي شيءٍ تودين قوله لي ؟ شروط متطلبات أي شيء
هزت رأسها نافية
يزيد : حسناً إذاً سأتكلم أنا ، كما تعلمين ، لقد طلبتكي من أخيكي على سنة الله ورسوله ، كي تكوني زوجةً لي ، وهناك بعض الأمور التي أود توضيحها
إستمعت له ولا زال بصرها على الأرض
يزيد : بدايةً ، أنا رجلٌ غيور للغاية ، لا أريد أي كلامٍ مع أي رجل آخر ، غير أخيكي ، حتى مع زياد أو زيد ابن عمي ، الا عند الضرورة القصوى ، ألديكي أي إعتراضٍ على هذا ؟
أوليف : لا
يزيد : ستحصلين على جميع حقوقكي كما أمرني الإسلام ، بل وأكثر ، كما أنني سأوفر جميع احتياجاتنا ، فلا أريدكي أن تعملي بتاتاً
أوليف : بتاتاً ؟ ولا إن كان عملي غير مختلط ؟
حدَّق يزيد بها قليلاً ثم أجابها
يزيد : أُفضِّلُ بقائكِ في البيت ، إلى جانبي ، ولا شيء آخر يلهيكي عني أو عن أطفالنا بإذن الله
إحمرَّت وجنتيها من كلامه ، وتخيلت نفسها بذات البيت معه ، ولكنَّها ترددت قليلاً
أوليف : ولكن
يزيد : أنا آسف ولكني سأكون صريحاً معكِ منذ البداية ، لن أقبل أن تعملي ، هذه قناعاتي
سكتت تُفكر  ، ولكن سرعان ما تجاهلت الأمر محدثةً نفسها ، وما أهمية العمل ؟ ما دمت سأحصل على رجل نادر الوجود ، يخاف الله بي
قالت بحزم : لا بأس
إبتسم يزيد مطمئناً ، فقد خشيَ أن ترفض بسبب كونها تريد العمل ، أكمل كلامه
يزيد : وشيءٌ أخير
أخذ نفساً يستمد به القوة
يزيد : قد ، أستشهد في أي وقت ، قبل خِطبتنا ، بعدها ، بعد زواجنا بسنة ، سنتين ، عَشر ، عليكي أن تكوني مستعدةً لهذا الإحتمال في أي وقت
ردَّت عليه بثقة : أنا غير مهتمة بهذه الحياة الدنيا ، أنا أطمح أن أفوز بالآخرة يا يزيد ، ولأكون صادقةً معك ، إن قبولي بك يحوي الكثير من الأسباب ، من أكبرها أني أريد أن أتقرب من الله أكثر ، وهذا عن طريقك ، وعلى العكس ، على الرغم من الحزن الذي سيعتريني إن إستشهدت ، ولكني بذات الوقت أتمنى ذلك ، كي تشفع لي عند الله
إعتلت البسمة وجه يزيد لكلامها ، وتأكد من حُسنِ إختياره ، تعلقه بمريم كان طفولياً ولكونه تربى معها ، وما زاد ذلك سوءاً كان عندما منعه عمُّه من الكلام معها بتاتاً لدى بلوغها السادسة عشر ، فزاد تعلقه أكثر
دعى الله في نفسه أن يرزق إبنة عمِّه بشابٍ أفضل منه
ردَّ على كلام أوليف قائلاً : بإذن الله ، لكي ولأخيكي
إبتسمت بخجل ، ربَّت حمزة على كتفها وقال
حمزة : إذاً فقد تم الأمر ؟
يزيد : بإذن الله ، تحدَّث معها إن كانت تريد أي شيء ، ربما خجلت من أن تقوله أمامي ، سأُخبر عمي أبو محمود بأن يأتي بأقرب وقتٍ لنكتب كتابنا
رد حمزة بالعربية : ان شاء الله
.............
10/11/2023
*مايا*
في ذلك اليوم أخبرتني أوليف عن حديثها مع يزيد ، وأنهم سيقومون بكتب كتابهم قريباً ، فرحت كثيراً لأجلها
مرَّت عدة أيام بهدوء ، لم نعد نتشاجر مع جورجيا كثيراً ، وأصلاً لا نراها إلا في أوقات تناول الطعام ، أو عندما نجتمع في الصالة كي نستحم بالدور .
لم أحتكَّ بزياد كثيراً وإستمررت بتجاهله فلا زلت غاضبة من تصرفه ، ولكنَّه كان عندما لا أجد أحمد في المناوبة كي يقرأ القرآن قبل نومي ، يقرأه هو لي .
إستمرت تساؤلات أوليف الكثيرة عن لماذا أنام على الأرض ، ولكنّي لم أخبرها .
وغير ذلك لاحظت أشياء غريبة تدور في المكان ، جميعهم ينظرون لمارتيريز ، ولا أستطيع تفسير النظرة بالضبط ، ليست نظرة تأمل أو ما شابه ، بل نظرة إستغراب ، شفقة ، غضب أحياناً ، حتى أني سمعت صلاح ويزيد أثناء مروري يتكلمان قائلين ، متى ستخبرها بالحقيقة ؟
أي حقيقة تلك ؟ ، ولويزا موضوعٌ آخر تماماً! أراها تُحدق بأدهم كثيراً
ذلك الحلم الذي كنت أخاف منه كثيراً ، بتُّ أنتظره حينما أغفو ، كي أتأمل وجه معلمتي وآرون ، وفاطمة ، أراهم سعداء للغاية فأُسعَدُ تلقائياً .
ولكنَّ الحلم الذي حلمته اليوم كان مختلفاً قليلاً ، بعد أن تأملت معلماي وفاطمة من بوابة النفق المغلقة بجدارٍ شفاف ، كما فعلت في باقي الأيام ، إستمعت لأصوات ، تناديني بإسمي ، عدت أدراجي للخلف قليلاً ، تتبعت الصوت ، كان هناك مفترق لنفقين متجاورين ، أحدهما الذي قدمت منه من عند معلماي ، سرت في الآخر الذي كان مصدر الأصوات
إقتربت أكثر ، كان مخرجاً آخر ، وبالمثل كان هناك جدارٌ شفاف ، يدقُّه شخصٌ ما بقوة ويناديني ، إستمررت بالإقتراب حتى تبينت ملامحه ، إنه أحمد ! لامست الجدار أنظر له
أحمد : مايا ! تعالي لهون مايا ، حاولي ، إكسري الجدار مايا حاولي أكثر
دَمُعَت عيناي بينما نظرت له ، بجانبه يزيد ينتظرني أن أفعل شيئاً هو الآخر ، وبالخلف ، رأيت زياد ، يحدِّق بي بهدوء ، بعينيه الخضراء الحادة .
هنا كانت نهاية الحلم الذي حلمته صبيحة هذا اليوم ، في المساء ، وعندما خلدت الفتيات للنوم ، نظرت للساعة التي تشير للعاشرة ، الموعد الذي يأتي فيه أحمد أو زياد لجانب الباب من الخارج كي يقرأوا ، تقَّدمت بهدوء حاملةً وسادتي وغِطائي ، تمددت على الأرض بجانب الباب ، كما أفعل دائماً ، شققت الباب قليلاً أنظر ، وبالفعل كان زياد جالساً على الأرض ، أحسَّ بصوتِ شقِّي للباب ، أخذ نفساً وبدأ يتلو ، سرعان ما أغمضت عيناي لأخلد للنوم .
..........
*الراوي*
بعد ساعة ونصف
نظرَ زياد من شق الباب ليتأكد من أنها غفت ، ألقى نظرةً سريعة عليها ثم غضَّ بصره ، كانت نائمة بعمق ، قال له يزيد الجالس بجانبه
يزيد : نامت ؟
زياد : نامت
تنهد يزيد وقال : بستنى فيها تخطي خطوة الإسلام بس شكلها رح تطول شوي
زياد : رح توخد وقت
يزيد :  بيحكو في صفقة ، ممكن تطلع معهم
زياد : إذا صارت الصفقة وطلعت ورجعت للبيئة يلي كانت فيها رح يروح كلشي عالفاضي
حدَّق يزيد به قليلاً ثم قال
يزيد : ما أعتقد
زياد : ايش ؟
يزيد : ما أعتقد يروح كلشي عالفاضي ، مايا ، هاي البنت من أول ما جبناها ، غير ، لبسها غير عنهم ، ما بتسكر أو بتدخن ، ما عليها حركات شباب مثل الباقيات ، بإذن الله حتى لو طلعت رح تكمل بحثها وتسلم من نفسها
زياد : بس برضو بيكون أحسن لو إتأكدنا إنها تسلم هون
يزيد : وإذا أسلمت بيطلعوها ؟ ولا بتقرر تضل هون
زياد : الأمر بيرجعلها إلها ، المهم تسلم وأكسب أجر
يزيد : ان شاء الله بتسلم على ايدي وبوخذ فضل كثير
نظرَ له زياد بطرف عينه وقال
زياد : الي عشر أيام بقرأ وإنبحيت من كثر ما قريت عشان تسلم على إيدك ؟
يزيد : طب تتحدى ؟
قالها ومدَّ يده ليعلن عن التحدي ، مدَّ زياد يده هو الآخر وتصافحا
يزيد : قديش الساعة صارت
زياد : ١١ ونص
يزيد : دقوم أتحمم وهي دايرة المي ، عشان بس أرجع نبدل شفتات
زياد : طيب
مرَّت رُبعُ ساعة ، فُتِحَ باب الغرفة المقابلة وخرج منها أدهم
زياد : مالك صاحي بدري
أدهم : دفوت عالحمام
قالها وإتجه للحمام ، حاول فتح الباب فكان مغلقاً
قال يزيد من تحت الماء : مييييين
أدهم : يزيد خلِّص بسرعة
يزيد : طب حل عني ، روح كمل نومك
أدهم : يزيد يا حيوان ، إطلع
يزيد : ولليش حاشر حالك هيك أنا مالي
قالها وأكمل إستحمامه ، عاد أدهم أدراجه لعند زياد ، تقدَّم في الممر وهو يقول
أدهم : في حدا بيتحمم بنص الليل ، عمرك شفت واح....
بُتِرَ كلامه عندما إرتكى على الباب الذي ظنه مغلقاً كما حدث مع يزيد من قبل ، ففُتِحَ الباب وكاد أن يقع قبل أن يتمسك بجانب الباب ، وكالعادة المسكينة مايا هي من تتأذى ، عندما دفع الباب ضُرِب جبينها بقوة مما أدى لإستيقاظها ، رفعت جسدها متألمة ، وضعت كفَّ يدها على جبينها   ، تقدَّم زياد لها يتفحصها
زياد : قيمي إيدك أشوف
نظرت له غير مستوعبة ما يحدث ، وبالكاد تستطيع فتح عينيها ، مرَّت عدة ثواني حتى أدركت ما حدث
أزالت يدها وقالت ببكاء : ليش دايماً بتعملو هيك ! ما ضل إشي مني ما إتأذى !
نظر للشق الصغير النازف في جلد جبينها وقال لأدهم
زياد : أدهم جيب المُطَهِر
ذهب أدهم كي يجلبه له ، أكملت مايا
مايا : يعني ايدي ، وفخدي ، وقدمي ، وراسي ، وهس جبيني !
زياد : إهدي مش عميق كثير
قالها وهو يدقق النظر في مكان الجرح ، سقط بصره على ملامح وجهها ، ولأول مرة ينظر لها مركِّزاً في ملامحها ، عيونها الواسعة الخضراء كثيفة الرموش ، وجنتيها المحمرتان وعلى إحداها لا تزال آثار المخدة مطبوعة عليها ، عاد ليركزَّ في عيونها ، ودقَّات قلبه في تزايد ، نَطَق بصوتٍ منخفض من غير أن يدرك
زياد : ما شاء الله
قالت مايا وعينيها محمرتان  : ها ؟
إستيقظ من غفلته فأشاح ببصره سريعاً مستغفراً ، عاد أدهم بالمُطَهِّر ، تناوله منه ، وضع القليل على قطنة ومد يده لجبينها ، تذكَّر ما حدث له فقال لها
زياد : حطي انتي
مايا : ما بعرف مكان الجرح أصلاً حتى أحط !
تنهد بإستسلام ثم وضع القطنة على جبينها يمسح الدماء القليلة ، ويحاول بأقصى جهده أن لا يدنو ببصره لعينيها ، إنتهى بسرعة
زياد : إرجعي نامي
وإلتفت ليستقيم عن الأرض ، وقبل أن يفعل تمسَّكت بذراعه
مايا : رح ، تروح ؟
زياد بهدوء : إتركي إيدي
تركتها فوقف ، نظرت له تنتظر إجابته
زياد : إرجعي نامي وسكري الباب منيح ، هيني رح أقرأ ، يلا .
إبتسمت مطمئنة ، أغلقت الباب حتى لا يتكرر الحادث مجدداً ، وضعت رأسها على السرير فعاد يقرأ لعشر دقائق حتى غفت .
أثناء ذلك خرج يزيد من الحمام فوجدَ أدهم يقف ينتظره
أدهم : طلع الزين من الحمام
يزيد : يلا فوت سمحتلك
كان أدهم سيدخل ولكن أحمد تقدم سريعاً ودخل مغلقاً الباب خلفه ، فتحَ أدهم فاهه بصدمة بينما إنفجر يزيد ضحكاً عليه
أدهم : إمسكني دصفرن
يزيد : ول إستهدي بالله
ثم أكمل ضحكه مستفزاً له ، خرج أحمد فأخرج أدهم زغرودة ودخل بسرعة قبل أن يأتي أحدٌ آخر ، تقدَّم يزيد مع أحمد ليقفو في الممر ، نظر يزيد لزياد الذي لا زال يقرأ
يزيد : مالك رجعت تقرا
زياد : أدهم فتح الباب وصحاها
أحمد : ليش فتحو
زياد : مش بالعمادة ارتكى عليه فكرو مسكَّر
يزيد : وقع ؟
زياد : تقريباً
قالها تزامناً مع قدوم أدهم ، التفت له يزيد وانفجر ضاحكا عليه مجدداً
يزيد : وقعت انتا يكتكوت ؟
زياد : عأساس إنك موقعتش زيو قبل إسبوعين
توقف يزيد عن الضحك ووجه نظره لزياد
يزيد : يعني ضروري تحكي
تبدلت الأدوار وبدأ أدهم الضحك هذه المرة
أحمد : طب فوتو فوتو نامو خلصو
أدهم : وأنا أفوت أنام ؟
رفع أحمد يديه للسماء وقال : يا صبر أيوب
..........
11/11/2023
*مايا*
أخرجني من حلمي صوت كلامٍ بنغماتٍ موسيقية مزعجة ، فتحت عيناي أنظر للأعلى فكانت أوليف ومارتي ولويزا حولي ويصفقن ويغنين ب
أوليف : مايا يا مايا
لويزا ومارتي : مااااياااا
أوليف : مايا يا مايااا
لويزا ومارتي  : ماااااياااا
أوليف : قومي يا مايااا
لويزا ومارتي : ماااياااا
أوليف : الساعة ٨
لويزا ومارتي : ماااايااا
أوليف : الساعة ٨
لويزا ومارتي : ماياااا
أوليف : بدنا نوكل
لويزا ومارتي : مااااياا
هل أنا في الجحيم ؟ ما الذي يحدث ، رفعت جسدي أنظر بإستغراب ، وما أن فعلت حتى صفَّقنَ بحرارة وسعادة وبدأن الإلتفاف حول أنفسهن والرقص
لويزا : نجحناا
أوليف : وأخيرااااااااااً
مارتي : وووهووووو
حككت رأسي وقلت : ما اللعنة
لويزا : لقد إستغرقنا بالضبط عشر دقائق كاملاتٍ لإيقاظكي
مارتي : لجأنا بالأخير للغناء فوق رأسكِ
أوليف : والآن قفي وإستيقظي بسرعة فأنا أتضور جوعاً
لويزا : كروكودايل
أوليف : سحلية
مارتي : هيا يا ماياا إستيقظي
قلت : انتظري ، أحتاج سنة ضوئية حتى أستوعب ما رأيته
تقدَّمت لي أوليف تسحبني من ذراعي وقالت
أوليف : ومعدتي لن تنتظر ولا ثانية ضوئية أو حتى ظلامية ، قفي
سحبتني لأقف بتثاقل ، أمسكتني لويزا من ذراعي الأخرى وقامتا بسحبي للصالة ، ومن خلفنا مارتي ،  رأيت ماري في الصالة ومعها صلاح ، وأمام باب المطبخ رأيت جورجيا  ، أمامها زياد وتحاول التقرب منه ، سحبت ذراعاي من أوليف ولويزا وقد إستيقظت بالكامل الآن ، تقَّدمت لهما مسرعة ومن خلفي الفتيات .
كان زياد يتكلم بشيء وعندما رآني توقف ، قلت بالانجليزية ببرود محاولةً إخفاء غيرتي
: عن ماذا تتكلمون ؟
نظرت لي جورجيا بتعالٍ وقالت بالعبرية بصوتٍ منخفض
جورجيا : لا دخل لكي ، أشياءٌ خاصة للكبار لا للصغار
كنت سأفتح فمي لأرد على هذه الوقحة ولكن زياد تكلم بصوتٍ عالٍ
زياد : أدخلن وتناولن الطعام ، لا أريد أن أسمع أي ضجيج !
اللعين ، معي يصرخ ويتأمر ومعها يكون كالحَملِ الوديع !
دخلنا بسرعة واحدة تلو الأخرى ، جلست على الطاولة فواجهت الباب ، كانو يفطرون هم الآخرون ، وزياد أمامي مباشرة ، كنت آكل وأنظر له ، تقدَّمت ماري لعنده فرفعها ووضعها على قدمه ، أمسك لقمةً وأطعمها إياها ، كانت تمضغ اللقمة وتعبث بلحيته الكثيفة متوسطة الطول بكف يدها ، تخيلت ملمسها بيدي فزادت دقات قلبي ، ثم تخيلت أني أنا الجالسة مكانها ، أسير بيدي على تقاسيم وجهه الوسيم ، وأعبث بشعره وحاجبيه الحادين ، تذكرت عندما علقنا في ذلك البناء أثناء الاجتايح البري ، عندما ضمني لجسده يدفئني ، وعندما أمسك يداي أيضاً ، شعرت بالدوار من كثرة ضخ الدم
أوليف : ولك ماياا!
لويزا : من الأرض إلى مايا من الأرض الى مايا
مدت مارتي رأسها تنظر لما أنظر فإتسعت إبتسامتها وقالت
مارتي : إتركنها إن روحها في مكانٍ آخر الآن
: إخرسي
لويزا : ماذا ماذا الى ماذا تنظر
مدت رأسها أكثر لترى ، إنتبه زياد لنا فقلت
: لقد رآنا ، رآنا يا غبيات !
عادت لويزا مكانها والبسمة الشيطانية تعتلي وجهها
لويزا : آهااااا لقد عرفنا الآن السبب
قلت أسخر من طريقة كلامها : آهاااااااا ، أتعلمين ما ال آهاااااا الحقيقية ، عندما رأيتك وأنتي تسترقين النظر أثناء قدومنا بحثاً عن
مدت يدها لي متخطيةً مارتي وقامت بإغلاقي فمي ، تراجعت للخلف مبتعدةً عن يدها وقلت
: يع ، يداكي متسخات إبتعدي عني
لويزا : يا وَقحة
عدت لمكاني وأخرجت لساني لها ، أعدت رأسي لأنظر أمامي فرأيت زياد ينظر لي ، اللعنة أرآني عندما أخرجت لساني ؟ ، لحظة أنا أفعلها له أحياناً لِمَ الخجل .
..............
*الراوي*
عند زياد والباقين في الخارج
كان يتناول الطعام وباب المطبخ يواجهه مباشرةً ، مايا بالضبط ، شَعرَ بقليلٍ من الجلبة تحدث عندهن فأدار رأسه ينظر ، كانت إحداهن تُغلق فم مايا فظن أنهن أحدثن مشكلة ، كان سيقف ويتجه لهنَّ لولا أنَّه رأى بسمتها ففهم أنهن يتمازحن ، لم يستطع إبعاد بصره وعادت دقات قلبه لتنبض بطريقةٍ لم يعتد عليها بتاتاً في حياته كلها ، رآها تمد لسانها لهن فإرتفع طرف فمه ببسمةٍ خفيفة ، تلك الحركة التي تثير جنونه دائماً ، جعلته يبتسم .
رآه أدهم الجالس بجانبه من جهة اليمين يحدق بإتجاه المطبخ فوجه بصره له هو الآخر ، رأى مايا تنظر لزياد بطرف عينيها ، شعر بألمٍ غريبٍ في صدره وأنزل بصره سريعاً ، إنتبه يزيد الجالس بجانب زياد من الجهة الأخرى الذي لا زال يحدِّق فوكزه بقدمه من أسفل الطاولة ، حول زياد بصره له مستغرباً ، تقرب له يزيد وهمس له بأذنه
يزيد : زياد عيونك صايرات فالتات دير بالك
..............
*مايا*
تذكرت أمراً ، حلمي هذا اليوم ، لما هو ضبابيٌ للغاية ولا أتذكره ؟ حاولت عصر مخي علّي أفعل ولكن بلا فائدة
مرَّت عدة ساعات ، وبعد عودتنا من تناول الغداء ، كنت آخر واحدة في الخلف ، دخلن جميعاً الغرفة ، أثناء مروري بماري التي تركض في الممر تلهو ، تعثرت بقدمي وسقطت على الأرض ، بدأت البكاء والصراخ بصوتٍ عالٍ بينما بقيت محدقةً بها ، ماذا أفعل لها ؟ سرعان ما أتى زياد وإنحنى لها يطمئن عليها ، رفعها للأعلى واحتضنها
زياد : ما بكي لما تبكين ؟
أشارت لي وقالت
ماري : هي من أوقعتني
ضمها لجسده أكثر ونظر لي بغضب
زياد : ليش وقعتيها !
أهو معتوه بالتأكيد لم أفعلها عن قصد
قلت : معملتلهاش اشي ليش بتصرخ علي !
زياد : ولا شو صار !
: هي كانت تركض وتعثرت برجلي أنا ايش أعمللها !
زياد : طيب وطي صوتك
: انتا الي صرخت أول !
زياد : خلص حُور !
نظرت له بإستغراب ، كذلك كان هوَ ، تعتليه علامات الإستغراب ، التف عائداً من حيث أتى ، تجاهلته وفتحت باب الغرفة كي أدخل ، كانت أوليف تفتح الباب في ذات الوقت فضربتها بالباب
أوليف : أوتشش
: آسفة آسفة صرلك شيء ؟
أوليف : لاء ، شو في برا صوتك طالع كان ؟
: انسي زياد المعروف
أوليف : سيد ثلاجة
تذكرت الكلمة التي قالها فقررت سؤالها عنها
: أوليف ، شو يعني حُور
أوليف : حُور ؟ هاض إسم
إسم ! إذاً أخطأ وناداني بإسم فتاةٍ أخرى هذا اللعين ، أهي خطيبته ؟ لا لكان يرتدي خاتماً ، إما أن تكون أخته  وهذا الإفتراض أنفيه لإنني لا أستطيع تخيله كأخٍ لفتاة ، إلا إذا كان يسيطر عليها ويتأمر
أو أن تكون فتاةً معجباً بها .
في جميع الحالات فلتحل اللعنة عليه
أوليف : ليش بتسألي ؟
: ولا شي بس هيك
.....................
*الراوي*
التاسعة مساءً
كنَّ في الغرفة يتكلمن الأربع ، حتى دُقَّ الباب ، إرتدت أوليف حجابها وفتحته ، كان أخاها حمزة ومعه زياد ، أشارت للفتيات بأنها ستخرج معهم .
ذهبت مع حمزة لغرفته ثم عاد زياد وحده ، إلتقى بصلاح الدين وأحمد ويزيد على باب غرفة الفتيات
صلاح الدين : خلينا نجيب كمان بنت معها
أحمد : لليش ؟ مش أحسن تكون لحالها ؟
صلاح الدين : عشان إذا إنهارت أو إحتاجت دعم معنوي عاطفي تقدملها ياه ، هلكيت إذا صارت تعيط وانهارت رح يضطر واحد منا يهديها وأنا صراحة بقديني الذنوب الي لميتها ونا مفكرها ١١ سنة
يزيد : شوي ، ليش هي قديش عمرها
أحمد : ١٧
يزيد : بتمزح ! مستحيل فكرتها ١٣ بالكثير !
صلاح الدين : الحمد لله مش لحالي
يزيد : أنا لا قربت عليها ولا حكيت معها حتى الحمد لله
صلاح الدين بنبرة حزنٍ مضحكة : إحمد ربك أنا عشرين يوم ونا أدلل فيها ، لازم أخذت إحتياطاتي حتى لو فكرتها ١١ ، يا رب سامحني واغفرلي .
أحمد : المهم يلا
قالها ودقَّ على الباب
خرجت مايا هذه المرة
مايا : غريبة بعدكم صاحيين ؟
كان سبب كلامها أنهم بالعادة ينامون على الثامنة ويستيقظون على الثانية عشر ليبدلوا المناوبة
صلاح الدين : مساء الخير ، مارتيريز وين ؟
إستمعت مارتيريز لصوته ولذكره إسمها فهرعت ناحية الباب بسرعة
صلاح الدين : من الجيد أنكي مستيقظة ، هنالك موضوع نريد أن نحدثكي به
قالت مارتيريز بإستغراب : ما هوَ ؟
صلاح الدين : ليس هنا ، آمم ، أين صديقتكي
مارتيريز : من ؟ ، لويزا ؟
تقدمت لويزا هي الأخرى فأخذهما الإثنتين وتركو مايا وحدها .
بقي يزيد وزياد في الممر
يزيد : بدك تروح معهم ؟
زياد : آه ناداني صلاح ، خليك هون اوعى تيجي بلاش يدقن هدول الثنتين ببعض
يزيد : جورجيا ومايا ؟ بتصير مذبحة تخافش بروحش
زياد : وكمان ، إقرأ انتا
يزيد : طيب ماشي ، بس اسمع
زياد : هاا
يزيد : دزيدلها جرعة الخوف شوي
زياد : شو بدك تعمل ؟
يزيد : بس اعمل بحكيلك ، هلكيت روح بلاش صلاح يصير يردح
زياد : طيب ، بتأخرش
............
*مايا*
مرت نصف ساعة ولم يعد أحد ، بدأت أشعر بالنعاس فتوجهت للباب أنظر إن كان هنالك أحد ، فتحته ورأيت يزيد في الممر
يزيد : بدك تنامي ؟
أومأت له
يزيد : هلكيت انا بقرالك نامي يلا
دخلت وأغلقت الباب ، إفترشت الأرض في مكاني وأطفأت الأنوار ، بدأت أستمع لصوت يزيد وهو يتلو ، أغمضت عيناي أُركِّز في الكلام ومعناه ، ان هذه واحدة أخرى غير التي يقرؤونها لي ، تلك كانت تبدأ ب ، الله لا إله
يزيد : جَنَّٰتُ عَدۡنٖ يَدۡخُلُونَهَا يُحَلَّوۡنَ فِيهَا مِنۡ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٖ وَلُؤۡلُؤٗاۖ وَلِبَاسُهُمۡ فِيهَا حَرِيرٞ
إبتسمت بتلقائية أتخيل ما أسمعه
يزيد : وَقَالُواْ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِيٓ أَذۡهَبَ عَنَّا ٱلۡحَزَنَۖ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٞ شَكُورٌ
يزيد : ٱلَّذِيٓ أَحَلَّنَا دَارَ ٱلۡمُقَامَةِ مِن فَضۡلِهِۦ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٞ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٞ
هناك الكثير من الكلمات التي لا أفهمها ولكني أشعر بأن المعنى يصلني ، بدأت أغفو براحة
يزيد : وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمۡ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقۡضَىٰ عَلَيۡهِمۡ فَيَمُوتُواْ
وهنا فتحت عيناي بخوف وقلق ، وقد بدأت دقات قلبي تزداد برهبة كبيرة
يزيد : وَلَا يُخَفَّفُ عَنۡهُم مِّنۡ عَذَابِهَاۚ
بدأت أتخيل ذلك العذاب ، ودقات قلبي في تسارعٍ مستمر
يزيد : كَذَٰلِكَ نَجۡزِي كُلَّ كَفُورٖ
كل كفور ، كفور ، أنا ، كافرة ، أنا كافرة
يزيد : وَهُمۡ يَصۡطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَآ أَخۡرِجۡنَا نَعۡمَلۡ صَٰلِحًا غَيۡرَ ٱلَّذِي كُنَّا نَعۡمَلُۚ
شعرت بجسدي يرتجف بقوة وأنفاسي تتسارع
يزيد : أَوَ لَمۡ نُعَمِّرۡكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَآءَكُمُ ٱلنَّذِيرُۖ
إستقمت أحاول فتح الباب لأخرج ، فالظلام زادني رعباً فوق رعبي ، كانت أوصالي ترتجف بقوة كمن أصيبت بالصرع
يزيد : فَذُوقُواْ فَمَا لِلظَّٰلِمِينَ مِن نَّصِيرٍ
وهنا فقدت أعصابي ، فتحت الباب بعد معاناةٍ وإرتميت على الأرض وكل جسدي يرتجف بقوة
............
*الراوي*
كان زياد متجهاً للممر ليرى يزيد ، وما أن إقترب منه حتى فُتِحَ باب الغرفة وخرجت مايا منه ، سقطت على الأرض ترتجف بقوة ، وتحاول أخذ أنفاسٍ من دون فائدة ، إقترب منها زياد بسرعة بينما تصنَّم يزيد مكانه بصدمة
إنحنى لها وشدها يحتضنها محاولاً التخفيف من إرتجافها
زياد : اهدي اهديي ، حور إهدي
صرخت وإستمرت بالبكاء والارتجاف
زياد : ما في اشي ليش خايفة هينا هون معك
قالت برجفة : ما أ أ أخاف ؟، مين مين مين رررر رح يح يح ميني ، انتا ؟، ممممم مين رححح يحمينى منو مين
أحاط وجهها بكفيه وقال
زياد : من مين !
مايا برعب : الخالق ! ماا ححدا بيقدر يحميني منوو ، أنا أنا ككك كافرة ، كثير  غضبان علي هو كثير ، رح أروح ، جه جهنمم
دفنت جسدها بأحضانه تحاول إستمداد الأمان ، حاول استيعاب ما يحدث ، شدها لينظر بوجهها وقال بسرعة
زياد : حور حور ، إسمعيني
كانت تبكي بشدة ، دموعها تتساقط بسرعة كحبات اللؤلؤ ، ولا زال جسدها يرتجف ، لم تستمع له جيداً ، فقال بصوتٍ عالٍ
زياد : إن الله غفورٌ رحيم
نظرت لعينيه تستمع لما يقول وقد نجح في لفت إنتباهها كي تستمع له
زياد : إنَّ الله غفورٌ رحيم ، حور ، اذا أسلمتي ، ربنا بيغفرلك كل ذنوبك
وضعت يديها فوق يديه على وجهها وقالت
مايا : ككل..كلها ؟
زياد : كلها
أنزلت جبينها على صدره وقالت ببكاء
مايا : بدي أسلم زياد ، بدي أسلم
(*وهنا بدأت تتذكر أحداث الحلم الذي نسته ، كانت أمام المخرج الآخر من النفق ، الذي يقف وراءه أحمد ويزيد وزياد*)
زياد : قولي من وراي
لم تنتظره أن يلقنها بل قالت الكلمات التي باتت تحفظها عن ظهر قلب وحدها ، تمسكت ببلوزته بكلتا يديها بينما لا زالت ترتكز بجبينها على صدره
مايا : أشهد أن ،    لااااا  إله  ،    إلا الله
(*تقدَّم زياد من خلف أحمد ليقف أمام الجدار الشفاف الفاصل بينهم ، وقام بلكمه بقوة*)
أخدت نفساً عميقاً مرتجفا كجسدها وأكملت
مايا : وأشهد أن محمداً ، عبده و ، رسوله
(*وضرب الجدار مجدداً ومجدداً ومجدداً ، حتى بدأ يتشقق ، وبآخر لكمة ، كان قد كُسِرَ بشكلٍ كامل ، تناثر حطام الجدار حولها ، بينما لم تزحزح بصرها عنه ، قام بمد يده لها وسحبها لجهتهم ليلامس النور بشرتها بعد بقائها في الظلام لفترةٍ طويلة*)
إرتاح زياد لدخولها بالإسلام ، وانزاح حملٌ ثقيل عن صدره ، حاول ابعادها ولكنها بقيت متشبثةً به ، تكرر
مايا : أشهد أن لا ، إله إلا الله ،  وأشهد أن ، محمداً عبده ورسوله
إبتسمت بهدوء وهي ترى في ذكرياتها عن الحلم ، شد زياد لها من داخل الظلام
شعر برجفتها تهدأ تدريجياً
مايا : أشهد ،  أن  لا إله ، إلا الله ، وأشهد أن ، محمداً عبده ورسوله
إنخفض صوتها رويداً رويداً ، وارتخت ليصبح رأسها فوق كتفه ترتكي عليه ، شعر بها تسكن تماماً ، انتظمت انفاسها معلنةً نومها
تنهد براحة ، إقترب يزيد منه متوتراً وقال بصوتٍ منخفض
يزيد : ايش الي صار بالضبط
زياد : انا الي مفروض أسأل هاض السؤال ، شو عملت تا صار فيها هيك
يزيد : بس ، قريت من سورة الفاطر شوي ، عشان أعطيها جرعة رعب خفيفة
زياد : خفيفة قلتلي ، لو ثقيلة كان شو صار ؟
يزيد : انتا اتركك من الوسيلة ، المهم النتيجة ، هلكيت صارت مسلمة ، سرعت الوضع
وضع يداً خلف ظهرها والأخرى أسفل ركبتيها وحملها متجهاً بها لغرفتها ، إقترب من السرير الذي ظنَّهُ لها وبالفعل كان هو ، إنحنى ليضع جسدها على السرير ، سحب يديه من أسفلها  ثم شدَّ الغطاء ليغطيها فيه ، رفعه حتى غطاها ، لمحَ خيطاً يزين رقبتها وقد سقط على الوسادة بجانبها ، رأى ما يحمله الخيط ، زر ، ولكنَّ هذا الزر يذكره بشيءٍ ما
وقف يحدِّق به محاولاً التذكر ، وبالفعل ، كان الزر الذي علق بشعرها وهم بالأنفاق ، الذي إقتلعه وبقي معها ، بقي ينظر مستغرباً من إحتفاظها به ووضعها له بخيط ترتديه كعقد
ازدادت دقات قلبه كثيراً عندما ذهب بصره لملامحها ، ولشعرها الطويل الكثيف ، انسحب سريعاً من مكانه وخرج من الغرفة مغلقاً الباب .
.............يتبع

.ضوء اخر النَّفق.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن