.انكشاف الحقائق.

113 5 14
                                    

الواحد والعشرون من أكتوبر من عام 2023 جنوب غزة

بعد المغرب كانت شمس ومريم جالستان في الصالة تتابعان الأخبار بعد أن عادت الكهرباء قبل بضع سويعات ليقاطع مشاهدتهما صوت فتح الباب ، دخل زيد بهدوء طارحاً السلام
زيد : مريم وين سارة ؟
مريم مستغربة : قبل شوي رنيت عليها حكت انها بالطريق ، عشر دقايق بالكثير
زيد : بدي احكي معاكي بموضوع قومي ، بعد إذنك شمس طبعا
إستغربت مريم طلبه وشمس أيضاً ، وقفت مريم وتقدمته لغرفتها بينما مر هو من جانب شمس مربتا على رأسها بإبتسامة هادئة ولكن بنظرة تحمل أعاصير ، بادلته شمس ابتسامته ليتبع مريم
أغلق باب غرفة مريم من خلفه ، بينما توجهت شمس لغرفتها تفهماً لحاجتهم لبعض الخصوصية
مريم : الله يستر ، زيد ايش في ؟!
زيد : قبل شهر تقريباً ، كنتي تنظفي بغرفتنا لانو سارة عند أهلها ، فتت عليكي حاملة علبة ومتفاجأة ، وبس قلتلك ايش في ، قتليلي إنك تعبانة ولقيتي علبة مسكن صح ؟
رفع العلبة التي وجدها صباحاً ووضعها على مكتبها
زيد : هاي هي العلبة صح ؟
إبتلعت مريم ريقها بتوتر ، وقد عرفت أن أخاها إكتشف ما أخفته عنه

*من شهر*
مريم بتلعثم : زيييد أناا
زيد مقاطعاً : مريم ، انتي بتعرفي ايش هاي العلبة ؟
إستمع لصوت الباب الخارجي يفتح ، حمل العلبة وخرج للصالة ، كانت سارة على الباب تخلع حذائها ، رأته وتقدمت له
سارة : زيد ؟ راجع بدري شوي كأنك ؟
ما أن تقدمت له بشكل كاف حتى رأت ما يحمل بيده لم يتغير شئ في ملامحها ، وكأنها كانت تنتظر هذه المواجهة منذ زمن طويل
زيد : الحقيني
تبعته ، وأثناء مرورها رأت مريم من غرفتها يعلو وجهها ملامح التوتر ، ولكنها ما أن رأت سارة حتى أعطتها نظرة ثاقبة بمعنى ( تفضلي مش هاض الي بدك ياه (؟)
تبعت سارة زيد حتى غرفتهما ، ثم أغلق الباب خلفها بعد أن دخلت
وضع العلبة على المنضدة بجانب السرير ، بينما جلس هو على طرفه
زيد : فسري
سارة : زيد ، الي قدامك واضح ، بعتقد ما بحتاج أفسر
صُدِمَ من برودها وتقبلها للأمر
زيد : فسري الأسباب ، كوني صريحة ما بدي أي كذبة
سارة : متأكد بدك الحقيقة ؟
أومأ لها برأسه
سارة : زيد ، إنتا إنسان محترم وقلبك طيب وحنوون لدرجة ، ما فيك ولا أياتا غلطة بالمعنى الحرفي
أخذت نفساً قبل أن تكمل : بس أنا ما بملكلك مشاعر الحب ، ولا بعمري إمتلكتها
زيد بهدوء : وليش تقبلي بالزواج مني ؟
سارة : أبوي جبرني
زيد : ليش جبرك
سارة : لانو ما كان بدو يعطيني لابن عمي
زيد : ليش
تنهدت ثم أكملت : لانو فكرني على علاقة معاه ، كان سوء فهم بالكامل منو ، زيد
رفع نظره لها بينما أكملت حديثها
سارة : قبل ما اتزوجك ، وقبل ما اعرفك حتى بكثير ، كنت بحمل مشاعر لابن عمي ، مشاعر نقية ، ما لمسني ولا نطق من تمي لتمو حرف حتى ، بس كنت أعرف انو يبادلني من نظرتو
سارة بدمعة : بس الي صار انو وحدة من بنات عمي الثاني ، بتكرهني ، كانت تحبو ، وانتبهت لنظراتو الي ، فطلعت علينا اشاعة بالعيلة ، وابوي
أخذت نفساً عميقاً كي تمنع دموعها من السقوط ثم أكملت
سارة : أبوي صدقها ، بدون ما يشوف أي دليل ، بدون ما يسألني ، بدون ما يتأكد
زید ببرود : ليش ما اتقدملك ؟
سارة : تقدملي دغري بعد القصة ، بس ابوي عنيد ، رفض انو يزوجني ياه ، حرمني أكمل تعليمي ، وحرمني أكمل حياتي معو ، وحرمني حق إختيار شريك حياتي على الأقل ، حلف يزوجني أول شب بيطلبني ، وكنت إنتا أول واحد طلبني بعد الموضوع
زيد : ليش ما رفضتي ، ما في اشي اسمو اجبرني
سارة ودموعها تنزل على وجهها بغزارة : متذكر الحروق الي شفتهم على ظهري وعلى رجلي ؟ ، كانت لاني حاولت أرفض
زيد : ليش ما حكيتيلي من الأول
سارة : ما كنت أعرفك زيد ، ما كنت أعرفك ، صدقني لو كنت أعرفك من أولها كنت حكيتلك كل اشي ، وأنا كلي ثقة انك رح تساعدني
زيد : سارة ، النا سنتين كاملات متزوجين ، سنتين ، الثقة بيناتنا بنيناها من أول شهرين زواج !
سارة : بس كنت خايفة ، بعدين كان الفاس واقع بالراس وصرت متزوجتك ! متوقعتش انو....
بترت كلامها من منتصفه ليحثها زيد على اكماله
زيد : انو ؟ كملي انو !
سارة : انو يضل ، ابن عمي بملك نفس المشاعر تجاهي
زيد باستهزاء : وكيف عرفتي ؟ من نظراتو شرحلك برضو
مسحت سارة الدموع التي سقطت على وجهها وأكملت
سارة : لاء ، امو حكتلي ، بعد نص سنة من زواجنا ، كنت رايحة ازور اهلي ، وكانت هي موجودة ، وبس استفردت فيي ، صارت تعيط وتطلب مني اتطلق ، لانو  كاينة متدمرة نفسيتو ، بسبب زواجي
زيد : وينتا بلشتي توخدي حبوب منع الحمل
سارة : ما بكذب عليك ، مكانش عندي اي مانع اني احمل بالاول ، والله ، بس خلص سبحان الله ما صار حمل ، لحد ما مرت عمي حكت الي حكتو ، بلشت اوخد حبوب منع الحمل
زيد : ليش ما حكيتيلي بعد هاي الست اشهر
سارة : خفت من ردة فعلك ، والله خفت كثير ، صحيح اني وثقت فيك بس كانو كل النسوان الي حوالي يقولو ما في للرجال امان وكلهم بيمثلو ، زادو رهبتي من اني اتشجع واحكيلك
سارة : وبدل ما أتشجع وأواجهك بآخر ٦ شهور ، كنت أحط علبة الدوا بالغرفة عاساس تنتبهلها ، بس ما انتبهت ، كنت احطها بكل مكان جنبك ، عالتواليت ، على اللحاف ، بس شكلك كنت تشوفها وتفكرها علبة دوا عادية
سارة : لحتى بيوم من الايام فکرت ارميها عالارض حكيت بس تحملها اكيد رح تدقق بمحتواها
سارة : بس بدل ما تلقاها انتا لقيتها مريم ، كنت عند اهلي يومها ، بس رجعت ثاني يوم ، اتقاتلت معي وعجبت علي ، قعدنا اسبوع كامل ما نحكي بدون ما تعرف
سارة : بعد ما شرحتلها الوضع ، اتعاطفت معي ، بس ضلت تصر علي اني احكيلك
سارة : لحد ما جمعت كل شجاعتي اني احكي ، بس لسخرية القدر كان سبعة أكتوبر
إبتسمت ابتسامة مريرة
وقف أمامها قائلاً : لمي غراضك ورني عاهلك ، رح
نتطلق
أومأت له متفهمة : إيش رح تحكي لأهلي ؟
زيد ببرود : اني ما بدي ياكي لانك ما بتحملي
سارة : زيد ما بعرف كيف أتش...
زید: ما تحكي ولا كلمة ! ولا كلمة ! لمي غراضك واطلعي برا ، رح ارمي يمين الطلاق عليكي قدام ابوكي
سارة : زيد ما بدي ياك تكرهني بس ..
زيد : ضيعت سنتين من حياتي معك ، سنتين كاملات ، ولهون وقف عد الثواني الي رح اضيعها معك ، لهون ، ما تفتحي ، تمك ، بحرف واحد معي
اومأت له وبدأت بترتيب ثيابها في الحقيبة بعد أن رنت على والدتها لتخبرها بشجار كبير حدث بينها وبين زوجها ، اتو بعد فترة قصيرة
اب سارة : طب بتحاولو يبني الله بفرجها في ميت علاج وعلاج بعدين ، شو هالطلاق بعالاوضاع هاي
قاطعته ام سارة : ما في علاج ، رحت معها عدكتورة نسائية وفحصتها ، احتمال انها تخلف صفر
كان سيرد علها زوجها ولكن قاطعهم رمي يمين الطلاق من زيد عليها ، ثلاث مرات ، بثلاث مرات ، ليصبح إحتمال عودتها له مستحيلاً
غادرو جميعاً المنزل بعد أن نعته والد سارة بقليل الأصل والإحترام ، رمی زيد جسده على الكنبة بجانبه منهكاً ، لتخرج له مريم بعد قليل
زيد : مریم اذا حكيت معك رح اجرح مشاعرك كثير ، إتركيني لحالي هلكيت
أومأت له مريم وعادت لغرفتها ، بقي على حاله بضعة دقائق حتى توجه للحمام للوضوء واداء صلاة العشاء صلى في الصالة ، وأثناء تسليمه من ركعتي السنة ، فُتح باب شمس ، التي ما أن رأته يسلم حتى هرعت له وجلست أمامه
شمس بحزن : لييش صليت لحالك ؟ إستنيتك نصلي مع بعض
ربت على رأسها بهدوء ، نظرت لملامحه المرهقة ، ثم وقفت على ركبتيها أمامه ، محتضنة جسده ، وركت رأسها على رأسه ، احتمل لبضع دقائق ، ولكن هذه الفتاة الهشة جيدة جدا في اخراج جانبه الضعيف و السماح لدموعه بالنزول ، بكى على كتفها قهر السنتين ، بكى كل لحظة رأى أحد أصدقائه يحظى بطفل بينما هو يصبر ويحمد الله على كل حال ، بكى كل دقيقة تذكر بها إمه وهي تخبره بأنها أرادت أن تصبح جدة ، بكى كلام والده بأنه سيكتب الميراث كله لابنه ما ان يحظى به باذن الله
مسح عينيه وأبعد رأسه عن كتفها ، لينظر لها والدموع مغرقة وجهها أكثر منه
زيد بصوت متحشرج : ليس بتعيطي ؟
ليزيد بكائها : لإنك بتعيط
زيد : بتعيطي لاني بعيط ؟
أومأت له
زيد : طب وبتعرفي أنا ليش بعيط ؟
شمس ببراءة : لاء
إبتسم لتتحول بسمته لقهقهات عالية ، ضحكت معه على مضض ، أجلسها أمامه ومسح عينيها وخديها ثم وقف وسحبها لتقف هي الأخرى
شمس : دحطلك توكل
زيد : لا ، انتي روحي صلي العشا ، وانا بحط اكل الي والك
شمس : طب انا بحط عالسريع
زيد : لاء تأخريش صلاتك ، يلا روحي بسرعة
توجهت لصلاة العشاء بينما وضع الطعام له ولها ، ثم جلسا ليأكلا معاً
أطلت مريم رأسها من الباب ونظرت بإتجاه الصالة وأثناء ذلك نظرت شمس باتجاهها
شمس بصرخة خفيفة : هيي بسم الله الرحمن الرحيم
زيد : مالك
شمس مؤنبة مريم : مريمم !
خرجت مريم من غرفتها ووقفت أمام الباب ثم نظرت لزيد ببراءة : آجي ؟
تنهد زيد قائلا : تعالي ست مريم
تقدمت و جلست بجانبه
مريم : والله العظيم حكيتلها كثير انو
أوقفها عن الكلام مشيراً لها بالسكوت ، إنتبهت شمس لحركتهم فأرادت إفساح المجال لهما ، وقفت متجهة لغرفتها
: شمس انا دروح عغرفتي شوي
زيد : شوي وباجي
أومأت له شمس ، بينما أرسلت لها مريم قبلة في الهواء متشكرة ، ابتسمت لها شمس واغلقت باب غرفتها
أعادت مريم نظرها لأخيها الذي كان رافعاً إحدى حاجبيه
مريم :  ايش ، غرت ؟ طب علي ولا مني ؟
أشاح وجهه عنها بزعل
مريم : زيد زيد والله والله كنت كل يوم اتقاتل معها انها تحكيلك
وبعد عدة محاولات منها لارضائه قررت إستخدام سلاحها السري
مريم بدموع : بعدين ، بعدين مين الي غيرك أنا ، وطل الأوضاع يعني بأي لحظة ممكن نفقد بعض
نظر لها بطرف عينه ،  ثم رقَّ قلبه لحالها فاحتضنها قائلاً: طيب طيب ، اهدي
مريم ببسمة مبتعدة عنه: يعني سامحتني ؟
زيد : وين دموعك راحن ؟ بطلت افرق صراحة بين دموعك الحقيقية ودموع التماسيح
مريم : لا لاء حقيقيات ها ذوق حتى مالحات
زيد باستغراب : وشو دخل الطعم ؟
مريم : بعرفش بس بيحكو دموع الفرح حلوة ودموع الحزن مالحة
زيد : ودموع التماسيح ؟
مريم : حامضة
ليضحك كلاهما ، ثم قال بجدية : بدك تعيديها ؟
مريم : لا والله ما بتنعاد
زيد : وايش رح تعملي ثاني مرة ؟
مريم : باجي بحكيلك دغري دغري أي اشي بخصك او مهم بحكيلك ياه دغري
زيد : واذا محكيتيش
مريم : بتحكيش معي وبتحوربني
أكملا عدة أحاديث حتى توجهت مريم للنوم وذهب هو لغرفة شمس
دق الباب لتفتح له سريعاً ، دخل ومعه سجادته التي فردها بموضعها
ثم بدأ بصلاة قيام الليل بينما شمس تسرح شعرها ، لم تدم صلاته طويلاً فبالكاد مر نصف ساعة حتى وقف طاوياً سجادته
شمس : خلصت ؟
زيد : آه تعبان كثير ونعسان يلا عالنوم
تقدمت له بربطة شعر ، ليجدل له شعرها ، ثم أمسكها من كتفيها وسار بها لسريرها ،أجلسها  عليه ، تمددت وأزاحت بجانبها مساحة
زيد : لاء قلتي بس مبارح
شمس بدلع : زییییییید
زيد : لاء
تشبثت بذراعه مكررة : يا زيييييد
زيد : لاااء
شمس : طب طب عالاقل
زيد : ايش ؟
تقدمت ناحيته واحتضنت جانبه ، ليتنهد ويستدير ناحيتها ويلف ذراعيه حولها في حضن عميق ، ابتعدت عنه بعد قليل لمعرفتها بشعوره الشديد بالنعاس والارهاق مسد على راسها حتى بدا له انها غفت ، ليتجه لغرفته محاولاً النوم

*الساعة الواحدة*
تقلب في فراشه مجدداً
زيد : مشعارف انام
نظر للساعة التي تشير للواحدة ، ثم استسلم لفكرة أنه إعتاد على النوم محتضناً شمس ، ليستقيم عائداً لغرفتها ، دق الباب ثم دخل ، كانت نائمة ، لم يرد
ايقاظها فهم ليعود ادراجه
شمس : زيد ؟
أعاد بصره لها
رفعت جسدها قليلاً : زيد؟
زيد : ما نمتي ؟
شمس : لاء ما عرفت
زيد : وأنا كمان
استقامت شمس عن السرير ووقفت أمامه ، أمسكت بيده وسحبته عائدة للسرير
حثته على التقدم ، ليتمدد على السرير قبلها ويفتح لها مجالاً ، تقدمت هي الاخرى متمددة على جنبها مقابلة له ، مد يده خلف ظهرها ليقربها له أكثر ، حتى كان ما يفصل بين وجهها ووجهه بضعة سانتيات قليلة
زيد : غمضي
شمس : انتا غمض
أغمض عينيه مقربا وجهه لها قليلاً حتى لامس انفه انفها ، لتغمض هي الأخرى ، حتى غطا في النوم
يتبع.......

.ضوء اخر النَّفق.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن