14 : انعتاق

495 13 0
                                    




مزق القيد تحرر يا فتى
كم ستبقى مُرهقاً حتى متى؟

- الأبيوردي
____________________
قصر عبد العزيز آل جلوان

متى حلّ الصباح أخيراً؟ متى تسللت أشعة الشمس إلى زوايا المنزل المُظلمة؟
ومع بداية الصباح عرفت غالية أن شخص واحد، على الأقل. حينما عاد، عاد معهُ الصباح، وعادت معهُ الألوان.

ما عبس وجه الزمان إلّا لقيتك من وراه
ضحكةٍ تطرد سراب الخوف وتغيث الطريق

كان محمد عبده صديق صباحها اليوم، يتحدث نيابةً عنها، بينما هي مُنصته لتلك الحقائق المترنمة ، بينما يدويّ صداها في ارجاء منزلها الفسيح.
هتفت بحب وخضوع تام لتلك المشاعر الجياشة التي تأبطت بها تحت صدرها، بين شريان وقلب:
- إيه والله يا أبو نورة أنه ينزل ما بالقلب ويآمر مابه إلّا حلاله...

لكنّ هذا الهدوء تلاشا في أدراج الرياح ، جاء صوتان محتدين يشعلون في المنزل النار ، قوية، جامحة، تنتشلّ كلّ شيء أمامها وتبتلعه دون رحمة.

فزعت، وراحت تركض عبر السلالم بينما سقط الفنجال أرضاً وانسكبت من خلفها القهوة الشقراء وتلطخت السجادة البيضاء وأصفرَّت. . .

صاح مُهاب غاضباً، لم يكفيه غضب الأمس، وغضب السنين الفائتة، ولا النار المستعرة بداخله. . .
مضى إلى والده غاضباً كاسحاً، وعينيه تشتعلان :
- كم مره قلت لك ما سويت الحرام عشان أطلع من شورك، هاه يا يبــه!! كم مرة وأنت تسدَّ في كل هالمرات أذونك. . . كلّ اللي سويته أنّي حبيت، حبيت وهذا ذنبي الوحيد ... وأنت تعرفني عمري ما سويت الحرام ولا ألتفت له لأنّه مو من سلومنا....

بصوت حادّ:
- وجاي تتفاخر بذنوبك قدامي؟ هاه! جاي تتفاخر بحلالك المُحرم يا مُهاب أنت صاحي!
وجاء صوت مُهاب أشدّ حدة منه:
-  لا تتقول بالأشياء المُنهي عنها. يا يبـــه. . . وتراك رجال كبير أنتق كلماتك اللي تناسب عمرك. . . .

صفعة جاءت على وجه مُهاب ، أخرست كل شيء، وسكن كل شيء من بعدهما ، سوى تنفسهما المُلتهب، وعينيهما المُقتدّة بشرار ازداد شدّة وحرقة. . . كما تلك الحرقة العالقة في وجه مُهاب، وعينيه، وحلقه. . .

- والله يا مُهاب والعالي الله في سماه لو ما عقلت عن هالسوالف أنّي. . .
صمت عبدالعزيز، ليصرخ مُهاب بحدّة بليغة ، بلغ بها ما بلغ مما يحدث ومما يقال وما فعله به والده:
- أنك إيش؟ هاه ! إيش اللي باقي وبتسويه ، فلوس وسحبتها، سياراتك رجعتها لك ولا بقى لك شيء عندي غير اسسمك . . .
اقترب منه أكثر، تلاحمت صدورهما، في حرب ساكنة ومُلتهبة:
- كان باقي تبيه تفضل خذه وحررني من ظلمك وجورك حررني يا يبه واعتقني منك . . .

يا كوكباً أنا في أفلاكهُ قَمَرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن