11 : حُرْقَة

642 11 0
                                    




لم أطلب يداً تمسح دموع الفزع ولم أوقظ أحداً ليعانقني كيّ اهدأ،
علام يجب أن أكون ممنوناً؟ لقدَّ عشت اسوأ اللحظات بمفردي.

- دوستويفسكي
____________________

كانت تجلس في داخل السيارة بألم، منذُ خروجها من ذاك الباب الزجاجي الضخم وهي تحمل صندلها بيديها، إلى لحظة وصولها لمجمع حُذام، كان قلبها يخفق بقوة ولم تستطيع أن تتغلب عليها، على هذه القوة المُميتة حدَّ البكاء، لكنّها على الأقل حاولت أن تتماسك لن تشغل بال سندَّ الآن.

كانت راضية جداً البقاء هناك والعيش في وهم، والبقاء داخل الحلم، أي شيء طالما أن تبقى معه...
وجاءتها أغنية محمد عبده، كانت كلمات القصيد تشبهها وحدها، تشبه الحالة التي وقعت بها، وذلك الذهول من اللقاء من الشكّ في عينيه والخوف.

كأنني أحلم طلبتك ... خلنّي هايم لحالي
خلنّي بالحلم عايش فيه دامي معك يا بعيد

نظر إليها للحظة بينما ينفتح المعبر الوحيد للدخول إلى المُجمع، بصوته الرخيم تساءل بهدوء:
- فيك شيء يا إشراق منتي على بعضك؟
لعقت شفتيها، أغتصبت ابتسامة متسعة ولو أنّ بها كسور وتعرجات:
- بخير يا خالي بس تعبانة
طبطب على كتفها، مضى للداخل وراح صوت سيارته الرياضية يدويّ في المُجمع الساكن:
- انتهى هذا اليوم، نامي وارتاحي
استدارت إليه بينما تجاهد ألَّا يفضحها ذلك الحزن:
- بروح لصديقتي...
ألتفت إليها سندَّ التفاتة قصيرة:
- ليه ما قلتي من أول أوصلك؟
همست بينما تستدير وتنظر للطرف الآخر، عبر نافذتها :
- لا شكراً، أعرف الطريق...


* * * *
الساعة الواحدة والنصف مساءًا...
مجمع حُذام، ملعب كرة السلة.

منذُ أن خرج من هناك وهو يفرغ غضبه برميات لا نهاية لها ببنطال قصير وقميص بلا أكمام، كان مبللاً كما الأرض المبللة بالمطر، لكنّه كان مبللاً بدموعه هو... دموع فاضت وتفجرت في ليلة ممطرة وعصيبة.

كرة تضرب الأرض بقوة كما إنهزامه، وتضرب الشباك كما غضبه وتطير عالياً في السماء كما إستحقاقه بها وحينما تسقط للأرض تبدو كما سقوط صديقه من عينيه بعد كّل ذاك الإعتزاز الذي أكنّه له..

رآه وقد جاء بعد أن بدلّ ثوبه، يسير إليه بهدوء، بينما -هو- كان الغضب ذاتهُ.
اقترب منه سندَّ، تساءل بابتسامة قلقة، وعينيه تتفحصان وجهُ مُهاب:
- مين تلف أعصاب المُهاب علمني لأجل أدق وجهه..
صمت، اتسعت ابتسامته وأضاف في محاولة لتلطيف جنون مُهاب:
- وإلّا تبيني أدق وجهك!
قال مُهاب بصوت حادّ :
- ما ني بورع عندك أنا...

زمّ سندّ شفتيه للحظة وهو يتأمل مُهاب، سأله بصوت هادئ:
- علمني أجل وش سبب هالجنون؟
اقترب منه مُهاب بخطوات غاضبة، قال بينما يصرَّ على أسنانه بقهر:
- شفتها يا سندَّ

يا كوكباً أنا في أفلاكهُ قَمَرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن