الحقيقة؟
سيقول لك الحقيقة فقط الانسان البائس.
البائس تماماً سيحدثك عن كل شيء !- سيفتلانا أليكسيفيتش
____________________
عودةً لما قبل الحريق
مكتب وشركة عون للإستشارات القانونيةيجلس في مكتبه، رغم أن الخراب لم يحلّ بعد. . . فقد كان لا يزال مُعلقاً في الهواء، كان أكيداً بقدر ما يستطيع انسان أن يجعله أكيداً.
أنه الآن في حالة قلق عميق وتوتر أليم، وهو في الوقت نفسه يشعر بحاجة قصوى إلى العزلة، يريد أن يخلو إلى نفسه وحيداً، وأن يستسلم لألم ذلك التوتر استسلاماً سلبياً، فلا يسعى إلى أي مخرج منه؛ وهو يدفع سيل الأسئلة التي كانت تغزو قلبه ونفسه، يدفعها عنه مشمئزاً، ويجمجم قائلاً لنفسه من دون أن يشعر تقريباً: "أنا مسؤول عن هذا كله؟!". . .
كان يشعر بالخوف. . . الخوف من التحول إلى شخص يشبه ذلك الصديق -هادي- وكان هذا جلّ خوفه. . . وجاءت -هي- وألصقت التهمة به. . . تتوعده بالعقاب!. . . لكنّهُ كان يفكر، لماذا لم يخبرها بالحقيقة. . . لماذا جعلها تصدق أنه حقاً من دفع بها للعالم السوداوي الذي تعيش به الآن. . . لماذا لم يدافع عن نفسه؟
تنهد، طرقات الباب أيقظته من سبات الخوف والقلق، وحينما رأى عثمان اندفع التوتر بداخله . . . مضى عثمان بخطوات ثقيلة نحو مكتب سندَّ ووقف أمامه، عاقداً يديه أمام بطنه.
تأملهُ سندَّ للحظات، تراجع يستند على كرسيه :
- تكفى يا عثمان لا تفجعني. . .
زمّ عثمان شفتيه قليلاً، ثم حرر صوتاً متأسفاً:
- أنا آسف يا أستاذ سندَّ بس الموضوع اليوم ثقيل ما أعرف إذا تقدر تتقبله أو حتى ممكن تتحمله أو لا. . .تابع سندَّ كانت عيناه تركزان نحو عثمان. . . نطق بذات النبرة الهادئة ولكن بحذر:
- أنا مو محكوم علي لا التقبل ولا التحمل. . . أنا محكوم علي أصحح الغلط اللي محى حلم بنت بسبب طمع !حرك عثمان رأسه يوافقه:
- معك حق. . . بس تكفى يا سندَّ لا تتسرع. . . لأن الموضوع غرقان من أوله لآخره وأنا قلت لك قبل. . .
- ما في شيء يبقى غرقان للأبد يا عثمان بكرة لا ظهرت شمس الحقيقة كل أرض مُزهرة تذبل وتموت . . . حتى البحر مصيره يتبخر ويتحول لسحابة ماطرة . . .عقد يديه أمام صدره، همس بنبرة ضعيفة جداً :
- احكي يا عثمانتنهد عثمان، اجترع ريقه. . . تأمل وجه سندَّ للحظات كان باهتٌ لونه كما لو أنّهُ يعرف ما سيقول له بعد. . . قال عثمان بصوت بارد جداً يشبه قطعة جليد تتزلج فوق جلد محترق. .
- المأذون اللي عقد النكاح بينهم. . . عقاب اللي تكفل فيه. . . والصدمة أنّه دفع له -رشوة- مبلغ وقدره عشان يخربط في العقد أنّه قدم لها مهر بقيمة أربع مئة ألف ريال وڤيلا في الحي الفلاني. . . ولكن هذا شيء ثاني عند اللي سمعته. . .
أنت تقرأ
يا كوكباً أنا في أفلاكهُ قَمَر
Romanceمثل قمرا تخاطفها السحايب ضيها واضح والمسافة بعيدة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ تتحدث الرواية عن ٤ شخصيات رئيسية. تجسدُ تلك الشخصيات بين مكنونانتها كلّ شيء قد يكون ممكن أو يكون مستحيلاً. الألم، الشوق، الفقد، الكئابة، والوحدة... لا مكان للقاء...