16 : اللهيب

472 15 0
                                    




مُحترقاً في ماء
غريقاً في لهيب

                  - تشارلز بوكوفسكي
____________________
مكتب وشركة عون للإستشارات القانونية

توقفت سيارة اللامبورغيني، في أحد مواقف السيارات التابعة للشركة، كانت وَصاف تجلس خلف المقود تنظر للمبنى من الخارج، كان مبنى فاخر يحفّه الزجاج من كل جهة، وأشجار النخيل الشاهقة، وعلى قمة ذلك المبنى المكون من طابقين عُلقت لوحة ضخمة تحمل اسم شركة عون للمحاماة والاستشارات القانونية.

كانت لأول مرة تأتي إلى هنا، أن تطآ قدميها مكتبه هو تحديداً، وأول مبنى شركة محاماة تدخلها، لشدّة ما عايشته ولضيق الوقت كانت دائماً ما تلتقي بهم في منزلها أو في شركتها "وَصاف" للمجوهرات، والتي اسمتها تيمناً باسمها.

كان هو الشخص الوحيد الذي أخذ قضيتها بشكل جاد، لطالما تهاونوا المحاميين من قبله، ولطالما تعلقت قضيتها حتى كبرت ديم واشتدّ الخناق عليها وعلى وَصاف.

دلفت خارج السيارة تعدل عباءتها الخضراء مثل قمم السودة تختلط بها تلك الغيوم البيضاء والرمادية. حملت حقيبتها بينما تمضي في خطوات باردة جداً نحو مكتبه.

كان قدّ استسلم في اللحظة الأخيرة، وانسحبت يداه وتلى ذلك الانسحاب قدميه وهو يسير بعيداً عنها ، كان مرتاحاً لأنّها فعلاً قريبة منه. لكنّهُ حزين لأنه لا يملك الصلاحيات للتقدم إليها، والحديث معها ولو عن أشياءًا تافهة وبلا أي معنى.

دفعتهُ تلك الطرقات لأن يستيقظ، اندفع عثمان للداخل:
- أستاذ سندّ في شخص يبي يقابلك!

عقد سندَّ حاجبيه، وكان يبحث عن اجابة في وجه عثمان:
- مين يكون هالشخص يا عثمان؟

زمّ عثمان شفتيه رافعاً حاجبيه باستسلام:
- آسف بس طلب منيّ عدم الفصح عن هويته. . .
حرك سندَّ رأسهُ بتفهم:
- خلّه يدخل. . .

طرقات خافتة لتطلّ برأسها حينما قال:
- تفضل. . .

أحسّ بداخله شيء، فراشات تحلق، وشعوراً غريباً يخالجه الآن بينما تسير متجهة إليه وتجلس أمامه باستقامة. شيئاً عجيباً جداً!

بلعت ريقها ثم مضت للداخل بينما تغتصب ابتسامة على وجهها
- يزيد فضلك. . . شلونك يا حضرة المحامي؟

كانت كلمة -شلونك- على أذنيه لها وقع غريب جداً، أربكه وأشعل فتيل بداخله توهج كما لو أنّها أفصحت عن حُبها -له- . . .
مدّ يده يمسح بها وجهه يخفي ذنبه الصغير، كان حريصاً جداً أن لا يخبر أحداً بها، لكنّها تفيض من عيناه، يخبئها جيداً، وتظهر على وجهه.
- بخير . . . 

يا كوكباً أنا في أفلاكهُ قَمَرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن