29 : مثل الشروق

796 20 22
                                    





جيتني مثل الشروق اللي محى عتم الليالي
‏جيت فرحة للحزين اللي من همومه هلك
‏جيتني وإنت يحبك ألف محبوبٍ بدالي
‏سخرك سُبحانه اللي في عينيّ كملك

                                         - محمد عبدُه
____________________
واجهة روشن

في طرف المساءات الرقيقة، ينقادان معاً تحت توجيهات ديم، التي تغير في كُلّ مرةً مكانها. ومن مركز تجاري إلى منطقة ألعاب أو مقهى.
يمضون معاً كعائلةً سعيدة، يحلقون في مسارٍ واحد ولا شيء بينهما سوى حاجزٌ رقيق ويكادُ أن يتمزق لولا تمسك كُل طرفٍ بمكانه.

- أبغى مناكير. . .
صاحت بها ديم وهي تسحبهما معها إلى مركز لأدوات تجميل. كانت هذه هي المرة الأولى لسندَّ وتجربته الأولى من نوعها، إذّ خطى خطواته الأولى أيضاً نحو عالمٌ جديد كان لا يعرف منهُ إلّا شكلهِ واسمه.

كانت عينيّ ديم تبرقان أمام مجموعات -طلاء الأظافر- ذات اللون الورديّ، وتشير إلى كُلّ درجة منها بأصبعها الصغيرة وتكرر -هذي و هذي و هذي وهذي. . . . -
هزّت وَصاف رأسها نافيةً :
- لا أنتي تأكلينها
لتنظر إليها باستياءٍ ورجاء بينما تسحب أحد درجات الورديّ من الصف:
- ماما. . .
بذات النفيّ كررت وَصاف:
- لا يعني لا
نظرت إلى سندَّ وعينيها تبرقان، ولم يستطيع مقاومة هذا البريق، لينظر إلى وَصاف:
- لا تخلينها بخاطرها
وَصاف بحزم:
- هي تقشرها بأسنانها
ببرائة وعينين تتوهجان:
- والله العظيم أنا ما أقشر المناكير بفمي .. ما أكلها..
وجهت طلاء الأظافر الذي تحمله أمام وجه وَصاف:
- أنا بس أبغى أحط
ذاب سندَّ من شدَّة الضحك حينما -حلفت- وتحررت الابتسامة من بين شفتيّ وَصاف على حلف ابنتها وضحكة سندَّ التي تسمعها للمرة الأولى:
- دامك حلفتي بأصدقك
لتتمايل برقةٍ فرحة، وتمايل فستانها الأبيض معها. وكأنها خُلقت من شيء لا نهاية لرقته.
قال سندَّ والسعادة تتناثر في وجهه كما تناثرت في روحه:
- يلا اختاري اللون اللي تبين

لم تختار لوناً، بل ألواناً رقيقة وقالت عنها ديم -ألوان كيوت- ليسيران خارجاً ومجدداً اليدّ باليدّ ثلاثتهم.
وجلسوا معاً في مقهى قريب، هدوء يجول من حولهم، اطلالةً ساحرة، وكوبيّ شاهي عطريّ، وسلامٌ داخلي قائم من مسراتهم الصغيرة.

- بعدك زعلانة من كلام أختي؟
سأل سندَّ في لحظة هدوء مُستغلاً الوقت الضائع لخلق أحاديثٌ مشتركة بينهُ وبينها.
أربكها سؤاله المُباغت، لتتحرر عينيها من السقوط في كوب الشاهي، وتوقفت للحظة تتأمله، على طرف هاويةً أخرى كانت تجهلها.
أنّها المرة الأولى للغرق، تغرق بالنظر في تفاصيل وجهه، كان يملك ملامحاً دافئة، مثل رائحة المنازلُ القديمة، نادرة.
- ليه أزعل؟ كلامها جرحني، اعتذر منك لوقاحتي لكن هي مين عشان أزعل منها؟
- هذي ما هي وقاحة يا وَصاف... وبطلي تعتذرين في كلّ مرة من أحدّ أو حتى لأحدّ...
صمت، عقد يديه على الطاولة ينظر إليها من خلال شعاع الذهب في عينيه، كان يتأملها وكأنّها مُعجزة:
- زعلت لأنك ما رديتي عليها ... ما كان لازم تسكتين لها
اندهشت منه، وقالت وهي تُلملم أطرافها المدهوشة التي تناثرت حولها:
- أرد عليها!! تطلب منيّ أرادد أختك وافتعل معاها مشاكل ما لها أول ولا تالي !!
- إيي... لا تسمحين لأحد يغلط عليك، لا تعيدين نفس الغلط وتنداسين.. خليك أنت الكفة المرهونة أنتي اللي تدوسين مو هم أياً كان هذا الشخص.
- أتمنى... بس أنا ما أحب المشاكل
- هذي ما هي مشاكل، إذا الموضوع فيه اسمك وبنتك هذي مسألة كرامة وشخصية لازم تفوزين فيها ولا تسمحين للطرف الثاني ينتصر عليك...

يا كوكباً أنا في أفلاكهُ قَمَرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن