خرجت خلود لتطمئن ان والدها لم يحضر بعد ، وتمنت الا يحضر في الوقت الحالي
اتجهت الى المطبخ ، والهواء يتلاعب بها ، دخلت واغلقت الباب ؛ لكي تحمي نفسها
من غدر الضباع ، وبدأت بإعداد حساء ساخن لكي تمد عبداللّٰه ببعض القوة ، ثم عجنت
الدقيق وبدأت بخبزه ، والرائحة الطيبة تنتشر في الخارج ، وبعدها جلبت وعاء وسكبت
الحساء فيه ثم وضعت فوقه الخبز ، وفتحت الباب ثم خرجت الى الخيمة ، رأت الكلب يقف امام الخيمة يحميها كما طلبت منه ، فدخلت ووضعت الوعاء بجانب عبداللّٰه ، وبدأت تهز جسده لكي تنهضه ؛ ولكنه كان مستغرقا في نوم عميق ، غير مدركٍ امرها ، وقررت ان تطعمه بنفسها ، فشمرت عن ساعديها وبدات تقطع الخبز وتغمسه في الحساء وتضعه في فم عبداللّٰه الذي استقبله وبدا يمضغه .ابتسمت خلود فرحا بتحسن حالته ، ودون سابق انذار فتح عينيه بخفة ، ثم. بدا ينظر اليها وبلع الطعام ونهض ، كان الالم واضحا عليه ، مدت يدها الى الحساء وقالت :
( يجب ان تاكل )وفي منتصف الليل ، خرج ينظر الى الصحراء مستشعرا الخطر الذي يحوم حوله ، وكان الشياطين يراقبونه ويتربصون به ، لكن ذلك الشعور يزول تماما كلما اقترب من خلود ، نظر الى القمر الذي تحول فجاة الى عين حمراء تنظر اليه ، نهض فزعا من نومه ، وجسده متعرق ، وشعر بأعضائه تتقطع من الالم ، كان الليل في منتصفه ، نهض وخرج وجسده يؤلمه بشده ، وتقيأ كل ما أكله ، خرجت خلود خلفه خائفة ، وقد بدت عليه علامات التعب والارهاق ، مسحت على ظهره وتجرأت بعد ان نظرت حول المكان ، فوضعت يدها علىراسه لتشعر بتلك الحراره التي اصابته .
امسكته واخذته الى سرير والدها ، وقالت له بخوف :
( يجب ان الا تتحرك ؛ فالحرارة شديدة . ساذهب الى المطبخ ، لدينا دواء خافض للحرارة ، كانت والدتي تستخدمه ، ارجو ان تنتفع به )ذهبت الى المطبخ بسرعة ، فتعثرت وسقطت ولكنها لم تصب بأذى ، وأكملت ركضها ، وفتحت باب المطبخ لتدخل بسرعة وتبحث عن جرة تحفظ البرودة .
-
المطبخ لم يكن نظيفا مرتبا كما كان اثناء وجود والدتها ، حتى انها لم تغسل الوعاء ، وبعد بحث وتوتر وجدته ، فتحت الجرة ، واخذت منديلا وضعت فيه حبة الدواء ، ثم عادت الى الخيمة ونسيت ان تغلق الباب خلفهاوقفت بجانبه ، واخذت جرة الماء ، وسكبت له قليلا منها ورفعت راسه ، ثم اخرجت الحبة ووضعتها في فمه ، واخذت كوب الماء وسقته قائلة :
( ابلع الماء )
بلعه وهو مغمض العينين ، ودون ان تشعر لمست يده فوجدتها باردة جدا ، فقالت برعب :
( يا الهي ، سهل امري مع هذا الشاب واحمه ، فأنت حامي الضعفاء والمحتاجين ! )وضعتراسه على الارض بخفة ، ثم ذهبت واخذت غطاء ولحفته به ، وتذكرت ان والدها اصيب بنزلة برد ذات يوم ، وقد رأت والدتها. تتلحف معه وتحضنه ، وعندما سألت خلود والدتها عن فعلتها قالت :
( عندما اكون بجانب والدك اشعره بالدفء ، وعندما احضنه اعطيه الدفء الذي بداخلي ؛ فتخف حدة نزلت البرد )استوعبت خلود ماتذكرته ، وقالت في نفسها :
( مستحيل ان افعلها ، رغم انني اشعر بالدفء معه ، ولكنني لن احضنه ! )جلبت له صوف خروف ووضعته فوقه ، وحاولت جعل راسه في الخارج ؛ لكي يتنفس ولا يختنق...
بعد يومين من الاهتمام الشديد ، بدات حالته تتحسن ، كانت خلود تمسكه لكي تساعده على المشي قليلا ، واصبح هاجسها الوحيد معرفة مكان والدها ووالدتها ، واين ذهبا ، فقد غابا عدة ايام ، ولم يأتيا ، ولم تعتد فراقهما ابدا ، وغدت تنزعج من بعض تصرفات عبداللّٰه منذ ان تحسنت حالته ، وعلم انها لا تنام كثيرا ، وان نامت فهي تنام في الطبخ ، فأصبح عبداللّٰه ينام عند الخراف ، واعتاد النوم بجانبهم ، وفهم الجدول الزمني المحدد لخلود ، في التوقيت بإخراجهم للسفي ، ثم العودة بهم الى حظيرتهم الخاصة ، ثم الذهاب الى الكلب واللعب معه ومداعبته ...
مرت ايامقليلة ، واعتاد عبداللّٰه حياته الجديدة ، واعتادت خلود وجوده ، وشعرت بالراحة معه ؛ ولكن ليس كل مانريده سيحدث ؛ لان القدر ينتظر وقته المناسب ليفعل مهتمه !
أنت تقرأ
بحيرة العشق
Humorخبايا الحياة كثيرة واصولها قليلة ووجودها لا معنى لها بقلوبنا فيها قد نصدقها او لا نصدقها ، ولكن لن تكن خفيه الحقيقة خفية !