بارت14: أتاك أون تايتن يحمل رسائل تحذير لنا

14 1 0
                                    


الآن بعد نهاية أتاك يحق لنا أن نطرح السؤال المهمَّ حول الهدف من العمل، عمَّ يتحدث؟ هل عن الحرية؟ أم عن العبودية؟ ما هي رسالته؟ هل هي التفاؤل بالطبيعة البشرية؟ أم التـ ـشاؤم منها؟ هل قدم لنا العمل رسالةَ أمل؟ أم رسالةَ يـ ـأس؟

الخلاصة أنني أرى أن العمل قدَّم رسالة تشـ ـاؤم من الطبيعة البشرية تحمل في جوانبها بعضَ الأمل، إنها رسالة تحذير لنا أكثر مما هي رسالة يـ ـأس..

وأرى أنه يتحدث عن الحرية بقدر ما يتحدث عن العـ ـبـ ـودية.. ولكن هذين المفهومين في "أتاك" ليسا كما كنا نتخيل في البداية..

ليست العـ ـبـ ـودية هنا تلك المفروضة من طرف خارجي، بل تلك التي أشار لها "كيني أكرمان"، العـ ـبـ ـودية لأحلام الذات ورغباتها الأنـ ـانية، هذه الرغبات قد تَتَخفَّى عن الإنسان تحت أغطية الواجب والحق والحرية وكل ما هو سامٍ يُسكت الضمير عن شنـ ـاعة الأفعال ويطمئنه حول نبل الغايات، لكن مصيرَ الإنسان هو كشف الغطاء عن هذه الدوافع الأنـ ـانية والاعتراف بها، وهنا يصير المرء بين خيارين إما الاستسلام لها والاستمرار في نفس الطريق الموصل لتحقيقها.. أو التخلي عنها "والتحرر من عبـ ـوديـ ـتها"، والرقي لتحقيق ما هو أشرف وأسمى.. وذلك هو معنى الحرية الحقيقي في أتاك..

الأحرار في هذا العمل هم من  تخلوا عن رغابتهم الأنـ ـانية وعوضوها بأخرى نبيلة..

مثل إروين الذي تخلى عن حلمه الأنـ ـاني في معرفة سر القبو والتأكد من صحة نظرية والده، وقرر التـ ـضـ ـحيةَ بنفسه من أجل صنع فرصة صغيرة تحفظ أملَ البشرية آنذاك في النجاة، أو راينر الذي فقد الاهتمامَ بهدفه الذاتي في الفوز بقبول والديه ومجتمعه عن طريق البطولة، ثم ترك رغبته في الخلاص من ألـ ـمه بالانـ.تـ ـحار، وقرر الاستمرارَ من أجل هدف أسمى هو توجيه غابي وفالكو وأمثالهما، وإنقاذ العالم من الدك، أو ميكاسا التي تنازلت عن رغبتها في أن تكون رفقةَ إيرن وقتـ ـلته لتحقيق غاية أنبل..

كل هؤلاء يحملون معنى الحرية والأمل في أتاك.. أما من لم يستطيعوا التخلي عن دوافعهم الأنـ ـانية وتشبتوا بها فليسوا أحرار حتى وإن كان هدفهم الوحيد هو نيل "الحرية"..

لم تكن العمالقةُ يوما سببَ الصـ ـراع وإنما وسيلة من وسائله، وربما لهذا جعل الكاتب أصلها كائنا محايدا لا يملك عقلا ولا هدفا سوى التكاثر (الطفيلي).. حسب العمل فإن الإنسانَ بدوافعه الأنـ ـانية القادمة من أعماق نفسه هو جالب الد.مـ ـار.. وحتى من يخوضون الحـ ـر.و.بَ لأهداف سامية حقيقةً يُستدرجون لخوضها، لأن أطرافا أخرى تشعلها وتذكي نارها لتحقق غاياتها الخاصة..

لقد كانت هذه الدوافع الأنـ ـانية أصلَ الصـ ـراع الذي رأيناه في هذا الجزء من هذا التاريخ المتخيَّل، فرغبة يومير في تحقيق التواصل وتلقي الحب كانت أساس لعـ ـنة العمالقة، ورغبة الإلديين في السلطة والاستعـ ـمار أدت لانتشارها، ثم جاءت رغبة الملك كارل في صنع جنته الخاصة المسالمة فقلبت موازين القوة وجعلت الأحفاد يحملون أوزار الأجداد، وأدت رغبة المارليين في استغلال قوة العمالقة تحت شعار إنقاد العالم إلى هجوم المحـ ـار.بين الأول على الأسوار، هؤلاء المحـ ـار.بون أنفسهم كانوا سيرجعون أدراجَهم قبل اختراق الأسوار لولا إصرار راينر المدفوع بدافعه الخاص، ثم جاءت رغبة إيرن في صنع عالمه المثالي الخالي من التعقيدات وجعلته يُفَعِّل الدك..

معظم هذه الرغبات كانت متخفيةً كما قلنا تحت حجاب الواجب والحق والمصلحة الأخلاقية، وهي دوافعُ لا ننكرها تماما، لكنها حسب العمل شيء ثانوي، بينما رغبات الذات وأهواؤها هي الجوهر والمحرك الأساسي..

إن التحررَ من هذه الأهواء هو الذي سيوقف الإنسانَ عن تد.مـ ـير نفسه ويجعله يتطلع لما هو أسمى وبالتالي يجلب له الخير، مثلما كان تحررُ ميكاسا ويومير من رغبتيهما جالبا لنهاية اللعنة والحـ ـر.ب، وكان تحررُ إروين من قبلُ منقذا لأرواح أهل الجزيرة، وهكذا كان كلُّ تحرر للشخصيات من أنـ ـانيتها مصدرَ خلاص لها ولعالمها..

في ختام العمل شاهدنا أن الد.مـ ـارَ لا يزال ممتدا وأن تاريخَ الصـ ـراع يعيد نفسَه، مما يعني أن تحررَ هذه الشخصيات من أهوائها لم يأت بالسلام الأبدي، وهو أمر بَديهي ألا يجلب ما فعلوه إلا سلاما مؤقتا لأنهم جزء فقط من تاريخ ممتد، وسيأتي من بعدهم آخرون تكون لهم رغباتهم الأنـ ـانيةُ الخاصة المتخفيةُ عن ضميرهم، وسيحتاجون أيضا للتحرر منها ليمنعوا الخـ ـرابَ، وبالتالي يصير من الضروري لعملية التحرر التي ذكرناها أن تتواصل حتى وإن بقى "بشري واحدٌ أو أقل" في هذا العالم..

في الأخير لا أرى مشاهدَ الد.مـ ـار في النهاية كرسالة يأس وإنما رسالة تحذير من واقع حتمي ينتظرنا إذا لم نتمكن من التحرر من أهوائنا ورغباتنا الأنانية والنظر إلى ما هو أسمى..

#Ahm__ED

#منقولة.

رأيي الشخصي عن قصص الواتباد (تطبيل+تسفيل👌🏻😎) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن