الفصل السابع : بداية النهاية

919 85 244
                                    

"لن تستطيع الشعور بسعادتك سوى بتجربتك للألم ، كالذي لا يشعر بحلاوة و عذوبة المياه إلّا بعد تذوق الملح و العلقم"......

فتشعر بالراحة بعد يوم عملٍ طويل و فقط تتمنى لو أن تُلامس سريرك ، أن تُفارق من أحببت يومًا و تتمنى لو أن تراهم لبضع لحظات و لو بالحلم ، أن تسمع صوتهم ،
و تُذكرّك نفحة من الروائح بهم.......

و تكتشف بالنهاية أن دواء ألمك هو الألم ذاته ، و أنك لن تتعلم سوى بهذا الألم ، بل و لن تنجو بدونه لن تنجو بدون تلك السقطات المؤلمة
و الليالِ التي أبكتك.......

ستتعايش معه و كأنه صديق ، يجب أن تشعر به فهذا مطلبه من البداية أن يُحس ، و أن تعلم بوجود ذلك الألم بداخلك ، أن تستمر بذلك الشعور ، فلولاه لن تتغير و لن تشعر بقسوة الحب و الفراق. ........

و سينتهي ذلك الألم فقط حين تُدرك بأنك قد تعلمت الدرس جيدًا ، و من رحم تلك المعاناة ستُولد........... أوريليوس دي لاكروز
..............................................................

الراوي

تحت سماء الليل الحالكة توسطها القمرالذي نشر ضوءه في الأرجاء ، وبين أشجار الغابة الكثيفة التي تبدو كعمالقة تطل برؤوسها نحو السماء و تتناثر أغصانها في كل مكان و كل غصن متدلي وكل حركة غير محسوبة قد تكون فخا مميتا ، الأشجار الطويلة بدت وكأنها أذرع تحاول الإمساك بكل من يمر بها ، الغابة كانت أشبه ببحر ممتد من الظلال التي تشكل سحابة تصعب على الأعين الرؤية ، الهواء البارد المشبع برائحة الأرض الرطبة والطحالب الخضراء ، في حين ترددت أصوات الكائنات المختلفة كهمسات سرية تملا الجو بشكل مرعب .....................

و في عمق ذلك الظلام ، كاسرا ذلك السكون هاربا مسرعا بخطواته ، و تمايلت عباءته بإنسيابية معه وشعره يتراقص بفعل الهواء الذي يلامس وجهه ، صوت حذائه المصنوع من الجلد الذي دوى صوته بصدى مكتوم عبر الممرات المغطاة بأوراق الشجر الذابلة ، راكضا بخطوات متعثرة دون هدف واضح ، كل خطوة له كانت كضربة على طبل الموت ، ملابسه الداكنة الممزقة تتشبث بجسده المتعرق ، وكأنها تواسيه في محنته ، أنفاسه اللاهثة إنبعثت أشبه بأنين مريض ، عيونه التي لمعت بالخوف و الجزع كعيني حيوان محاصر يحاول الفرار من مفترسه ........

"ـ يجب أن أهرب... لا يجب أن أسمح له بالإمساك بي...".... كانت الكلمات تتردد في ذهنه كصرخات مبحوحة، محاولة عبثية لطمأنة نفسه.......

من خلفه تماما و على بعد مسافة محدودة منه ، أوريليوس الذي تحرك بخفة وسرعة ورائه على الرغم من الدرع الذي يرتديه
و الذي لمع تحت ضوء القمر كمرآة الحرب ، شعره البني الذي تمايل بحركته ، بدا كصياد يتعقب فريسته ، وجهه القاسي الذي كان مشبعًا بالإستياء والغضب ، عيونه الباردة تتلألأ بتصميم لا يعرف الرحمة ، السيف الطويل في يده بدا كأنه إمتداد لذراعه يشع في الهواء كبرق قاتل ، جاهزًا لإنزال العقاب ، فكر في نفسه وهو يخترق الظلام المتواجد حوله ، عليه الإمساك بهذا الرجل ، إنه وسيلته المتاحة لمعرفة السبب وراء عمليات الهجوم التي تحدث في القرى، زاد من سرعته ورائه بينما صوت خطواته يزداد مع دوسه على الأغصان المترامية على الأرض ......

Lady De Jorgia Where stories live. Discover now