الفصل العاشر : إبنة الخائن

892 55 276
                                    

حين كانت كل الأمور تبدو يسيرة ..........

عندما كنتُ أُمسك بقلمي، أُركز نظري على الورقة البيضاء التي أمامي، وأبدأ في رسم الخطوط والتفاصيل التي سأوصل بها النهاية بالبداية، كان كل شيء يبدو واضحاً وسهلاً. كنتُ أعتقد أن ذلك هو دهائي الفائق، وعقلي المتقد الذي يقدر على حل المشكلات بطريقةٍ فريدة. كان يقيني راسخاً بأن ما أفعله هو مكرٌ لا مثيل له، وأن الحلول التي أضعها هي أسرارُ لا يمكن للآخرين الوصول إليها.

عندما كان يُسألني أحدهم كيف يمكن حل تلك المشكلات ببساطة، كنتُ أبتسم بابتسامة الغموض وأجيب بصوت خفيض، "ششش، إنه سر". كنتُ أعتقد أن هذا السر هو مفتاح النجاح، وأنه في تفاصيله تكمن عظمة العمل الذي أنجزته. كنتُ أستمتع بحالة النشوة التي كنت أعيشها في تلك اللحظات، وكأنني قد عثرت على الكنز الخفي الذي لا يعرفه غيري.

لكن الأيام لم تظل على حالها. شيئاً فشيئاً، بدأت الأمور تتغير. أصبحت المتاهات التي كنت أتعامل معها يوماً ما سهلة وبسيطة، معقدة بشكل غير مبرر. أذكر بوضوح اللحظة التي بدأت فيها تتضح علامات هذا التغيير، عندما بدأت ألاحظ أن كل خطوة أخطوها نحو الحل تشعرني بالارتباك أكثر من سابقتها. أصبحت الأسئلة التي كنت أجيب عليها بكل ثقة، الآن تشكل لي ألغازاً محيرة. كنت أبحث في أعماق عقلي عن تلك الأجوبة، ولكن ما كنت أجد سوى المزيد من التحديات والألغاز.

لم أكن أدرك في البداية متى حدثت تلك التحولات، أو عند أي نقطة تحول الأمر من البساطة إلى التعقيد. لم يكن هناك إشعار واضح، ولا علامة تدل على التحول المفاجئ. ربما كان ذلك نتيجة لتغير الظروف، أو تطور المشاكل التي كنت أواجهها، أو ربما كان مجرد جزء من عملية نضج لم أكن مستعداً لها. أتذكر أياماً وليالي قضيتها في محاولة لفك شيفرات المشاكل التي كانت تزداد تعقيداً بشكل تدريجي. كنت أعكف على محاولة فهم كل تفاصيلها الدقيقة، وأعيد التفكير في الحلول السابقة، محاولاً معرفة ما الذي تغير.

أتساءل الآن عما إذا كانت تلك الحلول السهلة التي كنت أظنها عبقرية هي مجرد مرحلة عابرة من حياتي، وأن التعقيد الذي أواجهه الآن هو الحقيقة التي لم أكن مستعداً لمواجهتها. كان من المثير للدهشة كيف أن كل شيء الذي كان يبدو بسيطاً وسهلاً أصبح الآن مجموعة من الألغاز المحيرة. كنت أفتش عن السر الذي كنت أعتقد أنه كان بيدي، ولكن ما كنت أكتشفه هو أن السر لم يكن سوى جزء من رحلة مستمرة من التعلم والتطور.

لقد أصبحت تلك المشاكل التي كنت أظن أنني قادر على حلها ببساطة، تحديات لا يمكن تجاوزها دون بذل جهد كبير كان عليّ أن أتعلم كيف أواجه هذه التحديات بشكل مختلف، و أن أقبل بأن الحلول البسيطة التي كنت أعتقد أنها كافية، لم تعد تصلح في هذا السياق الجديد........

ما زلتُ أبحث عن الخط النهائي، عن النهاية التي قد تؤدي إلى الحل و أستمر في البحث عن المخرج، ولكن يبدو أن كل خطوة أخطوها تكشف لي المزيد من التعقيدات والتحديات. أحياناً، أشعر وكأنني في متاهة لا نهاية لها، حيث تتقاطع الطرق وتتداخل المسارات، ولا أستطيع تحديد الاتجاه الصحيح.......

Lady De Jorgia Where stories live. Discover now