{ عَرُوسُ البَحْرَ المُتَوَسّطَ }

38 3 13
                                    

*الفصل الحادي عشر*

- محافظة الإسكندرية، مصر -

كانت هناك امرأة في منتصف عمرها تجلس في غرفة المعيشة الأنيقة، تتكئ على أريكتها المفضلة، التي تميزت بنقوشها الزهرية الباهتة والتي اكتسبت مع الزمن شعورًا بالراحة والألفة. يظهر على الحائط صورة عائلية قديمة.

ويقع بالقرب منها نيش بتصميم الطراز المصري، ويتميز بلونه الأبيض الباهت، الذي يحمل داخل رفوفه الأكواب والأطباق المزخرفة التي تراكم عليها بعض التراب، دالًا على قلة استخدامه من أصحاب المنزل، ربما لم يستخدموه أبدًا.

في هذه اللحظة الهادئة، كانت المرأة مستغرقة في قراءة كتاب قديم، بينما تترنم من المطبخ المجاور أصوات المياه وصوت الأطباق المتلاصقة برفق. كانت ابنتها الزائرة منهمكة في غسيل الأطباق.

أمامها نافذة صغيرة تطل على شوارع الإسكندرية الضيقة، حيث تتراءى المباني العتيقة بجدرانها البيضاء المتشربة بأشعة الشمس. الأطفال يلعبون في الشارع، والسيارات القديمة تمر ببطء، فيما تنعكس ضوضاء المدينة وأصوات السيارات بشكل خافت داخل الغرفة.

وفجأة، ينقطع سكون اللحظة برنين الهاتف. تناولت المرأة الهاتف برفق، وبابتسامة تعرفها الأمهات، رأت اسم ابنها "حسان" يظهر على الشاشة لترد عليه قائلة:

- "ألو؟"

- "ألو يا ماما، جيت أقولك إننا جايين لكم قريبًا."

- "جايين؟ مش كنتوا هتيجوا بعد كام أسبوع كده؟"

- "اضطرينا نقدم المعاد، بس إحنا هنجيب معانا شوية صُحابنا من هناك."

- "ليه؟"

- "هبقى أقولك لما نيجي، الموضوع كبير."

- "طب ينورونا، المهم إنتوا جايين امتى؟"

- "بكرة إن شاء الله."

- "تيجوا بالسلامة، ابقى سلملي على إخواتك."

تغلق "أم حسان" المكالمة وتضع هاتفها على الطاولة المجاورة لها، فتكمل تأملها المعتاد في النافذة، لتنتهي ابنتها "حسناء" من غسيل الأطباق، تأتي لها وهي تنشف يدها بمنشفة صغيرة.

- "مين اللي كان بيتصل يا ماما؟"

تجيب عليها "أم حسان" وهي تأخذ كتابها مرة أخرى:
- "أخوكي حسان، بيقول إنهم جايين بكرة، وهيجيبوا معاهم صُحابهم."

- "طب جميل."


***

|| ترحال وكالة || An Agency's Trip ||◇Where stories live. Discover now