البارت الثاني عشر

178 13 2
                                    

نطق سراج بتساؤل:مرت أبـوك وش صاير لهـا ؟
رفعت أكتافها بعدم معرفه:أقصاها تقلصات حمّل ومكبرينها !
ضحك بذهـول يلتفت عليها:جايكـم أخ ؟ ياللهول
ميّلت شفايفها بسخريه من طقطقته:أبشـرك أخت وبعـد ثلاثه شهور اذا ما خاب ظني
ضحك بعدم تصديـق ، تكشر مباشر من سخريته ، ونطق وكان توّه يستوعب:يعني أمك متوفيّه ؟ وأنا بعد الملكه تذكرت أن محد سلّمت علي
ناظرته بسخريه:ودّك زوجه أبوي تسّلم عليك ؟ يا سخافتك !
رمشّ يهز راسه:تسّلم على مهنـا بالمستشفى ولا تسّلم علي ليه ؟
زفرت بنرفزه منه:أنت مو متسابق سيارات ؟
هز رأسه بالأيجاب بغرور:وعالمّي بعـد
ضحكت بسخريه تناظر الطريـق:أشوفك راكب معايا أكثـر من سيارتك !
ضحـك يطقطق على نفسه:أحب سيارتـك الحمـراء !
زمت شفايفها بحُنق:ذكرني أغير لونها باقرب فرصه ما جازّت شي أبد
ضحك فقط ، وفتّحت جوالها تبرد ملامحها بحزّن يستغربه لأنها سكتت فجاءة:مـروج !
بلعت ريقها تقفل جوالها بصمّت ، مرت عليّها أول ليلتين بصعوبه وكيـف بتمّر عليها الليله الثالثه بسهوله ؟

~الكوفـي ، قبل هالوقت~
أبتسّمت بهدوء تتأمـل كوبه الساكـن:ليه تطلبه وما تشربه ؟
ميّل شفايفه يدرك أنها تقصد الشـاي:لعلى وعسى أشربه اليوم ، معـاك !
عضّت شفايفها تشتت أنظـارها عنه ، يبتسم:ما ودّك نتحاكى ؟
هزت رأسها بالنفي تخجـل ، تشّد على كوبها من هز رأسه بـ إيه يبادر هـو ، من قرب يحاوط كوبه همّس:أنتِ الوّحيده اللي كلّ ما أجتاحني شعُور بهيّج ‏أو مشيتُ في طريق طويل ‏تمنيتُك معي ، تظنينه هيّن بعـدي عنـك هالحين ؟
هزّ راسه بالنفيّ يرتشّف من كوبه لأول مـره:لا والله ماهو بهيّـن !
فاضّت مشاعـرها تاسّرها ، تتعبها ، وترهقّها أكثـر ، ونزلت نظرها من مدّ لها كتاب يهمّس:لو بعـدت ، لو فصلّت بيننـا قارات قلبي معـاك وخاتميّ بيحتل أصبعـك قريب !
رُقت نظراتها تشّع ملامحها خجـل من الكتـاب ، ومن أنه رجع ظهره على الكرسـي ينطق:كتابي لك ، بوقت توصليّـن لـ صفحه 128 حاكيّني ، لا تقلبين الصفحه اللي بعـدها بدوني !
توردّت ملامحها بشّده تغرق بخجلها ، ومن أن أسم الكتاب "خاتـم فِي أصبع القلب" ويعرف خجلّها ويودّه ، يودّه جدًا:تعرفيـن قصه الكتاب ؟
هزت رأسها بالنفيّ تتامـل الكتاب ، يرتشف من شاهيّه بهـدوء:كان الفراعنة يعتقدون أن في بنصر اليـد اليسّرى عصبا يتصل بالقلـب
فتحت أول صفحات الكتاب ، تلتمّس الورق بـ أصابعها وأردف يكمّـل:فابتدعوا عادة وضع خاتم الزواج في هذا الأصبع ليرمـزوا بذالك الى أن من يضع خاتمه في يد شريك حياته انما يضعه حول قلبه ويقيـده بحُبه !
زّمت شفايفها بتساؤل:خرافـه ؟
أبتسم مهنـا:يمكـن ، بس مو يقولون ربَّ خرافه خيّر من ألف وأقع ؟
هزت رأسها بـ إيه ، ينطق:وهذه الخرافـه خيّر من ألف وأقع مريّر !
ناظر ساعتـه بتوتـر لأن ما بقى على منتصـف الليّل الا ساعـه ، ينطق:تاخـر الوقت ولا بيمديّنا نجلس أكثـر ما ودّك نتبادل كتب المُحبه ؟ عربـون للبعد !
فتحت شنطتها تمّد له الكتاب بـ أبتسامـه:يمّكن تحُب كتابات ساندر سراج ؟
ضحك ياخذه منهـا:وأتمنى تحُبين كتابات عبد الوهاب مطاوع !
أبتسمت فقط ، و أردف:ما لا نبـوح به ؟ عارفه أن بخاطري حكيّ كثيـر لك يعني ؟
توّردت ملامحها خجـل ، وأبتسم بـ أتسّاع:أسمّه حلو "ما لا نبوح به" القصه ؟
رفعت أكتافها تهمّس:نتركك تسافـر مع أيلين تخوض برحله الحياة معاهـا !
مدّ لها كتـاب ثاني ينطق:يمكـن يطول البعـد نترك أثر أكثر !
عضّت شفايفها من رجفت بحزّن ، من أن أسّم الكتاب ما مرّهـا هيّن ، ولا مرّها يهدي نبض عروقها ، مُرها يزيـد دقات قلبها ، ترجف أيدهـا وعجزّت ، عجزّت تشّتت نظـراتها عنـه ، عن عيّونه تشد على الكتاب فقط : الحب بشكل مُبالغ فيه !
نطق أسم الكتـاب بهمس يذّوب عظامها ، تهيّج مشاعـرها لتنطق بهمّس:مُهنــا !
أبتسّـم يرتشّف من كوبه:حتى الشاي له نكهه خاصه معـاك !
أحتقنت ملامحها بالأحمّرار تشعر بألم الحُزن ببطنها ، تلمّع عيونها من نطـق:تدرين اليوم بيسّكـرون الكوفي !
زّمت شفايفها تستوعـب حزّن اليوم وكانه "يوم الوداع" للكـل تسّهى عن أنهم بـ"أغسطس" للحظه ، وهمّست:ليـه ؟
ناظر الحديقه الخارجيه لمدخـل الكوفي ينطق:بيسون تعديلات على الديكور الداخلي وجلسات خارجيّه جديده !
هزت رأسها تضمّ الكتب لها ، من أبتسم بخفوت:نمشي ؟
هزت رأسها بـ إيه توقـف معه ، يبستم العامل اللي رافض يدفع الحساب ينطق:على حساب الكوفي ، عزّيز وغالي أبو الهنـاء !
أبتسم مهنا يربت على كتفه ، يمشي معاها للخارج يتشاركون بخطواتهم نفّس الرصيف ، وضحك لـ ثواني ينطق:ما أمطرّت اليوم حظ الموادع المشئوم !
أبتسّمت تتأمـل المحل من وصلوا له ، لهّم ذكريات كثيـره مع بعض بالمّحـل ، بالكوفيّ ، وبالليالي الماطـره
تميّل شفايفها بشبه حزن:بشتاق للمحـل ، بتسّكـره طول هالمده ؟
هز رأسه بـ إيه:ما أتركك لوحـدك وخلف مشغول بشغله الخاص ، بتشتاقين للمحـل وما بتشتاقيّن لراعيه ؟
توردت ملامحها تشّد على الكتب بحضنها بهمس:يمكـن أشتاق !
ضحك تتعالى ضحكـاته:الهـوى غَلاب يا بنت أواب !
تذّكـر شي للحظه يهمس:أبقي مكانـك ، راجع !
تتبعته بـ أنظارها من توجه لـ سيارته يفتح باب المعاون وعلى الأغلب أنه أخذ شي ورجـع لها بسرعه فاقه يمّده لها بهمس:لا تفتحيـنه الا بالوقت المناسب !
لُمعت عيونها بفضول للشي المُغلف بالرغم أنه واضح "كتاب" لكـن كل فضولها يتمحور حول "ليه مغلف؟" يجذّبها غلافه البني وكيـف حمل أسمّها بالخط العريض باعلاه تهمس:متى الوقت المُناسب ؟
رفع أكتافه من أخذته منه يهمس:بوقت ضعفـك ، حاجتّك وضياعك هو دليّلك لضيعتي دروب القوة !
عضّت شفايفها بعدم فهّـم فقط يُرق قلبها بهيجان ، يبتسم هـو:توصيّن على شي؟
هزت رأسها بالنفي تهمّس لأول مـره:أنتبه لنفسّـك !
أبتسم يمّسح طرف حاجبه:وأنتبهي لنفسّك أكثـر ، أستودعتك الله !
شُدت على أيدهـا ودّها تناديه ، ودّها تفصح عن أخر كلّمه بخاطـرها ، وبالقوه همسّت توقفه ، تبتر خطواته وتصب كامـل تركيزه لها من همسّـت:مُهنـا !
بلعت ريقها تهمّس:بنتظـرك حتى لو أبطيّت !
بلّل شفايفه يتقدم لها خطوه:لو طال البُعـد أنتِ تدرين أن دروبي ما تُدل درب أحد غيـرك !
مسّح جبينه:أنا أكثـرها دقيّق بمواعيدي وأكـره المتاخرين تظنيّني بتاخـر عليك هالمّره ؟
عضّت شفايفها تهلّك ، ترّق نظراتها مثل ما رُق قلبها من أردف:مو أنتِ ريـداء ؟ أنتِ الرياح الليّنه التي تُهب كثيـرًا ؟
تجمعت الدموع بعيّونها تهز رأسها ، وهمّس:خاتميّ أمانة عند الريّاح ، ولـ جابّته الرياح لدُربك صوني الأمانة يا بنت أواب !
بلعت ريقها ما تفهّمه ، فعـلاً ما تفهّم ، ونفّض صدره يتذّكـر ، يتذّكـر دفترها وما قرّ داخله وهو يناظـر الساعه ، يهمّس:أنا معـاك ، دايّم معـاك ، أمس واليوم وثلاثه أغسطس !
نزّلت نظرها لـ الثلاثه الكتب تفيّض مشاعـرها ، تشّعر بتعبها وتعـب همّومها بثقـل خطواتها ، ومن أنه نفضّ ذاكرتهـا بوجّعها ، بحزّنها ، وبا لياليّها المُتعبه ، ومن أنه مسح ملامحه بالكامـل : أنتِ مو لوحـدك ، ولو تخلّت الدنيا كلهـا عنك أنا ما أتخلى ، ما أنسى ، ولا أعطيك ظهّري !
شُدت على أيدهـا يزيد نبض عروّقها ، يتعبها بحكيّه رغم أنه يطمنها بوجـوده دائمًا معاها ، يطمنها بحُبه ، بصدق وعوده ، ويذّكرها بعودته لها ، لدّربها ولـ قلبّها قبـل كل الأماكـن ، ولو أنه فتح مواجّعها قبـل لحظات ، يذكرها بعزاء قلبها في "٣ أغسطس" المُكـره لها
واعطته ظهـرها تمشّي ، و من ركبت سيارتّها فاضت دموعها تغشى عيّونها حزن ، تمتّلي محاجـرها وتفيّض غيوم حزنها بدال غيّـوم السماء ، تمطر مواجعها بلحظه تاخـر مطر الدنيّا
ومسّحت دموعها بعشوائيه تشبك جوالها بشاحـن سيارتها ، تحرك سيّارتها بطريـق مجهوّل لمعظّم جنسّها ، تُدله هي لكنها ما تدّل درب ولا راحـه بال فيه ، يعثّى الحنين بقلبها وتنكسـر أكثر بيوم فرحهـا ودّها وكـل ودّها لو كـانت موجـوده بحيّاتها أغلى المخاليّق على قلبها ، تتوجـه لـ مكانها بعدم قدره تفيّض كل مشاعـرها وتنهار قوتها ويوم ذكرهـا بـ"٣ أغسطس" فتح عيّونها الغافله عن فقيّدتهـا اليوم ، بالرغم أنها ما نسّتها وكيف ينسى الأنسـان أمه ؟ وبالرغم أنها عاشّت الحزم با الليلتين الماضيه لوحدها الا أنها كانت تظهر العاديه وتحاول تتخطى
ومن فُتـح جوالها تأملت الاتصالات الكثيـره من أهلها لكنه ما تهّمها ، ما يّهمها بهالوقت الا التـاريخ ،تاريـخ عزاء قلبّهـا ، طفولتّها ، وحيّاتهـا بالكامـل
وبردت ملامحها تجهّش بكـاء مباشـر ، تشّعر بألم غير معقول بقلبها وحزّن خارق يخترق كل مشاعـرها ، ولأن الساعـه توها تخطت مُنتصـف الليّل ، تعلّن عن دخول يوم جديـد ، يوم يحمّل في عنـوانه تاريـخ "٣ أغسطس" وكانت تدّري ، تدّري أنه اليوم لكنها كانت تتهّرب من هاليـوم ، تتهّرب من سواد دنيّتها بتاريخ أبشُع يوم بحياتها ، تنهـار كلّها ، وكلّ مقاومتها ينتشـر حزنّها ، دموعها ، تعبّها ، وجثى جسّدهـا ، تهلّك خطواتها بثقـل ، ما تشيّلها الأرض من ثقل "همّها" ومن أنها نفضّت كل واقعهـا تنهار عند أسوار المُقبـره ، يسحبها سواد الليّالي لـ أحزانه المُهلكه للأنسان
تتامـل قبّر أمها ، فقيّدتها ، روّحها المُغادره ، تجهّش بكاء بعدم أستحمـال وكلمه"أمي" تتكـرر على لسّانها من عجزّها عن الكـلام ، عن ترتيّب الجُمـل ، وعن نثر حزنها اللي ما يوصّفه شي كثـر دموعها ، من ضمت رجولها لـ صدرها تتامـل قبر أمها من بعيـد ، تدرك أنها مرت سنين عديده ، لكنها بكـل سنه تعيش نفسّ الحزن ، نفس الدموع ، نفسّ الأنهيـار ، ونفس الحنيّن القاتل لشخص ، لأمهّا ، لأعز أثنى بحياتهـا ، بالوقت اللي الكـل توقع أنها تخطت موت أمّها كانـت هي تبكي لوحدهـا ، تنزف جروحها ، ما زالت عالقة في ذلك اليوم وتلك الساعـه تحديدًا الساعه التي شعرت حينها أن كـل شيٍ حلم لا يصدّق
تسّمع رنين جوّالها المستمّر لكنها "ما توعـى" غارقه بحزّنها تعيد تكويـن عزاها وشتات دنيّتها لوحـدها ، ما تخاف من ظلام الليّـل ، وهي عاشّت عتمته بنصـف حياتها ، وما تخاف من تواجـدها بقرب المقبّـره ، مقبّره الأموات ومن ضمّنهم موتى قلبها ، موتى طفولّتها ، وحزن أيام شقاهـا

ساصنع بيدي فخار حبكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن