17

106 6 6
                                    

قام بوضع يده على عينا صديقه ليغلقها بينما يغمض عينيه بخفة هو الآخر، لتبدأ أصوات البكاء تتوافد إلى أذنيه والشهقات تتكرر من كل جانب، لم يرد الآخر التحدث إليه الأن بل ظل يراقب صغيره بصمت لا يعلم ماذا عليه القيام به الأن.

أبعد سلطان يده عن بدر وقام بعد ذلك بالأتصال على مناف ليحاول أخباره بالأمر، كان لا يريد من عبدالله أن يعلم بالأمر الأن ولكنه كان يرى أن من الصواب أخباره حتى يستطيع الثلاثة تقديم المساندة لبعضهم البعض، فقد سقطت أحد الأعمدة الأربعة الأن وبات الثقل يضعفهم بعد خسارته.

كان سلطان يحاول بصعوبة أن يحاول الحفاظ على ثباته الأنفعالي وقام بالنهوض ليتوجه بعد ذلك إلى عمر الذي كان يضم قدميه إلى صدره ويراقب جثمان بدر المستلقي على الأرض ويأن بخفة بينما دموعه تنهمر بشدة على وجنتاه المحمرتان.

أردف سلطان بصعوبة:( أخبرني ماذا حدث؟)

لم يجب الآخر على تلك الكلمات بل أكتفى بمراقبة بدر آملًا منه الحراك أو التنفس.

أمسك سلطان بكتف عمر الأيمن بينما ينظر إلى بدر:( لقد كان كالأب الروحي لنا، كان يحب أن يعتني بنا ويحمينا، كان عبقري وذكي وعاطفي كذلك، أتعلم في المرة الأولى التي ألتقيت به كنت طفلًا أتعرض للتنمر بكثرة، لم يكن صديقي عبدالله متواجدًا آنذاك ليحميني كالمعتاد، وذلك الشخص لم يكن يستطع أن يفعل شيء لمجرد أنهم أطفال، لقد كنت أتألم بشدة بعد أن تُركت بجانب حاوية القمامة، لم تكن لدي الطاقة الكافية للعودة إلى المنزل! ولكن في ذلك الوقت قد ظهر أمامي ملاك، كان يرمي القمامة في الحاوية ليجدني مستلقيًا على الأرض! ذهب مهرولًا إلى والدته ليخبرها بشأني لتأتي وتحملني على ظهرها بخفة، لأجد أبنها يلحق بنا بينما نظرات القلق تلازم وجهه، بعد أن عالجتني وضمدت لي جراحي، أتى إلي هذا الملاك ليجلس بجانبي وأخبرني شيئًا لم ولن أنسى ذلك طالما حييّت)

أردف عمر وهو مايزال يراقب بدر:( ما هو؟)

جلس سلطان بجانب عمر ليسند ظهره على الحائط بينما يرفع رأسه للأعلى محاولًا منع تلك الدموع من السقوط وأردف بصوت خافت:( سألني هل تؤمن بالقدر؟ لأجيبه بنعم أنني أؤمن به، نظر إلي بعيناه العسليتان وابتسامته التي تتضمن العطف والدفئ والثقة وأخبرني:( هذا هو دور القدر، يجعلنا نلتقي بمن هم بحاجة إلينا ومن نحن بحاجة إليهم،  فقد جعلني ألتقي بك يا صديقي حتى أقوم بحمايتك وأصبح صديقك، أليس هذا رائع؟ يقال أن القدر متواجدٌ قبل أن نتواجد نحن ولكن نحن من يمكننا أن نصنع طريق ذلك القدر إما أن يكون في الطريق الذي نسير فيه وإما عكس الطريق الذي نسلكه، وإن كان يسلك الطريق المعاكس فبإمكاننا أن نعيده على الطريق الذي نسلكه وإن كان ذلك سيؤدي إلى العديد من المخاطر!...)

صمت سلطان فجأة مما جعل الآخر يزيح بعينيه عن بدر ليلقي نظرة على الآخر ليجده يبتسم بينما يغمض عينيه وكأنه كان يعيش تلك اللحظات الأن:( أكمل يا سلطان!)

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Jul 28 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

ملاذحيث تعيش القصص. اكتشف الآن