الفصل السادس.

107 8 0
                                    

الفصل السادس)
_ عاهات وتقاليد _
--------
يا أنتِ، ما بالكِ بجُرحي وندباتي؟ ما بال عيناكِ بآهاتي، فأنا قتيل وجودكِ إلى جواري، يا فاتنة، يتيه قلبي وخفقاته بين ممرات هواكِ وأقسم أنني اهتديتُ وما عُدت بضالٍ أو قاسٍ .
----------
-نعم؟
قالتها وقد زوت ما بين عينيها باستغراب من بقائه أمام بنايتهم حتى الآن، افتر ثغرهُ عن ابتسامة مُتحيّرة ثم أردف بثبات:
-قولتِ ليّ إن اسمك غفران؟!
لوت شدقها باستنكار وأنفة من عدم تذكرهُ اسمها وهو الذي كان جالسًا في عُقر دارهم قبل قليل، يا له من ناكرا للجميل؟!، عقدت ذراعيها أمام صدرها ثم قالت بنبرة حانقة:
-بتفتكر اسمي وقت ما بتكون متعصب بس ولا أية؟.
رفع ريّان أحد حاجبيه، مال بجذعه العُلوي باتجاه الباب الذي تقف أمامه وراح يفتحه بثبات وتروٍ، رجعت للخلف قليلًا بعدم فهم فيما استأنف حديثه فقال:
-أول مرة أركز في اسمك من ساعة ما اشتغلتي معايا، اركبي.
غفران بتساؤل وريبة:
-أركب!، ليه حضرتك؟
رد بهدوء:
-الساعة عشرة ونص؟!، رايحه فين لوحدك في الوقت دا؟
غفران بسخرية:
-ناوي توصلني مثلًا!
نحا ريّان ببصره إلى الأعلى ليجد والدتها تقف في الشرفة تُراقب ما يحدث بينهما، لوّح لها بكفه ولازم ثغره ابتسامة هادئة، نظرت كذلك إلى والدتها لتجده يتابع:
-طبعًا هوصلك واحتمال أرجعك تاني لحد البيت.
رمقته غفران بملامح مصدومة مما يفعل، هدأت قليلًا بعدما رأت والدتها في الشرفة مما سهل عليها قرارها بالركوب معه، تنحنحت غفران ثم حسمت أمرها وركبت بجوار مقعده وبنبرة متوترة أضافت:
-حضرتك هتوصلني على العنوان اللي في الورقة دا ومفيش داعي ترجعني وشكرًا مُقدمًا.
ريّان عاقدًا حاجبيه وهو يقرأ العنوان:
-أول مرة تروحيه؟!.
غفران وهي تنظُر أمامها ودون أن تشعر بدأت تتحدث باستفاضة وتلقائية فجّة:
-أه وآخر إن شاء الله بس مُجبرة لأني ما أقدرش أسيب صاحبتي تبات عند الحقير دا وأول ما الظابط طلبني و..
توقف ريّان عن القيادة عقب سماعه لهذه الكلمة، التفت إليها بجسده كُله وبنبرة مصدومة أردف:
-طلبك! هو إنتِ مُرتبطة؟!
لم تكُن ترتدي حزام الأمان، ففقدت السيطرة على  التحكم في حركة جسدها ليتأرجح للأمام ثم يعود إلى الخلف مع لحظة وقوف السيارة، جحظت عيناها بهلعٍ وبنبرة مُتلعثمة تابعت:
-هو انا قُلت لك طلبني في الموساد الإسرائيلي؟! طلبني بالتليفون.. في أيه؟
رفع ريّان ذقنه للأعلى وقد فغر فمه قليلًا وهو يستأنف بتفهم:
-آآآهه بالتليفون.
غفران وهي تزم شفتيها باستغراب وحنق ومضت تُقلد جملته بفكاهة:
-آآهه بالتليفون وهتفرق أيه بقى معاك ، طلب إيدي ولا طلبني بالتليفون؟!
ريان مُبديًا بعض الحزم وبنبرة ثابتة حاول من خلالها إخفاء ضحكته:
-هتفرق كتير يا آنسة، أنا مقبلش إن واحدة مُرتبطة تركب عربيتي.
غفران وقد انكمشت قسمات وجهها بشكل كوميدي تسخر مما قاله، فتقول بتبرم:
-الأخلاق مش بتتجزأ سواء مُرتبطة بقى ولا عانس.
رفع حاجبه وقال ببرود:
-وإنتِ ركبتي ليه لمّا مش عاجبك أخلاقي؟!
مطت شفتيها ببوادر ملامح باكية ومن ثم تلعثمت وهي تقول:
-أصل أنا كُنت خايفة أروح لوحدي والوقت متأخر، ماما كانت هتروح معايا بس رجليها وجعاها وأنا بصراحة قلقانة على صاحبتي فتشجعت وقولت لازم أروح لها وبعدين بقى انت عزمت عليا وبصراحة برغم انك دمك تقيل بس بتطمن كدا ومش بقلق منك زائد إني  هخاف ليه ما إنت لسه واكل رُمان عندنا وشارب لبن، اعمل بأكل عيشك بقى.
ابتسم خِلسةً ثم تابع بنبرة هادئة يحثها على الاستمرار:
-كملي أيه حكاية الظابط دا وصاحبتك والمكان اللي إنتِ رايحه له؟!
في هذه اللحظة قامت بدفن كفها داخل حقيبتها الشخصية ثم أخرجت منها كيس بلاستيكي بداخله شطائر، أخرجتهم بحذر ومن ثم مدت ذراعها له لتقول بابتسامة تلقائية:
-اتفضل، كُل معايا.
كان ريّان يبشّ في وجهها بصورة دائمة ويقبل ما تتفوه به حتى لو كان لاذعًا، ابتسم بهدوء ثم تغيرت لهجته إلى لهجة استمتاع هاديء وهو يقول:
-جواه أيه الساندويتش دا؟!
غُفران بتلقائية وهدوء، وعيناها تلمعان بالحيوية:
-جبنة اسطنبولي بالرومان.
قطب ما بين حاجبيه مُتعجبًا ثم قال وهو ينظر إليها بارتياب:
-نعم؟!، جبنة اسطنبولي بالرمان!!!، مش هستغرب لأ، كملي رواية الظابط اللي طلبك؟
علق بضحكة عابثة فيما رمقتهُ هي شزرًا ومضت تستأنف حديثها بعد تناولها شطيرة ملأت فمها على آخره:
-حصل مشكلة كبيرة مع صاحبتي وأخوها أتهجم علينا واضطرت تقعد عند صديقة لينا وأنا طلبت من الظابط حراسة على بيتي لمدة يومين، هو كلمني وأكد ليّ إنهم تتبعوا خطواته وأنه رجع بلده بس قاليّ حاجة غريبة جدًا، إن الشاب دا اللي هو أخو صاحبتي من عيلة عليها تار كبير وإن ملفه في الدولة نضيف بس اخوه عليه قضية قتل، والغريب بقى إن تقوى مقلتليش إن عندها أخ تالت!
ريّان بنظرة بلهاء ومضى يغمغم، مُستعصيًا عليه الفهم:
-أنا مش فاهم حاجة؟! .
توقفت غفران لوهلة عن المضغ وكأنها أدركت مدى أريحيتها في الحديث معه وكأنهما تجمعهما صداقة منذ زمن، التفتت إليه ثم أردفت بوجه عابسٍ:
-هو أنا بحكي لك ليه؟!
-دا العنوان.
قالها وهو ينظُر إليها نظرة سوداوية، فيما تابعت هي بثبات تترجل خارج السيارة:
-شكرًا تاني ومفيش داعي تستنانا.
أشاح برأسه عنها ثم أضاف بنبرة غير مُتكلفة:
-هستنى وياريت تخلصي بسرعة.
زوت حاجبيها ثم رفعت كتفيها وانزلتهما باستسلام، همّت أن تتجه صوب البوابة الرئيسية للفيلة ولكنها مالت إلى النافذة من جديد وراحت تقول بضيق:
-هو أنا ممكن أغيب من الشغل بكرا؟! على فكرة مش من العدل إني اشتغل يوم العيد أو أي يوم من أيامه أصلًا.
ريّان بحنق وهو يعتصر المقود بين كفيه:
-هو إنتِ شغالة مع سباك؟! ولا هنقول للعيان اتلوى من الوجع لحد العيد ما يخلص!
ضغطت فكيها بحنق وقالت وهي تستقيم في وقفتها بعدما رمقتهُ بنظرة سوداوية:
-دا السباك بياخد ويدي بشكل ودي عنك، عيل لزج.
ريّان وقد سمعها بالفعل لتتسع حدقتا عينيه:
-نعم ياختي؟!
انطلقت تبتعد عن السيارة بسرعة رهيبة وهي تردف بتلعثم :
-عشر دقايق وجاية.
----------
-يباه ما بريدك تحزن مني، كلمتك سيف على رجبتي بس تجوى ما إلها ذنب بكُل يلي بيصير وإذ هي ما تريدني، كيف أنا بريدها؟!
أردف چاد بتلك الكلمات في شيء من الحُزن مُنكسًا ذقنه، حدق إليه والده في دهشة وراح يهدر غاضبًا:
-شو سوى فيك العشق، كيف تعشق أخته لقاتل اختك؟
جاد بانفعال طفيف:
-أيش هو ذنبها؟
والده بنبرة حادة صارمة:
-وأيش هو ذنب أختك لما تيمور الكلب قتلها؟.
أغمض چاد عينيه بقوة ويكأنه لا يرغب في تذكر تفاصيل لحظة كهذه،  يمقت ضعفه وقلة حيلته في الدفاع عن شقيقته عندما علم بأن زوجها أبرحها ضربًا وهي في الشهور الأخيرة من حملها بأمر من والده وشقيقه بسبب غضبهم على نوع جنينها، تحولت ملامحه إلى القسوة وهو يردف:
-عِندك حج يبوي، بس إحنا خدنا بتارها وقتلنا چوزها.
الحوراني وهو يضرب بعصاه الأرض في صلابة وحنق:
-خدنا بتارها إيوه، بس وينه تار يلي كان ببطنها، بيتبقى لنا روح من عِنديهم.
رفع چاد بصره إلى والده ثم أردف بثبات ونبرة مُترجية:
-ما أبغى هاذي الروح تكون تجوى، ما إلها ذنب يبوي!
الوالد بنبرة مُتألمة لفقد ابنته بهذه الوحشية:
-ذنبها إنها بنت عابد الطاغية يا وِلد، ما صانوا أمانتنا، وچعوها وقهروها.
چاد بتنهيدة قوية:
-بس الحادثة صارت من خمي سنة يبوي، بايدكم تنسوا ويصير صُلح، سامح يا شيخ، واستنى حق (عفرا) من رب الكون.
رفع والدهُ ذراعه يربت على كتف چاد وبنبرة هادئة أردف:
-دم الميت ما بيبرد إلا لو حقه رچع له، ولنا في القصاص حياة.
[[عـــاد هذا الشيخ المكلوم بذكريات آلمته وأنهكته روحه بقسوة، احتشد أهالي البلدة جميعهم من الرجال في الرقعة المُخصصة بالقبور حيث لحظة دفن ابنته البِكر (عفراء)، بدأت مجموعة من رجال القبيلة بإلقاء الثرى على هذه الجُثة التي دُفنت قبل قليل، أصوات بُكائها  تسللت إلى أذنيه وهي تُخبره بأن حياتها مع زوجها أصبحت لا تُطاق، وأنها كالذليلة داخل هذا البيت الكبير تتلقى الإهانات من جميع من بالمنزل، وجميعهم ناقمون على جنينها عندما تبين جنسه حينما علموا بأنها تحمل في أحشائها صبية لا ولد ، جرى دمع غاسق من عينيه واحترقت روحه وغرق في رمادها المسود وهو يهدر بها ناهرًا إياها بأن تتقبل زوجها على عيوبه قبل ميزاته ولكن لم يتخيل قط بأن تلقى حتفها على يديه وداخل هذا البيت اللعين والذي بات يمقته بكرهٍ.
---------
كانت تقوى تتحدث عبر الهاتف حينما قامت "نادين" بفتح باب الحجرة دون استئذان، عبست تقوى بضيق واستغراب ومن ثم تابعت تتحدث إلى طيف:
-هقفل دلوقتي يا طيف، سلام.
نظرت إلى "نادين" التي تظهر بمظهر امرأة عشرينية وليست في منتصف الأربعينيات، وهنا أردفت نادين ببرود:
-صاحبتك مستنياكِ في أوضة الصالون علشان تروحي معاها.
تقوى بفرحة وقد تهللت أسارير وجهها:
-غفران؟!
رمقتها نادين من فوق كتفها بأنفة واحتقار،  لم تلحظ تقوى ملامح وجهها المُشمئزة أو لربما أحسنت النية إليها، نهضت من فراشها ثم تساءلت قبل خروجها من الغرفة:
- طيب فين هشام علشان استأذن منه؟
نادين وهي ترفع حدقتا عينيها عاليًا بنفاد صبر ثم تأففت وهي تقول ببرود بعد أن حركت ذراعيها حركة تنم عن الضيق:
-قولت له ووافق، انجزي بقى.
نبج صوتها بحنق فيما تلعثمت تقوى وهي تردف بخفوت:
-حاضر يا ماما.
أولتها نادين ظهرها، لترفع جانب شفتها العُليا قليلًا وهي تردف بخفوت واستنكار:
-مامـــا؟!، أهو دا اللي ناقص، عديمة الأدب.
استقبلت "تقوى" صديقتها بسعادة والتي ضمتها باشتياق وقالت:
-إنتِ كويسة؟!
تقوى بفرحة:
-بخير علشان إنتِ جيتي.
أسرعت غفران بالتقاط الحقيبة منها وبنبرة حنونة قالت:
-يلا يا توتا علشان الكائن اللزج مستنينا.
تقوى بقهقهة عالية بعض الشيء:
-دا بجد؟!، طيب فين هشام علشان أسلم عليه قبل ما أمشي؟!
نادين بنبرة ثابتة:
-خرج.
أومأت تقوى برأسها مُتفهمةً ثم انطلقت بصحبة صديقتها للخارج وبالفعل وجدته مازال في انتظارهما ولم يسأم بعد؟!، ابتسمت بخفة رغمًا عنها فيما همست تقوى باستغراب:
-دا موجود بجد؟!، سبحانه مُغير الأحوال؟
قامت غفران بفتح باب السيارة لها، ومن ثم استدارت حتى جلست إلى جوار رفيقتها وهنا تابعت باعتذار:
-آسفة جدًا على التأخير.
اومأ برأسه في خفة ثم نظر إلى تقوى من مرآة السيارة قائلًا:
-ألف سلامة يا آنسة تقوى؟!
تقوى بابتسامة هادئة:
-الله يسلمك، شكرًا على تعبك معانا.
--------
مر القليل من الوقت، اتجهت نادين حيث الطابق الأخير والذي يوجد به غرفة لابنها وأخرى للسهر برفقة أصحابه، دقت الباب بخفة وهي تقول بنبرة تفتعل فيها البكاء:
-هشام؟!
أتاها صوته المترنح وخُطوات فوضوية تقترب من باب الغرفة، لحظات حتى فُتح الباب ليطل هو مُردفا بنبرة هادئة للغاية:
_ أيوة يا ست نانو؟!
نادين وهي تتحرق من شدة البُكاء المُفتعل ثم لوت شفتيها بمرارة وهي تقول بنحيب خفيضٍ:
-البنت المُتشردة دي فجأة قررت تسيب الفيلا وتمشي وفي بنت جت أخدتها ولما فتحت علبة مجوهراتي لقيت عُقد كريستال مش موجود؟
هشام بعينين متسعتين من الدهشة:
-مشيت من غير ما تقولي أو تستأذن؟!
نادين وهي تهدر به في انفعال:
-أنا في أيه وإنت في أيه يا هشام؟!، بقولك سرقت عُقد مني!
هشام وهو يُلقي السيجارة أرضا عقب انتهائه منها ويدوسها:
-ماشي يا تقوى، مسيرك تبقي زيّ السيجارة دي؟!
أنهى جُملته ثم ردد بنبرة ثابتة:
-أنا هجيب لك غيره، انسي إنها سرقت حاجة بس وحياتك لأعلمها الأدب.
---------
-تقوى، أية حكاية التار دي أنا بدأت أقلق!
أردفت غفران بهذه الكلمات وقد اندمجت مع صمت صديقتها الواهٍ بعدما علمت بما قاله الضابط وكأنه فتح جروح قديمة وعمقها بشناعة، تنهدت تقوى تنهيدًا ممدودًا بعُمقٍ ومضت تردف بنبرة مُتحشرجة:
-كُنا تلات إخوة، تيمور الأخ الكبير وتيسير وأنا، اتقتل تيمور من قبيلة مراته تارا لبنتهم لمّا ضيع  تيمور نفسه وضربها في خلاف بينهم وماتت، كنت وقتها متأكدة إن تحريض أبويا وتيسير له أكبر أسباب ضربه لمراته بالعنف دا لأن أبويا كان أول واحد بيبخ السم فيه ناحية مراته لأنهم جوزوها له علشان تجيب أولاد وهي ساعتها حملت في بنت، حصلت مشاكل بين تيمور ومراته وفي لحظة غضب أذاها وماتت.
[[أخرجت زفيرًا حارقًا في لحظة صمت كاتمة، عادت بذهنها لليوم العاشر من وفاة شقيقها ضربًا بالنار على أيدي قبيلة زوجته، كانت تجلس بين ساقي والدتها فيما تمشط لها الأخرى شعرها، كانت تبكي نادرة بحُرقة وقهر وهي تقول باختناق:
-"تيمور مات يا تجوى والدور إچا عليكِ، بدهم يعقدوا صُلح بجوازك من إبنهم چاد، راح يستنوا توصلي لسن الـ  18، صرتي كبش الفدا لمصايبنا".
تقوى بتلقائية فذّة:
"ما أبغى أتچوز چاد يُما؟!، ودي صير معلمة زييينة ".
ناحت نادرة بقوة وأخذت شهقاتها تعلو:
-"بتصيري يا بنيتي، الله العالم وش راح يصير بكرا مو بعد عام " ]].
سالت دمعة حارقة من عينيها وهي تُغمضهما بقوة، وراحت تستأنف حديثها إلى صديقتها بهدوء وابتسامة مُنكسرة:
-الأيام عدت وعلاقتي بأولاد القبيلة دي بقيت كويسة، طيف وجاد ما إنتِ عارفاهم، حسينا إن الزمن اتغير ومبقيناش زيّ زمان، فأنا اترجيت أهلي أكمل تعليمي وطيف وجاد شجعوني وأقنعوا أهلهم بالصبر والموضوع اتقفل لحد ما أخلص، كُنت فاكرة أنه هيتنسي بس التار في البدو مابيتنسيش، شايفين دايمًا إن الروح بتعيط في قبرها وبتطلب حقها لحد ما يجيلها، معتقدات غريبة اتربوا عليها.
كان يراقبهما من مرآة السيارة الأمامية دون أن يُقاطعهما البتة ولكنه خرج من صومعة صمته مردفًا بضيق لحالها:
-بس هم أخدوا تارهم لما موتوا أخوكِ؟!
تقوى وهي تمسح دموعها مُضيفةً بثبات:
-بس البنت كانت حامل، يعني بروحين.
تهدجت نبرتها وهي تستأنف بحيّرة:
-الصعب مش في كُل اللي حصل دا، الكارثة في الشرط اللي حطوه لجوازي من إبنهم.
غفران وريّان في نفسِ واحدٍ فضولي:
-شرط أيه؟!

رواية "ضي البادية".. حرب مسلوبة الراء.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن